ما هي توقعات قمة المتحالفين مع أمريكا والرافضين لها
الجمل: تأتي القمة العربية التي بدأت انعقادها اليوم، والعالم العربي مهدداً بالدخول في نفق الظلامية الجديدة حيث تتمثل توازنات الموقف العربي في الخلفيات الآتية:
• على الصعيد الداخلي العربي:
أصبح الانقسام في العالم العربي أمراً واقعاً بين ثلاثة معسكرات:
- المعتدلون العرب: (السعودية، الأردن، مصر، الكويت، وبلدان الخليج)، ويمثلون التيار الذرائعي الجديد الذي يحاول العمل في المستوى المعلن على حل المشكلات العربية عن طريق (استرضاء) أمريكا وإسرائيل بتقديم المزيد من التنازلات في العديد من الجبهات.
* التحالف مع أمريكا في العقوبات ضد إيران، وأيضاً في العمل العسكري الذي بات وشيكاً ضدها.
* العمل على عزل الدول والأطراف العربية الرافضة للمشروع الأمريكي مثل سوريا، السودان، حزب الله اللبناني، وحركات المقاومة الفلسطينية.
* تعزيز التعاون الاستخباري مع جهاز الموساد الإسرائيلي ودعم العمليات السرية التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في المنطقة، خاصة أنشطة المخابرات الأردنية ضد حزب الله اللبناني.
- الرافضون العرب: ويضم هذا المعسكر: سوريا، السودان، اليمن، والقوى السياسية العربية: حزب الله اللبناني، المقاومة الفلسطينية، المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي، وليبيا.
- اللامبالون العرب: ويضم بشكل رئيسي بعض دول المغرب العربي التي ظلت بعيدة وغير معنية بقضية الصراع العربي- الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص: الجزائر، المغرب، تونس، وموريتانيا، وإن كانت تونس والمغرب لا تخفيان تعاطفهما مع معسكر المعتدلين العرب.
• على الصعيد الخارجي:
- بالنسبة لأمريكا: تحاول الإدارة الأمريكية تعزيز الظروف التي تتيح لها الانفراد بالعراق، عن طريق كسب الدعم العربي من أجل توفير الغطاء الأمني للمدن الرئيسية العراقية..
كذلك نلاحظ الانخفاض النسبي في حدة التوتر في الخطاب الأمريكي ضد إيران، برغم التسريبات الاخبارية الروسية القائلة بأن إيران سوف تواجه يوم 6 نيسان القادم ضربة أمريكية محدودة من الساعة الرابعة صباحا وحتى الرابعة مساء.. تهدف حصراً الى القضاء على منشآتها النووية.
كذلك تحاول الإدارة الأمريكية المضي قدماً في توجهاتها الخارجية عن طريق المضي في زرع الشكوك والخلافات بين أعضاء الكونغرس حول النوايا الحقيقية لإدارة بوش.
- بالنسبة لروسيا: زيارة بوتين غير المسبوقة إلى الشرق الأوسط، حيث زار السعودية والأردن، وكانتا من أهم محطاته السياسية، وتناولت موضوعات إن تم تنفيذها فسوف تشكل اختراقاً كبيراً في العلاقات الروسية- السعودية- الأردنية، كذلك فقد ظلت روسيا تتفاوض مع العرب على أساس اعتبارات عدم الموافقة على معاقبة إيران.
- بالنسبة للصين: أصبح للصين حضور بارز في الكثير من الدول العربية، وبالذات السودان، والصومال، إضافة إلى بعض الدول الأخرى، حيث تساهم الصين في بناء الشركات وتقديم المعلومات والخامات القليلة التكلفة على النحو الذي قوض الكثير من أنشطة الشركات الأمريكية.
الإدراك المتبادل في القمة العربية:
تنظر المكونات أو التكتلات الثلاثة في الرياض إلى بعضها البعض بطريقة مختلفة:
- مجموعة المعتدلين العرب: وترى أنها الأكثر تفوقاً من حيث القدرة المالية، والدعم الأمريكي، وترى أنها الأكثر قدرة على ممارسة الضغوط على الأطراف الأخرى لتعديل مواقفها.
- مجموعة الرافضين: وترى هذه المجموعة أن الحقوق الثابتة المشروعة يجب أن تكون الأساس لأي تسوية سلمية عادلة، تؤدي إلى السلام الدائم العادل، وتراهن هذه المجموعة على الشارع القومي العربي الذي ظل دائماً مؤيداً لهذه الحقوق، حتى في دول المعتدلين.
- مجموعة اللامبالين: وبرغم التقارب النسبي بين أفراد هذه المجموعة ومجموعة المعتدلين العرب، إلا أنها لا تحاول الدخول في موقف مباشر مع معسكر المعتدلين، وذلك خوفاً من تصاعد المواجهات بينها وبين التيارات النقابية والقوى السياسية العربية المؤيدة للحقوق العربية السورية والفلسطينية، وبالتالي تتخذ حكومات هذه البلدان في الوقت الحالي موقفاً غير مواتياً في أحسن الأحوال.
النظرة المتبادلة بين هذه المعسكرات هي نظرة ذرائعية براغماعية، بواسطة مجموعة المعتدلين، وهي براغماتية سياسية تتميز بالسذاجة والسطحية، لأنه ما من ضمان للحصول على أي منفعة إزاء التوجهات الموالية لإسرائيل وأمريكا.
أما مصير الرافضين، فهو المعسكر الذي مايزال متسماً بالثوابت العربية، وهذا المعسكر تخافه إسرائيل وأمريكا، وكثيراً ما ترددت في القيام بعملية عسكرية ضده.
وبالنسبة لمعسكر اللامبالين، فهو معسكر بالأساس لامبالاته من قبيل الموقف التكتيكي، وبسبب العلاقات الوثيقة التي تربطه بإسرائيل، فعلى الأغلب أن يحمل هذا المعسكر أوراقه ليصوت في نهاية الأمر لصالح أجندة المعتدلين.
أبرز القضايا المطروحة أمام القمة العربية:
- مبادرة السلام العربية.
- الأزمة اللبنانية.
- الأزمة العراقية.
- أزمة دارفور.
ولكي نفهم الأداء المتوقع للقمة العربية، نقول: إن المسار الذي يجب أن تنتهجه القمة العربية إزاء هذه الملفات يتوقع له أن يكون أكثر خلافاً، إذا تم بالشكل الواضح المقترح، ومن ثم فعلى الأغلب أن تحاول دول المعتدلين العرب التي تتبنى أجندة مشروع السلام الإسرائيلي- الأمريكي في المنطقة، العمل على تجميد النقاش ومحاولة إدخال بعض العبارات الدبلوماسية ذات الطابع (الانزلاقي) الذي يبدأ بالوضع العام وفي نفس الوقت لا ينفي إمكانية (التعديل والتبديل والمراجعة والتقويم من أجل السلام).
من أكثر البنود التي تركز جماعة المعتدلين العرب على إحداث التعديلات فيها والتراجع عن جوهرها هي مبادرة السلام العربية التي تم طرحها في بيروت عام 2002، هي تعديلات اجتهدت كوندوليزا رايس كثيراً في جولتها الأخيرة من أجل إقناع المعتدلين العرب بقبولها وتبنيها، وذلك عندما أعلنت رايس دعوتها العرب إلى (الانفتاح نحو إسرائيل) والانفتاح الذي تقصده رايس هو حصراً تقديم التنازلات التي تريدها إسرائيل بحيث يتخلى العرب عن مبدأ السلام مقابل الأرض، ويقبلون بالسلام مقابل السلام، وبالتالي يكون أكثر انفتاحاً نحو إسرائيل والتي سوف (تقبل انفتاح مشاعرهم الطيبة من أجل السلام والتطبيع).
الدعوة للانفتاح نحو إسرائيل، برغم أنها دعوة جديدة، إلا أن رايس ظلت تمهد ضمن ثمانية جولات (علاقات عامة) ظلت تقوم بها مترددة بين القاهرة، عمان، السعودية، ومحمود عباس وحكومة السنيورة.. وكانت تل أبيب تلعب دور (المقسم الأساسي) التي يتم تنسيق وبرمجة هذه الجولات التي ترى:
- إن على الدول العربية أن تقوم بانفتاح حيال إسرائيل لتظهر لإسرائيل أنها قبلت بأن يكون لها مكانها في الشرق الأوسط.
- أن يبدي العرب قبولهم لموضع إسرائيل في الشرق الأوسط حتى يكون لها أفق سياسي.
- على الدول العربية أن تبدأ بمد يدها لإسرائيل حتى تطمئن إسرائيل أن مكانها في المنطقة سيكون أكثر أمناً لا أقل أمناً بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
- إن نمطاً من التفكير سيكون مطلوباً بشكل ملح أيضاً من جانب جيران إسرائيل.
- وحول المبادرة العربية قالت رايس: مثل هذه المبادرة الشجاعة يمكنها أن تحول كلمات الجامعة العربية إلى أساس لدبلوماسية نشطة ويمكنها أن تسرع الأمور حينما تتخذ دولة اسمها فلسطين مكانها المستحق في المجتمع الدولي.
وعن عباس وأولمرت قالت رايس بأنها التقت بهما، وبأنهما:
- سوف يجتمعان كل أسبوعين ولن يتحدثا عن المسائل الحياتية اليومية بل سوف يتحدثا عن الأفق السياسي.
- الوقت مازال غير موات بين عباس وأولمرت للحديث عن (الوضع النهائي) للاراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.
- محادثات عباس وأولمرت سوف تركز على:
• القيود المفروضة على الفلسطينيين.
• الصواريخ التي تنطلق من قطاع غزة.
• تهريب الأسلحة إلى القطاع.
• تطوير أفق سياسي يتماشى مع قيام دولة فلسطينية بموجب (خارطة الطريق).
- قالت رايس أيضاً بأن الأطراف سوف تضع معايير واضحة لقياس التقدم الذي سوف يحدث، وقالت بأنها لم تصل بعد إلى مفاوضات الوضع النهائي، وكل الاتصالات المكثفة الآن الهدف منها فقط هو –بناء الثقة-.
وقالت رايس: علينا أن ندرك بأن تحقيق أهدافنا في صراع مستمر منذ عقود ساد فيها انعدام الثقة، وذكرت رايس بأن دور الولايات المتحدة سوف يركز على مساعدة عباس وأولمرت من أجل تخطي العقبات وتطوير أفكار جديدة، طالما أنهم فتحوا الأبواب ولم يغلقوها.
أما في الملف اللبناني، فيقول المعلقون بأن الملف اللبناني قد فقد بريقه وذلك بسبب أن لبنان أصبح دولة تمثل في القمم العربية بوفد على هيئة توأم سيامي (برأسين) متنافرين، كل واحد منهما يتحدث بلسان.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كان خبيثاً في حديثه عندما تحدث مطالباً (تحريك مفاوضات السلام الإسرائيلية- الفلسطينية) وأضاف قائلاً: (علينا أن نجد حلاً سياسياً لهذا النزاع المؤلم)، والإشارة واضحة.. هناك فالتنازلات هي الحل السياسي الذي يريده بان كي مون.
وعموماً فقد أكدت المعلومات الواردة من عمان عشية انعقاد القمة العربية بأن رايس قدمت خطة للدول العربية، تقضي بأن يتم تعديل مبادرة السلام العربية مع إسرائيل، بحيث تبدأ الدول العربية في التفاوض (ثنائياً) مع إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاقيات سلام ثنائية ولتطبيع ثنائي ثم يتم التقرير بشان الملفات الأخرى، مثل الدولة الفلسطينية والانسحاب من الجولان وغير ذلك أي السلام مقابل السلام أولاً، ثم الحديث في موضوع الأراضي لاحقاً.
وتجدر الإشارة إلى أن عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية قد أعلن بوضوح عن عدم رغبة الدول العربية في إجراء أي تعديل على المبادرة الحالية، وعلى إسرائيل قبولها أولاً ثم التحدث بعد ذلك عن الجوانب الأخرى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد