خلافات حكام السعودية تخرج إلى العلن
تدور حرب مستعرة بين الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، وبين أشقائه السبعة، وعلى رأسهم وليّ عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع والمفتّش العام. ولم تعد هذه الحرب مجرّد حرب خفيّة، بل تظهر أبعادها في الاعلام السعودي، الذي يسيطر هؤلاء على ٩٠ بالمائة منه، وعلى رأسهم الأمير سلمان بن عبد العزيز، حاكم الرياض وأمير الاعلام السعودي.
لعلّ من أهم الأمثلة على الخلافات المستعرة بين الملك عبدالله وبين أشقائه السديريين، أنه أثناء زيارة الرئيس جاك شيراك للسعودية، وتأديته رقصة العرضة مع الملك، رفض وليّ العهد السعودي سلطان بن عبد العزيز التجاوب مع العروض الفرنسية للتسلّح، بعد أن كان الملك عبد الله قد وعد صديقه الرئيس شيراك، أن يتوجّه إلى فرنسا لشراء المزيد من السلاح، ويعود أحد وجوه الخلاف بين الملك عبد الله وولي عهده سلطان الى أن الأخير يريد تعيين ابنه خالد وزيراً للدفاع، لكن الملك يرفض ذلك. وقد اصطحب شيراك وزيرة دفاعه ميشيل إليو ماري، فلم يجتمع بها الأمير سلطان، بحجّة أنه يقوم برحلة استجمام في قصره في المغرب.. هذه الصفعة العلنية للملك من السديريين، بلعها عبد الله وسط عدم اكتراث من قبل الأمير سلطان باحتجاجات الملك عبد الله، بل سرّب الأمير سلطان أنه بصدد عقد صفقة أسلحة مع بريطانيا وأنها ستكون ضخمة..أضف إلى ذلك، أن الملك عبد الله قرّر أن يزوّد الحرس الوطني السعودي، الذي يعتبر ميليشيا تابعة له، بالطائرات الحربية. أي أن الملك عبد الله قرر توفير تغطية جوّيّة لميليشياته، بعد أن فقد الثقة بسلاح الطيران السعودي الذي يسيطر عليه الأمراء السديريون.
جولة آسيوية
وأضاف سلطان إهانة أخرى للملك عبد الله، عندما قرّر وليّ العهد السعودي ووزير الدفاع، القيام بجولة آسيوية، والتي استهلها بزيارة لليابان استغرقت ثلاثة أيام، ورافقته حاشية ضخمة، على رأسها الأمير فيصل بن سعود بن محمد، والأمير الدكتور مشعل بن عبد الله بن مساعد، المشرف على الدراسات بمكتب وزير الدفاع والطيران، وإبنه الأمير فيصل بن سلطان بن عبد العزيز، الأمين العام لمؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وخالد القصيبي وزير الاقتصاد والتخطيط، والدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية.
وعقد صفقات عدّة مع شركة آي أوس هولدنغ التي يرأسها كيئي تشي كوناغا، وعدد آخر من الشركات التي تبلغ أكثر من ٥٤ شركة من الشركات الرائدة في اليابان.
وبعد اليابان قام الأمير سلطان بزيارة إلى سنغافورة وباكستان.
والغريب أنه كان في وداع الأمير سلطان، عند مغادرته مطار الملك خالد الدولي، الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، والأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، وكل من الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والأمير فهد بن محمد بن عبد العزيز، والأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، والأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة عسير، والأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية، والأمراء والوزراء، كما كان في وداعه الفريق أول ركن صالح المحيا رئيس هيئة الاركان العامة، ونائب رئيس هيئة الاركان..
وبدأت مصادر سلمان، تتحدّث عن توقّع خبراء أن تلعب زيارة وليّ عهد المملكة الأمير سلطان بن عبد العزيز لليابان وسنغافورة، دوراً حيوياً في مسارات متعددة، على اعتبار أن الزيارة تحمل أبعاداً مختلفة، تبدأ بالسياسة ولا تنتهي عند الاقتصاد وحسب؛ وأن أبعاد الزيارة من الناحية السياسية، تتّفق مع توجّه سعودي يرمي إلى التنويع في العلاقات مع أطراف متعددة، استدعت توجّه البوصلة نحو آسيا، وهو توجّه يدعمه الثقل الاقتصادي، لمناطق لا يمكن تجاهل بروز دورها الفاعل على خريطة العلاقات الدولية.
