الهجوم على إيران وحقيقة الموقف الإسرائيلي

09-11-2011

الهجوم على إيران وحقيقة الموقف الإسرائيلي

الجمل:   أعلنت إسرائيل رسمياً بأن قراراتها قد أصبحت مستعدة وجاهزة لجهة القيام بتوجيه الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وفي هذا الخصوص فقد شهد يوم أمس وأمس الأول سيلاً من التقارير والتحليلات السياسية والعسكرية التي سعت لضم طبيعة وحقيقة الموقف الإسرائيلي، فلماذا هذا الموقف الإسرائيلي وما هي أبعاد التصعيدات الإسرائيلية الجديدة، وما هي عوامل البيئة الأمنية الإسرائيلية الداخلية والخارجية التي حفزت على هذا الموقف، وفي هذا الوقت بالذات؟
•    الموقف الإسرائيلي التصعيدي الجديد: ماذا تقول التخمينات:
تحدث كبار المسئولين الإسرائيليين قائلين بأن القوات الإسرائيلية قد أكملت استعداداتها اللازمة لجهة القيام بتوجيه الضربة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وعلى ضوء المعلومات المتاحة، يمكن استعراض محفزات الموقف التصعيدي الإسرائيلي الجديد، على ضوء الآتي:
-    إدراك الإسرائيليين المتزايد بأن إيران على وشك أن تصبح قوة نووية، وفي هذا الخصوص أشارت بعض التخمينات بأن إيران أصبحت تمتلك من موارد التكنولوجيا النووية ما يكفي لجعلها تمتلك قنبلة نووية خلال بضعة أشهر..
-    رغبة الإسرائيليين في ممارسة المزيد من الابتزاز، فإسرائيل تعاني من ضغوط اقتصادية داخلية، دفعت إلى تصاعد المزيد من الاحتجاجات، وما من سبيل أمام إسرائيل سوى اصطناع سيناريو توجيه الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، وعدم الإذعان لرغبة واشنطن بعدم توجيه هذه الضربة إلا بعد الحصول على الدعم الكافي لإخراج إسرائيل من أزمتها الاقتصادية.
-    رغبة الحكومة الإسرائيلية، وتحديداً ائتلاف الليكود- إسرائيل بيتنا الحاكم، في توظيف مفهوم الحظر  النووي الإيراني كوسيلة لحشد التأييد والدعم السياسي الداخلي، وذلك لأن القوانين والتشريعات الإسرائيلية التي صدرت مؤخراً سوف تتيح لحكومة نتنياهو تحويل إسرائيل إلى دولة شمولية ليكودية بالمعنى الحقيقي، فالقوانين الجديدة تعطي السلطات الإسرائيلية استهداف كل القوى السياسية الإسرائيلية التي تسعى لمعارضة التوجهات الليكودية الرسمية.
-    رغبة الحكومة الإسرائيلية في ابتزاز الموقف الدولي الداعم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبالتالي فإن التلويح الإسرائيلي بضرب إيران سوف يدفع الأطراف الدولية داخل مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة لجهة التراجع عن دعم مشروع الدولة الفلسطينية كثمن لتراجع إسرائيل عن ضرب إيران.
-    رغبة الإسرائيليين في قطع الطريق أمام انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وبالتالي فلن يكون أمام واشنطن إما خيار الإبقاء على قواتها في العراق كثمن لعدم قيام إسرائيل بضرب إيران، أو الإصرار على الانسحاب الأمريكي من العراق ومن ثم مواجهة تداعيات الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران..
-    رغبة الحكومة الإسرائيلية في القيام بعمل عسكري ضد قطاع غزة والضفة الغربية وبالتالي فإن التلويح بضرب إيران هو السقف الأعلى.. الذي يتيح لإسرائيل تخفيضه لاحقاً ضمن السقف الأدنى.. والذي هو في هذه الحالة القيام بعمل عسكري ضد الأراضي الفلسطينية، وتحديداً بالتركيز على قطاع غزة، والذي تشير التسريبات إلى وجود نوايا إسرائيلية بإعادة احتلاله أو باحتلال جزئه الأوسط، بما ينتج شطر القطاع إلى نصفين.
-    رغبة إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية ضد جنوب لبنان، وفي هذا الخصوص فإن التلويح بضرب إيران، الهدف منه رصد تحركات حزب الله اللبناني وفهم كيفية استعداداته، بما يتيح للإسرائيليين استطلاع مراكز قوة الحزب العسكرية، ثم القيام لاحقاً بتوجيه المزيد من الضربات بالقدر الكافي لتدميرها بما يفسح المجال عملياً أمام المضي قدماً في مخطط ضرب إيران..
-    هذا، وتشير التسريبات الخافتة إلى أن التلويح بضرب إيران، الهدف الحقيقي غير المعلن له هو ردع دمشق من مغبة استهداف إسرائيل إذا تعرضت سوريا لعملية استهداف عسكري أجنبي، وبالتالي فإن إسرائيل قد سعت من خلال هذا التلويح، القيام بتوجيه رسالة إلى دمشق مفادها أن إسرائيل مستعدة للرد..
•    التطورات والوقائع الموازية للموقف الإسرائيلي:
تحدثت العديد من التسريبات والتقارير عن وجود العديد من تطورات الأحداث والوقائع الموازية للموقف الإسرائيلي التصعيدي الجديد ضد إيران، وفي هذا الخصوص نلاحظ الآتي:
-    رصدت بعض المصادر قيام قيادة القوات البريطانية بإعداد المزيد من الخطط العسكرية الساعية لاستهداف إيران، وأضافت التسريبات بأن قيادة القوات البريطانية تسعى من أجل الاستعداد ورفع جاهزية قواتها لاحتمالات أن تجد نفسها في موقف المشارك في عملية استهداف إيران، وبالتالي فإن القوات البريطانية يجب أن تقوم بترتيب استعداداتها تفادياً لأي ارتباك أو تردد إذا حانت ساعة الصفر.
-    رصدت العديد من التقارير، عملية التسريب المتعمدة لمحتويات تقرير وكالة الطاقة الذرية الأخير المتعلق بتطورات الملف الإيراني، وعلى وجه الخصوص الفقرات التي تسعى لاتهام إيران بأنها تقوم بتنفيذ مخططات سرية من أجل تصنيع الرؤوس النووية غير التقليدية.
-    رصد العديد من الخبراء والمراقبين عملية التزامن الدقيقة للغاية والتي جمعت بين تسريب محتويات تقرير وكالة الطاقة الذرية، وإعلان الإسرائيليين إكمال استعداداتهم العسكرية ضد إيران.
-    رصدت التقارير حديث اندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون العسكرية- السياسية، خلال محاضرته أول أمس في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والذي قال فيه بأن الفترة القليلة القادمة سوف تشهد تعاوناً عسكرياً استراتيجياً أمريكياً- إسرائيلياً، إضافة إلى مطالبة واشنطن بضرورة عدم التدخل في التأثير على قرار إسرائيل بالعمل العسكري ضد إيران إضافة إلى حديثه القائل بأن واشنطن سوف تنظر إلى الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران إن حدثت بأنها أمر واقع، وسوف لن تتردد في الوقوف فوراً إلى جانب إسرائيل.
-    رصدت التقارير تحركات اثنين من كبار أعضاء مجلس النواب الأمريكي، هما النائبة إيليانا روز ليتنين والنائب هاوارد بيرمان، لجهة القيام بإجراءات تمرير مشروع قانون جديد داخل الكونغرس الأمريكي، يقيد صلاحية أي مسئول أمريكي بما في ذلك الرئيس أوباما من القيام بأي مفاوضات أو محادثات تتعلق بإيران مع أي طرف إلا بعد موافقة الكونغرس، وأشار الخبراء إلى أن هذا معناه أن لا يقوم الرئيس الأمريكي أو أي مسئول أمريكي بالحديث مع الإسرائيليين حول أي إجراءات تتعلق بإيران، وبكلمات أخرى فإن هذا القانون يمنع المسئولين الأمريكيين من الاعتراض لدى الإسرائيليين في أي إجراء إسرائيلي ضد إيران.
-    رصدت التسريبات بأن منظمة الإيباك أعلنت إعادة ترتيب أولويات جدول أعمالها، بحيث لم يعد ملف الدولة الفلسطينية، أو عملية سلام الشرق الأوسط على قمة جدل أعمالها، والأولوية الآن هي لـ (الضربة العسكرية ضد إيران) حصراً..
برغم كل هذه التطورات، فإن تحليل المعطيات الميدانية يفضي إلى نتيجة واضحة مؤداها، أن قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران هو أمر ضعيف الاحتمال وذلك للأسباب الآتية:
-    عدم وجود ممر جوي متاح للطائرات الإسرائيلية، وذلك لأنه حتى الدول التي يمكن أن توافق على إفساح المجال أمام عبور الطائرات الإسرائيلية، سوف تجد صعوبة بالغة في حماية نفسها من الرد الإيراني.. وبكلمات أخرى إذا كانت إسرائيل قادرة على حماية نفسها فإن تركيا والسعودية ستكونان في حالة انكشاف كامل أمام الرد الإيراني، والذي سيكون مدمراً..
-    إن إسرائيل نفسها لن تستطيع مهما أوتيت من قوة أن تكون بمأمن من مخاطر رد الفعل الإيراني، والذي سوف ينطلق من مسافة بضعة كيلومترات من حدود إسرائيل الشمالية..
هذا، وفي معرض التفسيرات الأكثر واقعية للتصعيد الإسرائيلي، تحدثت بعض الآراء قائلة بأن الأكثر احتمالاً هو رغبة الإسرائيليين في الظهور أمام دمشق بمظهر القوي، إضافة إلى رغبة الإسرائيليين في الضغط على أمريكا ومجلس الأمن الدولي، وأيضاً تركيا وبلدان الخليج لجهة الوقوف بحزم إلى جانب جولة العقوبات الدولية الجديدة التي سوف يتم تقديمها إلى مجلس الأمن الدولي على خلفية تقرير وكالة الطاقة الذرية الذي تم تسريب محتوياتهوتم توزيعه بالأمس على أعضاء مجلس أمناء الوكالة..

الجمل: قسم الترجمة والدراسات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...