الكويت بين أوهام الحماية الأمريكية والخطر الإيراني العراقي

18-11-2007

الكويت بين أوهام الحماية الأمريكية والخطر الإيراني العراقي

الجمل: برغم تنافس النخب الخليجية في تقديم الدعم لإدارة بوش، لجهة تعزيز الوجود الأمريكي في منطقة الخليج، فقد بدت الإدارة الأمريكية أكثر ميلاً باتجاه «الكويت» كنقطة ارتكاز رئيسية للوجود العسكري والاستخباري الأمريكي في منطقة الخليج العربي.
* لماذا الكويت؟
موقع الكويت في الطرف الشمالي الأقصى للخليج العربي، والبعيد نسبياً عن مدخل مضيق هرمز، يجعل القوات الأمريكية الموجودة فيها في أمان بسب البعد النسبي عن المخاطر القادمة بحراً من خارج الخليج. إضافة لذلك، فإن من يسيطر على الكويت ويتمركز فيها يستطيع أن يهدد جنوب العراق، على النحو الذي يحول العراق إلى دولة مغلقة، ويهدد وسط إيران، وأيضاً يهدد كامل المنطقة الشرقية السعودية، التي يتركز فيها الإنتاج النفطي السعودي.
هذا بالنسبة للموقع، أما بالنسبة للاعتبارات الأخرى، فيمكن الإشارة إلى ما يلي:
• الرأي العام الكويتي: لا توجد معارضة لأمريكا أو للتوجهات السياسية الأمريكية في أوساط الرأي العام الكويتي، وذلك بخلاف بلدان الخليج الأخرى.
• النخبة الحاكمة: تعتبر أسرة آل الصباح، الأكثر ارتباطاً بالتوجهات الأمريكية من باقي الأسر الحاكمة في الخليج وذلك طوال المراحل السابقة بما في ذلك مراحل ما قبل احتلال العراق للكويت الذي كان من بين أبرز أسبابه قيام الكويت بتقليل أسعار النفط أو بالأحرى بيع النفط لأمريكا بأقل من السعر المحدد لجهة تمكين أمريكا من الاحتفاظ بالمخزون النفطي الاستراتيجي الذي يكفي لتزويدها بالنفط إذا أوقفت الدول العربية ضخ النفط عن الغرب في حال حدوث مواجهة عربية – إسرائيلية جديدة.
• دول الجوار الإقليمي: العلاقات الكويتية – الأمريكية الوثيقة تجد الدعم والتواطؤ من دول الجوار الخليجي كالسعودية والبحرين وقطر والإمارات وسلطنة عمان، ولكنها تجد بالمقابل الكثير من المعارضة والشكوك من قبل إيران والعراق في مرحلة ما قبل الغزو والاحتلال الأمريكي.
* الوجود الأمريكي في الكويت: توازنات البيئة السياسية:
توازنات البيئة السياسية تتضمن العلاقات ضمن مفردات معادلة ارتباط البيئة السياسية الداخلية بالبيئة السياسية الخارجية:
• البيئة السياسية الداخلية: تعتبر البيئة السياسية الداخلية في الكويت أقل تأثيراً، أو بالأحرى شبه معدومة التأثير على الأحداث والوقائع السياسية الجارية في الكويت ومنطقة الخليج وذلك بسبب جملة من عوامل الضعف والتي من أبرزها العامل الديمغرافي، فالكويت لا يتجاوز عدد سكانها المليون شخص مقارنة بالسعودية التي يبلغ عدد سكانها 25 مليوناً، والعراق 25 مليون، وإيران 85 مليون، وعلى أساس اعتبارات القوة العسكرية لا تلعب القوات المسلحة الكويتية أي دور سوى حماية العائلة الحاكمة.
• البيئة السياسية الخارجية: على العكس من إيران والعراق اللتان تلعب فيهما البيئة السياسية الداخلية دوراً كبيراً وهاماً في مجرى التطورات، فإن البيئة السياسية الخارجية تلعب الدور الكامل في التأثير على مجرى التطورات السياسية الكويتية، وحتى الآن يمكن القول بأن كل المنعطفات والتحولات الهامة في الأداء السلوكي السياسي الداخلي والخارجي الكويتي، كان حصراً بتأثير عوامل البيئة السياسية الخارجية. بكلمات أخرى، فإن عملية صنع واتخاذ القرار السياسي الكويتي تهتم بقدر أكبر باعتبارات البيئة السياسية الخارجية وذلك بسبب إدراك دوائر صنع واتخاذ القرار هذه، بأن عوامل التهديد تتمركز أساسي في البيئة الخارجية.
* الإدارة الأمريكية: استغلال الفرصة الكويتية:
التوازن القائم حالياً بين البيئة السياسية الداخلية الكويتية، المؤيدة للوجود الأمريكي، والبيئة السياسية الخارجية الكويتية التي تتفرع إلى بيئة إقليمية ينظر فيها الكويتيون إلى إيران اعتبارها مصدر الخطر، وبيئة دولية ينظر فيها الكويتيون إلى الولايات المتحدة باعتبارها مصدر الأمان والأمن والطمأنينة من غدر الجيران، هذا التوازن يتيح للولايات المتحدة القيام بالآتي:
• إقامة القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية الأمريكية.
• توجيه السياسة الخارجية الكويتية في المنطقة الإقليمية.
• إدماج الاقتصاد الكويتي ضمن "ملحقات" الاقتصاد الأمريكي.
• توظيف الكويت كـ"بؤرة" جماعية لنشر القيم الغربية الأمريكية بما يمهد لأمركة المنطقة.
عموماً، سوف يظل الوجود الأمريكي في الكويت قوياً، وبرغم أن هذا الوجود قد بدأ يضعف أكثر فأكثر خلال فترة الثمانينات، إلا أن قيام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بغزو واحتلال الكويت، قد أدى إلى رفع شكوك الكويتيين إزاء دول الجوار الإقليمي كمصدر للخطر والتهديد من جهة، ورفع في نظر الكويتيين من مصداقية وموثوقية الولايات المتحدة الأمريكية والغرب كمصدر للأمان والسلام.
وهكذا، بين أمريكا – الغرب والعراق – إيران، سوف يظل الإدراك الاستراتيجي الكويتي إزاء مستقبل أمن الكويت حبيساً لفترة طويلة قادمة وذلك حتى تتبدد أوهام "الحماية" الأمريكية، وأوهام "الخطر" الإيراني – العراقي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...