المشبوهون الاعتياديون X سوريا
الجمل- توماس ل. ناب- ترجمة: د. مالك سلمان:
اتهمَت الحكومات الفرنسية والبريطانية والإسرائيلية النظامَ السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية في صراعه الراهن ضد المتمردين المدعومين من الخارج. وقد حَثَ الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون الرئيسَ الأسد للسماح لمفتشي الأمم المتحدة بالدخول إلى سوريا لتأكيد أو نَفي هذه المزاعم. كما قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما, متحاشياً الاتهام المباشر, إن من شأن إثبات هذه التهمة أن "يغيرَ قواعدَ اللعبة", وما يعنيه هو أن ذلك سيخدم كذريعة لتصعيد التدخل الأمريكي في النزاع الدائر.
لكن الاتهام مجرد كلام فارغ ... أو أنه – على الأقل – ضربٌ من النفاق.
- استخدمت الحكومة الإسرائيلية, بشكل علني, الأسلحة الكيماوية في "الضفة الغربية" على الأقل منذ فترة وجيزة (26 نيسان/إبريل).
- استخدمت الحكومة الفرنسية الغازات ضد المحتجين في باريس على الأقل منذ فترة وجيزة أيضاً (24 نيسان/إبريل).
- تستخدم قوات النظام الأمريكي الأسلحة الكيماوية بشكل روتيني لأغراض تافهة مثل تفريق الحفلات الجامعية الصاخبة. وإذا أردنا توسيعَ تركيزنا إلى أسلحة الدمار الشامل الأخرى, فإن الولايات المتحدة تبقى الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية ضد مجموعات كبيرة من المدنيين. ويمكننا أيضاً أن نتحدث عن الفوسفور الأبيض واليورانيوم المنضب, لكن الصورة صارت واضحة.
- تزود بريطانيا والولايات المتحدة الأنظمة القمعية بالأسلحة الكيماوية حول العالم.
فإذا بدا من الشذوذ مقارنة "سي إس" ("الغاز المسيل للدموع"), السلاح الكيماوي الذي تستخدمه كافة هذه الأنظمة كما هو مبين أعلاه, ﺑ "جي بي" ("السارين"), الغاز الذي يتهمون الرئيس بشار الأسد باستخدامه, أعيدوا التفكيرَ في الأمر: إن "سي إس" مصنف على أنه سلاح كيماوي, واستخدامه في الحروب محرَم مثله مثل "جي بي", بموجب "اتفاقية الأسلحة الكيماوية" (1997).
قامت الحكومات الفرنسية والبريطانية والأمريكية بتوقيع وتصديق تلك الاتفاقية. كما وقعت عليها الحكومة الإسرائيلية, مع أن "الكنيست" لم يصادق عليها بعد. ومع ذلك فإن الحكومات الأربع تستخدم, باستمرار وبحرية, أحد أنواع الأسلحة الكيماوية "ضد شعبها": فالإسرائيليون يستخدمونه في مناطق أجنبية يحتلونها عسكرياً؛ كما أن الولايات المتحدة وبريطانيا تصدرانه لحكومات تستخدمه "ضد شعوبها" – ومع ذلك تدين هذه الدول الحكومة السورية بناءً على زعم يقول إنها استخدمته محلياً/داخلياً بنفس الطريقة. كما أن سوريا ليست بحاجة إلى استثناء لاستخدام هذا السلاح, فهي واحدة من خمس دول لم توقع أبداً, ولم تصدق, "اتفاقية الأسلحة الكيماوية".
يتم تضخيم أو تقليص تعريف "السلاح الكيماوي" و "سلاح الدمار الشامل" كما تقتضي الحاجة لخدمة أغراض الطبقة الحاكمة في النظام, في الداخل والخارج على حدٍ سواء.
فعندما تطلق الطائرة الآلية ("درون") صاروخاً من نوع "هيلفاير 2" مزوداً برأس حربي متشظٍ مضاد للأفراد على حفل زفاف في باكستان, فهذه مجرد لعبة "تكرعة". أما عندما يفجر زوهار تسارناييف – كما يزعمون – طنجرتي بخار مليئتين بالبارود الأسود في "ماراتون بوسطن", فهذا يدعى "استخدام سلاح دمار شامل".
وعندما تستخدم الولايات المتحدة الدبابات لضخ غاز "سي إس" داخل كنيسة أمريكية وتحرق البناء كله وتطلق نار الرشاشات على المدنيين الهاربين, فهذا "فرض للقانون". أما عندما يستخدم الرئيس بشار الأسد – حسب زعمهم – غاز "السارين" ضد معارضيه المسلحين الذين يسعون لإسقاطه, يقولون إنه "يقتل شعبَه".
لماذا تحاول الحكومات دائماً التفريق بين أنواع الأسلحة؟ لأنه من دون هذا التفريق تبدو جميع تلك الحكومات متشابهة!
تُرجم عن ("كاونتربنتش", 1 أيار/مايو 2013)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد