قمة دمشق في منظور معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
الجمل: جاءت رؤية اللوبي الإسرائيلي لقمة دمشق العربية ضمن تحليل أعده اليهودي الأمريكي ديفيد شينكر، ونشره الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في ورقة الرصد السياسي رقم 1360 التي حملت عنوان «قمة دمشق العربية: انقسامات عربية تؤدي لإنجازات متواضعة».
* توصيف ورقة الرصد السياسي رقم 1360:
يتولى ديفيد شينكر منصب مدير السياسات العربية بمعهد واشنطن، إضافة إلى عمله بمكتب وزير الدفاع الأمريكي كخبير استشاري في شؤون سوريا ولبنان والأردن وفلسطين.
تعرضت ورقة الرصد السياسي لموضوع القمة العربية ضمن خمسة نقاط، يمكن استعراضها على النحو التالي:
• المقدمة: تنعقد القمة العربية العشرون في دمشق، وقد ألقت عليها ظلال الخلافات المتعلقة بالدور السوري في تقويض الانتخابات الرئاسية اللبنانية، ودعوة دمشق لإيران بالحضور، وبسبب هذه التطورات فإن العديد من البلدان العربية قد قللت مستوى تمثيلها في اجتماع القمة، وبالتالي، على خلفية هذه التطورات، فإن القمة العربية العشرين ستكون مثل القمم التي سبقتها لجهة أنها ستفشل في إنجاز أجندتها الطموحة.
• لبنان يلقي الظل: بعد خلاف طويل بين اللبنانيين المعارضين والمؤيدين لسوريا، تم التوصل إلى تسوية تتضمن انتخاب ميشيل سليمان قائد الجيش اللبناني رئيساً للجمهورية، ولكن القوى اللبنانية المؤيدة لسوريا رفضت المبادرة العربية وسحبت تأييدها للعماد سليمان. حاولت السعودية ومصر استخدام القمة العربية كوسيلة للضغط على سوريا من أجل حل الأزمة اللبنانية، ولكن سوريا رفضت الاستجابة معلنة أنها لن تتخلى عن مواقفها ومصالحها من أجل أن تنجح القمة
• التأثرات على حضور القمة: أثرت الخلافات حول لبنان ودعوة إيران على حضور ومستوى التمثيل في قمة دمشق، فلبنان لن يحضر القمة، ومصر والسعودية والمغرب واليمن ودول أخرى قررت تخفيض مستوى تمثيلها.
• كيف نقيم الاجتماع: تحتوي أجندة الاجتماع على العديد من القضايا النقاشية، والتي تتراوح من إدانة الأسلحة النووية الإسرائيلية إلى الأزمة الإنسانية في دارفور، وكما جرت العادة فقد تم تجميع الأجندة في الأسابيع التي سبقت الاجتماع وقد تمت الصياغة النهائية لها خلال 11 و13 آذار الحالي في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراقي. وقد قسمت الأجندة إلى مواضيع تتعلق بـ:
* لبنان: التأكيد على حق حزب الله التمسك بسلاحه، والتوصية بالتوافق على حل أزمة الرئاسة اللبنانية عن طريق المبادة العربية:
* سوريا: التأكيد على التضامن معها ورفض العقوبات والضغوط والجهود الهادفة لعزلها.
* المسألة الفلسطينية: المطالبة بالوحدة الفلسطينية.
* العراق: رفض التدخل الخارجي في الشؤون العراقية، وإعادة التمثيل الدبلوماسي العربي إلى العراق.
* الإمارات العربية المتحدة: تأييد موقف الإمارات في النزاع من أجل الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
• الاستنتاجات:
* تميز اجتماعات القمم العربية بالتاريخ الطويل من الخلافات، وقمة دمشق لن تكون بعيدة عن هذا المعيار.
* تميز القمم العربية السابقة بـ"الخلافات" العربية البينية، كما هو الحال بين السعودية وليبيا، ولكن قمة دمشق الحالية تتميز عن غيرها بـ"الانقسامات" العربية المتعلقة باهتمامات الأمن القومي العربي.
* تنظر الأطراف العربية إلى لبنان باعتباره يمثل موضوعاً خلافياً إقليمياً لجهة دور طهران المتزايد في السياسات العربية، وهو دور يهدد استقرار "المعتدلين العرب" يعلى المدى الطويل الأجل.
* تسعى دمشق لإنجاح القمة واستخدامها كمسمار جديد في نعش الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لعزلها والضغط عليها.
* الدول العربية التي قاطعت أو قللت تمثيلها في القمة تقف إلى جانب واشنطن المعارض لإعادة إدماج دمشق ضمن المجموعة العربية.
* الجانب الآخر من تحليل ديفيد شينكر:
برغم سطحية المعلومات التي أوردتها ورقة الرصد السياسي التي أعدها شينكر خبير اللوبي الإسرائيلي في الشؤون السورية واللبنانية، إلا أن القراءة في الجانب الآخر "غير المعلن" توضح المؤشرات الآتية:
• التأكيد على أن عدم حضور زعماء مصر، السعودية، الأردن، المغرب، وآخرين كان استجابة للجهود الأمريكية. بكلمات أخرى، لقد نجحت الدبلوماسية الأمريكية في توجيه القرار السيادي العربي في هذه الدول.
• التأكيد على أن "المعتدلين العرب" لم يعد مجرد تجمع سياسي من الأنظمة التي تهدف إلى محاربة التطرف ودعم الحوار والمسار التفاوضي في الصراع العربي – الإسرائيلي، وإنما هو تجمع يعمل كأداة دبلوماسية أمريكية. بكلمات أخرى، الأداء السلوكي لزعماء المعتدلين العرب لم يعد يتطابق مع مواصفات أداء الزعماء السياسيين وإنما يتطابق مع أداء الدبلوماسيين الأمريكيين وغيرهم من الموظفين في الخارجية الأمريكية والعاملين تحت إشراف وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس.
• إن استجابة المعتدلين العرب للمطالب الأمريكية تمثل سابقة خطيرة في الدبلوماسية العربية بحيث لم يعد التأثير الأمريكي يمثل مجرد إصدار البيانات المشتركة في العلاقات الثنائية بين واشنطن ودول المعتدلين العرب، وإنما أصبح هذا التأثير يتجسد في تحركات ومواقف عملية – سلوكية دبلوماسية، تهدف في ظاهرها إلى التأثير على الأطراف العربية المستقلة الإرادة مثل سوريا، وفي باطنها تقويض العمل العربي المشترك.
• استجابة المعتدلين العرب للمطالب الأمريكية تنقل المزيد من الرسائل والإشارات الواضحة إلى إسرائيل مفادها أن الجامعة العربية والعمل العربي المشترك لم يعد له أي أهمية في نظر المعتدلين العرب، وبالتالي فإن على إسرائيل أن تفهم أن بإمكانها التحرك في المنطقة بحرية أكبر دون خوف أو وجل من القوام العربي المحيط بها، لأنه لم يعد متماسكاً كما كان من قبل.
• انتقلت عدوى الكيل بمكيالين، واستخدام المعايير المزدوجة إلى العالم العربي، بحيث أصبح زعماء المعتدلين العرب يتحدثون حول سوريا والمقاومة اللبنانية والفلسطينيين بنفس طريقة المحافظين الجدد:
* إدارة بوش تتذرع بالضغط على دمشق من أجل تغيير سلوكها والمعتدلين العرب يتذرعون اليوم بالضغط على دمشق من أجل تغيير سلوكها.
* إدارة بوش تتذرع باتهام دمشق بأنها تتدخل في لبنان والمعتدلين العرب يتذرعون بتدخل سوريا في لبنان.
* إدارة بوش تطالب سوريا بـ"التعاون" من أجل أن يتم انتخاب الرئيس اللبناني الجديد بالضغط على حلفاء سوريا من أجل السير وراء ركب قوى 14 آذار الحليف لأمريكا والمتواطئ مع إسرائيل والمعتدلين العرب يطالبون سوريا بنفس الشيء.
القراءة في الجانب الآخر من الورقة تكشف تماماً إلى أن الفرق لم يعد كبيراً بين ما يطالب به المعتدلون العرب وبين ما كان وما ظل يطالب به ديفيد وولش المبعوث الأمريكي في لبنان، والسفير الأمريكي في لبنان ساترفيلد وغيرهما.
التأكيد على نجاح تغلغل اللوبي الإسرائيلي في دوائر صنع واتخاذ قرار السياسة الأمريكية الشرق أوسطية لم يأت هذه المرة من واشنطن وإنما من عواصم المعتدلين العرب التي أصبحت عملية اتخاذ وصنع القرار الوطني والقومي العربي فيها تخضع لمنطق المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين وغير ذلك من مفردات زعماء اللوبي الإسرائيلي ومراكز دراسات المحافظين الجدد وتقارير مجلس الأمن القومي الأمريكي حول الشرق الأوسط التي يشرف على إعدادها اليهودي – الأمريكي الليكودي المتطرف إيليوت إبراهام.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد