خلفيات التحذير الإسرائيلي لسورية والتجاهل السوري

15-03-2008

خلفيات التحذير الإسرائيلي لسورية والتجاهل السوري

الجمل: تناقلت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تقرير وكالة رويترز الذي نشرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الذي حمل عنوان «مصادر: إسرائيل حذرت سوريا بأنها سوف تدفع الثمن عن أي هجوم لحزب الله».
* محتوى التقرير:
أشار التقرير إلى النقاط الآتية:
• تم نقل الرسالة الإسرائيلية إلى سوريا عبر طرف ثالث.
• أكدت مصادر إسرائيلية وأوروبية هذا التحذير.
• يعتقد الإسرائيليون بأن حزب الله سيقوم بتوجيه ضربات صاروخية ضد إسرائيل في حال قيامها بهجوم عسكري كبير ضد حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
• تم نقل الرسالة الإسرائيلية إلى سوريا بواسطة وسيط أوروبي بعد حدوث عملية اغتيال عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله اللبناني وقبل قيام إسرائيل بشن عدوانها الأخير ضد قطاع غزة.
* الإدراك السوري ومعطيات "خبرة الرسالة الإسرائيلية":
على مدى ستين عاماً من خبرة الصراع العربي – الإسرائيلي، ظلت سوريا ترصد الكثير من الرسائل والإشارات الإسرائيلية، وعلى مدى هذه الفترة الطويلة فقد أصبح السوريون:
• أفضل من يجيد القراءة في الأبعاد المعلنة والغير معلنة للرسائل والإشارات الإسرائيلية.
• أفضل من يعرف كيفية الرد على هذه الرسائل والإشارات.
وعلى هذه الخلفية لم يكن غريباً أن يتجاهل السوريون تماماً فحوى الرسالة الإسرائيلية شكلاً ومضموناً.
* الأبعاد غير المعلنة لـ"الرسالة الإسرائيلية" المزعومة:
منذ فترة طويلة، يلاحظ المراقبون والمحللون، أن الرسائل والإشارات الصادرة من تل أبيب باتجاه دمشق هي رسائل وإشارات لا تعبر عن موقف حقيقي بل هي بالأحرى رسائل وإشارات تصب في مجرى:
• جهود العملية النفسية والحرب الاستخبارية الإسرائيلية ضد سوريا، التي أصبحت مكشوفة للجميع.
• جهود العملية النفسية والحرب الاستخبارية الإسرائيلية السرية ضد الشعب الإسرائيلي نفسه لإيهام الرأي العام الإسرائيلي بأن الحكومة الإسرائيلية ما زالت قادرة على القيام بتهديد سوريا.
* الردع الإسرائيلي وشبح الانقلاب الجيوسياسي:
خلال الفترة الممتدة من حرب حزيران 1967م حتى عشية حرب صيف 2006م، ظلت إسرائيل أكثر اعتقاداً بأن قوتها الغاشمة هي عصا الردع ضد القوى في منطقة الشرق الأوسط. ولكن حرب صيف 2006م أكدت على نتيجة جديدة ما زال الإسرائيليون حتى الآن يقاومون التسليم بصحتها، وتتمثل هذه النتيجة في أن الردع الإسرائيلي لم يعد قائماً في منطقة الشرق الأوسط بنفس حسابات معادلة توازن القوى الذي كان سائداً حتى عشية حرب 2006م لأن معادلة جديدة لميزان القوى الشرق أوسطي قد تشكلت بفعل نتائج هذه الحرب. بكلمات أخرى، على الإسرائيليين أن يفهموا ويدركوا جيداً أن ثمة معطيات وحقائق جديدة قد حدثت في الساحة الشرق متوسطية وهي معطيات يتمثل أبرزها في الآتي:
• أن الردع الإسرائيلي لم يعد هو "العصا الغليظة" الوحيدة في المنطقة.
• إن ما كانت تظن إسرائيل أنها قادرة على القيام به في المنطقة في الماضي لن تستطيع القيام به حالياً.
وهذه الحقائق والمعطيات لا نوردها هنا افتراضاً بل سبق وأن توصل إليها الخبير الاستراتيجي المرموق أنطونيو كورديسمان في تقريره الاستراتيجي الذي تجاوز حجمه 200 صفحة وحمل عنوان «الميزان العسكري بين سوريا وإسرائيل» ونشره الموقع الإلكتروني الخاص بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية وقد استنتج كورديسمان الحائز على كرسي بوركة في حقل الدراسات الإستراتيجية بأن التفوق النوعي الإسرائيلي لن يستطيع الصمود في مواجهة التفوق الكمي السوري إضافة إلى أن الردع النووي "غير التقليدي" الإسرائيلي قد أصبح يواجهه الردع الصاروخي غير التقليدي السوري، وإذا كان الإسرائيليون لا يترددون في استخدام الردع غير التقليدي في حالة مواجهتهم لحرب وجود فإن السوريين أيضاً سوف لن يترددوا في الاستخدام غير التقليدي إذا وجدوا أنفسهم في مواجهة حرب وجود.
لقد فقدت إسرائيل قوة الردع المطلق في المنطقة، وتأسيساً على معطيات نظرية الردع التي تقوم على أساس وجود القوة والقدرة على استخدامها فإن القوة والقدرة على استخدامها في المنطقة لم تعد أمراً محتكراً لإسرائيل وحدها دون غيرها.. وما تزال الحكومة الإسرائيلية ورموزها تواصل محاولة المناورة للالتفاف على الخطوط الداخلية والخارجية:
• الداخلية: يشير الأداء السلوكي الإسرائيلي إلى استمرار حكومة أولمرت في إيهام الرأي العام الإسرائيلي عن طريق التصريحات والرسائل "المزعومة" إلى دمشق بأن إسرائيل هي الأقوى في المنطقة.
• الخارجية: تهتم الحكومة الإسرائيلية بمواصلة ابتزاز الإدارة الأمريكية من أجل:
* الحصول على أكبر قدر من المساعدات.
* دفع منطقة الشرق الأوسط إلى المزيد من سباق التسلح.
* توريط الولايات المتحدة في حرب وكالة ضد إيران وخوضها نيابة عن إسرائيل.
* استخدام النفوذ الأمريكي لجهة الضغط على دول المنطقة للقبول بصيغة السلام مقابل السلام وإدماج إسرائيل ضمن القوام الجيوسياسي الشرق أوسطي.
سردية الرسائل والإشارات الإسرائيلية الصادرة إلى دمشق لم تعد لها فائدة ولن يكون لها أي مفعول على دمشق وغيرها من القوى الرافضة للمشروع الإسرائيلي. وعلى الإسرائيليين إدراك مضمون رسالة "التجاهل" التي ردت بها دمشق على المزاعم الإسرائيلية خاصة وأنه يتوجب على الإسرائيليين في هذا الوقت المفاضلة جيداً بين خيار المفاوضات والسلام مع سوريا وخيار إشعال المواجهة العسكرية مع سوريا.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...