"أصدقاء الشعب السوري" وعقوباتهم عليه
الجمل ـ إعداد: يزن الحكيم:
تعيش البشرية في السنوات الأخيرة تناقضات ومفارقات نتجت عن مصالح سياسية ضربت بعرض الحائط كل القيم والأخلاقيات بل والاحترام للرأي العام. نجد مثلاً عصر حقوق الإنسان الذي نعيشه اليوم –كما يسميه البعض- يشهد أكبر عدد من حالات انتهاك لحقوق الإنسان. فكلما زادت الاتفاقيات المرتبطة بحقوق الإنسان زاد حجم الاختراقات والممارسات المخالفة لها. كما نجد من الغريب أن أصدقاء "الشعب" يفتتحون مؤتمرهم الأول بعقوبات على ذات الشعب.
هل توقع أحد أن يتم تقييد حقوق الأمم المدنية والاقتصادية والسياسية سعياً للضغط على حكومات هذه الأمم لتحرير ذات الحقوق؟
العقوبات الدولية والاقتصادية تحديداً موجودة من وجود الأمم، حيث كانت دائماً وإلى جانب القوة العسكرية تستخدم الحصار كأبسط أشكال العقوبات لإخضاع الخصم وإجباره على الاستسلام تحت تأثير الحرمان من التجارة والموارد بالإضافة لتقييد قدرته على شن الهجمات العسكرية.
لهذه العقوبات تصنيفات: فمثلاً على أساس اعتبارات الفترة الزمنية توجد عقوبات لفترة محدودة، وأخرى لفترة مفتوحة غير محددة.. وعلى أساس اعتبارات النطاق توجد عقوبات شاملة النطاق، وأخرى جزئية النطاق.. وعلى أساس اعتبارات الأطراف الفارضة للعقوبات توجد عقوبات من طرف واحد، وأخرى متعددة الأطراف.
أما عن قانونية فرض العقوبات على الدول فنجد عبر التاريخ أنها كانت قاعدة عرفية غير مكتوبة تستند إليها الدول في الضغط على خصومها حتى تشكُّل عصبة الأمم ومن بعدها ميثاق الأمم المتحدة، حيث اعتبرت المادة 16 من معاهدة فرساي أن لجوء أي من الدول إلى الحرب خلافاً لالتزاماتها يعتبر حربا على كل دول العصبة يوجب عليهم فرض العقوبات عليها وقطع الاتصالات المالية والتجارية والشـخصية بها.
أما ميثاق الأمم المتحدة فقد استخدم في مادته ال41 تعبير التدابير بدل العقوبات والتي تشمل المقاطعة الاقتصادية وقطع الاتصال جزئيا وكليا بالإضافة لقطع العلاقات الدبلوماسية بناء على قرار من مجلس الأمن دون غيره وتحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المرتبط فيما يتخَّذ من أعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع عدوان بناء على تقدير مجلس الأمن نفسه.
انطلاقا من واقعنا المعاشي في سورية نجد أن هذه العقوبات، التي قيل أنها نظيفة وذكية ولا تستهدف الشعوب بل تسعى للضغط على الحكومة لتحقيق مصلحة الشعوب، ماهي إلا أداة أخرى من أدوات الحرب على الشعب السوري ومحاربته بلقمة عيشه، إذ ماهي علاقة منع أدوية السرطان والأمراض المزمنة بالضغط على الحكومة لصالح الشعب؟ كيف يمكن لتعقيدات استيراد الموارد الغذائية أن تخدم هذا الهدف؟ هل إغلاق المعامل وإفلاس الشركات وفقدان الأدوية والحليب وصعوبة تأمين الغذاء وصعوبات النقل الجوي المدني بالإضافة للحرمان من الوصول للعلوم الحديثة الغير عسكرية واستخدام التكنولوجيا من قبل السوريين يخدم هؤلاء السوريون ويطمح لتحقيق أهدافهم؟
ستنتناول في هذه الدراسة الوضع الحقيقي التطبيقي للعقوبات المفروضة على سورية وأثرها على مناحي الحياة بادئين بعرض لمدى قانونيتها وتاريخها وتطورها من بداية الحرب السورية حتى تاريخ إعداد الدراسة.
محاور الدراسة:
لتسليط الضوء على ما تقدم ولبيان حجم التناقضات والنفاق اللذان يحاول فارضو العقوبات على سورية تفادي إظهارهما سنتناول المحاور التالية:
1- العقوبات الاقتصادية الدولية
أ. المفهوم
ب. التاريخ
ج. العقوبات في القانون الدولي
د. أنواعها وأشكالها
ه. أهدافها
و. أهم تطبيقاتها في التاريخ الحديث
2- العقوبات الاقتصادية على سورية
أ. العقوبات قبل الأزمة
ب. العقوبات الأمريكية
ج. العقوبات الأوروبية
د. العقوبات العربية
ه. العقوبات التركية
و. كندا واستراليا وغيرها
3- الآثار الحقيقية للعقوبات على سورية
أ. أثر العقوبات على القطاع الطبي والدوائي
ب. أثر العقوبات على القطاع المصرفي
ج. أثر العقوبات على قطاع التعليم
د. أثر العقوبات على القطاع الغذائي
ه. أثر العقوبات على قطاع الطيران المدني
و. أثر العقوبات على قطاع الطاقة الكهربائية
ز. أثر العقوبات على الطفل
ح. أثر العقوبات على حقوق الإنسان الأساسية
4- الخاتمة
1- العقوبات الاقتصادية الدولية
سنتناول في هذا الفصل العقوبات الاقتصادية الدولية من ناحية مفهومها وأهدافها وأشكالها وأنواعها ومدى قانونيتها وأهم تطبيقاتها في العصر الحديث:
أ. المفهوم
يتطور مفهوم العقوبات الاقتصادية بشكل مستمر ودائم تبعاً لتطور الوسائل المستخدمة للضغط على الدول والأساليب التي يمكن اتباعها في هذه المجال. انطلاقا من ذلك، نجد أن كل من عهد عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة لم يتضمنا تعريفاً واضحا للعقوبات الاقتصادية يل جاءا على ذكر مجموعة من أشكال هذه الضغوطات والممارسات وأساليب تطبيقها على سبيل المثال لا الحصر.
يعرف قاموس أكسفورد العقوبات الدولية عموما بأنها إجراء تهديدي لمن يخالف ولا يطيع القانون أو أيا من قواعده، وهو إجراء يتخذ من قبل دولة (أو عدة دول) لإجبار دولة أخرى على الالتزام باتفاق دولي أو الالتزام بسلوكيات العرف وعلى وجه الخصوص تلك الجزاءات التي تطبق في مجال التجارة أو تلك التي تخص الحرمان من المشاركة في أحداث رياضية عالمية.
وعادة ما تكون العقوبات الدولية إجراء تتخذه دولة أو عدة دول لأسباب سياسية بشكل جماعي أو فردي.
كما جاء في موقع الحكومة البرياطانية الإلكتروني تعريف العقوبات والحظر بأنها عمليات تقييد سياسية وتجارية على الدول المستهدفة بهدف الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.بحيث تهدف عقوبات الأمم المتحدة لتطبيق قرارات مجلس الأمن للحفاظ على واستعادة السلم والأمن الدوليين في حين أن العقوبات الأوروبية قد تطبق لضمان احترام حقوق الإنسان والديمقراطية وسلطة القانون.
وبالتالي يمكن اعتبار أي ضغط من دولة أو منظمة دولية على دولة أخرى لتغيير سياساتها عبر التقييد التجاري والبشري بأنه شكل من أشكال العقوبات.
ب - التاريخ
المادة 16 من عهد عصبة الأمم تحدثت عن العقوبات وتطبيقاتها في أن أي دولة من دول العهد تقوم بالحرب على إحدى الدول الأعضاء غير آبهة بالتزاماتها في المواد 12,13,15 تعتبر أنها تحارب كل دول العصبة بحيث يمنع إقامة أي نوع من العلاقات المالية أو التجارية معها وأي تواصل أو تعاطي مع مواطنيها من قبل مواطني الدول الأعضاء على المستويات المالية والشخصية والتجارية بحيث يصبح من واجب المجلس تحديد الدول التي ستتدخل عسكريا لحماية الدولة العضو.
أما ميثاق الأمم المتحدة ففي فصله السابع تحدث عن اتخاذ تدابير ضد الدول المخالفة عبر المقاطعة الاقتصادية وقطع الاتصال جزئيا وكليا بالإضافة لقطع العلاقات الدبلوماسية بناء على قرار من مجلس الأمن دون غيره وتحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المرتبط فيما يتخَّذ من أعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع عدوان.
لم تعتمد عصبة الأمم في تاريخها أي عقوبات عسكرية إلا أن مجلس العصبة وجمعيتها العامة اعتمدوا في عام ل1935 عقوبات اقتصادية على إيطاليا لاعتدائها على إثيوبيا آنذاك.
لم تلجأ الأمم المتحدة للعقوبات قبل العام 1990 إلا مرتين (مرة ضد روديسيا عام 1966 لإعلانها الاستقلال عن الأمم المتحدة وفرضها نظام يعتمد على التمييز العنصري بحسب تعبير مجلس الأمن ومرة ضد جنوب أفريقيا عام 1977 لقيامها بأعمل قمع وفصل عنصري) ليزداد منذ ذلك الوقت اعتمادها على فرض العقوبات أكثر من 12 مرة بالإضافة لظهور ظاهرة فرض الدول لعقوبات أحادية الجانب وثنائية وإقليمية على دول أخرى.
شملت قرارات مجلس الأمن المستندة للمادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة بعد عام ال1990 دول (أنغولا ، كوت ديفوار ، جمهورية الكونغو الديمقراطية ، أريتريا ، أثيوبيا ، ليبريا ، ليبيا ، راوندا ، سيرياليون، الصومال ، السودان ، هايتي ، أفغانستان ، جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية ، يوغسلافيا السابقة ، إيران ، العراق ، لبنان) عبر "التدابير المشتركة التي لا تنطوي على استعمال القوة المسلحة، التي في ميسور المجلس أن يتخذها إنفاذاً لمقرراته، تلك التي تعرف بالجزاءات. فالجزاءات تفرض على أي تشكيلة من الدول أو الجماعات أو الأفراد. وقد احتوت الجزاءات من حيث مداها على الجزاءات الاقتصادية والتجارية الشاملة وعلى تدابير أكثر استهدافاً، كحظر توريد الأسلحة، أو حظر السفر، أو القيود المالية أو الدبلوماسية" بحسب تعبير مجلس الأمن في موقعه الإلكتروني الرسمي.
ج - العقوبات في القانون الدولي:
يحصر ميثاق الأمم المتحدة فرض العقوبات بمجلس الأمن وفي الحالات التي يكون فيها تهديد للسلم والأمن الدوليين وفق تحديده، ولأن العقوبات التي تفرضها الدول منفردة -والتي تسمى بالعقوبات أحادية الجانب- غير مغطاة بقرار من المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة ومجلساها الأمني.
تمارس الولايات المتحدة تحديدا سياسة العقوبات الاقتصادية بشكل متكرر غير آبهة بضرورة أن تكون هذه الإجراءات من خلال مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة لما تسببه هذه الإجراءات من إضرار بحرية التجارة ومصالح الشعوب والدول (ليس فقط الخاضعة للعقوبات) بل أيضا الدول المتعاملة معها والمجاورة لها.
وللتأكيد على ذلك "أصدرت الأمم المتحدة في عام 2010 قرارها رقم 65/6 تاريخ 26/10/2010 الذي تضمن 7 فقرات في الديباجة و4 فقرات عاملة. وأهم ما جاء في هذه الفقرات ما يلي :
جاء في الفقرة الرابعة من الديباجة ما يلي :
وإذ يساورها القلق إزاء استمرار دول أعضاء في إصدار وتطبيق قوانين وأنظمة تمس بآثارها التي تتجاوز حدود تلك الدول سيادة دول أخرى والمصالح المشروعة لكيانات أو أشخاص خاضعين لولايتها القضائية وحرية التجارة والملاحة، مثل القانون المسمى " قانون هيلمز – بيرتون " الذي صدر في 12 آذار مارس 1996.
وجاء في الفقرتين العاملتين 2و3 ما يلي :
2- تكرر دعوتها إلى جميع الدول للإمتناع عن إصدار وتطبيق قوانين وتدابير من النوع المشار إليه في ديباجة هذا القرار، وفقا لإلتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي اللذين يؤكدان من جديد في جملة أمور حرية التجارة والملاحة.
3- تحث مرة أخرى الدول التي طبقت قوانين وتدابير من هذا القبيل و لاتزال تطبقها على إتخاذ الخطوات اللاومة لإلغائها أو إبطالها في أقرب وقت ممكن وفقا لنظامها القانوني."
علما أن قانون هيلمز-بيرتون المذكور كانت قد أصدرته الولايات المتحدة عام 1996 لاعتماد قيود إضافية على المواطنين الأمريكيين الذين يتعاملون تجاريا مع كوبا.
وبالتالي فإن وجود ميثاق للأمم المتحدة يحدد التدابير والإجراءات التي تتخذ في حال الإضرار بالسلم والأمن الدوليين وبقرار من مجلس الأمن حصراً نجد أن العقوبات أحادية الجانب التي تتبناها الدول تتعارض والمادتين 55 و 56 من ميثاق الأمم المتحدة المتضمنتان تعهد الدول بالالتزام بما عليهم فعله لتحقيق مستوى أعلى للمعيشة والنهوض بعوامل التطور الاقتصادي والاجتماعي بالإضافة لتيسير إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وما يتصل بها وتحقيق التعاون في الثقافة والتعليم .. وهي أمور لا يمكن الادعاء بالالتزام بها في ظل إجراءات أحادية الجانب تحد من الإمكانات الاقتصادية وتؤثر في مستوى المعيشة وتخلق المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
د- أنواعها وأشكالها :
للعقوبات الاقتصادية الدولية أشكال وأنواع ظهرت من خلال الممارسات التاريخية للدول فمنها الحظر الذي يتضمن منع لاستيراد وتصدير جزء من السلع والخدمات أو كاملها وغالبا يتضمن السلع العسكرية وما يمكن أن يستخدم لأغراض عسكرية مع إمكانية شموليته لسلع وخدمات أخرى حتى يصل للحظر الشامل.
ظهر أيضا الحصار البحري السلمي لمنع دخول وخروج السفن من الدولة المحاصرة بالإضافة لمنع الموانئ من استقبال سفنها عبر محاصرة موانئ ومرافئ الدولة للضغط عليها اقتصاديا وحرمانها من التجارة والتبادل التجاري.
أما عن أهم العقوبات فنذكر المقاطعة وتعني تعليق العلاقات التجارية والاقتصادية مع دولة ما وتمتد إلى كل القطاعات ولا تقتصر على قطاع واحد كما هو الحال في الحظر الذي يمثل نوع واحد من أنواع المقاطعة.
كما قد تشمل العقوبات المجال المالي للأفراد والشركات والحكومات بالإضافة لمنع السفر والانتقال وتجميد الممتلكات والأصول وغيرها من التدابير التي يمكن أن تشكل ضغطاً على الدول لتغيير سياساتها والرضوخ.
ه- أهدافها :
تنوعت الأهداف والدوافع التي قد تدفع الدول لتطبيق العقوبات، فقد نجد مثلا عقوبات مطبقة للدفع باتجاه تغيير النظام السياسي لدولة من الدول أو إحداث تغيير جذري في نظامها وسياساتها وصولا للإيديولوجيا التي تتبناها الدولة. ظهرت هذه العقوبات أثناء الحرب الباردة للدفع تجاه تغيير سياسات الدول، وأبرز مثال على ذلك العقوبات الأمريكية على كوبا.
يمكن أن تطبق العقوبات للوصول لتغيير جزئي بالسياسات التي تتبعها دولة من الدول، من الأمثلة على ذلك ما طبقته الولايات المتحدة من عقوبات على مجموعة من الدول عبر التاريخ لمنعها من تطوير تكنولوجيا قد تخولها الحصول على السلاح النووي بالإضافة للعقوبات الهادفة لدفع الدول لاحترام حقوق الإنسان أو مكافحة الإرهاب.
كما نجد أحيانا عقوبات مفروضة لدفع الدول لتطبيق الديمقراطية في الدولة المستهدفة أو لمنع مغامرات عسكرية لدولة من الدول.
في الحروب غالبا تفرض الدول عقوبات لمنع التقدم في التقانة العسكرية للدولة المستهدفة وذلك لتقليص قدراتها الحربية .. ويمكن في حالات فردية تطبيق العقوبات لدفع الدول لتسليم ممتلكات أو أراضي أو غيره من الحقوق التي تجد الدولة في العقوبات وسيلة اتجاه الضغط لاستعادتها.
و- أهم تطبيقاتها في التاريخ الحديث:
عند الحديث عن العقوبات الاقتصادية الدولية التي تبناها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة نذكر مثلا العقوبات على ليبيا في ال 1992 والتي تضمنت إجراءات حظر الطيران المدني وتوريد الأسلحة، والحظر الانتقائي للسفر، من جراء عدم امتثالها للتحقيقات المتعلقة بتدمير طائرة تابعة لشركة بانام في رحلتها رقم 103 فوق مدينة لوكربي، باسكتلندا، وطائرة اتحاد النقل الجوي في رحلتها رقم 772 في أجواء النيجر. وتم تشديد الجزاءات في عام 1993 بعد استمرار الجماهيرية العربية الليبية في عدم الامتثال مما تمخض عنه توسيع نطاق حظر السفر وتجميد الأصول وأيضا تقييد بيع معدات نفطية معيّنة. وفي أعقاب تعليق الجزاءات في عام 1998، نتيجة لتسليم مشتبه فيهم فيما يخص تفجير لوكربي لمحاكمتهم، قرر المجلس يوم 12 أيلول/سبتمبر 2003 إلغاء التدابير.
تعرضت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية لعقوبات من مجلس الأمن تضمنت فرض حظر على توريد الأسلحة وحظر على توريد المواد التي يمكن أن تساهم في برامجها للأسلحة النووية وما يتصل بها، وحظر على السلع الكمالية وحظر على سفر أشخاص مختارين وتجميد أصولهم، وذلك عقب قيامها بتجارب نووية يومي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2006 و25 أيار/مايو 2009 .
وكذلك إيران التي واجهت عقوبات مجلس الأمن التي كان فيها إجراءات تجميد الأصول، والقيود على الخدمات المالية وعلى السفر، والحظر بسبب برامجها الحساسة للقذائف التسيارية والانتشار النووي. وذلك في ال2006 ، علما أن العقوبات توسعت بعد ذلك في أعوام ال 2007 و 2008 و 2010.
بعد اجتياح العراق للكويت، فرض مجلس الأمن عقوبات على العراق في ال1990 تضمنت إجراءات حظر السفر وتجميد الأصول المالية وحظر توريد الأسلحة بالإضافة لتكليف لجنة الإشراف على العقوبات لتشرف أيضا على على برنامج "الغذاء مقابل النفط" وتحديد الاحتياجات إلى المعونة الإنسانية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد فرضت عقوبات أحادية الجانب خارج قرارات مجلس الأمن عدة مرات، من هذه العقوبات كانت العقوبات على إيران في ال1979 عقب الثورة الإسلامية وبعدها شددتها في ال2013 بسبب برنامجها النووي.
تضمنت العقوبات منع لكامل المستوردات الإيرانية بالإضافة لعقوبات على القطاع المصرفي وتضييق على بيع الطائرات وعمليات الصيانة، كما تضمنت أيضا حظر على الأسلحة.
عاقبت الولايات المتحدة كذلك كوريا الشمالية بفرض عقوبات شديدة عليها منذ الخمسينات بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان بالإضافة ل برنامجها النووي.
كما تفرض الولايات المتحدة عقوبات على دول السودان وميانمار وسورية ـالتي سنتحدث عن تفاصيلها في الفصل التالي ـ
فعدا عن عقوبات الولايات المتحدة على الدول السابقة، تفرض أيضا عقوبات على أشخاص بعينهم في العديد من الدول كروسيا واليمن وليبيا والعراق ولبنان وليبيريا وغيرها الكثير.
تخصص الولايات المتحدة مجموعة من التدابير والعقوبات تفرضها على "الدول الراعية للإرهاب" بحسب تصنيف خارجيتها، حيث أعلنت قائمة الدول الراعية للإرهاب لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1979 متضمنة: ليبيا والعراق وجنوب اليمن وسورية لتضاف إليها لاحقا كوبا وإيران وشمال كوريا والسودان. تم حذف أسماء عدد من هذه الدول لتستقر حاليا القائمة على إيران والسودان وسورية فقط.
من الإجراءات التي تفرضها الولايات المتحدة على هذه الدول حظر بيع وتصدير السلاح، تقييد على الصادرات ثنائية الاستخدام وهي التكنولوجيا التي يمكن أن تستخدم لأغراض سلمية وحربية، منع المساعدات الاقتصادية بما فيها قروض المؤسسات المالية الدولية، رفع الحصانات الدبلوماسية لتمكين ضحايا الإرهاب من رفع دعاوى على مرتكبي الجرائم من هذه الدول، حرمان الشركات العاملة في هذه الدول من الإعفاءات الضريبية، منع المواطنين الأمريكيين من القيام بأي تحويل مالي مع هذه الدول دون إذن الخزانة الأمريكية، رفض منح بضائع هذه الدول لمزايا الأسواق الحرة في الولايات المتحدة ومنع وزارة الدفاع الأمريكية من التعاقد مع الشركات التي تدار من هذه الدول بأكثر من 100,000 دولار.
