الصراع على النساء بين ماركيز ويوسا
نشرت "نيويورك تايمز" في الآونة الأخيرة صورة قديمة للكاتب غبريال غارثيا ماركيز تبدو فيها إحدى عينيه محاطةً بهالة سوداء، وهي كدمة تسبب له بها الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا. طبعاً، لم يكن صاحب «خريف البطريرك» و»مئة عام من العزلة» من هواة الملاكمة في شبابه ليتبارى في هذه الرياضة مع يوسّا. السبب الظاهر للمشاجرة بين الكاتبين كان الخلاف الفكري، فأحدهما (ماركيز) مؤمن بالأفكار اليسارية والآخر (يوسا) يميني بامتياز. لكن الجريدة أشارت إلى سبب آخر لهذه اللكمة الواضحة على وجه ماركيز. سبب شخصي جداً. فعلى ذمّة المحرر، ضرب يوسا ماركيز بهذا العنف لأن الأخير قام بمغازلة زوجة الأول.
لا بد أن هذا الخبر الذي يعود إلى أكثر من ثلاثين عاماً مضت، جلب للجريدة مزيداً من القرّاء، الذين أثارت فضولهم صورة وافق الكاتب أخيرا على نشرها بعدما رفض ذلك طويلاً في السابق. وبغضّ النظر عن هذه الموافقة أو عدمها، يلفتنا في الصحف الغربية اهتمامها الكبير بالحياة الخاصة للمشاهير، وهو اهتمام لا يعرف حدوداً أحياناً ويودي بالمعنيين إلى الهلاك (كلنا نذكر مأساة الأميرة ديانا بسبب مطاردة الباباراتزي لها). وسواء أكنّا مع هذا الاهتمام أم ضدّه - وأنا شخصيا ضدّه - لا بدّ من ملاحظة الاحترام الجميل الذي توليه الصحف العربية لحياة الكتّاب الخاصة، فلا تنشر أي خبر شخصي عنهم، رغم المعارك الطاحنة التي تدور بينهم في السرّ والعلن أحياناً. هذه المعارك ذات الأسباب الشخصية غالباً، المختبئة تحت غطاء ثقافي. هل يعود هذا التحفظ إلى العقل العربي الذي يحرّم النظر إلى داخل «البيوت» والكشف عما يدور داخلها؟ لكن الغريب في هذا الموضوع أن مجتمعاتنا تشهد اليوم، من جهة أخرى، انكشافاً لا مثيل له، إن من حيث انتشار ظاهرة تلفزيون الواقع التي تكتسح الفضائيات العربية، أو من حيث ملاحقة الصحف الفنية المسعورة لأخبار المطربين والممثلين. فهل نطالب بمساواة الكتّاب بالمطربين والراقصات؟ على الأرجح أن هذه المساواة لن تعجبهم كثيراً. وسيكونون على حق.
فريد نون
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد