دمشق تستقبل دي ميستورا بطرد موظفين أمميين والجبهة الجنوبية في سوريا تستعيد سخونتها
بدأ المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أمس، زيارة جديدة لدمشق، حيث يلتقي اليوم الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم، فيما كانت السلطات استبقت وصوله بطرد ثلاثة موظفين امميين، احدهم «لديه القدرة على الاتصال المباشر بالمقاتلين في حلب»، الأمر الذي وضعه البعض في إطار «عرقلة تنفيذ الخطة المقترحة» لتجميد القتال، والتي يبدو أنها انكمشت لتشمل حي صلاح الدين.
في هذا الوقت، استعادت الجبهة الجنوبية سخونتها مع هدوء العاصفة الثلجية التي ضربت المنطقة الأسبوع الماضي، وشن الجيش السوري هجوماً سيطر خلاله على قرية الهبارية القريبة من دير العدس في ريف درعا الشمالي، بعد ساعات من إحكامه السيطرة على تل المجدع في منطقة صلخد في ريف السويداء الجنوبي الشرقي قرب الحدود السورية ـ الأردنية. وفرض الجيش بذلك سيطرة نارية على خطوط إمداد المجموعات المسلحة عبر الحدود الأردنية نحو مناطق جنوب شرق السويداء الممتدة نحو البادية السورية.
وفي الوقت الذي قتل وأصيب 90 شخصاً في انفجار ثلاث سيارات في منطقتين يسيطر المسلحون عليهما في القلمون، نفذت «جبهة النصرة» تهديدها، وهاجمت مدينة الاتارب في ريف حلب، للقضاء على «حركة حزم» المتهمة بقتل قيادات في الجبهة، وذلك بالرغم من تحذير أهالي المدينة والمسلحين فيها «النصرة» من القيام بهذا الأمر.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن دي ميستورا سيستأنف محادثاته مع المسؤولين السوريين «لبحث الجديد في خطته الرامية لوقف إطلاق النار في حلب»، مضيفاً أن المبعوث الأممي سيذهب إلى دمشق «لتأطير الالتزام الذي عبرت عنه الحكومة السورية، ولضمان أن عباراتهم في هذا الصدد وضعت في مكانها الملائم».
ويعكس تصريح دوجاريك شكوكاً على ما يبدو لدى المبعوث الدولي من الحكومة السورية، ولا سيما أن دمشق طلبت منذ أيام من أحد أفراد طواقم الأمم المتحدة في سوريا مغادرة البلاد لأسباب تتعلق بنشاطه الميداني، والذي يتركز على «الاتصال المباشر بالجماعات المسلحة في حلب»، وهو أمر اعتبره مسؤولون دوليون بمثابة «وضع عراقيل أمام خطة دي ميستورا».
وتأتي زيارة دي ميستورا إلى دمشق بعد لقاءات عقدها مع رئيس «الائتلاف الوطني» المعارض خالد خوجة في اسطنبول، منذ يومين، أعلن بعدها خوجة أن «أي مبادرة دولية أو إقليمية لا تنسجم مع مفهوم جنيف أو تحاول الالتفاف عليه، لن يكتب لها النجاح»، وأن على المبادرة أن «تنسجم مع القرارات الدولية ذات الصلة ومسيرة مؤتمر جنيف، بما في ذلك فك الحصار عن المناطق المحاصرة وإيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين».
وكانت دمشق وضعت شروطاً واضحة من اجل تنفيذ الخطة الرامية لتجميد القتال في المدينة. ويدور الحديث، حتى الآن، عن تجميد الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي من الطرفين في حي واحد من المدينة، هو صلاح الدين.
وكان نائب المبعوث الأممي رمزي عز الدين أجرى محادثات في وزارة الخارجية لهذا الغرض، من دون أن ينجح في إقناع دمشق في مد الخطة إلى حي سيف الدولة أيضا، وفقا لما ذكرته مصادر إعلامية محلية.
وأزعج قرار السلطات السورية إبعاد عاملين من فرق الأمم المتحدة في مجال الإغاثة فريق المبعوث الدولي، ولا سيما أن احد المبعدين «لديه القدرة على الاتصال المباشر بالمقاتلين في حلب». وقالت مسؤولة العمليات الإنسانية لدى الأمم المتحدة فاليري آموس إن السلطات السورية قررت طرد موظف تابع للأمم المتحدة في حلب، ومنحته مهلة ستة أيام للمغادرة، مرجحة أن يكون سبب الطرد «الاتصالات المباشرة التي يقيمها الموظف مع الجماعات المسلحة في حلب». واعتبرت أن هذا الطرد «يضع مخاطر على خطة» دي ميستورا لتجميد القتال، ولا سيما أنه كان من المقرر أن يؤدي الموظف المطرود «دوراً متقدماً في عملية التمهيد للخطة».
وسبق للخارجية السورية أن طردت موظفاً آخر يعمل في حمص. وقال عامل إغاثة إن دمشق أعلنت أيضا عضواً رفيع المستوى في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) «شخصا غير مرغوب فيه».
ميدانيا، فرضت تفاعلات قضية الخلاف بين «جبهة النصرة» من جهة و «حركة حزم» من جهة ثانية، نفسها على سائر الريف الغربي لحلب. ولم تأبه «النصرة» باستنفار المسلحين والأهالي لمواجهة تهديداتها بالقضاء على «حركة حزم»، واقتحام مقارها، وخاصة مقر «الفوج 46» الواقع ضمن المدينة، حيث قامت باقتحام المدينة، بعد ساعات من انتهاء المهلة التي حددتها لتسليمها قتلة قادتها.
وشهدت مدينة دارة عزة توقيع اتفاق بين «جبهة النصرة» و «حركة حزم» يقضي بتحييدها عن القتال، والتزام مقاتلي «حزم» تسليم مقر «اللواء 111» إلى عناصر «حركة نور الدين الزنكي» حتى يتم فض النزاع بين الطرفين. كما تضمن الاتفاق سحب المظاهر المسلحة ورفع كافة الحواجز داخل دارة عزة، وفتح الطرقات المؤدية إليها.
وعاشت بلدات وقرى القلمون الشرقي يوماً دامياً مع انفجار ثلاث سيارات. وانفجرت سيارة أمام مسجد السلام في بلدة الناصرية عند خروج المصلين من صلاة الجمعة، ليتبعها بدقائق انفجار ثانية في المنطقة ذاتها. وأدى التفجيران إلى مقتل 20 شخصا، وإصابة 35. وانفجرت سيارة ثالثة أمام مسجد بلال في الضمير، موقعة 10 قتلى و25 جريحاً.
وقال المتحدث باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية ريدور خليل إن القوات الكردية سددت ضربة إلى «داعش»، بسيطرتها على جزء من بلدة تل خميس في ريف الحسكة، بعد أيام من قيام التنظيم التكفيري باختطاف أكثر من 200 أشوري من منطقة تل تمر على بعد نحو 100 كيلومتر إلى الغرب من تل خميس.
ويأتي دخول الأكراد إلى أطراف بلدة تل خميس في وقت يشهد محيط بلدة تل تمر الواقعة شمال غرب مدينة الحسكة هدوءا اثر الهجوم الذي شنه «داعش» على قرى في المنطقة، وأقدم خلاله على خطف 220 مسيحياً آشورياً.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانغو بيلغيتش أن برنامج تدريب وتجهيز المسلحين السوريين «المعتدلين»، برعاية أنقرة وواشنطن سيبدأ غداً، من دون تقديم إيضاحات حول الموضوع.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد