الاجتماع العربي الأحد قد يتوسّع وقطر تسعى إلى التدويل
بدا امس ان هناك محاولة قطرية لإضفاء لمسات «تدويل» لمهمة المراقبين العرب في سوريا، ظهرت في تصريحات رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، حول وجود «اخطاء» في اداء المراقبين، وطلب المساعدة من الامم المتحدة التي اكدت من جهتها وجود مثل هذا النقاش واضعة اياه في اطار تقني محدود، وذلك قبل ثلاثة ايام من اجتماع اللجنة الوزارية العربية حول سوريا الاحد المقبل، والتي من المرجح ان ينضم اليه وزراء عرب من خارجها.
وفي حين كانت دمشق تشكو من التدخل التركي السلبي في الازمة، ومن «استهداف ممنهج» من جانب اطراف خارجية، أكد الرئيسان الإيراني محمود احمدي نجاد والروسي ديمتري ميدفيديف، خلال اتصال هاتفي بينهما، «قناعتهما، لدى تناول الوضع في الشرق الأوسط، بأنه لا يمكن حل قضايا المنطقة، بما في ذلك في سوريا، إلا بالطرق والوسائل السياسية من خلال إقامة الحوار بين كل الأطراف المعنية»، وأعلنا «دعمهما للجهود التي يجري بذلها في إطار هيئة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية من أجل تحقيق هذا الهدف».
وجاء التحرك القطري على الرغم من التصريحات الإيجابية لمسؤولي الجامعة العربية حول مهمة المراقبين المنتشرين على الأرض السورية، واستباقاً للتقييم الأولي الذي يفترض ان يقدمه رئيس بعثة المراقبين الفريق محمد احمد مصطفى الدابي حول المهمة خلال الاجتماع الاحد المقبل.
واعتبر وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، خلال اجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك، أن «المراقبين ارتكبوا أخطاء وان الجامعة سترى ما إذا كانت البعثة ستستمر أم لا»، فاتحاً الطريق أمام تدويل القضية عبر إعلانه أنه «يريد مساعدة من الأمم المتحدة للجامعة العربية في إطار بعثة المراقبين»، فيما أعلن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، بعد اجتماع مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، أن «مجلس الأمن الدولي مهتم» بالأزمة السورية، بالرغم من «أمل واشنطن في تجاوب الحكومة السورية مع خطة الحل العربية لإنهاء الأزمة ووقف أعمال العنف».
وسارعت مصادر حكومية عربية في القاهرة للردّ على الدوحة، مشددة على أن المراقبين سيبقون في سوريا للتحقق من امتثال الحكومة للتعهد بوقف «العنف». ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الوزارية العربية بشأن سوريا في القاهرة الأحد للاستماع الى الدابي وبحث النتائج الأولية التي توصلت لها بعثة المراقبين.
وأشار وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال لقائه رئيس حزب «السعادة» التركي مصطفى كمالاك في دمشق، إلى «الدور السلبي الذي تقوم به الحكومة التركية في محاولة منها لزعزعة الأمن والاستقرار في سوريا». وأكد «عمق العلاقات التي تجمع بين الشعبين السوري والتركي، اللذين تربطهما وشائج التاريخ والثقافة والحضارة والمصالح المشتركة».
وقال الشيخ حمد، في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) بعد لقائه بان كي مون، انه ناقش مع بان «المساعدة الفنية التي يمكن للأمم المتحدة أن تقدمها لبعثة جامعة الدول العربية في حال عودتها إلى سوريا للمرة الثانية». وأضاف «ناقشنا مع الأمين العام تحديداً تلك المشكلة وجئنا إلى هنا للحصول على المساعدة الفنية والوقوف على الخبرة التي تتمتع بها الأمم المتحدة، لأنها المرة الأولى التي تشارك فيها جامعة الدول العربية بإرسال مراقبين وثمة بعض الأخطاء».
وعن نوع «الأخطاء»، قال حمد «هذه هي التجربة الأولى بالنسبة لنا.. وقلت إن علينا تقييم أنواع الأخطاء التي ارتكبت، ومن دون أدنى شك أستطيع أن أرى أخطاء بيد أننا ذهبنا إلى هناك (سوريا) لا لوقف القتل، ولكن للمراقبة». وأضاف «إن وقف أعمال القتل وسحب القوات وإطلاق سراح المعتقلين والسماح لجميع وسائل الإعلام الدولية بدخول البلاد يقع على عاتق الحكومة السورية»، مشدداً على أن هذا ليس دور الجامعة العربية. وتابع «إلا أن هذا لا يحدث ويبذل المراقبون جهدهم»، مشيراً إلى «عدم توافر الخبرة الكافية لديهم».
وحول ما يتوقع أن تحققه اللجنة الوزارية برئاسته، قال الشيخ حمد «إننا ذاهبون لتقييم جميع جوانب الوضع وسنرى إمكانية استمرار البعثة أم لا، وكيف يمكننا مواصلة تلك المهمة إلا أننا في حاجة إلى سماع إفادات من الناس الذين كانوا على الأرض أولاً».
وعن وجهة نظره حول إرسال الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي، قال «نحاول دائماً إيجاد حل لتلك الأزمة في جامعة الدول العربية إلا أن ذلك يعتمد على الحكومة السورية ومدى وضوحها معنا لإيجاد حل للأزمة».
وتتألف اللجنة الوزارية العربية من وزراء خارجية مصر والسودان وقطر وسلطنة عمان والجزائر، لكن مصدراً في الجامعة قال إنه تمّ توجيه الدعوة لدول أخرى لتنضم إلى اجتماع الأحد، وإنه قد توجه دعوة لاجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب كافة في اليوم ذاته.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي إن الشيخ حمد وبان كي مون ناقشا «إجراءات عملية بشأن الكيفية التي يمكن للأمم المتحدة أن تدعم بها بعثة المراقبين». وأضاف «الشكل الذي يمكن أن يتخذ هو إجراء تدريب للمراقبين (العرب) برعاية مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان. سيكون هذا تعهداً محدود النطاق لتدريب المراقبين».
وقالت مصادر حكومية عربية إن مراقبي جامعة الدول العربية سيبقون في سوريا مدة الشهر للتحقق من امتثال الحكومة للتعهد بوقف «العنف ضد المتظاهرين». وقال مندوب عربي لوكالة «رويترز» إنه «من المستحيل أن تسحب الجامعة العربية مراقبيها بغض النظر عن محتوى أي من تقارير» البعثة.
وقال بعض المسؤولين في الجامعة إن دولاً مثل السودان والأردن ومصر والجزائر قلقة من إنهاء البعثة مبكراً إذ تخشى من أن يؤدي إعلان فشلها إلى تدخل عسكري غربي في سوريا. وقال مسؤول في الجامعة «يخشون من أن يصبح هذا نمطاً، وقد يحدث لاحقاً في دولهم».
وقال مندوب عربي آخر إن اللجنة ستناقش على الأرجح الإجراءات المحتملة لمساعدة المراقبين مثل إمدادهم بالسيارات حتى يستطيعوا التجول في البلاد من دون مساعدة السلطات السورية. وأضاف إنها لن تناقش تغيير رئيس البعثة.
وذكرت وكالة (سانا) ان وفداً من المراقبين زار بلدة عربين في ريف دمشق، كما زار وفد آخر بلدتي المسيفرة والسهوة في ريف درعا. وزار وفد ثالث حي المرجة في محافظة حلب، كما واصل وفد من المراقبين جولاته في حماه حيث زار المستشفى الوطني وقرية الربيعة.
وفي القاهرة، أعرب فيلتمان، بعد اجتماع مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، عن «أمل واشنطن في تجاوب الحكومة السورية مع خطة الحل العربية لإنهاء الأزمة ووقف أعمال العنف». وقال «نتطلع إلى نتائج إيجابية للاجتماع الوزاري المرتقب للجنة العربية المعنية بالوضع في سوريا الذي سيلتئم في القاهرة الأحد».
وأكد فيلتمان أنه «عبر للامين العام عن دعم الولايات المتحدة للمبادرة العربية لحل الأزمة السورية وإنهاء العنف ضد الشعب السوري»، مشدداً على أنه «يقع على عاتق الجامعة العربية مسؤولية مهمة وصعبة من أجل إيجاد الطرق والآليات لتطبيق الحكومة السورية لمبادرة الحل العربية». وشدّد على أن «مجلس الأمن مهتم» بالأزمة السورية.
وقال فيلتمان، بعد اجتماعه مع وزير الخارجية المصري محمد عمرو، رداً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ما زالت تثق في فاعلية بعثة المراقبين بعد الانتقادات التي وجهت لها، «إننا نريد إنهاء العنف في سوريا، وقد كانت الجامعة العربية واضحة في أنها تريد أن تنقذ سوريا من خلال المبادرة العربية، والأمر متروك للجامعة في أن تقرر ما إذا كانت سوريا قد التزمت بشروط المبادرة أم لا». وأضاف «لا أريد أن أتوقع ما الذي ستقرره الجامعة العربية».
وأوضح فيلتمان أنه «من جانب الولايات المتحدة فإنها تبحث عن طرق تستطيع بها المساهمة في الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء العنف وإيجاد طرق للسماح للمدنيين السوريين بالتظاهر سلمياً والضغط على النظام لإطلاق سراح المسجونين»، مؤكداً أن «هذا أمر منفصل عن مبادرة الجامعة العربية».
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، في تصريح لراديو «سوا» الأميركي، أن السلطات السورية وفرت كل ما يلزم لتسهيل عمل بعثة المراقبين العرب، مشدداً على أهمية حيادية التقرير الأولي التمهيدي لرئيس البعثة.
وقال مقدسي «إن سوريا تتعرّض لاستهداف ممنهج الهدف منه ضرب استقرار البلاد»، مشيراً إلى أن «هناك وقائع ملموسة توضح ذلك مثل وجود حرب إعلامية ضد سوريا، بالإضافة إلى دخول أسلحة للبلاد من جهات مختلفة». وأضاف «إن هناك جهات كثيرة لا تريد الاستقرار لسوريا حيث إن السلطات السورية قرأت في مجلة «فورين بوليسي» أن هناك محاولات لأجهزة استخبارات، سواء أميركية أم بريطانية، لتسليح أو تقديم دعم لوجستي لمجموعة من المسلحين لضرب استقرار البلاد».
وأكد أن «حل المشكلة السياسية لا بد أن يكون من الداخل»، موضحا أن «هذا هو ما تعمل عليه السلطات السورية»، داعياً «المجتمع الدولي، وخاصة الدول العربية، إلى تخفيف التحريض ومساعدة البلاد للخروج من الأزمة».
وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال انه «نظراً إلى مخاطر التلاعب والإخفاء تبدو كل المساهمات لتعزيز فعالية عمل المراقبين في سوريا مفيدة، ولا سيما مساهمة الأمم المتحدة». وأضاف «نشجع الجامعة العربية على اللجوء إلى كل السبل الممكنة لتعزيز المهمة كي يتمكّن المراقبون من التنقل بحرية على جميع الأراضي السورية وإجراء جميع الاتصالات اللازمة مع المجتمع المدني السوري».
وفي بروكسل، أعلنت وزارة الخارجية البلجيكية أن وزير الخارجية ديدييه ريندرز استقبل على حدة كلاً من رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون ورئيس هيئة التنسيق الوطنية السورية لقوى التغيير الوطني في المهجر هيثم مناع، ودعاهما الى «الاتحاد في مواجهتهما مع النظام السوري».
وفي حين دعا المحتجون إلى تظاهرات اليوم في «جمعة التدويل مطلبنا»، قال رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، لقناة «بي بي سي» البريطانية، «يجب على المراقبين العرب إثبات وجودهم أو مغادرة سوريا». ودعا «الدول الغربية إلى تأسيس منطقة آمنة على الأراضي السورية وفرض منطقة حظر طيران أيضاً». وأعرب عن «أمله في أن تتولى الأمم المتحدة مهمة جامعة الدول العربية بشأن الأزمة السورية».
من جهته، طالب قائد «الجيش السوري الحر» العقيد رياض الأسعد، في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»، الجامعة العربية بإعلان فشلها في سوريا وإحالة الملف السوري إلى الأمم المتحدة.
ورداً على إعلانه أن «السلطات عمدت إلى طلاء بعض الآليات العسكرية بالأزرق وكتب عليها شرطة مكافحة الإرهاب»، قال مسؤول في الجامعة العربية، لوكالة «اسوشييتد برس»، إن المعارضة تصدر أحكاماً مسبقة، مضيفا ان «المراقبين يعرفون ما لدى الجيش والشرطة».
وتظاهر آلاف السوريين في ساحة السبع بحرات وسط دمشق «دعماً لبرنامج الإصلاح الشامل وللتأكيد على القرار الوطني المستقل، رافضين محاولات التدخل الخارجي في شؤون البلاد».
واعلنت دمشق انها اطلقت سراح 552 شخصاً لم «تتلطخ أيديهم بالدماء»، لينضموا الى حوالى 3500 شخص كان أفرج عنهم سابقاً.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد