حمى التصفيق والصفير تنتاب جمهور حمص الثقافي كل خمس دقائق
الجمل – حمص ـ يامن حسين: الأزمة الثقافية في حمص لاتقتصر على شبه إنقراض العروض المسرحية و الأمسيات الشعرية أوعلى غياب الرعاية الثقافية وحالات الترميم الممتدة منذ الأزل للمركز الثقافي الوحيد بحمص بل وصلت إلى حد تحول معه جمهور الصالات والأمسيات على قلتها إلى جوقات من المصفقين والمصفرين وهذه الجوقات باتت تشكل علامة فارقة للمتابع للنشاط الثقافي في هذه المدينة ..
ففي جميع النشاطات الثقافية بحمص تنتاب الجمهور حمى التصفيق الحاد وبمعدل كل خمس دقائق وكأننا في مباراة كرة قدم وكمثال على ذلك الأمسية التي قدمها الشاعر محمود درويش بحمص بمناسبة مهرجان مار اليان الثقافي فلقد سمعنا تصفيقاً أكثر ماسمعنا شعراً رغم أن الشاعر لم يلق شعراً حماسياً وهذا ما أرخى بظلاله عليه وبات فاقداً للانسجام مع جمهوره وفَرَض عليه نمطاً معيناُ من القصائد .. وفي نفس الأمسية قامت إحدى الفتيات وبدأت بالصراخ بشكل هستيري طالبةً قصيدة "اناديكم "!! رغم أن هذه القصيدة ليست لمحمود درويش وأصرت بالصراخ أكثر من ثلاث مرات ولم يستطع أحد كبح جماحها ولاحتى إقناعها بأن هذه القصيدة ليست للشاعر كما لاحظنا خلال الأمسية وجود إحدى الصبايا التي عرفناها من خلال أمسيات درويش في سورية فهي مرافقة دائمة للشاعر في كل أمسياته في سورية وما أن تدعس قدماه أرض الصالة حتى تتقدم إليه رغم المرافقة التي تحيط به وتقبله وتتعشبق على أكتافه وأصبح الجمهور السوري يعرفها أكثر مايعرف محمود درويش بحد ذاته ففي الأمسية التي ألقاها بمكتبة الأسد قبل سنتين بمناسبة توقيعه لديوان (كزهر اللوز أو أبعد) كانت موجودة وعلا صرخها وعويلها مطالبةً بقصيدة (الجميلات) وعندما قرأها طلبت منه بدلال الواثقات الغنوجات إهداءها القصيدة ثم تظارفت وسألته " لماذا كبرت ولم تنتظرني ؟" وماكان منه إلا أن اجابها "لما لم تكبري معي؟" فأصدرت ضحكاً أشبه بالصهيل وكاد يغمى عليها من شدة الفرح..
أما في حمص فلقد تنبه شاعرنا لوجودها حيث انهالت عليه بالقبل منذ دخوله فتدارك صراخها وقرأ قصيدة "الجميلات " في أول الأمسية وماهي إلا دقائق حتى بعقت بكل أنوثة اللبوة " لماذا كبرت ولم تنتظرني ؟!" ,ووفقاً لأحد الحاضرين فإنها فعلت الشيء ذاته خلال الأمسية التي أقيمت بصالة الجلاء منذ سنوات وحتى أنه أعطانا مواصفات ثيابها في كل أمسية وقال أنه وثّق أفعالها في ملف تفصيلي مدعم بالفيديو وهو بصدد تقديمه للإتحاد العام النسائي ومنظمة نساء بلاحدود علّ هاتين المنظمتين تسيطران على انفعالاتها الغير طبيعية..
بعد انتهاء الأمسية كنت شاهداً على حوار دار في السرفيس بين شابين كانا من بين الحضور حيث يبدي أحدهما واسمه وحيد امتعاضه من الجالسين في الصفوف الأمامية لعدم تصفيقهم الشديد فرد صديقه " بس نحنا بيضنا الوش والجمهور صفق كتير" والشيء المستغرب أنه منذ فترة قريبة وعند تغطيتي لحفلة وفيق حبيب في الجامعة كان وحيد وصديقه في مقدمة الحضور وتصبب منهما العرق نتيجة الدبكة والنخ والتصفيق على آهات (خمس صبايا حد العين )مما قد يروي عطشهما للتصفيق!!
الشيء الثاني الملاحظ في كل أمسية شعرية أو موسيقية هو تنبيه المنظمين الدائم للجمهور بضرورة إقفال الموبايلات أو بأضعف الإيمان إخراسها فالموسيقى والشعر تحتاج إلى انسجام بين العازف من جهة وبين الجمهور من جهة ثانية لكن بالرغم من ذلك ما أن تبدأ الأمسية حتى تبدأ الموبايلات بالرنين ولمرات عديدة ولكأن الموبايل أصيب بإسهال حاد أو فرط نشاط..والغريب في الموضوع أن المَعني بالإتصال لايكتمه بل يتركه يرن ليسمع الحاضرين نغمة الموبايل وفي أحيان كثيرة يرد على الإتصال وهو بالصالة وبصوت مرتفع غير عابئ لابالحضور ولا بالشاعر أو بالموسيقي ولاتقتصر هذه الحالة على حفلة واحدة أو على شخص واحد بل باتت أشبه بهواية عند بعضهم... ومن جهةٍ أخرى تكرر ظاهرة دخول الجمهور وخروجه بعد البدء بالحفل وقبل الإنتهاء منه وهذا ماحدث الإسبوع الماضي أثناء الأمسية الموسيقية التي أداها ثلاثة عازفين فرنسيين على ألة الغيتار ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الفرنسي على مسرح الزهراوي المفتقد لأبسط صفات المسرح من غياب للميكروفونات وصولاً إلى الإضاءة السيئة والكراسي المهترئة والتي تصدر صريراً قوياً عند أقل حركة حيث دخل بعد بدء الأمسية حوالي الخمسين شخص وخرج قبل انتهائها نفس العدد تقريباً ومازاد الطين بلة قيام العديد من الحضور بالأحاديث الجانبية والقاء النكات وإجراء الإتصالات داخل المسرح وعزز هذه الضوضاء أحد المراهقين ويبلغ من العمر حوالي ال12 عام فعند كل انتقال بين حركة وأخرى في المعزوفة كان يصفق هو وصديقه فتنتقل عدوى التصفيق مما يستدعي انهاء المعزوفة قبل اكمالها وارتباك من العازفين حتى أن أحدهم سقط أرضاً فصفق له الجمهور وعندما عاد للعزف عاد وصفق له الجمهور وخاصةً ذلك المراهق والذي أُلغي حق ضربه من قبل جمعيات حماية الطفل ومنظمة اليونسيف العالمية ..!!
يُرجِع الكثير من المنظمين والقائمين على النشاط الثقافي والجمهور هذه الحالات إلى مجانية النشاطات حيث يحضرها المهتم وغير المهتم فهي مكسب كأي شيء مجاني وقسم كبير من الحاضرين يكون بقصد التسلية إضافة لغياب التنظيم الجيد فأصبح عدد الحضور أهم من نوعيته بالنسبة للمنظمين كما تسود بين الجمهور ثقافة التصفيق حيث لايرى الكثير منهم في النص الشعري إلا ذاك الممجد لبطولات عنترة وأبو زيد الهلالي والحامل للسيف والترس إضافة لعدم احترام حق الأخرين بالاستماع هذا مايتطلب اعادة تأهيل الجمهور والتنظيم الجيد حيث لايلزم سوى اثنين من الموتورين ليفسدوا جو الأمسية على المئات من الحاضرين .
الجمل
إضافة تعليق جديد