العدوان الإسرائيلي المتوقع على سوريا
الجمل: تحدث تقرير صحفي صادر اليوم عن تسريبات دبلوماسية تقول أن الإسرائيليين يمضون قدماً هذه الأيام وبشكل حثيث في إعداد وإكمال الترتيبات الإجرائية اللازمة لجهة قيام القوات الإسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية ضد الأهداف التابعة لحزب الله اللبناني، ولكن: الموجودة في سوريا ؟؟!! ما هي طبيعة النوايا الإسرائيلية الجديدة؟ وما مدى مصداقية حملة الذرائع الإسرائيلية-الأمريكية الجارية بالتوازي مع ذلك؟
* توصيف المعلومات الجارية:
تداولت بعض المصادر الصحفية الصادرة اليوم تقريراً تحدث عن تسريبات دبلوماسية، أفادت بأن هناك خطة إسرائيلية تهدف لتنفيذ عملية عسكرية ضد ما أطلق عليه الإسرائيليون تسمية «أهداف تابعة لحزب الله اللبناني» موجودة في سوريا. وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية المتعلقة بالتقرير:
• تداول التقرير: تم تداول نشر التقرير بواسطة ثلاثة مصادر صحفية، هي صحيفة الرأي الكويتية، وهي من الصحف الكويتية الكبيرة التي تصدرها إحدى المنشآت الصحفية المرموقة، وصحيفة هآرتس الإسرائيلية ذات التوجهات المعارضة لحزب الليكود الإسرائيلي وقوى اليمين الديني الإسرائيلي، وصحيفة أنتي وار الأمريكية المناهضة لإسرائيل ولجماعات اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد، وللحرب الأمريكية المفتوحة ضد الإرهاب.
• مصادر محتوى التقرير: استند التقرير على تسريبات دبلوماسية غربية وأوربية.
هذا، بالإضافة لذلك، يمكن الإشارة لأبرز النقاط الواردة في التقرير على النحو الآتي:
- تخطط إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية ضد مخازن السلاح ومصانع السلاح التابعة لحزب الله اللبناني الموجودة في سوريا
- زادت إسرائيل مستوى حجم قواتها المتمركزة على طول الحدود الإسرائيلية-السورية، والمتاخمة لمرتفعات الجولان ومناطق جبل دوف.
- تضمنت الاستعدادات الإسرائيلية قيام الطائرات بدون طيار الإسرائيلية بالمزيد من التحليقات والطلعات الجوية الاستطلاعية في لبنان وسوريا، الأمر الذي يكشف حقيقة النوايا الإسرائيلية، خاصة أن إسرائيل درجت على القيام بمثل هذه الطلعات الجوية الاستطلاعية كلما أرادت تنفيذ عملية عسكرية.
- تقول المزاعم الإسرائيلية بأن لحزب الله اللبناني مخازن للصواريخ بعيدة المدى في سوريا.
- تتوقع بعض المصادر الغربية بأن سوريا سوف ترد بقوة وفوراً على أي اعتداء عسكري إسرائيلي، ولن تتمسك هذه المرة بضبط النفس الذي سبق وأن تمسكت به عندما نفذت إسرائيل غارة جوية عام 2007 ضد أحد المواقع السورية.
- سعت الولايات المتحدة وبعض الأطراف الغربية إلى مطالبة دمشق بعدم التدخل لجهة التأثير السلبي على جولة المحادثات المباشرة الإسرائيلية-الفلسطينية المتوقع انعقاد جولتاه خلال الأسبوع القادم في العاصمة الأمريكية واشنطن.
- يعتقد بعض الخبراء الأمريكيون والغربيون بأن فشل جولة المباحثات المباشرة الأمريكية-الإسرائيلية الجديدة، يمكن أن تترتب عليه تداعيات خطيرة في منطقة الشرق الأوسط، و بالتالي، فهناك مطالب أمريكية لدمشق بضرورة العمل من أجل الحد من مفاعيل الفصائل المسلحة الفلسطينية المعارضة لجولة المفاوضات المباشرة الفلسطينية-الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي.
من المعروف أن الصحف الإسرائيلية قد درجت على عدم نشر المعلومات والتسريبات والتقارير العسكرية، إلا إذا كان مصدرها وزارة الدفاع الإسرائيلية (الجيش الإسرائيلي)، أو نقلاً عن إحدى الصحف الخارجية. وفي هذه الحالة، فقد درجت الصحف الإسرائيلية على نشر التقارير الخارجية مع إضافة تعليقات لأحد المسئولين أو الخبراء المعنيين بالشؤون العسكرية، لجهة التأكيد أو النفي. ولكن هذه المرة، فقد نشرت صحيفة هآرتس التقرير كما هو دون أن تسعى للحصول على أي تعليق من أحد المصادر الإسرائيلية الداخلية بالنفي أو بالإثبات!
* خيارات اللعبة الإسرائيلية الجديدة: استهداف سوريا عبر حزب الله، أم استهداف حزب الله عبر سوريا؟
خلال الفترات التي سبقت حرب صيف عام 2006 بجنوب لبنان، ظل الخبراء الإسرائيليون يتحدثون بتركيز تام بأن الاستهداف الإسرائيلي لسوريا يبدأ من نقطة القيام باستهداف حزب الله اللبناني. ولكن، بعد هزيمة القوات الإسرائيلية في حرب صيف 2006 أمام حزب الله اللبناني، بدأ خطاب الاستهداف الإسرائيلي وهو في حالة انزلاق مفهومي جديد، بما تضمن جملة من التعابير الجديدة التي تنطوي على جملة من المفاهيم، وفي هذا الخصوص، فقد طالب العديد من الخبراء الإسرائيليين على ضرورة الآتي:
• اعتبار سوريا المصدر الأساسي لقوة حزب الله اللبناني.
• اعتبار سوريا المسئول الأول عن وجود وعمليات حزب الله اللبناني.
• تحميل سوريا المسئولية عن وجود وعمليات حزب الله اللبناني.
• مطالبة مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوربي لجهة الضغط على سوريا من أجل أن تضغط على حزب الله.
• المطالبة بضرورة تشديد الرقابة على الحدود السورية-اللبنانية، بما يؤدي إلى قطع خطوط إمدادات حزب الله اللبناني.
• المطالبة بضرورة تعديل القرار الدولي 1701 بما يتيح قيام المجتمع الدولي بمحاسبة سوريا على وجود وعمليات حزب الله اللبناني.
• المطالبة بالضغط على مجلس الأمن الدولي لجهة تعديل القرار الدولي 1701 أو إصدار قرار دولي جديد يتيح توسيع ولاية نطاق عمل قوات اليونيفيل بما يشمل الحدود السورية-اللبنانية.
هذا، ونلاحظ بأن كل هذه التعابير والمفردات والمفاهيم الإسرائيلية الجديدة قد برزت بواسطة خبراء معهد الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب وأيضاً بواسطة خبراء معهد أورشليم للسياسة العامة الذي يشرف عليه الخبير الإسرائيلي –الليكودي- دوري غولد. ونفس هذه المفاهيم والتعابير والمفردات وردت على التقارير والتحليلات والأوراق البحثية التي ظلت جماعات اللوبي الإسرائيلي تروج لها في الساحة السياسية الأمريكية، وعلى وجه الخصوص في: الموقع الإلكتروني الخاص بالمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، ومعهد المسعى الأمريكي، ومعهد هدسن، ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
تشير معطيات خبرة الصراع العربي-الإسرائيلي الذي امتد لأكثر من ستين عاماً، إلى وجود الكثير من التقارير التي تتمتع بعضها بالمصداقية، وظل بعضها الآخر بلا مصداقية. وفي هذا الخصوص، وفيما يتعلق بمدى مصداقية وجدوى هذا التقرير نلاحظ الآتي:
- لجهة التوقيت: جاء نشر التقرير متزامناً مع: اقتراب بدء المفاوضات المباشرة الفلسطينية-الإسرائيلية، حادثة برج أبي حيدر وتجدد الخلافات اللبنانية-اللبنانية حول ملف أسلحة الميليشيات اللبنانية، بدء خروج القوات الأمريكية من العراق، تزايد الجهود الفرنسية لجهة مشاركة باريس لأنقرا في جهود الوساطة لرعاية المحادثات السورية-الإسرائيلية غير المباشرة، نجاح إيران في الحصول على الوقود النووي وتشغيل مفاعل أبو شهر.
- لجهة الوضع الداخلي الإسرائيلي: تشهد السياسة الداخلية الإسرائيلية حالة من الارتباكات المتزايدة، فقد جاء مدير الوكالة العالمية للطاقة الذرية لإسرائيل ليفاجأ بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد رفض عقد أي لقاء معه، وإضافة لذلك، تواجه الحكومة الإسرائيلية المزيد من انتقادات قوى اليمين الديني الإسرائيلية بسبب فشلها في احتواء الخطر النووي الإيراني، وأيضاً بسبب المهانة التي تعرضت لها القوات الإسرائيلية في حادثة العديسة على يد قوات الجيش اللبناني، تزايدت مخاوف الإسرائيليين من تداعيات المعلومات الجديدة التي كشفت تورط إسرائيل في جريمة اغتيال الحريري وتم كشفها بواسطة حزب الله اللبناني.
من الصعب التوصل إلى استنتاج قاطع يفيد لجهة أن إسرائيل سوف تقوم فعلاً بتنفيذ عملية عسكري ضد سوريا، وفي نفس الوقت، من الصعب التوصل إلى استنتاج ينفي مصداقية هذا التقرير. ولكن، وبرغم تضارب الاستنتاجات، فمن الممكن أن يكون استنتاج الحد الأدنى يتمثل في أن هذا التقرير يندرج ضمن فعاليات العلميات النفسية الإسرائيلية التي درجت تل أبيب على القيام بها، خاصة أن أجواء الشرق الأوسط المتقلبة تنطوي على المزيد من الأوضاع والظروف المتقلبة التي تغري بشن العمليات النفسية!! فهل يا ترى سوف تسعى إسرائيل فعلاً لاستبدال مذهب استهداف سوريا عبر نافذة حزب الله، بمذهبية استهداف حزب الله عبر النافذة السورية؟ وبكل تأكيد، فإن الإجابة التي سوف تحصل عليها إسرائيل سوف تكون واحدة.. وهي معروفة جيداً لدى الإسرائيليين!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد