العراق والأكاذيب العشرة

07-01-2008

العراق والأكاذيب العشرة

الجمل: اشتهر المفتش الدولي الأمريكي ريتر بأنه تولى القيام بأعباء المهمة القذرة المتعلقة بإطالة أمد العقوبات الدولية المفروضة على العراق عن طريق رفع التقارير الكاذبة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية إلى وكالة الطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي، وفي نفس الوقت القيام بتسريب المعلومات إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز الموساد الإسرائيلي.
* المفتش الدولي ريتر والانقلاب على الذات:
مثلما تحدث الانقلابات العسكرية في بلدان العالم الثالث فقد انقلب المفتش الدولي ريتر على نفسه:
• اعترف علناً بأنه كان يقوم بتزوير التقارير ضد العراق.
• اعترف علناً بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جندته من أجل تسريب المعلومات الاستخبارية لها، وإدراج ما تطلبه الوكالة ضمن التقارير التي كان يعدها.
• اعترف علناً بأن جهاز الموساد الإسرائيلي جنده لتسريب المعلومات الاستخبارية وإدراج ما يطلبه الموساد ضمن التقارير التي كان يقوم بإعدادها.
ولم يكتف المفتش الدولي بهذه الاعترافات المثيرة للاهتمام (والتي برغم حساسيتها فإن بعض الخبراء يصفونها بأنها جاءت متأخرة بعد فوات الأوان) بل يقوم حالياً بشن حملة انتقادات عنيفة ضد إدارة بوش وذلك بالتركيز على كشف وانتقاد الأخطاء الأمريكية في العراق.
* كم "عراقاً" يوجد في الوقت الحالي؟
يتساءل بعض المعلقين الغربيين حول العدد الحقيقي لـ"العراقات" حالياًَ، فهناك العراق الشيعي الذي تتم إدارته على خط طهران – البصرة، وهناك العراق السني الذي تتم إدارته على خط الرياض – بغداد، وهناك العراق الكردي الذي تتم إدارته على خط تل أبيب وواشنطن – أربيل. وإضافة لذلك يوجد عدد من "العراقات" التي تديرها حركات المقاومة الوطنية العراقية، كذلك هناك العراق السني الذي يديره تنظيم القاعدة. كما تجدر الإشارة إلى أن هذه التقسيمات ليست نهائية، فهناك الكثير من التقسيمات النوعية، فعلى سبيل المثال هناك ثلاث "عراقات" شيعية في الجنوب، الأول يديره جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، والثاني يديره فيلق بدر التابع لعبد العزيز الحكيم، والثالث –وهو الأضعف- يديره حزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي. أما بالنسبة للعراق السني، فهو مقسم كذلك بين الجماعات الأصولية السنية بحسب مناطق النفوذ والمرجعيات الدينية، وبالنسبة للعراق الكردي فهو في حالة انقسام بين أربيل التي يسيطر عليها البرزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، والسليمانية التي يسيطر عليها جلال طالباني زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إضافة إلى وجود جيوب كردية أخرى تقع تحت سيطرة الحركات الكردية التركية والإيرانية.
وبرغم هذه التعددية والكثرة السيادية، فهناك أيضاً العراق الذي يديره أحمد الجلبي، وهو عراق جماعة المحافظين الجدد "المفترض"، والذي تم وضع مخططاته لتوفير الأمن والأمان لشيمون بيريز وأولمرت وباراك ونتينياهو وغيرهم من أبناء "شعب الله المختار".
* العراق وأساطير عام 2007م:
تفوّق خيال جماعة المحافظين الجدد وإدارة بوش على خيال قدماء الإغريق والرومان في إنتاج الأساطير الغريبة، وبهذا الخصوص أشار الكاتب الأمريكي جوان كولي إلى وجود عشرة "أساطير" تمت صناعتها بواسطة "المعامل" التي تزود إدارة بوش بأسلحة "الخداع والتضليل الشامل" وهي:
• انخفض العنف في العراق بسبب زيادة عدد القوات الأمريكية.
• العراقيون لا يريدون رحيل القوات الأمريكية لأنها توفر صمام الأمان الذي يمنع اندلاع وتصاعد العنف.
• منطقة شمال العراق (كردستان) خالية تماماً من العنف وتشهد نمواً وازدهاراً اقتصادياً.
• مجالس الصحوة العراقية سيطرت على المناطق السنية واستطاعت القضاء على التمرد السني وهي تقف إلى جانب نوري المالكي وسلطات الاحتلال الأمريكية.
• استطاع نوري المالكي أن ينجز بعض المهام التي تم تكليفه بها كشرط لجعل الإدارة الأمريكية تقتنع وتلبي رغبة العراقيين في تمديد بقاء القوات الأمريكية.
• تقوم سوريا وإيران بتزويد الحركات الأصولية الإسلامية بالسلاح والمتفجرات والعتاد.
• استطاعت القوات الأمريكية إيقاف الصراع الداخلي السني – الشيعي الذي كان دائراً خلال الفترة التي سبقت زيادة القوات الأمريكية.
• تم إحراز التقدم في تحقيق التسوية والمصالحة الوطنية الدينية والسياسية بين الأطراف العراقية.
• بحلول عام 2008م فإن الأزمة العراقية لم تعد تؤثر على توجهات الرأي العام الأمريكي إزاء الانتخابات الرئاسية القادمة في نهاية العام الحالي.
* سوريا تحت مرمى أسلحة "الخداع" الشامل:
تنطوي نوايا وسلوكيات إدارة بوش إزاء سوريا على الاستخدام المفرط لأسلحة الخداع الشامل وبهذا الخصوص فقد ظلت سوريا تواجه:
• التهديد والردع: عن طريق اتهام سوريا بدعم المسلحين وتسهيل حركتهم عبر الحدود السورية – العراقية.
• الترغيب والاستمالة: عن طريق إغراء سوريا بـ"تغيير سلوكها".
وتجدر الإشارة إلى أن عبارة "تغيير سلوكها" لم يتم وضعها مصادفة حيث أنها تتعاكس تماماً مع مبدأ توازن العرض والطلب، فسوريا مطلوب منها أن تغير سلوكها في الوقت الذي كان يجب أن تتم مُطالبتها بـ"وقف دعم المسلحين العابرين من أراضيها إلى العراق"، بمعنى عبارة "تغيير سلوكها" وضعت لكي تتضمن طائفة لا حصر لها من المطالب المتعلقة بلبنان والفلسطينيين والتنازل عن حقوقها بلا مقابل... وهلمجراً.
من المؤكد أن الاحتلال الأمريكي للعراق سيستمر حتى نهاية ولاية الرئيس جورج بوش، وسيتوقف استمراره بعد ذلك على نوع وموقف الإدارة الأمريكية الجديدة، إضافة إلى مدى إصرار العراقيين على تصعيد المقاومة ضد الاحتلال. بالنسبة لسوريا، فإن الاحتمالات تشير إلى أن الخيار العسكري ضدها لم يعد في متناول يد تل أبيب وواشنطن طالما أن الخيار العسكري ضد إيران مستبعد، وما هو أكثر احتمالاً يتمثل في رفع وتيرة الضغوط الدبلوماسية الأمريكية – الأوروبية عليها. حالياً يمكن القول بأن سوريا قد نجحت في تكييف أوضاعها الداخلية والخارجية ورفع جاهزيتها لمواجهة هذه الضغوط والعقوبات. بكلمات أخرى، فإن فعالية سوريا في درء الضغوط قد أصبحت أكثر حيوية وكفاءة. لكن وبرغم ذلك، فإن ملف الأزمة العراقية ما زال يشكل واحداً أهم مصادر التهديد والخطر على  للاستقرار السوري.
لعبت بغداد الكثير من الأدوار السلبية ضد سوريا عن طريق إطلاق التصريحات التي توفر الذرائع للإدارة الأمريكية للقيام بتوجيه الاتهامات ضد سوريا. وخلال العام القادم لا توجد أي مؤشرات تؤكد على عدم قيام بغداد (نوري المالكي، الطالباني، البرزاني، عبد الحسين، موفق الربيعي... وغيرهم) بنفس الدور السابق، خاصة وأن إدارة بوش ستحتاج إلى المزيد من التصريحات للاستناد عليها وممارسة المزيد من الضغوط ضد سوريا في محاولة للحد من التأثير السوري على مجريات مفاوضات أنابوليس والصراع اللبناني – اللبناني وغير ذلك.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...