أنقرة – دمشق: خيار التطبيع يتعزّز

07-07-2024

 أنقرة – دمشق: خيار التطبيع يتعزّز

في تصريح غير مفاجئ، أدلى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الجمعة الماضية، بتصريحات تؤكد استمرار اهتمام تركيا بالعلاقات مع سوريا.

جاءت هذه التصريحات بالتزامن مع تصريحات مشابهة لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، وتكثيف وسائل الإعلام التركية الحديث عن انفتاح محتمل على دمشق، بدعم من روسيا والعراق، ومساندة من إيران والخليج.

ومع ذلك، فإن الطريق نحو التطبيع بين الجارتين لا يبدو سهلاً. وهناك ثلاث قضايا رئيسية تشكل محور الحوار بين الطرفين: الأكراد ومناطق “الإدارة الذاتية” المدعومة من الولايات المتحدة، والشمال السوري الذي ينقسم إلى مناطق تسيطر عليها فصائل مدعومة من أنقرة وأخرى تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، وأخيراً قضية اللاجئين السوريين.

ويبدو أن هناك توافقاً مبدئياً بين أنقرة ودمشق حول قضيتين: الأكراد، حيث يرفض الطرفان “الإدارة الذاتية”، واللاجئين الذين تسعى سوريا إلى إعادتهم وترغب تركيا في تقليل عددهم.

أما قضية الشمال السوري، حيث تنتشر قوات تركية غير شرعية، فتبقى مشكلة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية.

ففي عام 2018، وقعت تركيا وروسيا اتفاقية “سوتشي” لخفض التصعيد في إدلب، وأتبعتاها في عام 2020 باتفاقية أخرى بعد سيطرة الجيش السوري على طريق حلب – دمشق (M5)، حيث تعهدت تركيا بعزل الفصائل الإرهابية في إدلب وتأمين طريق حلب – اللاذقية (M4).

ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق بالكامل، حيث ربطت تركيا الملفين الأكراد والشمال الغربي مما أدى إلى فشل الجهود الروسية السابقة للتطبيع بين دمشق وأنقرة، بسبب إصرار سوريا على انسحاب القوات التركية ومماطلة تركيا في تنفيذ ذلك بناءً على تطورات سياسية وميدانية.

في ظل الجمود الذي أصاب الملف السوري، بما في ذلك مسار “اللجنة الدستورية”، استفاد الأكراد من الوقت لتنظيم مناطق سيطرتهم، رغم معارضة روسيا والولايات المتحدة لأي عملية عسكرية تركية جديدة.

اقتصرت العمليات التركية على القصف الجوي والمدفعي، ولم تمنع “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي يقود “قوات سوريا الديمقراطية” في مناطق “الإدارة الذاتية” من التمهيد لإجراء انتخابات محلية لتعزيز سلطتهم.

في هذه الأثناء، أسهم الانفتاح العراقي – التركي، وخاصة اللقاء بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي، في تحريك المياه الراكدة وإعطاء دفعة جديدة لمسار المصالحة.

هذا الانفتاح، إلى جانب العلاقات الجيدة بين السوداني والرئيس السوري بشار الأسد، والدعم العربي المتزايد، قد يعزز من احتمالات المصالحة السورية – التركية ويفتح الأبواب أمام تجارة متجددة بين الخليج وأوروبا، عبر سوريا وتركيا، مما يتطلب إعادة فتح الطرق الرئيسية ويؤسس لمعادلة اقتصادية جديدة تدعم الانفتاح.

ورغم التفاؤل الروسي بالمساعي الأخيرة المتوقعة، والتي قد تبدأ بلقاء سوري – تركي في بغداد، إلا أن هناك عقبات تواجه الانفتاح بين الجانبين، من بينها الموقف الأمريكي الداعم لـ”الإدارة الذاتية”، والذي يتوقف على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.

فبينما يرغب الرئيس الحالي، جو بايدن، في إبقاء القوات الأمريكية في سوريا، يريد منافسه، الرئيس السابق دونالد ترامب، سحبها.

كما أن الوضع في إدلب، التي تحتوي على فصائل “جهادية”، يمثل تحدياً معقداً، حيث قد يؤدي أي تصعيد عسكري إلى نزوح إضافي يزيد من تعقيد أزمة اللاجئين التي تعرقلها السياسات الأمريكية، مثل منع مشاريع “التعافي المبكر” التي تمهد لعودة اللاجئين، وإعاقة عمليات العودة الطوعية من الأردن ولبنان، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي تحول دون انتعاش الاقتصاد السوري.

علاوة على ذلك، هناك تحديات تتعلق بقدرة تركيا على فرض سيطرتها على الفصائل الموجودة في مناطق نفوذها، بعد أن أظهرت بعض الفصائل مقاومة حتى لخطوات بسيطة مثل فتح معبر يربط مناطقهم بمناطق الحكومة.

على سبيل المثال، تعرض معبر أبو الزندين في ريف حلب لهجوم، ما استدعى تدخلاً من القوات التركية للقبض على المتورطين.

عدم اليقين حول قدرة تركيا على التحكم في هذه الفصائل قد يمنح واشنطن فرصة لاستمالتها ضمن مشروعها لتوحيد المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، مما يعزز الاعتماد المتبادل بين الفصائل و”قسد” ويستمر في تعقيد العلاقات السورية – التركية.

هذا ما يفسر تصاعد الأصوات المعارضة للتقارب التركي في الأوساط المعارضة وفي مناطق “قسد”، حيث فرضت الأخيرة قيوداً على التنقل بين مناطقها ومناطق الحكومة، وحصرت السفر بالطلاب والمرضى، وأصدرت بياناً انتقدت فيه محاولات التطبيع.

الأخبار


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...