تسوية جنيف: المؤتمر بمن حضر وشروط المعارضة إعلامية والجيش يحسم معارك المفاوضات
تراقب الأمم المتحدة، سواء من نيويورك أم من مكاتبها في جنيف ودمشق وبيروت، تطورات المشهد العسكري في سوريا. وقد وصلها بالتأكيد خبر سيطرة الجيش السوري على مدينة النبك، ما يؤشر إلى احتمال قرب انتهاء المعركة في القلمون، إذا أكمل الجيش سلسلة تقدمه باتجاه يبرود ومزارعها.
لكن الأمم المتحدة لا تتابع سير المعارك من باب المراقب العسكري، وإنما من باب تحين الفرص الممكنة لتحقيق التسوية السياسية التي تراهن عليها في انعقاد مؤتمر «جنيف 2» في 22 كانون الثاني العام 2014. ويندرج خبر انتهاء معركة النبك، وتعزيز امن طريق دمشق ــ حمص الدولي، في إطار المؤشرات التي قد تثمر استعدادا اكبر لتقديم التنازلات، من القوى الإقليمية اللاعبة، وفتح الطريق أمام نهاية ممكنة لـ«درب الآلام السوري»، الذي مضى عليه ألف يوم.
تؤكد مصادر في نيويورك تزايد الاتصالات الغربية مع دمشق، لأسباب تتصدرها الجوانب الأمنية، فيما التحضيرات اللوجستية لمؤتمر جنيف الثاني تسير على قدم وساق، لكن المخاوف كبيرة، من الفشل.
يلخص مصدر أممي المشهد قائلا: «كلما انفكت عقدة، ظهرت أمامنا عقد».
وفي هذا الوقت، يذهب المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي إلى جنوب أفريقيا لوداع رفيقه نلسون مانديلا. وجماعة «الائتلاف» تتمهل في إعلان شكل مشاركتها في مؤتمر جنيف، إلى منتصف الشهر الحالي، وتروج في الإعلام انها تذهب على أساس وجود شرط مسبق بشأن هيئة الحكم الانتقالية وصلاحيتها، على الرغم من أن الأمم المتحدة، لا تنفك تقول إن لا ضمانات مسبقة لأي مؤتمر. ويؤكد الإبراهيمي أن كل المسائل تطرح على طاولة جنيف، وفي جلسات التفاوض، لا قبلها.
لكن السباق الزمني، لا يضغط بجداوله على موعد 22 كانون الثاني، وإنما على موعد 20 كانون الأول الحالي، أي بعد عشرة أيام، حيث يفترض انعقاد لقاء حاسم في جنيف يضم المبعوثين الروسيين غينادي غاتيلوف وميخائيل بوغدانوف والسفير الأميركي السابق روبرت فورد (أو المبعوثة الأميركية ويندي شيرمان) بالإضافة إلى الإبراهيمي، للاتفاق على لائحة الدول التي سيوجه إليها الأمين العام بان كي مون، دعوات للمشاركة في «جنيف 2»، وما إذا كان المؤتمر سيكون موسعا، أم سيتم الاتفاق على تقليص عدد الدول المشاركة.
ولم يعد سرا أن السعودية تلتزم سياسة الصمت السلبي إزاء مؤتمر جنيف. كما لم يعد سرا أنها عبرت من خلال قنوات عدة، عن رفضها مشاركة إيران في المؤتمر السوري. وبينما يؤكد الروس أنهم يؤيدون مشاركة الدولتين، فان الأميركيين لا يبوحون حتى الآن بموقفهم من حضور الإيرانيين، لا سلبا ولا إيجابا، ويظل مضمون زيارة رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان إلى موسكو، محاطا بكثير من الغموض، بينما يبدو رئيس «الائتلاف» المعارض احمد الجربا متمهلا في الذهاب إلى العاصمة الروسية، بانتظار، على ما يبدو، الخبر اليقين من المملكة السعودية.
ولهذا تبدو الأجواء قاتمة. ومع ذلك، تقول مصادر الأمم المتحدة في نيويورك إن الإبراهيمي يحتفظ بخيط تفاؤل، مع اعترافه بان الأمور قد تتعرقل.
وتقول المصادر إن تعثر انعقاد «جنيف 2» في كانون الثاني المقبل، سيشكل تطورا خطيرا في مسار الأزمة السورية، لان ذلك يعني استبعاد العملية السياسية إلى ما بعد ذلك الموعد بشهور طويلة، وإطالة عمر حمام الدم السوري، ما قد يطرح عندها احتمال استقالة الإبراهيمي من منصبه كأحد الخيارات المحتملة أمامه كوسيط في الأزمة، أو قد تتخذ الأمم المتحدة ممثلة ببان كي مون والإبراهيمي قرارا كخيار ثان، بالمضي قدما في عقد المؤتمر السوري، بأي شكل من الأشكال، وهي مجازفة أخرى، قد تقود إلى فشل مدو، إذا انعقد المؤتمر لمجرد الانعقاد، ولم يخرج بتسوية تاريخية بين السوريين أنفسهم والأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في الصراع.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان عشية زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى طهران، أن «موسكو ستواصل الإصرار على مشاركة إيران في جنيف 2». وأكدت أن «مواقف روسيا وإيران بشأن الأزمة السورية تتطابق إلى حد كبير»، مضيفة إن «الجانب الروسي على قناعة بأن أي تدخل خارجي في النزاع الداخلي السوري خارج إطار مجلس الأمن الدولي سيؤدي إلى تصعيد الوضع المعقد للغاية في هذا البلد وزيادة معاناة مواطنيه، وسيحدّ من فرص التوصل إلى اتفاق بين الأطراف السورية».
وفي باريس، شكك وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في مقابلة مع إذاعة «فرانس انتر»، في أن يؤدي مؤتمر «جنيف 2»، المقرر عقده في 22 كانون الثاني المقبل، إلى نتائج سريعة. وقال: «اعتقد انه سيعقد، لكن يجب ألا يكون مجرد محادثات، يجب أن يؤدي إلى نتيجة»، مضيفا: «من الصعب جدا تصور أن يؤدي إلى نتيجة سريعة».
خليل حرب
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد