إسرائيل تتمادى في التجسس على لبنان علناً

07-11-2013

إسرائيل تتمادى في التجسس على لبنان علناً

فيما ينشغل اللبنانيون بخلافاتهم الداخلية و«معاركهم» السياسية الجانبية وأمنهم المضطرب في ظل دولة معطلة.. «تشتغل» اسرائيل بالبلد وتعبث بأثيره وخصوصياته على «عينك يا تاجر».
صحيح أن التجسس الاسرائيلي على لبنان مزمن، لكن جرى مؤخراً رصد نوع من التحسين والتعزيز لأبراج التجسس الموجودة مباشرة على الحدود مع لبنان، والتي تتمتع بقدرة على التقاط كل ما يمر في الهواء.. وصولاً الى رصد الأنفاس.
وإذا كان التجسس «خفياً» بطبيعته ويتم عادة بطرق سرية، فإن هذه الابراج تبدو فاضحة في دورها العلني واستباحتها للعمق اللبناني، الأمر الذي ينطوي على انتهاك صارخ للسيادة الوطنية، ويشكل إهانة للبنان، الدولة والوطن. وإذا كانت أميركا قد اضطرت للإنكار حيناً أو الاعتذار أحياناً بعد انكشاف أمر تجسسها على الحلفاء قبل الخصوم، فإن «التجسس الإسرائيلي لا مثيل له في العالم»، كما تؤكد مصادر تقنية وسياسية، «إذ لم يسبق أن تجسست دولة على أخرى بشكل علني إلى هذا الحد». موقع جل العلم الإسرائيلي قرب الناقورة: رصد أي جسم متحرك.. والتنصت على المكالمات و«الداتا» (من الصور المرفقة بالتقرير)
وعُلم أن تجهيزات التجسس الإسرائيلية منتشرة على طول الخط الحدودي الممتد من الناقورة، مروراً بميس الجبل، وبوابة فاطمة، والعديسة، وصولاً الى بوابة مزارع شبعا، العباسية.. وهي تتضمّن أعمدة استقبال، رادات وأجهزة تحليل معلومات، إضافة الى «روبوتات» أدخلت حديثاً إلى الخدمة كبديل عن وجود الجنود على الأرض.
وقالت مصادر أن رئاسة الحكومة سبق وطلبت تشكيل لجنة مهمتها تقصي حقيقة الإجراءات الإسرائيلية وتحضير تقرير مفصل عن الخروق، في آب الماضي. وقد تألفت هذه اللجنة من ستة أشخاص يمثلون وزارة الاتصالات وقيادة الجيش والهيئة المنظمة للاتصالات، برئاسة ضابط مختص. بعد ذلك، قامت اللجنة بعشرات الزيارات إلى الجنوب، يرافقها فريق تقني مساند، حيث تفقدت، وما تزال، مواقع الرادارات وأجهزة التنصت الإسرائيلية.
وفي المعلومات ان ممثل وزارة الاتصالات في اللجنة سلم الوزير نقولا صحناوي مسودة تقرير، تتضمن تقديرات أولية للمخاطر التي تسببها الابراج الاسرائيلية، مرفقة ببعض الصور والمستندات. وقد وصلت نسخة من هذه المسودة الى الرئيس نبيه بري الذي أثار الموضوع خلال «لقاء الاربعاء»، امس، وابلغ النواب ان «النشاط الاسرائيلي آخذ في التزايد من خلال نشر محطات تنصّت ومراقبة على طول الحدود مع لبنان، مجهّزة بأحدث المعدات والتقنيات التي تغطي الساحة اللبنانية كاملة، وهي مرتبطة عبر أجهزة ركزت في جبل الشيخ ومزارع شبعا بتل أبيب».
وطلب بري من رئيس لجنة الاتصالات والإعلام النائب حسن فضل الله عقد جلسة للجنة بحضور الوزراء المعنيين، خصوصاً وزيري الخارجية والاتصالات ليبنى على الشيء مقتضاه، لاسيما تقديم شكوى رسمية الى مجلس الأمن في هذا الخصوص. وبالفعل حدد فضل الله الاثنين المقبل موعداً لعقد الاجتماع.
وفيما يُتوقع أن تقدم لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها رئاسة الحكومة عرضاً بآخر ما توصلت إليه أمام لجنة الاتصالات النيابية، أفادت مصادر أن اللجنة تقوم، خلال زياراتها التفقدية إلى الجنوب (آخرها منذ أيام) بالكشف، عن بُعد، على تقنيات التجسس الإسرائيلية، بالاعتماد على معدات يابانية موجودة في السوق اللبنانية، وقادرة على تبيان طبيعة التجهيزات الإسرائيلية من مسافة 300 متر، (حجمها، توجيهها، ارتفاعها...).
وتوقفت اللجنة ملياً أمام موقع جل العلم بالقرب من الناقورة (يُعدّ ثاني أكبر مركز تجسس إسرائيلي بعد موقع العباد) والذي أعادت إسرائيل تشييده، بعدما دمّرته المقاومة في العام 2006، بالاعتماد على تقنيات متطورة. ووفق اللجنة، فإن الموقع هو من أكثر مراكز التجسس تعقيداً، ويتضمن رادارات متصلة بموقعي جبل الشيخ ومزارع شبعا.
وبرغم أن الإمكانيات التي تملكها اللجنة تمكنها من الحصول على معلومات دقيقة حول تفاصيل عديدة في شأن المواقع الإسرائيلية، إلا أنه تبين لها ان هناك حاجة إلى أجهزة أكثر تقدماً، تسمح لها بتكوين صورة متكاملة عن التقنيات الإسرائيلية المستخدمة، كقياس طاقة كل جهاز والإشارة التي تبث من كل موقع..
واستناداً الى المعلومات المتوافرة لها، أوردت اللجنة في تقاريرها الأولية، أن لبنان مفتوح على كل أشكال التجسس، في ظل وجود مواقع مثل جل العلم، على طول الحدود الجنوبية، تسمح لإسرائيل بالحصول على كل أشكال المعلومات عن الاتصالات اللاسلكية اللبنانية (خلوية ورادوية). كما تقوم التقنيات الموجودة بتصوير مناطق شاسعة في الجنوب وتحليل الصور تلقائياً، وفي حال تبين وجود أي حركة تقوم الأجهزة بإرسال إشارة إلى غرف عمليات داخل إسرائيل.
ويمكن لمحطة جل العلم، التي تبين أنها موجهة إلى محطات الإرسال التابعة لشركتي «تاتش» و«ألفا»، التنصت على المكالمات الصوتية واختراق «الداتا».
وفيما تشير اللجنة إلى أنه يمكن تقنياً التشويش على إسرائيل ومنعها نسبياً من التقاط الموجات اللبنانية، عبر تركيب أعمدة تواجه هوائياتها وتؤدي إلى إعاقة الموجات الرادوية، إلا أنه ينتظر ألا تصدر اللجنة التوصية التقنية قبل اكتمال عملها وتقديم التقرير النهائي.
وحتى ذلك الوقت، تستمر اللجنة في تنفيذ مهمتها في موازاة مواجهتها للعرقلة الإسرائيلية. إذ تبين للجنة في اجتماعات عديدة عقدتها لتحليل النتائج التي حصلت عليها خلال زياراتها، أن إسرائيل أرسلت إشعاعات قوية أدت إلى تعطيل الأجهزة اللبنانية، ما أدى للحصول على نتائج خاطئة.
صحناوي
وقال وزير الاتصالات نقولا صحناوي أنه تبلّغ ان الأبراج التي بناها الاسرائيليون على مقربة من الحدود مع لبنان تتيح لهم رصد كل ما يمكن ان يمر في الهواء، من موجات وذبذبات وصولاً الى خرق كابلات الهاتف، إذا كانت فوق الارض ومعرفة ما يسري عبرها.
ولفت الانتباه الى ان الأبراج القائمة تشكل خرقاً فاضحاً للسيادة اللبنانية وهي غير مقبولة بتاتاً وفق القوانين الدولية.
وكشف عن ان اللجنة التي تضم ممثلين عن الجيش ووزارة الاتصالات والهيئة الناظمة هي بصدد إعداد تقرير مفصل حول اتجاهات كل برج وطبيعة عمله، مشيراً الى ان الاسرائيليين حطموا خلال تحركاتهم على الارض احدى الآلات التي كانت تستخدمها اللجنة، وقد طلبت تأمين بديل عنها بأسرع وقت ممكن حتى تستطيع استكمال مهمتها ووضع تصورها النهائي للمخاطر المترتبة على عمل أبراج التجسس الاسرائيلية التي تطال بشكل فاضح على الأراضي اللبنانية.
واعتبر ان العدالة كانت تقتضي ان تنتشر الـ«يونيفيل» على جانبي الحدود لضمان تنفيذ القرار 1701 بطريقة نزيهة ومتوازنة، وليس الانتشار فقط على الجانب اللبناني من الحدود.
فضل الله
وقال رئيس لجنة الاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله  انه دعا الى اجتماع طارئ للجنة يوم الاثنين المقبل، بحضور وزير الاتصالات وفريق العمل المختص، ووزارة الخارجية، للبحث في الخرق الإسرائيلي التقني للسيادة الوطنية.
وشدد على ان ما قام به العدو الاسرائيلي من بناء أبراج تجسسية على الحدود لا يمكن أن تقبل به أي دولة تحترم نفسها، وهذا عمل يمثل استباحة مفضوحة للعمق اللبناني ويتطلب تحركاً على مختلف المستويات للتصدي له.
وأوضح أن «وزير الاتصالات سيعرض خلال اجتماع اللجنة النيابية عبر شاشة كل الصور والمستندات الموجودة بحوزة الوزارة حتى الآن، ثم نحدد الخطوات اللاحقة». واعتبر أن هذا الخرق السافر يتطلب رداً وطنياً شاملاً يتجاوز الخلافات والاصطفافات الداخلية.

إيلي الفرزلي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...