سوريا: استعادة غربية وعربية لكلام التسليح وبانيتا يؤكد ولاء الجيش للأسد

20-04-2012

سوريا: استعادة غربية وعربية لكلام التسليح وبانيتا يؤكد ولاء الجيش للأسد

انطلقت مهمة المراقبين الدوليين في سوريا رسمياً امس مع توقيع وزارة الخارجية السورية ووفد من الامم المتحدة، في دمشق، اتفاقاً أولياً حول آلية عمل المراقبين الدوليين لوقف اطلاق النار في سوريا يشكل أساساً للبروتوكول بين الجانبين الذي سيرعى عمل البعثة الموسعة على الارض، لكن دولاً أوروبية وعربية بالاضافة الى الولايات المتحدة، اختارت اجواء الانطلاق الفعلي لخطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان، للتشويش عليها من خلال التشكيك بها واستعادة الحديث عن خيارات تسليح المعارضة السورية اذا لم تطبق دمشق الخطة. المقداد وأبهيجيت يوقعان في دمشق أمس على الاتفاق الأولي حول آلية عمل المراقبين الدوليين في سوريا (أ ب أ)
وطلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بعد ساعات من تقديمه رسالة الى مجلس الأمن الدولي يوصي فيها بنشر 300 مراقب، من الحكومة السورية توفير «حرية حركة كاملة» لمراقبي الأمم المتحدة وتسهيل «عملية إنسانية ضخمة» لمساعدة السكان. وأعلنت الجامعة العربية عقد اجتماع لوزراء الخارجية الخميس المقبل لبحث التطورات في سوريا والسودان.
وأعلن مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن «مجلس الأمن الدولي قد يتبنى قرارا جديدا حول سوريا قريبا». وقال بعد اجتماع مجلس الأمن «أعتقد أن بإمكاننا أن نتصرف بسرعة كبيرة. لقد أكدت بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن أنها تودّ الحصول على تقرير إضافي حول الأوضاع الميدانية في سوريا الأسبوع المقبل».
وقدم وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الصورة الأكثر وضوحاً حول تفكير الإدارة الأميركية في الملف السوري. وقال، خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، «مقاربتنا انه يجب أن نبقي كل الخيارات على الطاولة مع إدراك حدود القوة العسكرية على أن نكون مستعدين لأي إجراء مطلوب». واعتبر ان سوريا ليست كليبيا، حيث كان هناك اجماع دولي للتدخل ومعارضة ليبية اكثر تنظيماً ولديها سيطرة على الارض. ورأى ان «المشكلة هنا ان (الرئيس السوري بشار) الاسد يبدو انه لا يزال يحافظ على ولاء المؤسسة العسكرية حتى لو كان هناك انشقاقات».  ورأى أن «أفضل سيناريو هو أن يلتزم النظام السوري بوقف إطلاق النار وبالإصلاحات بحيث يخرج الأسد... والسيناريو الأسوأ هو قيام حرب أهلية في سوريا». وقال إن المعارضة السورية «متفرقة»، معتبراً أنه «لا يمكن الاعتماد على الانشقاقات في صفوف الجيش النظام».

ووقع نائب وزير الخارجية فيصل المقداد عن الجانب السوري ورئيس الوفد الفني الجنرال غوها ابهيجيت عن الأمم المتحدة، في دمشق، على اتفاق أولي ينظم عمل بعثة المراقبين.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية، في بيان، انه «تم التوقيع رسمياً في مبنى وزارة الخارجية والمغتربين على التفاهم الاولي الذي ينظم آلية عمل المراقبين». وأضافت «يأتي هذا الاتفاق في سياق الجهود السورية الرامية إلى إنجاح خطة المبعوث الدولي كوفي انان بهدف تسهيل مهمة المراقبين ضمن إطار السيادة السورية والتزامات الأطراف المعنية». واشارت الى ان الاتفاق يتضمن أيضاً «مراعاة تامة لمعايير القانون الدولي الناظمة لعمل هذا النوع من البعثات الدولية».
وفي جنيف، أوضح المتحدث باسم الموفد الدولي إلى سوريا كوفي انان، احمد فوزي، في بيان، أن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه «يهدف إلى تأمين أساس لبروتوكول ينظم عمل طليعة المراقبين الدوليين وبعثة المراقبين» الموسعة في حال انتشارها. وأشار إلى أن هذا الاتفاق يهدف إلى «مراقبة ودعم وقف العنف المسلح بكل أشكاله من كل الأطراف وتنفيذ خطة الموفد الخاص المشترك المؤلفة من ست نقاط».
وذكر فوزي إن الاتفاق يحدد «وظائف المراقبين خلال قيامهم بالتفويض المعطى لهم في سوريا، بالإضافة إلى واجبات ومسؤوليات الحكومة السورية». وتابع إن مكتب انان «يقوم أيضاً بمفاوضات مماثلة مع ممثلين عن المعارضة حول واجبات ومسؤوليات مجموعات المعارضة المسلحة».

وفي نيويورك، أكد بان كي مون، وهو يذكر بتوصيته التي قدمها الى مجلس الامن بنشر 300 مراقب، أن «هذا القرار لا يخلو من المخاطر»، لكنه اعتبر انه «يمكن أن يساهم في تحقيق سلام عادل والوصول إلى تسوية سياسية تعكس رغبة الشعب في سوريا».
ولكي يتمكن المراقبون من القيام بعملهم، طالب بان كي مون «بالتعاون التام من جانب الحكومة السورية»، وخصوصاً بان تضمن للبعثة «حرية حركة كاملة وسهولة في التنقل وسلامة أفرادها، إضافة إلى استخدام وسائل حاسمة مثل الطوافات»، مشيراً الى «هذه القضية ستبحث بتفصيل أكثر مع السلطات السورية».
وأعرب بان كي مون عن «الأمل في تحرك سريع للمجلس» أي اعتماد القرار الذي يجيز نشر بعثة المراقبين الكاملة في الأيام المقبلة. واشار الى أنه مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أبلغه تأكيد الحكومة السورية التعاون الكامل مع أفراد فريق المراقبين الدوليين. وقال «يحدوني الأمل في أن يحافظ السوريون على وعودهم، ونظراً لقلة عدد المراقبين الدوليين، فإنهم سيبذلون قصارى جهدهم». وقال إن الحكومة السورية أكدت للأمم المتحدة أنها ستضع في تصرف البعثة «وسائل جوية» معرباً عن الأمل في أن «تفي بوعدها». في المقابل ترفض دمشق أن يكون المراقبون من بعض الجنسيات الأمر الذي رفضه بان كي مون قائلاً إنه «شرط مسبق».
واستمع مجلس الأمن إلى تقرير من مساعد انان، جان ماري غيهينو بشأن الوضع في سوريا. ونقلت مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس، التي ترأس بلادها مجلس الامن خلال الشهر، عن غيهينو قوله إن «الحكومة السورية لم تف بعد بالتزاماتها»، خصوصاً انها لم تسحب بعد قواتها واسلحتها الثقيلة من المدن التي تشكل معاقل للمعارضين. واعتبرت ان عمل طليعة المراقبين المنتشرين ميدانياً سيكون بمثابة «اختبار» لرغبة دمشق. وقالت «من الضروري ان يتمكنوا من الوصول الى النقاط الساخنة»، خصوصاً في حمص وهو ما لم يفعلوه حتى الآن.
ومن باريس قال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه «ليس لحلف شمال الأطلسي ما يفعله في المنطقة». وكرر جوبيه  الموقف الفرنسي من التلويح بالتدخل العسكري في سوريا. ورد الوزير الفرنسي «على تلويح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بحلف شمال الأطلسي وتذكيرها في افتتاح اجتماع وزراء الخارجية الأربعة عشر في المجموعة الرائدة «لأصدقاء سوريا» بأن «النزاع السوري يدور على درج الحلف وتفكير الأتراك باستخدام الفقرة الخامسة من ميثاق الحلف»، التي تتيح تدخلهم لحماية حدود بلد عضو يتعرض للنيران السورية عبر الحدود .
وخلال لقاء في مركز الصحافة الأجنبية، قال جوبيه  إنه «ينبغي أن نعمل على تفادي الخيار العسكري الذي سيؤدي حتماً إلى إشعال حرب أهلية. هناك فرق كبير مع ما جرى في ليبيا التي تمتعت بانسجام بين المعارضة ومجتمع مؤلف من السنة المالكيين بنسبة 95 في المئة، وهذا ليس حال سوريا، التي تعيش فيها طوائف وجماعات متنوعة من الأكراد والعلويين والمسيحيين، ويجعل من خطر الحرب الأهلية عالياً جداً. نحن نعمل على تفادي أي انخراط لحلف شمال الأطلسي في هذه المنطقة، التي لا عمل لها فيها هذا من جهة، وعلى تفادي أي تدخل عسكري من جهة ثانية».
وكشف الاجتماع، الذي ضم وزراء «المجموعة الرائدة» في الكي دورسيه، هشاشة الإجماع القائم حول خطة أنان، وتضارب دوافع من صوّتوا قبل أسبوعين على إيكال الأمين العام السابق للأمم المتحدة المهمة الصعبة، لإيجاد مخرج سياسي للقضية السورية.
ففي حين سلم الغربيون بها باعتبارها السبيل الوحيد لكي ينخرط الروس في عمل جماعي ضد سوريا، رأى الروس فيها منقذاً لهم من تهديدهم بالعزلة في مجلس الأمن، لو واصلوا استخدام الفيتو، الذي لا يملكون غيره سلاحاً في مقاربة الأزمة السورية، واعتبروها مدخلاً متوازناً للعودة إلى السياسة واحتواء الدعوات إلى التسلح والعسكرة وسبيلا للضغط على النظام.
وتراشق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبيل بدء الاجتماع في باريس، مع المجتمعين، واصفاً مؤتمرهم بأنه محاولة لاحتواء خطة انان، ولامهم على تحدثهم علناً عن حتمية فشل الخطة. ورفض أن يكون للاجتماع في باريس أو «أصدقاء سوريا» حق تقييم تنفيذ الخطة، الذي يعود إلى مجلس الأمن.
وعبّر جوبيه عن استيائه من الطريقة الروسية في الحديث عن الاجتماع. وقال إن لافروف رفض الدعوة التي وجهت إليه لحضوره. ويسعى الفرنسيون إلى منح المراقبين المزيد من القوة في تنفيذ مهمتهم من دون توضيح معنى القوة أو الصلاحيات التي يتحدثون عنها، لكن جوبيه شدّد على أنها يجب أن تكون مجهزة تجهيزاً جيداً، وتضم عديداً لا يقل عن 300 مراقب.
وفي الكلمات التي ألقاها وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون اتضح التباين مع الموقف الروسي في التعاطي مع خطة انان.
ففي اجتماع عقد تحت عنوان دعم خطة انان ذهب حمد إلى المطالبة بخطة بديلة جاهزة في حال فشل الخطة الحالية. وعبر عن نفاد صبر المجموعة من طريقة النظام السوري في التعاطي مع الخطة واستمرار عمليات القتل، معتبراً انه ينبغي أن تكون هناك خطة زمنية واضحة لتنفيذ الخطة. واستعاد الدعوة إلى التلويح بالخيار العسكري. وهي كلها إشارات إلى ضيق صدر القطريين من الخطة التي لم يقبلوا بها إلا مرغمين، ويعتبرون أن حظوظها بالنجاح لا تتجاوز 3 في المئة.
ودعت كلينتون إلى العودة إلى إجراءات دولية يضعها مجلس الأمن تحت الفصل السابع، قبل أن تقر بصعوبة الحصول على ما تطلب بسبب الفيتو الروسي الأكيد، وعدم وجود بدائل للخطة التي يدعمها الروس، الطرف الوحيد القادر على التحدث إلى النظام السوري والضغط عليه. وقالت إن الخطة تتضمن ستة بنود وليس بند نشر المراقبين وحده، لكنها كانت أكثر مرونة في التعامل مع تطبيق الخطة «التي لا نزال ندعمها، ولكننا نراقب تنفيذها». وكانت دعت الى «تشديد الإجراءات» بحق النظام السوري بهدف ضمان احترام خطة انان، على ان يشمل ذلك قراراً لمجلس الأمن يتضمن عقوبات وحظراً على الأسلحة.
وجزم جوبيه بأن الخطة جرى تقويضها من قبل النظام السوري. ويندرج رفع اللهجة حول خطة انان، في إطار منع النظام السوري من التحايل على الخطة، وإبقاء الضغوط مرتفعة عليه وعلى موسكو، وسد الطريق عليه في محاولته كسب الوقت.
وأعلن جوبيه ان بلاده وشركاءها سيتقدمون قريباً بمشروع قرار امام مجلس الامن لنشر بعثة مراقبين في سوريا. وقال إن على بعثة المراقبين ان «تكون صلبة قدر الإمكان. ولتتمكن من القيام بمهمتها في شكل كامل، على هذه القوة ان تزود امكانات كبيرة وتنتشر في اسرع وقت وتغطي كل المناطق التي تجري فيها الاحداث». وتابع جوبيه ان «على المراقبين ان يزودوا كل الوسائل الضرورية لإنجاز مهمتهم عبر امتلاك تجهيزات حديثة تهدف الى ضمان مراقبة فاعلة».
ودعا وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل المجتمع الدولي الى «مساعدة السوريين في الدفاع عن انفسهم». وقال «أتعجب لكون النظام الذي يقمع يستطيع الاستمرار في تسليح نفسه في حين لا تملك الضحايا البريئة وسائل الدفاع عن نفسها». واضاف «ما دام المجتمع الدولي عاجزاً عن وقف النزف، فإن الحد الادنى للامور يفترض ان تساعد الدول المختلفة السوريين في الدفاع عن أنفسهم».
وكان لافروف قال، عقب لقاء مع نظرائه الـ28 من الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي في بروكسل، «اليوم شجعت زملائي على التخلي عن الجدل الذي يتوقع فشل خطة انان». واضاف «قبل التفكير في المستقبل، يتعين علينا ان نبذل كل ما من شأنه ان يضمن نجاح تلك الخطة».
وحول ما إذا كانت موسكو قد وضعت جدولاً زمنياً أمام السلطات السورية لتنفيذ خطة انان، قال لافروف «لا داعي للتظاهر بأن كل شيء متعلق بروسيا، التي عليها إقناع بشار الأسد. إن هذه حلول ساذجة، والسذاجة كما تعلمون أسوأ من السرقة». وأضاف «الأوضاع مرتبطة بكل من له تأثير على هذه المجموعة أو تلك من المعارضة، وهذه الدول هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وتركيا ودول الخليج العربية وعدد آخر من الدول».

(باريس- محمد بلوط)

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...