وفي ما يتعلق بأبرز المسائل السياسية، التي يتوقع لها أن تحظى بنصيب الأسد من التشاور في هذه الزيارة، فيقول المسؤولون السعوديون أن ملف سلاح إيران النووي، يشكّل تهديداً للمنطقة، وأنه بالنسبة لليابان أو سنغافورة، فإن استقرار أسواقهما الاقتصادية سيتأثر بمدى استقرار المنطقة؛ في إشارة إلى أن هذه الزيارة ستخدم الجانب الاقتصادي بشكل أكبر، لا سيما أن العلاقات اليابانية ـ السعودية التاريخية ترتكز بشكل أساسي على عنصر النفط، حسب رأيه. الاقتصاديون بدورهم، يرون أن الزيارة ستصحح مسار العلاقة التجارية بين السعودية واليابان، التي بدأت تشهد نوعاً من الانحسار في ظل اندفاع بعض الدول، لتوسعة استثماراتهم في السعودية، فيما تلخصت رؤيتهم، في ما يخص الجانب السنغافوري، في أن الزيارة ستوجه المزيد من الاستثمارات السنغافورية للسعودية؛ وأن الزيارة ستضاعف الحركة التجارية مع السعودية بشكل خاص، وهو ما يطمح إليه اليابانيون، لافتاً إلى أن السعودية تتصدر قائمة الدول العالمية المهمة بالنسبة لليابان في الجانب الاقتصادي، حيث ترغب في تعزيز مكانتها كثاني أكبر مستثمر في السعودية، بعد الولايات المتحدة الأميركية.
وتوضح التقارير الرسمية السعودية، أن حجم استثمارات اليابانيين في السعودية ٣.٦ مليارات دولار (١٣.٦ مليار ريال)، في ما سجلت الاحصائيات الأخيرة، حول حجم التبادل التجاري بين السعودية واليابان، أن الأخيرة تصدّر نحو ١٤.٣ مليار ريال، مقابل صادرات سعودية تتجاوز ٤٩ مليار ريال. وتأتي زيوت النفط الخام، وغازات النفط، والبولي إيثيلين وزيوت المحرّكات، على رأس صادرات المملكة لليابان، وتستورد منها السيارات الصغيرة والشاحنات والاطارات وقطع الغيار.
خلاف حول سورية
لكن الخلافات لا تقتصر على الصفقات العسكرية، بل بدأت تحيّر الدول العربية التي تبدو حليفة للسعودية، مما دفع الملك عبد الله إلى إلغاء مشاركته في القمة العربية لأنه محرج، ولأن صديقه الرئيس السوداني قد وعد الرئيس الأسد أن تقف الحملات في لبنان ضد سورية، والمدعومة من قبل قوى ١٤ آذار، التي تُعتبر امتداداً سعودياً في لبنان، لأن الملك عبد الله وعده بالسيطرة على هذا الملف. وقد استدعى الملك عبد الله رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة إليه، وأمره بإنهاء الملف السوري، ووقف الحملات الاعلامية ضد سورية، فكان كلام السنيورة مخالفاً للكلام الذي سمعه عبد الله من قيادة قوى ١٤ آذار والأكثرية النيابية، التي كانت قد وعدته خيراً، وتحوّلت الوعود بالخير بعد لقاء السنيورة إلى تصعيد سافر ضد سورية، بل جرى اللجوء إلى واشنطن للحصول على الضوء الأخضر ضد دمشق، وسيزور السنيورة واشنطن في ١٨ من الشهر الحالي.
وهذا ما دفع الرئيس السوري بشار الأسد إلى إرسال وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان والسفير السوري بالسعودية أحمد نظام الدين للاجتماع بالأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير الرياض، بمكتبه في قصر الحكم، وتقديم العتب له على استمرار الحملة اللبنانية على سورية التي قالوا إنها بدعم سعودي.
المصدر : المشاهد السياسي
إضافة تعليق جديد