أردوغان يحط في دمشق حاملاً رسالة سلام أولمرت
لم يحظ المسعى التركي بين سوريا واسرائيل باهتمام استثنائي في الأوساط الاعلامية التركية، بل تفاجأ البعض كيف يمكن لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أن يخصص وقتا لهذا المسعى في خضم أصعب وضع يواجهه على الصعيد الداخلي ويهدد مستقبله السياسي.
في جميع الأحوال، سجلت أنقرة للمرة الأولى حضورا غير عادي في قضية حساسة ومعقدة مثل الصراع العربي الاسرائيلي. وبلغ الأمر بصحيفة «صباح» ليكون عنوانها الرئيسي امس هو «اسم السلام: تركيا». لكن التساؤل لماذا تركيا لا أميركا، قد يلقي بظلال على ما قد ينتهي اليه المسعى التركي وفقا لبعض التعليقات.
الوساطة التركية ليست جديدة بين اسرائيل وسوريا. فقد أعلن أكثر من مرة لكن بصورة غير رسمية أن الرئيس التركي عبد الله غول كان هو الذي يقود هذه الوساطة عندما كان وزيرا للخارجية. والمعلومات المتداولة مؤخرا كانت تشير الى كبير مستشاري رئيس الحكومة و«منسق» السياسة الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو على أنه يتنقل بين اسرائيل وسوريا لهذا الخصوص.
وكان متوقعا أن يعمد غول بعد وصوله للرئاسة، الى التركيز أكثر على الوساطة، على اعتبار أن مشاغله في الرئاسة أقل منها في وزارة الخارجية. لكن المفاجأة أن يُعلن أن أردوغان هو صاحب الوساطة منذ أكثر من سنة. ولا يعرف إن كان لذلك ارتباط بالتطورات الداخلية التركية والعمل على تعزيز وضع حزب العدالة والتنمية في مواجهة خصومه ومن يسعون لحظره عبر تحقيق إنجاز بارز في السياسة الخارجية. وهذا ليس بجديد بعد الخطوة الكبيرة التي قام بها غول نفسه في تشرين الثاني الماضي، عندما جمع في «كمب دايفيد تركي» في أنقرة إيهود أولمرت ومحمود عباس.
ستكون زيارة رئيس الحكومة التركي اليوم الى دمشق واجتماعه بالرئيس بشار الأسد مناسبة مهمة للكشف عن تفاصيل إضافية عن الوساطة التركية. وقد ذكرت صحيفة «صباح» التركية أن السلام بين سوريا واسرائيل سيكون الموضوع الرئيسي على جدول المباحثات بين الرجلين، رغم أن المتحدث باسم أردوغان محمد عاكف باقي، قال ان «أي تصريح قبل الزيارة ليس مناسبا ولنترك الأمر لما سيصدر عنهما».
ووصف المعلق البارز في الشؤون الخارجية في صحيفة «ميللييت» سامي كوهين، الوساطة التركية بأنها «اليوم وفي ظل الصورة السوداء في الشرق الأوسط هي الأمل الوحيد لتحقيق السلام. ولكن الأهم هو عدم تضييع هذه اللحظة». أما بالنسبة لتركيا، فيقول كوهين إن الأهم هو «أنها اللاعب الأساس في هذه المرحلة. وهذا ليس مفاجئا لأنها على علاقة جيدة بالطرفين وتحظى بثقتهما، وهذا نتيجة للمبادرات المتعددة للدبلوماسية التركية في أوقات سابقة».
غير أن كوهين يرى أن هذه المهمة ستكون «صعبة جدا. فالعملية لا تزال في بدايتها والشيطان يكمن في التفاصيل. اذ لا بد من إيجاد حلول للترتيبات الأمنية ومصادر المياه والمستوطنات وعلاقة دمشق بحماس وحزب الله. ولا نعرف بعد ما اذا كانت الوساطة التركية قد نزلت الى هذه التفاصيل ام لا. لكن كوهين ذكّر بتصريح للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر بأن 85 في المئة من هذا القضايا عليه اتفاق. وينهي كوهين مقالته بالقول ان تصريح الأسد بأن اسرئيل جاهزة لإعادة الجولان في مقابل السلام خبر كبير، والوساطة التركية منذ الآن فصاعدا أصبحت رسمية».
وفي صحيفة «حرييت»، كتبت فرائي تينتش أن التصريحات الأخيرة عن الوساطة التركية «خطوة مهمة تغذي الأمل بالسلام. وهي تظهر أنها تتلقى دعما دوليا أكبر بكثير مما كان يظن. ومع أن هذه الخطوة ليست كافية للسلام في الشرق الأوسط»، كما تقول تينتش، إلا أنها «أشاعت مناخا ربيعيا في المنطقة».
غير أن تينتش تتوقف عند توقيت إعلان واشنطن تفاصيل الغارة على سوريا في ايلول الماضي مع إعلان أولمرت استعداده للتخلي عن الجولان، حيث كان رئيس الوزراء الاسرائيلي لا يريد من أميركا الكشف عن ذلك حتى لا يضعف موقف الأسد تجاه الحرس القديم المحيط به. وبالتالي، تقول الكاتبة إن «مثل هذا الوضع يضرب التقارب السوري الاسرائيلي حتى قبل أن يبدأ».
يذكر أن الاجتماع التحضيري لمجلس الشراكة السوري التركي ناقش في دمشق امس سبل توسيع التعاون بين البلدين في التجارة والنقل البري والبحري والجوي والكهرباء والنفط والجمارك، قبل يوم واحد من بدء أعمال الملتقى الاقتصادي للبلدين اليوم.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد