أردوغان يعلّق العلاقات العسكرية مع إسرائيل ويلوّح بعقوبات
زاد رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان أمس من حدة المواجهة مع إسرائيل، معلنا انه تم «تعليق كامل» للعلاقات العسكرية معها، وملوحا بإجراءات عقابية أخرى، موضحا أن تركيا ستعزز دورياتها البحرية في شرق البحر المتوسط، وقال انه قد يزور قطاع غزة المحاصر بعد زيارته القاهرة المقررة الاثنين المقبل.
وقال أردوغان، على هامش احتفال في أنقرة لمناسبة بدء السنة القضائية في تركيا، «ابتداء من يوم الغد سنخفض علاقاتنا الدبلوماسية مع إسرائيل إلى مستوى السكرتير الثاني، ونعلق أيضا علاقاتنا التجارية والعسكرية والعلاقات في الصناعات الدفاعية، على أن تتبع بعقوبات مختلفة تماما» غير تلك التي أعلنت الجمعة الماضي، من دون أن يكشف مزيدا من التفاصيل.
لكن اردوغان عاد لاحقا عن هذا التصريح، موضحا أن هذا الإجراء لا يشمل سوى التبادل العسكري. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، «تم تعليق كل الاتفاقات العسكرية بين البلدين وخصوصا كل العلاقات التجارية المرتبطة بالصناعات الدفاعية».
إلا أن احد مستشاري اردوغان حاول توضيح تصريحاته حول تعليق العلاقات، قائلا إن «التعليق يشمل التجارة الثنائية في مجال صناعة الأسلحة وليس التجارة عموما» التي بلغت في العام 2010 حوالى 4 مليارات دولار. وكان وزير الاقتصاد التركي ظافر شغلايان أعلن أن أنقرة لن تتخذ أي إجراءات «في الوقت الراهن» لتغيير العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل.
ووفقا لمعهد «استوكهولم الدولي لأبحاث السلام»، الذي يراقب مبيعات الأسلحة حول العالم، فقد سلمت إسرائيل 170 دبابة تركية أعيد تحديثها إلى أنقرة، في صفقة بلغت قيمتها 688 مليون دولار في الفترة من 2005 إلى 2010. كما باعت تركيا 10 طائرات من دون طيار من طراز «هيرون» في العام 2010 في مقابل 183 مليون دولار.
وكانت تركيا أعلنت مجموعة من العقوبات ضد إسرائيل التي ترفض تقديم اعتذار عن عدوانها البحري الدموي ضد «أسطول الحرية». ومن تلك التدابير طرد السفير الإسرائيلي وتعليق الاتفاقات العسكرية الثنائية، وطلب تدخل محكمة العدل الدولية للنظر في شرعية الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.
واعتبر أردوغان تقرير لجنة «بالمر» حول العدوان على أسطول الحرية «من دون قيمة»، مكررا دعوته إسرائيل إلى الاعتذار والتعويض عن عائلات الضحايا وفك الحصار عن غزة. وكان تقرير «بالمر» اعتبر أن الجيش الإسرائيلي استخدم قوة «مفرطة وغير مقبولة» خلال الهجوم على سفينة «مرمرة»، لكنه «اقر بشرعية» الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على غزة.
وأعلن اردوغان انه قد يتوجه إلى غزة في إطار زيارة ينوي القيام بها من 12 إلى 14 أيلول الحالي إلى مصر، مشيرا إلى انه لم يتخذ بعد أي قرار نهائي. وقال، للصحافيين الذين سألوه هل ينوي أيضا التوجه إلى غزة على هامش زيارته مصر، «نجري مناقشات مع الجانب المصري حول هذا الموضوع. ولم يتقرر شيء حتى الآن».
وقال المتحدث باسم الحكومة المصرية محمد حجازي إن اردوغان سيصل إلى القاهرة في 12 الحالي، لمدة يومين. وأضاف «توجد بضعة اتفاقات سيتم التوقيع عليها»، مشيرا إلى إن الجانبين سيبحثان التنسيق السياسي والعلاقات الاقتصادية. وذكرت صحيفة «صباح» التركية أن أردوغان يوقع خلال زيارته مصر اتفاقية عسكرية مع القاهرة واتفاقيات في التعاون الاستراتيجي بين البلدين في المجالات العسكرية والاقتصادية.
ورحب المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري بقرار التعليق الكامل للعلاقات العسكرية والتجارية مع إسرائيل وإعلان اردوغان نيته زيارة غزة، مضيفا «نأمل إتمام الزيارة في القريب». وسيحضر اردوغان أيضا اجتماعات الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث من المتوقع أن يناصر الجهود الفلسطينية للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة.
وأكد اردوغان أن إسرائيل «دائما ما تصرفت تصرف ولد مدلل. وهي تفترض أن الامور ستظل دائما على هذه الحال». وأعلن أن وجود السفن التركية «سيزداد في منطقة» شرق المتوسط حيث حصل الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية. وقال، في إشارة إلى قاعدتين بحريتين تركيتين، «ان شرقي البحر المتوسط ليس مكانا غريبا علينا. اكساز والاسكندرون هذان المكانان لديهما القوة والفرصة لتوفير مرافقة بحرية». وأضاف «بطبيعة الحال فإن سفننا ستشاهد بصورة أكثر تكرارا في تلك المياه».
وذكرت وسائل الإعلام التركية ان أردوغان عقد اجتماعا مع رئيس الأركان الجنرال نجدت اوزيل لبحث التطورات مع إسرائيل. وقال بعض المعلقين الأتراك والإسرائيليين إن تركيا قد تستخدم العداء مع إسرائيل لتعزيز الدوريات البحرية في المنطقة بين إسرائيل وجزيرة قبرص. وشكت تركيا بشأن صفقات بين قبرص اليونانية وإسرائيل للبحث عن النفط في البحر المتوسط.
وفي واشنطن، اعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان التوتر المتزايد بين اسرائيل وتركيا، وهما حليفتان للولايات المتحدة، «يقلق» ادارة الرئيس باراك اوباما. وقالت المتحدثة في تصريح صحافي «نحن قلقون ازاء الوضع الحالي للعلاقة» بين البلدين، وواشنطن تعمل لدى الطرفين لتسهيل «وقف التدهور» و«تجنب المواجهات في المستقبل». واضافت المتحدثة ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون دعت الى الشيء نفسه خلال لقائها الاسبوع الماضي في باريس نظيرها التركي احمد داود اوغلو، مشيرة الى ان الادارة الاميركية «اجرت حوارات عدة خلال الايام القليلة الماضية» مع اسرائيل بشأن هذه الازمة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، في تصريحات أذيعت قبيل تصريحات اردوغان، «إسرائيل وتركيا الأقوى، وهما الدولتان الأكثر أهمية من عدة أوجه في الشرق الأوسط». وأضاف، خلال جولة في قاعدة عسكرية في مرتفعات الجولان السوري المحتل، «حتى عندما تكون بيننا خلافات، وبيننا عدة خلافات، فان علينا التصرف بدافع من العقل لا العاطفة والانفعال، وأوصي أنفسنا وجيراننا الأتراك بذلك بشدة. سيعود ذلك بالنفع علينا جميعا وعلى استقرار المنطقة».
وقال مسؤول الشؤون السياسية والأمنية في وزارة الدفاع عاموس جلعاد، للإذاعة العامة، «لا توجد قطيعة مع تركيا، والدليل هو أن ملحقنا العسكري في أنقرة باق في منصبه وان الخدمات القنصلية ما زالت تعمل». وأضاف «لا بد من إيجاد حل لهذه الأزمة من خلال استخدام هامش مناورة باق، وخصوصا من خلال دور لحلف شمال الأطلسي وعلاقات تركيا مع الولايات المتحدة وأوروبا». ورأى «أن تركيا ستخسر الكثير بانتهاجها سياسة متطرفة».
وقال مسؤول إسرائيلي إن «الحكومة تعمل كل ما بوسعها لتحاول وضع حد للعلاقات المتدهورة، وعدم جعل الأمور أسوأ من خلال الدخول في حرب كلامية مع تركيا». وأضاف إن «الحكومة قلقة من الإجراءات التي أعلنها اردوغان» بعد أيام من إعلان أنقرة طرد السفير الإسرائيلي وقطع كافة العلاقات العسكرية. وأشار إلى أن إسرائيل تجري محادثات حاليا مع أطراف مختلفة لإمكانية احتواء الوضع، لكنه أوضح أن «الحكومة لم تتوصل إلى قرار بعد عن كيفية تصرفها إذا اقتنعت بان الوضع غير قابل للإصلاح».
ووصف رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين مطالبة أنقرة إسرائيل بتقديم اعتذار رسمي بأنها طلب «غير لائق». ونقلت «يديعوت احرونوت» عن ريفلين قوله «ما يطالبوننا به هو طلب غير أخلاقي وغير قانوني بموجب القانون الدولي».
وقالت زعيمة حزب «كديما» المعارضة تسيبي ليفني إنه «يتعين على تركيا أن تكون جزءا من معسكر السلام»، معتبرة أنه «لن يكون بوسعها ذلك بتعاملها مع حركة حماس». وأضافت أن «لإسرائيل وتركيا مصلحة في احتواء الأزمة، ويتعين على قيادتي الدولتين عدم إطلاق تصريحات علنية، وإنما حل المشاكل وراء أبواب مغلقة».
إلى ذلك، هبط الشيكل الإسرائيلي لأدنى مستوى في ستة أشهر أمام الدولار، بفعل تدهور علاقات إسرائيل مع تركيا وتوقعات متزايدة بألا يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة في المدى القريب بل ربما يخفضها. وجرى تداوله عند 3,6 شيكلات للدولار، وهو أقل مستوى منذ 25 شباط الماضي.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد