عشر سنوات و لا يزال الكذب مستمرا

26-03-2013

عشر سنوات و لا يزال الكذب مستمرا

الجمل - *واين مادسين- ترجمة: رندة القاسم:

في الذكرى العاشرة لليوم الذي كانت فيه أميركا تفكر بأسباب منافية للعقل من أجل مهاجمة و احتلال العراق ، أي 20 آذار 2003، كانت ال CNN و محطات أخرى تلفق قصصا زائفة عن استخدام سوريه لأسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين. فقبل عشر سنوات صور صدام حسين كبعبع عالمي لامتلاكه أسلحة دمار شامل. غير أن ادعاءات حيازة العراق لهذه الأسلحة كانت قائمة على معلومات مزيفة و ملفقة. و الادعاءات بأن حكومة بشار الأسد تستخدم أسلحة كيماوية ليست سوى تضليل.
وولف بليتزير أحد دعامات ال CNN المنتمين للمحافظين الجدد، و كان يوما ناطقا باسم لجنة العلاقات العامة الأميركية الاسرائيلية (آيباك), و هي وكالة أجنبية غير مسجلة رسميا تابعة للحكومة الاسرائيلية تعمل كجماعة ضغط في الحكومة الأميركية، استضاف رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ديان فينشتين من كاليفورنيا، و مايك روجيرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب للنقاش حول خبر استخدام الحكومة السوريه الأسلحة الكيماوية ضد شعبها.
و بالطبع انهمك بليتزير في البروبوغندا المسرحية و الترويج للحرب كما فعل عند الزعم بامتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل.
بلبتزير، الذي لم ير من قبل و هو يطلق هذه التصريحات المغالية حول امتلاك اسرائيل لأربعمائة سلاح نووي تكتيكي مدمر للمدن ، اضافة الى وسائل الحرب الجرثومية و الكيماويه، يتورط اليوم بنفس الكذب الاعلامي الذي مارسه قبل غزو العراق.
ببساطه، بليتزير و أشباهه في Fox News و وسائل اعلامية أخرى في واشنطن و نيويورك و لندن و مدن أخرى ليسوا صحفيين، انهم أشخاص تافهون ذو مصالح يستفيدون من الحرب و موت الأميركيين لأجل قضايا اسرائيلية.
من الواضح أن وسائل الاعلام الفاسدة تتبع السيناريو ذاته مع سوريه كما فعلت في تقاريرها حول العراق. فقبل عشر سنوات تم تحذير الأميركيين و شعوب العالم من "التهديد الوجودي" الذي تشكله أسلحة صدام حسين للدمار الشامل، و اليوم تعرض وكالات الأنباء و وسائل إعلامية أخرى صورا لمدنيين من حلب يقال بأنهم تعرضوا لهجوم غاز الكلور من قبل القوات السورية. و المصدر هو Fox News المملوكة من قبل روبيرت مردوخ. و من المدهش أنه و بعد فضح افعال صحف مردوخ غير الاحترافية في لندن مع قرصنتها حسابات بريدية صوتيه خاصة ، لا يزال هناك من يمنح مصداقية لما تنشره من قمامة، بما فيها The Wall Street Journal و The Times of London.
و تظهر أفلام فيديو مقتل ستة عشر شخصا من قرية خان العسل التابعة لحلب و جرح ستة و ثمانين. و لكن ، و منذ بداية الصراع السوري كانت تمنح و بنجاح أفلام الفيديو و الصور المزيفة لوسائل الإعلام التواقة إلى مشاهد الدماء و التشويه. و لكن يقال بأن معظم ضحايا الهجوم كانوا من الجيش السوري النظامي و عدد من المقاتلين المؤيدين للأسد.
و أنكر البيت الأبيض معرفته بالهجوم الكيماوي، و لكن هناك تقارير أكثر مصداقية مفادها أن هجوم غاز الكلور كان من قبل المتمردين السوريين المدعومين من الCIA و الناتو. و قد تحدثت بعض الحكومات عن خطر سقوط الأسلحة الكيماوية السورية في أيدي جبهة النصرة التابعة للقاعدة، و التي تلقى دعما ماليا و لوجستيا من قبل حكومات قطر و السعودية و الامارات العربية اضافة الى امارة برقة شرق ليبيا و التي لا تخضع لسيطرة الحكومة التي عينها الناتو في طرابلس.
المعارضة السورية نسخة عن مجموعة المغتربين العراقيين الذين سحبوا من شققهم الفاخرة و بيوتهم الضخمة في ضواحي الولايات المتحدة و بريطانيا لقيادة حكومة عراقية انتقاليه تم تعيينها من قبل نائب الولايات المتحدة باول. و تمثلت المعارضة العراقية في شخص أحمد جلبي المتهم الدولي الذي عين مسؤولا عن المؤتمر القومي العراقي صنيعة ال CIA. و الائتلاف الوطني السوري "انتخب" غسان هيتو كرئيس وزراء الحكومة السورية في المنفى ، و هو مواطن أمريكي من تكساس عمل لصالح العديد من شركات تكنولوجيا المعلومات (شركات ذات صلات مع الاستخبارات العسكرية الأميركية) و هو على علاقة بعدد من قضايا الأخوان المسلمين المرتبطة بحكومة قطر. و هيتو سوري كردي و يطالب بتسليم مقعد سورية في الأمم المتحدة الى المعارضة السورية. و كحال جلبي بالنسبة لمعظم العراقيين، فان أغلب الناس في سورية لم يسمعوا ب هيتو من قبل أن يصبح واحد من "أبناء أخوة" العم سام في الشرق الأوسط.
فريد غادري ،عضو آخر في المعارضة السورية و معادي قديم للأسد، و هو مقاول أميركي سوري كان ،مثل هيتو، جزءا من المؤسسة الاستخباراتيه العسكرية الأميركية ، و عمل لصالح EG&G Intertech Inc. قبل البدء بعمله الخاص International TechGroup Inc.. و غادري مدلل من قبل نفس قوة المحافظين الجدد في واشنطن التي دعمت جلبي. و قد ظهر غادري أمام الكنيست في اسرائيل و قال عبارات مؤيدة لاسرائيل مثل: "اسرائيل أسست لأجل جوائز نوبل، و العرب اسسوا لأجل المتفجرين الانتحاريين".و اذا كان هذا الهجوم جيدا بالنسبه لخلايا الفكر في واشنطن الممولة من اسرائيل ، فانه لم يملك أي أثر و خلق العداء في دول مثل سورية و العراق و فلسطين المحتلة.
و أي من ثرثاري وسائل الاعلام الداعمين لكذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية لم يدفع ثمن كلامه المضلل، و عوضا عن ذلك، تركوا لتعزيز قصص ملفقة أخرى وفرت غطاءا إعلاميا للتدخل الأميركي في ليبيا و إسقاط معمر القذافي، و تدخل قوات الناتو في مالي .
من بين الصحفيين الذي ناقشوا قرار ادراة بوش المتعلق بغزو و احتلال العراق بناءا على معلومات غير موجودة هما جوناثان لانداي و وارين ستروبيل من مؤسسة Knight-Ridder الاعلامية الأميركية ، و تقرير الصحفيين حول المعلومات الكاذبة التي قدمها المحافظون الجدد التابعون لبوش و شيني تم تجاهله بشكل كبير من قبل الاعلام لأن معلومات مشابهة لم تظهر في أي من نيويورك تايمز أو واشنطن بوست، و كلا الصحيفتين تضما في صفوف محرريها أشخاصا يحملون اخلاصا لبوش أكثر من ذاك الذي يتوجب عليهم تجاه قوانين الصحافة و القراء. و للأسف اشباه وولف بليتزير مثل أنديرسون كوبير و جوديث ميللير لا يزالون يظهرون في البرامج الاخبارية التلفزيونية لدعم أجندة المحافظين الجدد في الشرق الأوسط و مناطق أخرى في العالم مثل فنزويلا و الصين و باكستان.
و بعد عشر سنوات لا يزال العالم خاضعا لنفس نوع البروبوغندا الوقحة و التضليل حول سوريه. و بالعمل مع أشخاص من المنظومة العسكرية و الاستخباراتيه الذين جهزوا كذبة اسلحة الدمار الشاملة العراقية، فان نفس العبارات و التلفيقات تستخدم لأجل حملة الكذب المهلكة المصممة لأجل ضمان سيطرة الناتو و اميركا على سورية و اليمن و مالي و السودان و الجزائر و ما وراءها.
بالطبع سيقول صحفيو المحافظين الجدد أنهم كانوا فقط يذكرون ما يعلنه مجرمو الحرب مثل ديك شيني و دونالد رامسفيلد و باول وولفويتز و دوغلاس فيث . و النازيون أيضا كان لديهم مروجون و محكمة نورنبيرغ لجرائم الحرب رفضت تبريرهم بأنهم كانوا "فقط يتبعون الأوامر".


*صحفي و باحث أميركي
عن موقعStrategic Culture Foundation

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...