امرح مع «مذيع الجيل»... أبو وقّاص

13-08-2013

امرح مع «مذيع الجيل»... أبو وقّاص

استشعرت قيادات «دولة العراق والشام» أن الأعمال الإرهابيّة، والمحاكم الشرعيّة، وجهاد النكاح، لم تساهم في تقديم الصورة المرجوّة عنها للرأي العام السوري... لذلك ابتكرت فكرة خلاّقة للترويج لنفسها، وهي «الخيم الدعائية». وكما يظهر في العديد من المقاطع المصّورة المرفوعة على «يوتيوب»، تتضمن أنشطة «الخيم الدعائية» مسابقات وألعابا للفتيان، ودورات تعليم القرآن الكريم للفتيات، وتوزيع منشورات وكتيبات ومحاضرات دينية، إضافة إلى تقديم الجوائز من العصائر والبسكويت التي أمست سلعا نادرة في ريف حلب. واختار فريق العلاقات العامة للإمارة المجاهد الشهير «أبو وقّاص التونسي» وجهاً إعلامياً صاعداً للحملة؛ إذ يأخذ الأخير على عاتقه إجراء اللقاءات الصحافية مع «الأخوة في الجهاد»، وينظم أنشطة الأطفال، ويوزع الابتسامات، وينشر الفرح.صورة لإحدى الخيم الدعائية التي راجت خلال الأسابيع الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي
يمكن أن نجد على «يوتيوب» الكثير من التقارير الإخبارية المصورة عن نشاط الخيمة وأبي وقّاص ــ من إنتاج «مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي». تتميّز كلّ تلك الأشرطة بالراية السوداء لـ «دولة العراق والشام»، واستطلاع آراء الجمهور، إلى جانب ظهور أبو وقّاص في دور المحاور والمنشّط. في أحد الأشرطة، يحاور أبو وقّاص شاباً ثلاثينياً، يحمد هذا الأخير الله على تشكيل الدولة الإسلامية، ويؤكد أن «الدين الصحيح بدأ يظهر أخيراً». يسأله المذيع المتحمّس: «ماذا تقول للمجاهدين في الصفوف الأولى سواء في دولة العراق والشام أو الإخوة المجاهدين عموماً؟» يردّ الشاب بضرورة «إقامة دولة إسلامية مباشرةً»، مؤكداً أن «الشعب كله مع الأمير»! جواب يبدو أنّه يثلج صدر المذيع، فيقول: «جزاك الله خيراً»، قبل أن يتوجّه إلى شاب آخر ليسأله ماذا يريد الناس من الخيمة والبرامج الدعوية الأخرى. لتأتي الإجابة: «نريد برامج حفظ قرآن وتعليم ومسابقات وأحاديث دينية». يسأل أبو وقّاص: «ماذا ترد على من يشنّون حملات ضدّ الدولة الإسلامية ويريدون إخراجها من سوريا؟» تأتي الإجابة حاسمة: «كيف نخرجهم وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله؟» فيربّت المذيع المجاهد على كتف الشاب.
يصوّر فيديو آخر، تدافع الناس على الخيمة الدعوية للحصول على المنشورات الدينية على وقع أنشودة «تموج الدعاوي بدين السماء»، في حركة تحاكي مشاهد التدافع المألوفة على الأطعمة والسلع التي صُوِّرت في حلب.. ويظهر في هذا الفيديو أيضاً المذيع/ المجاهد، وهو يتوسط الناس ويبتسم للأطفال المأخوذين به كما لو أنّه نجمٌ سينمائي، أو لاعب كرة قدم شهير.
موقع صحيفة «بيلد» الألمانية نشر أحد تلك الفيديوهات الخاصة على صفحته الإلكترونية، ويظهر فيه أبو وقّاص، وهو ينظّم مسابقات شبهتها الصحيفة «باحتفالات أعياد الميلاد»، حيث يتسابق الأطفال لتغطيس وجوههم في صحنين من الكريما بعد العد: «واحد اثنان ثلاثة، الله وأكبر». ووصفت «بيلد» تلك المشاهد «بالمؤلمة».
تأخذ حملة الخيم الدعائية مساحة اهتمام واسعة على صفحة «شبكة الأمة اليوم»، وهي صفحة «الإمارة» الرسميّة على فايسبوك، والمخصصة لنشر أخبار المجاهدين، من توزيع المياه والمؤن في بعض مناطق ريف إدلب، وحملات التبرع بالدم، وصولاً إلى تفجير مستودعات ذخيرة و«فعاليات» أخرى.. وبقي تداول تلك المشاهد محدوداً على شبكات التواصل الاجتماعي، كمادة للتندّر، إلى أن بثّت قناة «العربية» منذ عدة أيام تقريراً عن أنشطة الحملة، تضمّن مشاهد مُذلّة لرجال كبار في السن يلعبون «لعبة الكراسي» الشهيرة، يتدافعون ويسقطون أرضاً، على وقع الأناشيد الدينية!
يمكن تلمّس الشبه بين أدوات هذه الحملة الدعائية، وأنشطة المجتمع المدني الموجّهة للأطفال السوريين على اعتبار أنها محاولات للتخفيف من وطأة الحرب. في الخيم الدعائيّة، استبدلت الأغاني الرائجة بأناشيد دينيّة، وملابس الأطفال الملوّنة بالعباءات، وتسريحات الشعر باللحى..
من جهته، يقدّم أبو وقّاص نموذجاً إعلامياً خاصاً بما يمتلكه من «كاريزما جهادية». يلتبس الأمر على المشاهد أحياناً. يظنّ للحظة أنّه يشاهد مذيعاً في كواليس أحد برامج الهواة والمسابقات، قبل أن تعيده الراية السوداء إلى رشده. كأنّ كل تلك الأنشطة تحاول إيصال رسالة مختصرة، فحواها أنّه ليس هناك ما يخيف السوريين من تنظيم «القاعدة»... فمن قال أن الملتحين والجهاديين لا يستطيعون اللهو، في «أوقات الفراغ»؟

نور أبو فراج

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...