اللجان تنهي عملها اليوم من دون اتفاق
تنهي لجان العمل الفرعية المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة أعمالها مساء اليوم بعدما أجملت نقاط التوافق والاختلاف بين الأطراف المشاركة. ومن المقرر أن تستمر لجنة التوجيه العليا التي تتشكل من الأمناء العامين للفصائل أو من ينوب عنهم في عملها من أجل إتمام مهام الحوار وحل نقاط الخلاف. وقد جاء هذا القرار بعد أن تبين أن وجود أكثر من مئة مندوب في لجان الحوار لا يساعد على إنجاز اتفاق نهائي وناجز يسمح بإعادة اللحمة للوضع الفلسطيني.
وبدا يوم أمس في جلسات الحوار في القاهرة أن المصالحة العربية تلقي بظلال إيجابية على مجمل الحوار. وقد أبلغ مسؤولون مصريون كبار عدداً من المسؤولين الفلسطينيين بإيجابية الموقف السوري إزاء الحوار الفلسطيني في القاهرة. ونقل مسؤولون فلسطينيون عن رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان قوله إن الرئيس بشار الأسد أبلغ المشاركين في قمة الرياض قبل أيام بأن سوريا مقتنعة بضرورة إنجاح الحوار الفلسطيني في القاهرة.
وكانت حركة فتح، عبر رئيس وفدها أحمد قريع، قد طالبت يوم أمس الأول برفع جلسات الحوار من أجل إجراء مشاورات. كما أن حركة حماس، عبر رئيس وفدها
موسى أبو مرزوق، طالبت أمس برفع الجلسات وإجراء مشاورات. ومن الطبيعي أن دوافع الطرفين ليست متماثلة، لكنها كانت مزعجة للقيادة المصرية التي كانت تأمل بتحقيق إنجازات سريعة يمكن عرضها على القمة العربية في الدوحة، وعلى الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما.
وكان هناك إصرار من الجانب المصري على الحث على التوصل لاتفاق بين الطرفين. غير أن النوايا الحسنة لم تكن وحدها كفيلة بتحقيق اتفاق كهذا وبالسرعة المطلوبة. ومن دون التقليل من أهمية ما تم التوصل إليه سواء في لجنة المصالحة أو في لجنة المنظمة، بل وحتى في لجنتي الحكومة والأمن، فإن النتيجة النهائية هي أنه ليس هناك اتفاق ناجز حتى الآن.
وقد أكدت مصادر فلسطينية مشاركة في الحوار أن التوافقات المعنوية كانت جيدة ولكن التوافقات العملية كانت في الهوامش وليس في الجوهر. ففي حماس شعور بأن حركة فتح تحاول ابتزازها عبر استخدام الضغوط الدولية والإقليمية من أجل دفعها إلى تغيير مواقفها. وهذا ما لمسته حماس على وجه الخصوص من إصرار فتح على عدم القبول بالصيغة التي تم التوافق عليها في اتفاقية مكة بشأن «احترام» التعهدات والالتزامات التي تعهدت بها السلطة، والمطالبة بـ«الالتزام».
وأشار مصدر فلسطيني مطلع إلى أن حماس تؤكد وتحاجج بأن الخلاف ليس على استخدام المفردات وإنما على دلالاتها. وترى حماس أن إجبارها على قبول هذه الصيغ يعني دفعها للانتحار، من خلال إلغاء عناصر تميز موقفها عن موقف فتح. ويرى بعض قادة حماس أن فتح تتصرف وكأن حماس محشورة في زاوية وبالتالي تحاول الضغط عليها أكثر وأكثر. ويؤكد هؤلاء أنه في ما يتعلق بالحكومة، فإن برنامجها لن يكون أكثر مما نصت عليه اتفاقية مكة وبيان حكومة الرئيس إسماعيل هنية.
ولا تخفي حماس في هذا السياق استعدادها للقبول بتعيين رئيس حكومة غير إسماعيل هنية. لكنها في المقابل تؤكد أنها لن تقبل أن يملي أحد عليها رئيس الحكومة المقبل، وهي التي ستختاره وفقاً للمصلحة الفلسطينية العليا، ووفق حقها بموجب نتائج الانتخابات. وقد رفضت حماس في المداولات كل حجج فتح من أن الحكومة هي حكومة الرئيس عباس، وهو الذي يقوم بتعيينها وهي تؤكد أن الرئيس يصادق على تشكيل الحكومة، وليس من يقوم بتعيينها.
وتحاجج فتح في جلسات اللجان بأن رفع الحصار مشروط بـ«الالتزام» بالاتفاقيات وليس باحترامها فقط. وتقول إن نتيجة الاحترام ظهرت بالنتائج التي آلت إليها الساحة الفلسطينية في العامين الأخيرين. وقد كرر قريع في المداولات قوله بأن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أبلغت الرئيس محمود عباس أنها تريد اعترافاً شفافاً كـ«الكريستال» من الحكومة الجديدة، إذا شاءت نيل هبات إعادة الإعمار.
وإلى جانب الخلاف على الحكومة، هناك خلاف جوهري مهم على لجنة الانتخابات وتشكيلها. إذ تشدد فتح على أن للرئيس عباس صلاحيات منصوصاً عليها في النظام الأساسي للسلطة وبينها تعيين اللجنة العليا للانتخابات. غير أن حماس تقول بأن مكانة الرئيس إشكالية وبالتالي لا يمكن الاعتماد على النصوص بل ثمة حاجة للتوافق. ولهذا السبب تصر حماس على أن تتشكل لجنة الانتخابات بالتوافق والرئيس يقوم بالتوقيع على قرار تشكيلها.
ويبدو أن حماس تصر على عدم التنازل عن حقها في تمييز نفسها عن سواها بـ«الجملة السياسية». وهي ترى أن كل تنازل لها عن ذلك يعني انتحارها سياسياً. وترى أن المصلحة تقتضي من الجميع التنازل وليس منها فقط. كما أن المواقف الدولية ليست قضاءً مبرماً ويمكن مواجهتها أو الالتفاف عليها بموقف عربي.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد