تسريبات أمنية حول مهمة جيمس كلابار السرية في أنقرة

الجمل: كشفت تسريبات المصادر العليمة وصول المسؤول المخابراتي الأمريكي الرفيع المستوى جيمس كلابار إلى العاصمة التركية أنقرا، وما كان لافتاً للنظر أن زيارة جيمس كلابار ـ الذي يعتبر المسؤول المخابراتي الأمريكي الأول ـ إلى أنقرا قد أحيطت بطوق من السرية والكتمان الشديد، فما هي طبيعة زيارة كلابار إلى أنقرا، وما هي المهام التي سعى لإنجازها في تركيا؟

* جدول أعمال المخابرات الأمريكية في تركيا: توصيف المعلومات الجارية
يتولى جيمس كلابار حالياً منصب مدير المخابرات الأمريكية، وبالتالي فهو يشرف على جميع أجهزة المخابرات الأمريكية، ويمثل حلقة الوصل الرئيسية بين البيت الأبيض الأمريكي وكل أجهزة ما يطلق عليه الخبراء تسمية مجتمع المخابرات الأمريكي (يضم 16 جهاز مخابرات بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية الأمريكية)، هذا وتجدر الإشارة إلى أن زيارة جيمس كلابار إلى تركيا قد أحيطت بسرية كبيرة، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك:
•    سعت الإدارة الأمريكية، وأجهزة مخابراتها إلى عدم الإعلان عن هذه الزيارة، إضافة إلى قيام البيت الأبيض الأمريكي ووزارة الخارجية الأمريكية بالنفي القاطع بحدوث هذه الزيارة.
•    سعت السلطات التركية إلى النفي القاطع بوجود هذه الزيارة.
هذا، وبرغم طوق السرية، فقد كشفت تسريبات المصادر العليمة والرفيعة المستوى بأن مدير المخابرات الأمريكية جيمس كلابار موجود حالياً في العاصمة التركية أنقرا، والتي وصلها مساء أمس الأول الأحد الموافق 18 أيلول (سبتمبر) 2011م، وسوف يغادرها اليوم الثلاثاء 20 أيلول (سبتمبر) 2011م، وأشارت التسريبات إلى أن جدول أعمال زيارة كلابار للعاصمة التركية أنقرا قد تضمن البنود الآتية:
•    عقد لقاء مع المسؤول التركي المخابراتي الرفيع المستوى هاكان فيدان الذي يتولى حالياً منصب رئيس جهاز المخابرات الوطنية التركي، وقد تم إجراء اللقاء في مباني رئاسة المخابرات التركية.
•    عقد لقاء مع وزير الداخلية التركي ناعيم شاهين.
•    عقد لقاء مع بشير عطالان الذي يتولى منصب نائب رئيس الوزراء التركي، والمسؤول الأول عن ملف مكافحة فعاليات حزب العمال الكردستاني التركي.
•    عقد لقاء مع نائب وزير الخارجية التركي.
•    عقد لقاء مع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي.
لاحظت بعض الأطراف الدبلوماسية والمخابراتية الرفيعة المستوى، بأن زيارة كلابار للعاصمة التركية أنقرا قد جرت فعالياتها بشكل مفاجئ، وتحديداً خلال فترة غياب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، واللذان يقومان حالياً بجولة شرق أوسطية بدأت بمصر، والتي استمرت فعالياتها لجهة إكمال زيارة كل من تونس وليبيا.

* ما الذي يجري تحت سطح بنود الزيارة؟
اكتفت بعض التسريبات بالتطرق لفعاليات زيارة كلابار ضمن المعطيات العادية وترتيباتها الإجرائية، ولكن، برغم ذلك فقد سعت القليل من التسريبات إلى التطرق ضمن توصيف أكثر عمقاً لفعاليات الزيارة، وفي هذه الخصوص نشير إلى النقاط الأساسية التي شكلت محتوى الزيارة، وذلك على النحو الآتي:
•    ملف الدرع الصاروخي: أبلغ جيمس كلابار كبار المسؤولين الأتراك قائلاً وبشكل واضح، بأن واشنطن لن توافق مطلقاً على شروط أنقرا المتعلقة بحرمان إسرائيل من الاستفادة من مزايا منشآت الدرع الصاروخي المزمع نشرها في تركيا، وحذر كلابار قائلاً بأن منشآت الدرع الصاروخي التي سوف يتم نشرها في تركيا، قد صممت خصيصاً بحيث تكون مرتبطة بشكل عملياتي عسكري تكاملي مع المنشآت العسكرية الرادارية الإسرائيلية الموجودة في منطقة النقب. وبالتالي، فإن تمسك تركيا برفض إدماج إسرائيل، سوف يترتب عليه قيام واشنطن بإلغاء الاتفاق، والقيام بالبحث عن مكان بديل لنشر هذه المنشآت بخلاف تركيا.
•    ملف حزب العمال الكردستاني: تحدث جيمس كلابار بصريح العبارة، قائلاً بأن واشنطن سوف تستمر في تقديم المعلومات الاستخبارية الجارية لجهة دعم عمليات أنقرا العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، ولكن بشرط أن تلتزم أنقرا أولاً بنشر وإقامة منشآت الدرع الصاروخي في مناطق جنوب شرق تركيا المتاخمة لإيران وسوريا والعراق وثانياً أن تلتزم تركيا بعدم تزويد إيران بأي معلومات، وذلك لأن واشنطن تنظر للحركات المسلحة الكردية التي تستهدف تركيا باعتبارها عدو، وفي نفس الوقت تنظر للحركات الكردية العراقية والإيرانية، والسورية باعتبارها أطراف صديقة لواشنطن.
•    ملف التوترات التركية ـ الإسرائيلية: طالب كلابار المسؤولين الأتراك بضرورة السعي لتقديم التنازلات اللازمة لجهة تخفيض حدة التوترات مع إسرائيل بما يؤدي إلى تطبيع علاقات خط أنقرا ـ تل أبيب، باعتبار أن الطرفين حليفين لواشنطن، وبالتالي، فإن ضمان استقرار العلاقات التركية ـ الإسرائيلية سوف يضمن بالضرورة استمرار العلاقات التركية ـ الأمريكية.
•    ملف دعم الفلسطينيين: تحدث كلابار للمسؤولين الأتراك قائلاً بأن العديد من الأطراف الفلسطينية الفاعلة قد أصبحت الآن تحت دائرة النفوذ التركي، وفي هذا الخصوص طالب كلابار أنقرا بضرورة العمل من أجل حث الفلسطينيين على التراجع عن قرار مطالبة الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
•    ملف الاحتجاجات الشرق أوسطية: طالب كلابار المسؤولين الأتراك بضرورة أن تلتزم تركيا بالتنسيق والتفاهم المسبق مع أمريكا لجهة كيفية اتخاذ المواقف والتعامل مع الحركات الاحتجاجية الشرق أوسطية الجارية حالياً.
تشير المعطيات، وبشكل واضح إلى أن زيارة المسؤول المخابراتي الأمريكي الأول جيمس كلابار للعاصمة التركية أنقرا، قد ركزت لجهة القيام بتقديم التحذيرات ورسم الخطوط الحمراء الأمريكية، وذلك ضمن عملية تمهيد المسرح لفعاليات اللقاء الهام الذي سوف يجمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة) والمحدد له أن يتم اليوم الثلاثاء 20 أيلول (سبتمبر) 2011م، وتحديداً في مدينة نيويورك الأمريكية، والتي سوف يصلها ـ إن لم يكن قد وصل إليها بالفعل ـ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو، بعد فراغهما من جولة الزيارات الشرق أوسطية التي شملت مصر وتونس وليبيا، وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى أن لقاء أردوغان ـ أوباما، سوف يركز على حسم الآتي:
•    استفادة أو عدم استفادة إسرائيل من خدمات منشآت الدرع الصاروخي.
•    مدى رغبة أو عدم رغبة أنقرا لجهة القيام بدور فاعل في إدارة ملف التطورات السياسية الشرق أوسطية بالتنسيق مع أمريكا، وتحديداً تلك المتعلقة بسوريا والفلسطينيين.
•    مدى التزام تركيا بعدم تزويد طهران بالمعلومات الاستخبارية الأمريكية.
أضافت التسريبات، بأن زيارة أردوغان لكل من مصر وتونس وليبيا، قد جاءت بسبب مشاعر الغضب الشديدة من جراء عدم تخصيص أي مزايا نسبية نفطية ـ اقتصادية ـ تجارية ليبية لصالح تركيا، وبدلاً عن ذلك، تم تخصيص القدر الأكبر لفرنسا، الأمر الذي أشعل الحرب الباردة من جديد بين الزعيم التركي أردوغان والزعيم الفرنسي نيكولا ساركوزي، وفي هذا الخصوص تشير التسريبات إلى أن أردوغان سوف يسعى في لقاء نيويورك لجهة تقديم المزيد من التنازلات لصالح واشنطن مقابل أن تلتزم واشنطن بدعم حصول تركيا على قدر أكبر من المزايا النفطية والاقتصادية والتجارية في ليبيا، إضافة إلى دعم صعود الدور التركي الجديد الشرق أوسطي القائد.

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة