خطط مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن لحصار سوريا
الجمل: تحدثت العديد من التقارير والتحليلات عن نوايا أطراف مثلث واشنطن ـ لندن ـ باريس العدائية إزاء سوريا، وقد اختلفت وجهات النظر بحيث تحدث بعضها عن كفاءة وفعاليات الدور الذي ظلت تقوم به هذه الأطراف حالياً، وفي نفس الوقت سعت وجهات نظر أخرى إلى توجيه الانتقادات مؤكدة على ضعف دور هذه الأطراف وفشلها في حسم المواجهة ضد دمشق؛ وعلى خلفية التطورات الجارية حالياً في البيئة السياسية السورية الداخلية والخارجية يبرز السؤال القائل: على ماذا حزمت أمرها أطراف مثلث واشنطن ـ لندن ـ باريس، وما هي أبرز النوايا الجديدة إزاء الملف السوري؟ وإلى أين يمضي جدول أعمال خصوم سوريا الإقليميين والدوليين؟ وما هي أبرز الروشتات الجديدة المتداولة في أوساط خصوم دمشق؟
* مقاربة روبرت ساتلوف
يعتبر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، صاحب الدور الأول في الإمساك بكل أنواع فعاليات تسويق العداء ضد دمشق، وقد درج خبراء هذا المعهد لجهة القيام بتكثيف وجهات النظر والتوصيات التي تحرض الإدارة الأمريكية والحكومات الأوروبية الغربية، ومنظمات المجتمع الدولي، ضد سوريا، وحالياً، وبعد مسلسل المعطيات ووجهات النظر السابقة، نشر الموقع الالكتروني الخاص بالمعهد ورقة بحثية أعدها اليهودي الأمريكي روبرت ساتلوف الذي يتولى منصب المدير التنفيذي للمعهد، حملت الورقة عنوان (على القيادة الأمريكية أن تقوم بحماية الشعب السوري) وطالب في الورقة الحكومة الأمريكية بضرورة القيام بالآتي:
• مطالبة الأمانة العامة للأمم المتحدة بنشر مراقبين على طول الحدود السورية، وذلك لجهة القيام برصد تطورات الأوضاع والوقائع الجارية في سوريا.
• التعاون مع شركاء أمريكا الدبلوماسيين لجهة دفع مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يطالب بمراقبة تطورات الأوضاع في سوريا، وتوظيف معطيات هذا القرار من أجل توجيه اللوم ضد روسيا والصين.
• دعم المنظمات الإنسانية مثل الصليب الأحمر وغيرها، لجهة إقامة مناطق حماية دولية على طول الحدود السورية مع دول الجوار السوري.
• التنسيق مع الدول الحليفة لأمريكا، من أجل تنظيم جولات دبلوماسية لمراقبة ورصد المعابر الحدودية السورية مع دول الجوار السوري.
• الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل إيقاف تعاونها مع سوريا، بحيث يتضمن ذلك دفع الحكومة اللبنانية لجهة الضغط على فعاليات السفارة السورية في لبنان، إضافة إلى إفساح المجال أمام واشنطن وحلفاءها لجهة الاستفادة من مزايا الساحة اللبنانية في عملية الضغط على سوريا.
• الاستناد على معطيات القرار الدولي 1701 المتعلقة بالحدود السورية ـ اللبنانية، بما يتيح هذه المرة القيام عملياً بفرض الرقابة والرصد المنشود على طول الحدود السورية ـ اللبنانية.
هذا، واللافت للنظر أن روبرت ساتلوف أشار قائلاً، بأن أي من هذه الإجراءات لا تتطلب القيام بنشر جندي أمريكي واحد، وفقط كل ما هو مطلوب قيام واشنطن بالدور القائد في الأوساط الإقليمية والدولية لجهة إنفاذ الترتيبات العملية المتعلقة بهذه الإجراءات.
* مقاربة جيه إي ديير
تقدم الخبيرة ـ المحللة السياسية جيه إي ديير نفسها باعتبارها أحد ممثلي التيار السياسي الأمريكي المحافظ المتسم بالتفاؤل إزاء مستقبل النزعة المحافظة، وفي هذا الخصوص وصفت الخبيرة جيه إي ديير، ما يجري في سوريا، باعتباره يتطابق في الكثير من الجوانب مع ما يجري في العديد من البلدان العربية، ولكنها شددت برغم ذلك على ضرورة التعامل مع النموذج السوري ضمن قدر كبير من الخصوصية، وفي هذه النقطة أشارت إلى ضرورة اعتماد ما يمكن تسميته بـ(القوة الذكية)، التي تجمع بين كل مكونات القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وما شابه ذلك، وبتوضيح أكثر أشارت إلى النقاط الآتية:
• اعتماد تعدد مسارات الضغط في التعامل مع الملف السوري.
• الجمع بين المكونات النوعية لعناصر قوة الضغط.
وأوردت الخبيرة جيه إي ديير في تحليلها، ضرورة أن تتم عملية توظيف ثنائية الثواب والعقاب، ولكن بشكل غير متكافئ بحيث يقود إلى خيار الخسارة وليس الربح، وبكلمات أخرى، أن يتم الضغط على دمشق بحيث تخسر الكثير ثم بعد ذلك يتم إعطاءها القليل من الحوافز بحيث تكسب القليل، ثم يعقب ذلك الضغط من أجل خسارة الكثير، ويعقب ذلك حوافز تؤدي إلى كسب القليل. ويستمر الأمر هكذا بحيث تكون الخسارة الفادحة هي النتيجة النهائية.
تحدثت الخبيرة جيه إي ديير، موضحة ضرورة أن تركز المسارات على مجالات مستهدفة بعينها، وهي:
• المجال المستهدف الأول: الاقتصاد السوري.
• المجال المستهدف الثاني: الدبلوماسية السورية.
هذا، وعلقت الخبيرة جيه إي ديير قائلةً بأن تطورات الأحداث والوقائع الشرق أوسطية أصبحت تتحرك بشكل مضطرد السرعة، وبالمقابل يتوجب على واشنطن وحلفائها وضع تسارع الأحداث في الاعتبار، والتعامل مع المعطيات الجارية وفقاً لترسيمات خارطة محددة، تتضمن بنود لجدول أعمال يتوجب المضي قدماً في إنفاذها بما يتيح لأمريكا التأثير الفعالي في توجيه الأحداث ودفع السيناريو في الاتجاه المطلوب.
اللافت للنظر، أن جميع المقاربات الرئيسية الواردة على لسان خصوم سوريا قد سعت لاستبعاد خيارات التدخل المباشر على غرار ما حدث في ليبيا، وبرغم ذلك، نلاحظ أنها تهدف جميعها إلى شيء واحد، هو: إضعاف القدرات الوطنية السورية، وإضافة لذلك نلاحظ أنها تفادت الخوض في أي ملفات أخرى مثل ملف نشر الديمقراطية، أو ملف التعددية أو ملف الإصلاحات أو ملف الانتخابات، أو حتى ملف الحرية. وبالتالي، نلاحظ هنا، أن الصلة بين أهداف الاستهداف الأجنبي، وأهداف الاحتجاجات السورية، هي صلة مقطوعة، وفقط يتم الحديث عن حماية المدنيين كوسيلة لتبرير فرض الضغوط واستهداف القدرات السورية، لا أكثر ولا أقل.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد