... ألا يكون أبطال «باب الحارة» قدوة للمراهقين؟
«أن يغيب اللون الأحمر عن بلاد العرب»، هذا كل ما يتمناه عامر مطر في سنته الجديدة 2009. والشاب الذي يدرس في كلية الآداب في جامعة دمشق يأمل بألا يطول الانتظار لوقف مأساة الذبح المتواصل للمواطن العربي في «المناطق الساخنة» كما يحلو لوسائل الإعلام تسميتها، فعام 2008 كان ساخناً إلى درجة أوصلت أطفال غزة في نهايته إلى محرقة يتفرج عليها العالم بأسره صامتاً ومتخاذلاً، لهذا يتمنى عامر أن يغيب الأحمر من أمام عينيه اللتين تلاحقان هذا اللون على كل الشاشات العربية والعالمية. يقول عامر: «اليوم لا نرى إلا بقعاً من غزة تصبغ وسائل الإعلام بلونها وتصبغ الشوارع العربية بالمظاهرات الحمر، في 2008 سال الدم كثيراً في البلدان العربية من خلال الاعتداءات الخارجية والنزاعات الداخلية، لهذا صرت أكره اللون الأحمر ويزيد في كرهي له أنه يشعرني بالتفاوت الاقتصادي الكبير بين أفراد المجتمع السوري. فأمام الدائرة الحمراء المتمثلة في إشارة المرور، أجلس القرفصاء كل يوم في حافلة صغيرة مزدحمة بالركاب، تقف أمام إشارة المرور على خط واحد مع أناس يركبون من الفخامة ما يكفي لإذهالي، فأشعر بظلم اللون الأحمر الذي عبثاً يحاول المساواة بين السوريين».
شباب آخرون يشاركون عامر حلمه بألا يكون المواطن العربي هدفاً لتصفية الحسابات والنزاعات الدولية، غير أن أحلام الشباب السوري في مطلع العام الجديد لا تقف عند تغيير المشهد العربي والدولي ليكون العالم أكثر إنصافاً، وإنما تذهب نحو رسم تفاصيل أمنيات شخصية. فعلاء الدين الخشي (ثانوية عامة) يأمل بأن يدرس هذا العام في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتلك رغبة يتوقع ألا تلقى تشجيعاً من محيطه غير أنه لن يتوقف عن السعي وراءها، كما أنه يحلم بأن يتخلص أطفال سورية من تقمص شخصية أبو شهاب (بطل مســـلســل باب الحارة الشهير) وأن يتوقف أطفال الوطن العربي عن ضرب إخوتهم في الحارات المجاورة. في المقابل يفصح شباب آخرون عن أمنياتٍ تحمل هماً اجتماعياً أكثر من كونها هدفاً حقيقياً يرسمونه في مطلع العام الجديد، من هؤلاء
مثنى ساير (طالب طب في جامعة دمشق) يحلم بألا يطول الشتاء في سورية كثيراً، «لأن المازوت غالٍ جداً وسعره مؤذ أكثر من البرد نفسه».
أما نشوان المرزوق وهو شاب يعمل في مجال التصوير الضوئي فتبدو أمنيته انعكاساً لطبيعة عمله إذ يحلم «بألا يلبس الناس في شوارع دمشق ألوان الليل وما يحمله التراب من بني، لأن دمشق تعيش تشوّهاً لونياً كبيراً»، على حد تعبير الشاب الذي يحلم بأن تعاد هندسة دمشق لونياً وبصرياً بحيث تبدو «مدينة للبشر تخلو فيها اللوحات الجدارية الخالية من أي رسائل سياسية، وتعرض على أرصفتها لوحات الفنانيين».
لينا الجودي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد