عباس يشكل لجنةتحقيق بشأن«فضيحةغولدستون» ودمشق تؤجل زيارته
أثارت فضيحة سحب تقرير لجنة تقصي الحقائق في حرب غزة («تقرير غولدستون») من جدول أعمال جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، الجمعة الماضي، ردود فعل فلسطينية غاضبة دفعت بالرئيس محمود عباس، أمس، إلى اتخاذ قرار بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات هذا القرار.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه إنّ عباس «أصدر قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق الشامل في ملابسات تأجيل قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن تقرير غولدستون... وكذلك لتحديد المسؤوليات بهذا الشأن على أن تقدم اللجنة المذكورة تقريرها إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلال مهلة أسبوعين من تاريخه».
يترأس اللجنة عضو اللجنة التنفيذية في المنظمة حنا عميرة، وتضم في عضويتها المفوّض العام لشبكة «أمان» (المنظمات الأهلية الفلسطينية) عزمي الشعيبي وأمين سر لجنة الانتخابات المركزية رامي الحمد الله.
ورفض عبد ربه الاتهامات التي وجهت للقيادة الفلسطينية بالوقوف وراء تأجيل التصويت على قرار مجلس الحقوق الإنسان بشأن التقرير، متعهداً بنشر نتائج التحقيقات فور الانتهاء منها.
وكانت مصادر فلسطينية قالت لوكالة «سما» المستقلة إنّ المسؤول المباشر عن سحب السلطة الفلسطينية دعمها لمشروع القرار في جنيف هو رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض. وأوضحــت أنّ فياض تلقى اتصالات من واشنطن وتل ابيب «وصلت إلى حد التهديد بقطع كافة المساعدات التي تمنحها الإدارة الأميركية للســلطة الفلسطينية، وكذلك توقيف إسرائيل لعائــدات الضرائب والتي تعتمد عليها الســلطة في دفع رواتب موظفيها في الضفــة الغربيــة وقطاع غزة».
في المقابل، ذكرت صحيفة «هآرتس» إنه قرار جاء بطلب من عباس، مشيرة إلى أنّ ذلك أتى عقب لقائه القنصل الأميركي في القدس في مقر المقاطعة في رام الله. وأضافت أنّ عباس اتخذ القرار من دون الرجوع إلى أعضاء اللجنة التنــفيذية في منظمة التحرير.
وفي هذا السياق، قال عضو في اللجنة التنفيذية للمنظمة إنّ القيادة الفلسطينية تعرضت لضغط كبير من دول عديدة، أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا ودول من الاتحاد الأوروبي، كي يطالب الجانب الفلسطيني بتأجيل التصويت على التقرير، موضحاً أنّ هذه الضغوط تمثلت في التلويح بالامتناع عن التصويت، أو التصويت ضد التقرير عندما يصل إلى مجلس الأمن.
وكانت اللجنة المركزية لحركة فتح طالبت بتشكيل لجنة تحقيق في أسباب تأجيل النظر في تقرير غولدستون. وقال عضو اللجنة محمد دحلان «لقد تابعنا ما جرى وليس في أيدينا معلومات كافية حول آليات اتخاذ الموقف الذي كان مع التأجيل، ونحن في انتظار عودة الرئيس (الفلسطيني محمود عباس) وانعقاد اجتماعات اللجنة التنفيذية للمنظمة».
وأضاف دحلان «نحن لن نمر مرور الكرام على أي قضية تفاوضية سياسية ودبلوماسية. وتقرير غولدستون قضية وطنية كبرى أنصفت نسبياً الشعب الفلسطيني وأدانت الاحتلال وجرائمه بحق الفلسطينيين».
ودفعت هذه الفضيحة يوم أمس الأول بوزير الاقتصاد الفلسطيني باسم خوري إلى تقديم استقالته من الحكومة احتجاجاً على أداء السلطة حيال تقرير غولدستون.
من جهتها، قررت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة إرسال وفــد يمثلها للقاء ممثلين عن منظمة المؤتمر الإســلامي وجامعة الدول العربية من أجل تفعــيل تقريــر غولدستون.
بدوره، دعا النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد بحر إلى محاكمات شعبية واسعة في فلسطين والدول العربية والإسلامية لفضح «المتآمرين والمفرّطين» بحقوق الشعب الفلسطيني. وطالب بإقالة ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في مجلس حقوق الإنسان إبراهيم خريشة «لتعاونه في إجهاض تقرير غولدستون بأوامر من الرئيس محمود عباس»، معتبراً انّ طلب التأجيل «دليل معلن على تواطئه مع الاحتلال في العدوان على غزة».
إلى ذلك، استغربت سوريا، على لسان مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية، طلب السلطة الفلسطينية من مجلس حقوق الإنسان إرجاء اتخاذ قرار بشأن تقرير غولدستون. وشدد المسؤول السوري على أنّ بلاده «ستواصل العمل مع الجهات الدولية المعنية من اجل التمسك بضرورة اتخاذ إجراءات عملية لمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم غير الإنسانية التي أشار إليها التقرير».
بدورها، أكدت الجامعة العربية انه لم يتم التشاور معها قبل اتخاذ القرار في مجلس حقوق الإنسان، مشددة على «ضرورة التزام الجميع بقرارات القمم العربية ووزراء الخارجية العرب بالاستمرار في ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب تجاه الشعب الفلسطيني».
الحوار الفلسطيني
من جهة ثانية، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي أنّ الوزير أحمد أبو الغيط ورئيس المخابرات العامة اللواء عمر سليمان سيتوجهان اليوم إلى عمان لإجراء محادثات مع الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني حول المصالحة الفلسطينية وجهود التسوية.
وأوضح زكي أنه سيتم خلال هذا اللقاء الاطلاع على مضمون المباحثات التي أجراها وفد فلسطيني الخميس الماضي في واشنطن مع الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل.
وفي ما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، قال زكي إن «مصر تعكف حالياً على صياغة المشروع النهائي لاتفاق المصالحة وسيتم اطلاع جميع المشاركين في الحوار الوطني الفلسطيني عليه تمهيداً لتوقيعه في الأسبوع الأخير من تشرين الاول الحالي».
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «الأهرام» المصرية عن مصادر فلسطينية أن اتفاق المصالحة يتضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة الأوضاع في قطاع غزة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة عربية عليا للإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني. كما تتضمن بنود الاتفاق عودة قوات السلطة إلى تولي المسؤوليات الأمنية في غزة، بما فيها معبر رفح البري، وبالتالي عودة المراقبين الأوروبيين إلي المعبر طبقا لاتفاق عام 2005، بما يتيح فتحه وعودة حركة التنقل إلى طبيعتها.
إلى ذلك، أجلت سوريا زيارة عباس إلى دمشق احتجاجاً فيما يبدو على موقف السلطة الفلسطينية من تقرير غولدستون.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد