البشير من إقليم دارفور: «السودان لن يُستعمَر مجدداً»
صعّد الرئيس السوداني عمر البشير أمس، من الحملة المضادة على قرار توقيفه من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مهدداً بضمّ الدبلوماسيين الأجانب وقوات الأمم المتحدة إلى قائمة المطرودين، وواصفاً محكمة لاهاي بأنها «تحت جزمته».
وفي سيارة مكشوفة يحيط بها المهللون، دخل البشير الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، الإقليم الذي يتهمه المدعي العام لمحكمة لاهاي لويس مورينو - أوكامبو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيه. وحمل الآلاف صور الرئيس وهم يهتفون «يسقط يسقط أوكامبو»، واستمعوا إليه يخطب فيهم قائلاً «المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها ومدعوها وكل من يدعمها تحت جزمتي هذه!».
أضاف البشير «أوجّه رسالة إلى جميع البعثات الدبلوماسية والدبلوماسيين العاملين في السودان وقوات حفظ السلام الموجودة في السودان... إذا تجاوزوا حدودهم سنطردهم مباشرة... لا تتدخلوا في ما لا يعنيكم». ولوّح الرئيس السوداني بسيفٍ في اجتماع حاشد أعقب خطابه، مذكِّراً بأن الغرب «أباد ملايين الهنود الحمر» لدى استعمار القارة الأميركية، و»ألقوا بالرقيق الأفارقة في الماء»، وقتل مئات الآلاف في قصف هيروشيما وفيتنام والعراق، فـ»لماذا لم يحاكموا؟»، مؤكداً أن الغرب «غير مؤهل للحديث عن العدالة وحقوق الإنسان».
وتابع «السودان أول دولة في
جنوب الصحراء تنال استقلالها، ولا يمكن أن تكون أول دولة يعاد استعمارها... إذا كانوا يريدون محاربتنا فليأتوا إلى هنا ويواجهونا وجهاً لوجه».
وكشف البشير أن تسوية عُرضت عليه لتجميد الملاحقة بحقه، لقاء الإبقاء على 13 منظمة إغاثة غير حكومية طردت من دارفور بتهمة «التجسس»، فور صدور مذكرة اعتقاله: «قالوا لنا إذا تركتم المنظمات تعمل سنجمد المذكرة في مواجهة الرئيس، لكننا رفضنا ذلك». أضاف أنه «من جعبتنا سنسدّ الفراغ» الناجم عن طرد منظمات تقدم نصف حجم المساعدات الصحية والغذائية لنحو 4.7 ملايين نازح، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.
تزامن ذلك مع إعلان «مجلس المنظمات الطوعية (التطــــوعية)» السودانية استعدادها التام لسدّ هذا الفراغ، فــيما دعت الخرطوم المانحين الدوليين إلى نقـــل دعمهم لهذه المنظمات ولمنظمة «الصليب الأحمر الدولي».
وفي السياق، أصدرت وزارة الشؤون الإنسانية السودانية تقريراً يظهر «تورط» هذه المنظمات بـ»إمداد المحكمة الجنائية الدولية بمعلومات كاذبة حول انتهاكات حقوق الإنسان».
وقبل أن يلقي البشير خطابه في الفاشر، تعاقب مسؤولون من دارفور على المنصة لدعوة أهل الإقليم إلى دعم الرئيس في أزمته، ومحاولة استمالة قبيلة الزغاوة القوية، التي ينتمي إليها كبار المتمردين الدارفوريين، بمن فيهم زعيم «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم. وكان «جيش تحرير السودان - فصيل الوحدة» أنذر، في بيان، من أنه سيستهدف زيارة البشير.
وفي نوع من المهادنة، حضر خطاب البشير كل من الممثل الخاص للقوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التي تنشر 15500 جندي وشرطي في دارفور، رودولف أدادا، والممــثل الخاص للأمين العام للأمم المتـحدة في السودان أشرف قاضي.
وفي الخرطوم، أعلن المكتب الإعلامي للقوات المسلحة أن الجيش السوداني جاهز لتجديد البيعة للبشير، ولتنفيذ مشروع «الإيواء العسكري» الذي يعني استنفار ثلاثة أرباع القوات المسلحة لأي تهديد محتمل. كما أعلن البرلمان السوداني أنه سيناقش يـــوم الخميس المقبل، مشروع قانون يمنع اعتـــقال أي سوداني بمـــوجب قوانين دولــية لم تصادق عليها الخرطوم.
- أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي زار البشــير أمــــس الأول، «توحّـــد الموقف العربي» حــيال قــضية البشير، قائلاً «ننتــظر البشير في (قمة) الدوحة».
أضاف «هناك عمل سياسي دولي سنــــعمل على القيام به مع تحقيق السلام والتنمية في دارفور، وفي الوقت عيـــنه الحفاظ على استقرار الســودان... حتى تسير الأمور في صالح تحقيق الوحدة (السودانية)».
وأكــــدت وزارة الــــخارجية السودانية لاحـــقاً، أن البشــير سيسافر في نهــاية آذار الـــحالي لحضور قمــة الدوحة.
وفي القاهرة أيضاً، دعا وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط في «رسائل عاجلة» وجهها إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، إلى عقد «مؤتمر دولي» لبحث «كيفية المواءمة بين الاعتبارات السياسية والقــــانونية في ضوء قرار المحكمة الجنائية الدولية». وكــشفت مــصادر في الجامعة العربية أن وفداً عربـــياً - أفريقياً رفيع المستوى سيتوجه إلى نيويورك خــلال أيـــام لإجراء مشاورات بهدف تأجيــل قــرار اعتقــال البشير لمدة سنة.
وفي هولندا، تظاهر أفراد الجالية السودانية في مسيرة استمرّت لثلاث ساعات، وبلغ الحشد حديقة الاحتفالات الرئيسية المقابلة لمقرّ المحكمة الجنائية في مركز مدينة لاهاي، بحضور ممثلين عن الجاليات السودانية في دول أوروبا. وقام رئيس اتحــاد الجاليات السودانية بقراءة مذكرة احتجاج، وأنشدت أناشيد سودانية وألقيت قصائد ضد قرار الاعتقال.
وفي مواقف إدانة جديدة، أعلن سكرتير الدولة الفنزويلي للشؤون الخارجية المكلف بالشأن الأفريقي، رينالدو بوليفار، أن فنزويلا تضم صوتها إلى صوت «الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والعديد من بلدان المجموعة الدولية» الذين دعوا إلى «عدم تسييس هيئات قضائية لغايات من شأنها زعزعة الاستقرار في أفريقيا عامة والسودان خاصة». كما أنذرت كوريا الشمالية، بلسان متــحدث باسم خارجيتها، من أن مذكــرة الاعتقال «تهدد السلام العالمي، وتزعزع استقرار العلاقات الدولية».
وذكرت صحيفة «المصري اليوم» المستقلة أمس الأول، أن حركة شحن البضائع عبر البريد توقفت بين القاهرة والخرطوم منذ صدور قرار اعتقال البشير، لأن إدارة البريد السريع الدولية التابعة لـ»الهيئة المصرية للبريد» رفضت قبول شحن أي طرود إلى السودان نظراً لـ»الظــروف السياسية الأخيرة».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد