كنان العظمة على مسرح مونو بيروت اليوم في تجربة مميزة
موعد استثنائي هذا المساء في بيروت مع الفنّان السوري المميز كنان العظمة. على البرنامج تجربة مختلفة تجمع بين الكلارينت والموسيقى الإلكترونية والعروض البصرية للفنان التشكيلي السوري كيفورك مراد
هل بدأت الحياة الثقافية تستعيد إيقاعها الطبيعي في لبنان؟ هذا على الأقل ما تشير إليه الحيويّة الملحوظة في عالم الموسيقى. لقد توالت الإصدارات الجديدة، وكثرت الحفلات الموسيقية التي أحياها فنانون من لبنان والعالم ضمن مناسبات خاصة («ليبان جاز»، «مهرجان البستان»...) أو حفلات مستقلة في المسارح والجامعات. وفي السياق نفسه، يستضيف «مسرح مونو» هذا المساء الموسيقي العالمي وعازف الكلارينت السوري كنان العظمة.
يبدو كنان غنياً عن التعريف، إذ ليست المرة الأولى التي يزور فيها لبنان. سبق له أن شارك في حفلات عدة، آخرها السنة الماضية في الجامعة الأميركية في بيروت، حين وقف مع زميله عازف البيانو اللبناني الشاب رامي خليفة وعازفة الكمان ماريا أرناؤوط.
تعرّف الجمهور اللبناني إلى قدرات كنان في مجالي الموسيقى الكلاسيكية والأداء الصارم الذي تفرضه، والجاز والارتجالات الحرة الذي يسمح بها. أمّا اليوم، فنحن على موعد مع تجربة مختلفة تجمع بين الكلارينت والموسيقى الإلكترونية، والعروض البصرية من رسم وفيديو التي سيتولاها الفنان التشكيلي الـــــــــــسوري من أصل أرمني كيفورك مراد.
تلقّى كنان العظمة أوّل دروسه الموسيقية في «المعهد العالي للموسيقى» في دمشق. وشارك في مسابقات عالمية عدة، ونال الجائزة الأولى في «مسابقة نيقولاي روبنشتاين الدولية للعازفين الشباب» في روسيا. أكمل تحصيله الأكاديمي في الولايات المتحدة، وحاز شهادة الدراسات العليا من معهد «جوليارد» النيويوركي الذي يُعدّ من أهم المعاهد الموسيقية في العالم. وهو يحضّر حاليّاً لشهادة الدكتوراه في المعهد نفسه.
جال كنان العالم مع آلاته وقدم حفلات كثيرة عزف خلالها المقطوعات التي تجمع الكلارينت بالآت أخرى أو بالأوركسترا. وظهر مرات عدة في عزف منفرد مع الأوركسترا السمفونية الوطنية السورية بقيادة صلحي الوادي، كما عزف مع كبار قادة الأوركسترا في العالم أمثال شارل دوتوا ورودجر نورينغتون وصولاً إلى عازف الكمان وقائد الأوركسترا إسحق برلمان (أحد أشهر الموسيقيين في العالم اليوم). وشارك في حفلات أوركسترا الديوان الشرقي الغربي التي أسّسها عازف البيانو المشهور وقائد الأوركسترا دانيال بارنبويم مع صديقه المفكّر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، أواخر تسعينيات القرن الماضي. واعتلى كنان خشبة صالات مهمّة التي يعدّ الوصول اليها حلماً يراود كل موسيقي جدير بهذا الاسم. نكتفي بذكر الصالة النيويوركية الشهيرة «كارنجي هول» والصالة اللندنية «برومز».
إلى جانب العزف الكلاسيكي على الكلارينت، يولي كنان العظمة موسيقى الجاز والارتجال اهتماماً خاصاً، وله مشاركات موسيقية في تجارب طليعيّة أخرى. فهو عضو في فرقة «كلنا سوا» السورية، وشارك الفنان مرسيل خليفة في حفلات عدّة. وتجدر الإشارة إلى خوضه تجربة التأليف الموسيقي، إذ كتب مقطوعات مستقلة عدة، إضافة الى موسيقى الأفلام والعروض الراقصة.
أما تجربته الخاصة الأكثر تبلوراً، فهي فرقة «حوار» التي أسّسها عام 2003 مع مجموعة من أصدقائه الموسيقيين وصدرت باكورة نتاجهم في أسطوانة غير معنونة (2005) ضمن ثمانية مؤلفات تجمع بين الموسيقى الشرقية والجاز والموسيقى الكلاسيكية في مزيج منمّق، تولّى كنان تأليف أربعة منها.
الباوك والموسيقى المعاصرة
هذا المساء، يقدم كنان مجموعة من المقطوعات الموسيقية التي تجمع حقبة الباروك والموسيقى المعاصرة. يبدأ البرنامج مع المؤلف الألماني الكبير جان سيباستيان باخ والحركة الأولى (ADAGIO) من السوناتة الأولى للكمان في إعداد للكلارينت طبعاً. هذا العمل هو جزء من إحدى روائع باخ المعروفة باسم «سوناتات وبرتيتات الكمان المنفرد» التي تتألف من ستّ مقطوعات (ثلاث سوناتات وثلاث برتيتات).
الحركة الأولى من السوناتة الأولى التي سيقدمها كنان لا تتعدّى مدتها الأربع دقائق، لكنّها تتطلّب تقنيات عالية لعزفها. وتعدّ من الأعمال الصعبة التي كتبت لآلة الكمان المنفرد. فهل سينجح كنان في تقديمها بإحساس جديد؟ وهل يوفّق إلى إحداث اضافات من خلال عزفها على الكلارينت؟ على رغم تحفّظنا العلمي، قد ينجح كنان في هذه «المغامرة» وخصوصاً أنّه كان دائماً على مستوى التحدّيات.
بعد باخ، يعود الموسيقي السوري الشاب إلى «عصرنا»، ليقدّم أعمالاً كُتبت خصّيصاً له، لمؤلفين معاصرين أمثال إليوت شارب أحد مؤسسي التيّار التجريبي في الولايات المتحدة، والتركي إيرديم هيلفاتشيوغلو الضليع بالموسيقى الإلكترونية، والمؤلف الصيني سيث ميهل. إضافة الى ثلاث مقطوعات من تأليف كنان، إحداها باتت من كلاسيكياته، وهي بعنوان Prayer صدرت في ألبوم فرقة «حـــــــــوار» وهي مهداة الى إدوارد سعيد.
سيتولى كنان العزف على آلته بالتزامن مع الكومبيوتر في المقطوعات التي تـدخل الإلكترونيات في تركيبتها المـــــــــوسيقية. أما بالنسبة إلى الشــــــــــــق البصري من الحفلة/ العرض، فسيتعرّف الجمهور اللبناني إلى الفنّان كيفورك مراد الذي يرافق كنان من خلال أعمال فنية تجمع بين الرسم والفيديو. وهنا، لا يمكننا التنبؤ بمكوّناتها وطريقة عرضها، فهو قد يستعمل التقنية المميّزة التي طوّرها بنفسه وتعتمد على الرسم العفوي الذي يُبثّ مباشرة على الشاشة!
مسرح مونو، 8:30 مساء اليوم ــ 01.202422
بشير صفير
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد