سيناريو التمرد الأردني والتحذيرات الأمريكية
الجمل: أصبحت كل القوى الدولية والإقليمية أكثر اهتماماً بطبيعة وتداعيات جولة الحدث السوري الجديدة المتوقع حدوثها خلال شهر رمضان الكريم الذي تبقت لحلوله بضعة أيام، وفي هذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات بأن محور واشنطن ـ تل أبيب قد بدا أكثر خوفاً من المعطيات الدالة لجهة أن صدام القاطرة السورية سوف يؤدي إلى إشعال الساحة السياسية الأردنية: فما هي طبيعة التداعيات على الساحة الأردنية. وما هي مقاربة محور واشنطن ـ تل أبيب لطبيعة المخاطر المحدقة بالنظام الملكي الأردني.
* التحذيرات المخابراتية الأمريكية ـ الإسرائيلية للنظام الملكي الأردني
تقول المعلومات والتسريبات بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد سعت خلال هذا الأسبوع لجهة فرض المزيد من الضغوط على الملك الأردني عبد الله الثاني من أجل أن يحمل محمل الجد التداعيات التي سوف تتعرض لها المملكة الأردنية بسبب صدام قاطرة السلطة ـ المعارضة الوشيك الحدوث خلال شهر رمضان الكريم الذي أصبح على الأبواب:
• أعدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تقريراً تحذيرياً تم تسليمه للعاهل الأردني الملك عبد الله.
• أعد مجلس الأمن القومي الأمريكي، تقريراً تحذيرياً تم تسليمه للعاهل الأردني الملك عبد الله.
هذا، وأشارت التسريبات إلى أن فرضية التقارير المخابراتية ـ الأمنية الأمريكية، ركزت على مقاربة واحدة لتداعيات الحدث السوري على المملكة الأردنية، تقول: إن صدام القاطرة السورية سوف يكون مثل إلقاء حجر ضخم على بركة مياه هادئة. الأمر الذي سوف يؤدي إلى إطلاق موجات هائلة في المنطقة. وبسبب هشاشة النظام السياسي الملكي الأردني، فإن تأثير هذه الموجات سوف يكون مدمراً.
وفي هذا الخصوص، أشارت التقارير الأمريكية إلى أن خطر تقويض استقرار النظام الملكي الأردني، سوف لن يكون بفعل قيام دمشق بإعداد وتنفيذ مؤامرة ضد ملك الأردن، ولا بفعل قيام المعارضة السورية بإعداد وتنفيذ مؤامرة ضد ملك الأردن، وإنما سوف يكون حصراً بسبب تأثير الصدمة على المعطيات الأردنية الداخلية، والتي سوف ترتفع حرارتها وسوف تصل خلال فترة قصيرة إلى نقطة الغليان الهائلة؛ وفي هذا الخصوص، أشارت التقارير إلى نوعين من مصادر الغليان الأردني الداخلي الوشيك:
• المصدر الأول: سعت المعارضة السياسية الإسلامية الأردنية والقبائل والعشائر الأردنية المرتبطة بها إلى دعم المعارضة السياسية الإسلامية السورية، والآن، بدأت المعارضة السياسية الإسلامية الأردنية وحلفاءها الداخليين طرح السؤال القائل: إن المعارضة الإسلامية الأردنية هي الأولى بتوظيف هذه القدرات لجهة حسم المواجهة التي طالت مع النظام الملكي الأردني، وبالتالي لماذا لا تشرع المعارضة الإسلامية الأردنية بذلك في ظل توافر الاضطرابات الشرق أوسطية، طالما أن الانتظار سوف يؤدي إلى فوات الأوان وضياع الفرصة؟
• المصدر الثاني: أصبحت فعاليات الحركات الإسلامية، وبالذات جماعة الإخوان المسلمين في حالة صعود متزايد، وبالتالي فمن المتوقع أن تسعى جماعة الإخوان المسلمين الأردنية إلى إسقاط سيناريو فعاليات حركة الإخوان المسلمين السورية بحذافيره في الأردن، وفي هذا الخصوص تقول التسريبات بأن عناصر ورموز جماعة الإخوان المسلمين الأردنية أصبحوا أكثر اهتماماً بطرح السؤال القائل: لقد دعمنا وتبنينا بالرعاية حركة الإخوان المسلمين السورية بما أتاح لها النهوض وإشعال المواجهات مع دمشق، فلماذا لا نسعى نحن بإشعال المواجهات ضد "عمّان الملكية" بما يؤدي إلى تحويلها إلى "عمّان الإسلامية".
هذا، وتشير كل الحسابات إلى أن انتقال عدوى صدام القاطرة السورية، سوف يؤدي بالضرورة إلى انتقال المزيد من الصدمات بما سوف يشمل بالضرورة ليس الأبعاد السياسية والأمنية المتعلقة بوجود واستمرار النظام الملكي الأردني وحسب، وإنما المتعلقة أيضاً بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الأردنية.
* إسرائيل وإشكالية الصدمة الأردنية: السيناريو وخيارات السيناريو المضاد
سوف يترتب على سيناريو صدام القاطرة السورية، سيناريو الزلزال الأردني، والذي سوف ينظر إليه الإسرائيليون باعتباره الحدث الأكثر خطورة على أمن ووجود إسرائيل، وذلك لأن التحول الانتقالي من عمّان الملكية إلى "عمّان الإسلامية"، معناه أن كل الحركات الأصولية الإسلامية سوف تسعى إلى حشد وتعبئة فعالياتها الجهادية في الأردن.
تقول الحسابات، بأن التحول الانتقالي من عمّان الملكية إلى عمّان الإسلامية، سوف تبدأ زلازله وحركات صفائحه التكتونية، بعد انتهاء فعاليات صدام القاطرة السورية، وفي هذا الخصوص تشير المعطيات إلى الآتي:
الخيار الأول: في حال نجاح الإسلاميين السوريين في المواجهة الرمضانية، فإن الخطوة الثانية مباشرة سوف تكون هي: دعم الإسلاميين الأردنيين من أجل تحقيق سيناريو الانتقال من عمّان الملكية إلى عمّان الإسلامية، خاصة أن الإسلاميين السوريين يدينون بالمزيد من مشاعر العرفان والولاء للإسلاميين الأردنيين الذين قدموا لهم الدعم والسند طوال الحقب الماضية وحتى الآن.
الخيار الثاني: في حالة فشل الإسلاميين السوريين في المواجهة الرمضانية، فإن الخطوة الثانية مباشرة سوف تكون هي: الانسحاب التكتيكي لجهة التمركز مرة أخرى في الأردن، والعمل على تغيير خارطة طريق الصعود الإسلامي في المنطقة، بحيث يتم التخلي عن خيار استهداف دمشق واستبداله بـ(الهدف البديل) المتمثل في استهداف عمّان وتحقيق الانتقال من عمّان الملكية إلى عمّان الإسلامية.
تشير المعطيات المتعلقة بحسابات توازن القوى الخاصة بمواجهة صدام القاطرة السورية إلى أن الخيار الأول الذي يفترض نجاح الإسلاميين السوريين هو خيار ضعيف الاحتمال، وذلك لأن القوام الدولاتي المؤسساتي السياسي العسكري الأمني السوري غير قابل للانقسام، إضافة إلى أنه أصبح أكثر تماسكاً بسبب بروز جماعة الإخوان المسلمين السورية كقوة قائدة للمعارضة السورية.
أما الخيار الثاني الذي يفترض عدم نجاح الإسلاميين السوريين في الصعود إلى السلطة، فهو الخيار الأكثر احتمالاً، خاصةً أن مواجهة صدام القاطرة السورية لن تكون هذه المرة من النوع المنخفض الشدة ومن المحتمل أن تتصاعد لتأخذ شكل المواجهة المرتفعة الشدة، وذلك لعدة أسباب، منها:
• لقد سعت دمشق إلى التعامل بهدوء وبشكل منخفض الشدة خلال الفترة الماضية، ووعدت بإنجاز الإصلاحات، وبرغم رفض المعارضة للحوار والتفاهم، مضت دمشق قدماً، فأصدرت قانون الأحزاب وأعقبته فوراً بقانون الانتخابات، الأمر الذي يبطل كل المزاعم القائلة بأن دمشق لا تريد الإصلاح.
• لقد سعت المعارضة إلى التعامل بسلبية وتصعيد مرتفع الشدة خلال الفترة الماضية، بما في ذلك استخدام المسلحين، والقيام باستهداف القطارات وخطوط نقل شبكات الكهرباء، وإدخال المقذوفات الصاروخية والأسلحة المتطورة، والقتل الانتقائي وعمليات التطهير العرقي كما في حالة "جبل الزاوية". وأكدت المعارضة أنها سوف تسعى لخوض المواجهة الحاسمة خلال أيام شهر رمضان. وبكلمات أخرى، لقد اختارت المعارضة توقيت المواجهة، ومكان المواجهة. ووسائط المعارضة. وفي هذه الحالة سوف لن يكون أمام دمشق، سوى أن تتوكل لجهة خوض المواجهة التي فرضت عليها فرضاً.
تقول التوقعات، بأنه بعد أن تنتهي مواجهة صدام القاطرة السورية، وينجلي غبار المعركة وتمر أيام عيد الفطر، سوف تبدأ فعاليات سيناريو الزلزال الأردني، الذي سوف يتضمن مواجهة التحول الانتقالي من عمّان الملكية إلى عمّان الإسلامية وفي هذا الخصوص، تشير المعلومات والتحليلات إلى النقاط الآتية:
• العرش الملكي الهاشمي سوف يواجه خطر تحديات وجوده واستمراره.
• إسرائيل سوف تواجه التحدي الأكثر خطورة والذي سوف يتضمن تحول الساحة الأردنية إلى كتلة جهادية إسلامية شديدة الاشتعال والغليان.
• السلطة الفلسطينية سوف تواجه التحدي الأكثر خطورة، وذلك لأن التحول من عمّان الملكية إلى عمّان الإسلامية، سوف يؤدي إلى حدوث تحول مواز من "رام الله أوسلو" إلى "رام الله الجهادية الإسلامية".
أشارت التخمينات إلى أن اشتعال الساحة السياسية الأردنية قد أصبح مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، وبغض النظر عن نتائج صدام القاطرة السورية، فإن الحركات الإسلامية سوف تجد نفسها أمام خيار وحيد لا مهرب منه وهو: لا بد من عمّان وإن طال السفر.
بالنسبة لملامح وخطوط سيناريو الزلزال الأردني، يمكن الإشارة إلى الآتي:
• التوقيت الأكثر احتمالاً لحركة الصفائح التكتونية الأردنية سوف يكون في شهر أيلول (سبتمبر) 2011م القادم، عندما يتقدم الفلسطينيون بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة وتقوم واشنطن وحلفاءها بعرقلة المشروع، وهو الأمر الذي سوف يقود إلى تصعيد حالة الغليان والغضب العارم في الضفة الغربية والأردن.
• رد الفعل الإسرائيلي الانتقامي والأمريكي الانتقامي إزاء الطلب الفلسطيني سوف يؤدي إلى إذكاء وقود نيران الغضب الشعبي.
• اهتمام الحركات الإسلامية الشرق أوسطية، وبالذات حركة الإخوان المسلمين المصرية والسورية والجماعات السلفية العراقية والسعودية والخليجية إضافة إلى الحركات الإسلامية الأردنية سوف يركز بقدر أكبر على ملف الخطر الإسرائيلي. الأمر الذي سوف يؤدي بالضرورة ليس إلى تخفيف ضغط الحركات الإسلامية السورية على دمشق، وإنما إلى المزيد من النتائج، والتي من أبرزها:
ـ انتقال المزيد من العناصر الجهادية التي تم تسريبها إلى سوريا باتجاه الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة وذلك طلباً للجهاد ضد الصهيونية، بحيث إما النصر من عند الله أو الشهادة في سبيل الله.
ـ سعي الحركات الإسلامية والعناصر الجهادية لجهة دعم كل من يقف إلى جانب الجهاد من أجل فلسطين. وسوف يكون في مقدمة الداعم عدد لا بأس به من خصوم إسرائيل في المنطقة. ولا داعي لذكر الأسماء، لأن إسرائيل وحلفاءها في المنطقة يعرفون جيداً من هو الداعم الرئيسي لمسيرة الكفاح والنضال والجهاد ضد الإسرائيليين.
إضافة لذلك، تحدثت التسريبات عن مدى اهتمام الإسرائيليين بالتداعيات الوشيكة لصدمات تفاعلات الحدث السوري الإقليمية، وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى الآتي:
• طلبت واشنطن وتل أبيب من العاهل الأردني الملك عبد الله بضرورة أن لا يتعامل بهدوء مع حركة الاحتجاجات الأردنية، وبالتالي فمن الواجب عليه أن يسعى لاعتماد طريقين لا ثالث لهما، وهما: الأول استخدام العنف المفرط بما يؤدي إلى إسقاط أكبر قدر من الضحايا في أوساط المحتجين، والثاني هو القيام بتنفيذ أكبر ما يمكن من الإصلاحات الجادة وبمصداقية عالية.
• بدأت إسرائيل بإجراء سلسلة من التدريبات والمناورات المكثفة القائمة على أساس اعتبارات الفرضية القائلة: سوف تشهد الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة، عمليات اضطراب وفوضى وأعمال عنف واسعة النطاق خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2011م القادم، بعد أن تتم عرقلة مشروع الاعتراف الدولي بقيام الدولة الفلسطينية وبالتالي يتوجب على القوات الإسرائيلية أن تتدرب على كافة الاحتمالات.
تشير المعطيات، إلى أن الخيارات الإسرائيلية المطروحة أمام الطاولة لجهة احتواء اضطرابات الضفة الغربية ـ الأردن، هي خيارات تتضمن كافة الاحتمالات بما في ذلك خيار اقتحام القوات الإسرائيلية لكامل الأراضي الأردنية، سواء وافق العاهل الأردني أم لم يوافق، وذلك لأن قيام القوات الإسرائيلية بحماية إسرائيل من خطر الزوال، والدمار الكامل هو واجب لا يحتاج الإسرائيليين أن يأخذو حوله إذناً أو تصريحاً من أي طرف، حتى لو كان أمريكا.
تحدثت آخر التسريبات، بأن واشنطن وإسرائيل قد طالبتا العاهل الأردني بضرورة أن يسعى إلى تطبيق إصلاحات سياسية عاجلة تتضمن الآتي:
• عقد شراكة مع الإسلاميين الأردنيين بحيث يتم إعطاءهم المزيد من المقاعد البرلمانية والمزيد من المناصب الوزارية والرسمية، وذلك على النحو الذي يدفع الإسلاميين إلى عدم معاداة العاهل الملكي الأردني.
• احتفاظ العائلة المالكة الأردنية بالمفاتيح السياسية والسيادية الأساسية، بما يتيح لها قدرة السيطرة على الأوضاع إذا سعى الشركاء الإسلاميين لجهة الانقلاب على الملك.
تبقت بضعة أيام على دورة العنف الرمضانية ولحظة صدام القاطرة السورية، وحالياً أصبح هناك إما خيار الإصلاح، أو خيار المواجهة، وفي حالة خيار الإصلاح فإن التفاهم والحوار وانفتاح المشاركة هو مفتاح الحل الأساسي لاستقرار كامل منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك المملكة الأردنية الهاشمية. ولكن، في حالة خيار المواجهة، فإن انهيار دمشق هو غير وارد وفقاً لكل الحسابات الاستراتيجية والتكتيكية. وبالتالي، فإنما سوف يترتب على ذلك هو موسم هجرة الجهاديين للمملكة الأردنية الهاشمية. خاصة وأنهم يعرفون أكثر من غيرهم أن خارطة طريق تحرير قبة الصخرة والمسجد الأقصى ثاني الحرمين الشريفين الذي صعد منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء، هي خارطة طريق تمر بالضرورة عبر الأردن. وإذا كانت سوريا قد حزمت أمرها على حسم المواجهة التي فرضتها واشنطن وتل أبيب وعمان، والرياض والدوحة، وباريس ولندن عليها، فإن على عمّان أن تحزم أمرها على حسم المواجهة التي فرضتها هي بنفسها على نفسها. وبرغم ذلك، فإن دمشق سوف تظل أكثر اهتماماً بدعم أمن واستقرار الأردن، وبالتالي لن تقوم بتطبيق استراتيجية تحويل الصدمة إلى عمّان الشقيقة، وبكلمات أخرى أكثر وضوحاً: لقد سعت واشنطن وإسرائيل ومعها بعض الأطراف السعودية واللبنانية والأردنية لجهة تحويل المسلحين الجهاديين إلى داخل سوريا، بعضهم نقلته القوات الأمريكية سراً من العراق إلى داخل سوريا، وبعضهم نقلتهم بعض الأطراف اللبنانية إلى داخل سوريا. والبعض الآخر نقلتهم عمّان سراً إلى داخل سوريا، وبعد بضعة أيام سوف يصبح هؤلاء جميعاً في أيدي دمشق، والتي سوف لن تقوم باستخدامهم فيما يؤذي الأشقاء. وبالتالي من غير الوارد أن تقوم بتسليحهم ونقلهم إلى داخل أراضي المملكة لكي يشاركوا في فعاليات أيلول سبتمبر القادم! وذلك على أمل أن تطغى روح الحوار والتفاهم على روح التصعيد المدمر والدماء!
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
لالالا مافي مؤامرة شو عم نحكي نحنا هاي ثورة حرية وكرامة!!تفيه
تحضيرات مسبقة
إضافة تعليق جديد