ارتفاع أجور النقل بنسبة 50%!
بدون سابق إنذار أو استنادٍ على أي معيار رسمي، قرّر سائقو سيارات الأجرة في العاصمة دمشق رفع أجور النقل "بأنفسهم" بنسبة وصلت بل زادت عن 50%، بحجة "عدم توفّر البنزين، والانتظار لساعات طويلة من أجل الحصول على تنكة واحدة".
ويجد سائقو التكاسي أنفسهم "مظلومون" لأن عليهم أن يقفوا يومياً أكثر من أربع ساعات من أجل الحصول على 20 ليتر فقط، أو عليهم التوجه للسوق السوداء، وشراء التنكة بمبلغ 9 أو 10 آلاف ليرة سورية.
ويُلقي سائقو الأجرة باللوم على محطّات الوقود، التي تُلقي بدوها اللوم على وزارة النفط، التي تُلقي هي الأخرى باللوم على العقوبات الاقتصادية... والخ، ويبقى المواطن الحلقة الأضعف، محتاراً ماذا عليه أن يفعل بين كلّ هذه الأزمات التي يعيشها.
"أنا من عقربا.. لا بنزين ولا كهربا".. بهذه الجملة، يُمازح أبو محمد صديقه أثناء ساعات الانتظار الطويلة على مدخل كازية ساحة التحرير، ويقول لـ«شام إف إم» "أنا من هنا من الساعة السابعة مساءً، وسأبقى لآخر الليل، وإذا لزم الأمر، سأنام في السيارة كي لا يذهب دوري".
يتكرّر المشهد في معظم محطّات الوقود في دمشق وباقي المحافظات السورية، وسط شائعات تتحدث عن تخفيض الكميات المخصصة من البنزين المدعوم، من 222 ليتر إلى 120 ليتر شهرياً، فيما اتخذت وزارة النفط ما سمته "إجراءً احترازياً" بتخفيض الكميات اليومية المخصصة، من 40 ليتر إلى 20 ليتر.
شائعات لم تصدر رسمياً، لكن لم ينفها رئيس الحكومة عماد خميس، خلال لقائه مع عدد من إعلاميي القطاع الخاص، حيث أكّد "وجود دراسة دراسة تبين أن وسطي استهلاك أكثر من 90% السيارات في سوريا هو حوالي 120 ليتر شهرياً، وهذه الكمية التي تستحق الدعم بالسعر الحالي (225 ليرة لليتر) وأي كميات إضافية سوف تباع بسعر التكلفة"، مشيراً بذات الوقت أنه لن "يتضرر من هذا القرار أغلب أصحاب السيارات، ووحدهم مالكو السيارات الفخمة قد يتضرر لأنها تستهلك كميات أكبر من البنزين".
ويحمل هذا التصريح بين طيّاته نية الحكومة فعلاً للقيام بهذه الخطوة، ما دفع آلاف سائقي السيارات للتوجه نحو الكازيات من أجل "أن يلحقوا بأنفسهم" ويحظوا بكميات إضافية من البنزين المدعوم، وبالمقابل، سارعت أيضاً مئات محطّات الوقود لاحتكار كميات إضافية، والإغلاق بساعات قبل الموعد المحدد، عسى أن تحظى بفرصة بيع هذه الكميات بالسعر الحر.
وتملأ الخشية نفوس المواطنين في سوريا من تطبيق قرارات رفع الدعم عن المحروقات -بشكل تدريجي- إذ سينعكس ذلك على أجور النقل اولاً، وأسعار الكثير من المواد والمنتجات التي يتم نقلها عبر السيارات التي تعمل على البنزين.
ولا يخفى عن المواطن آثار العقوبات الاقتصادية التي تعصفُ بالبلاد، تحرمها من استيراد أي مشتقات نفطية، إثر حصار اقتصادي أوروبي أميركي خانق، يحظر على أي شخص أو مؤسسة أن تتعامل مع الحكومة السورية، وفق قائمة تصدر بشكل دوري، ويُضاف عليها أسماء رجال الأعمال المعاقبين بسبب تعاملهم مع الحكومة السورية.
وخسرت سوريا مليارات الدولارات جراء فقدانها معظم حقول النفط والغاز، وتخريب عشرات المواقع والمصافي والآليات والأنابيب التي كانت تحمل المشتقات النفطية من شرق البلاد إلى كل المحافظات السورية.
وبعد أن كانت سوريا تنتج نحو 400 الف برميل يومياً قبل الأزمة، إذ كان يتم استهلاك 250 ألف برميل محليا ويصدر الباقي،أمست اليوم تنتج ما لا يزيد عن 14 ألف برميل فقط، وتستورد الباقي، ما انعكس ذلك أيضاً على كلّ مصادر الطاقة.
شام إف إم
إضافة تعليق جديد