كما للولايات المتحدة عقوبات خارج مجلس الأمن، كذلك الاتحاد الأوروبي الذي فرض مجموعة كبيرة من العقوبات على عدد من الدول نذكر منها (أفغانستان والصين ومصر وإيران والعراق وكوريا الشمالية ولبنان وليبيا وروسيا والسودان وسورية وغيرها)
تنوعت عقوبات الاتحاد الأوروبي بين حظر على الأسلحة والتكنولوجيا الثنائية متضمنة البيع والتوريد والنقل بالإضافة للتجميد الأصول ومنع المواطنين من التعامل معهم بالإضافة لمنع السفر.
تعاني سورية من العقوبات منذ زمن طويل لأسباب وذرائع تنوعت عبر التاريخ لكنها كانت دائما تسعى لكسر الإرادة السورية وإخضاعها للإملاءات الغربية دون نتيجةز
أ- العقوبات قبل الأزمة:
أصدر مجلس الأمن قراره رقم 1636 لعام 2005 المتضمن منع دخول وانتقال الأشخاص الذين تعتبرهم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري متورطين من المسؤولين السوريين واللبنانيين بالإضافة لتجميد أموالهم ممتلكاتهم وذلك تحت الفصل السابع أي بصيغة ملزمة لكل الدول.
في ال2003 قانون محاسبة سورية واستعادة السيادة اللبنانية، والذي اتهم سورية بدعم الحركات الإرهابية –بحسب وصفهم- كحماس وحزب الله والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة وتأمين إقامتهم ومخيمات تدريبهم في سورية ولبنان بالإضافة لاحتلال لبنان ووجود أكثر من 20,000 جندي سوري في الأراضي اللبنانية، بالإضافة لمحاولات سورية لامتلاك الأسلحة الكيماوية.
كما تضمن القانون اتهامات لسورية بشراء النفط العراقي في ال2001 ومخالفة قرار مجلس الأمن رقم 661 الذي يحظر التعامل مع نظم صدام حسين بالإضافة لدخول الأسلحة عبر الحدود إلى العراق في ال2003.
تضمن القانون التهديد بمنع تصدير السلاح لسورية ومنع الاستثمار في الأراضي السورية بالإضافة للتضييق على حركة الدبلوماسيين السوريين في الولايات المتحدة وتخفيض التمثيل الدبلوماسي للولايات المتحدة في سورية مالم تستجب سورية خلال 6 أشهر للمطالب الأمريكية.
في ال2004 أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قرارها المتضمن فرض العقوبات على سورية المتضمنة منع تصدير وإعادة تصدير كافة أنواع الأسلحة بالإضافة للتكنولوجيا والبرمجيات كما منعت تصدير وإعادة تصدير السلع أمريكية الصنع باستثناء السلع الغذائية والطبية، كما تم منع الشركات السورية للطيران من العمل في الولايات المتحدة باستثناء العمل لنقل الوفود الحكومية الرسمية أثناء مهامهم بالإضافة لتجميد أموال الأشخاص المتورطين في المخالفات المتهمة بها سورية من دعم للمجموعات الإرهابية ومحاولات امتلاك الأسلحة الكيميائية بالإضافة لانتهاك السيادة اللبنانية.
في شباط ال2008 أصدرت الولايات المتحدة قرارا بذريعة التأثير على استقرار العراق واستخدام السلطة والمال العام لإثراء مسؤولي الحكومة وداعميها من خلال الفساد، تضمن القرار الحجز على أموال المتورطين في الفساد والمؤثرين سلبا بالاستقرار العراقي.
مع أخذ العلم أن سورية مشمولة بالإجراءات المتعلقة بالدول الراعية للإرهاب التي تفرضها الولايات المتحدة منذ ال1979 والتي تحدثنا عنها سابقا.
ب- العقوبات الأمريكية أثناء الأزمة:
في 29 نيسان 2011 فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة بقرار من الرئيس الأميريكي باراك أوباما بحجة انتهاكات حقوق الإنسان وقيام الأجهزة الأمنية السورية لاعتقالات عشوائية و قمع للتظاهرات السلمية بالإضافة لتعذيب المعتقلين وما يشكله ذلك من خطر على الأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد الأميريكي.
تضمنت هذه العقوبات تجميد أصول ومنع التعامل التجاري لأشخاص متورطين في عمليات القمع في سورية بحسب زعمهم وتضمنت شقيق الرئيس السوري العميد ماهر الأسد ومعه علي مملوك مدير إدارة المخابرات العامة آنذاك وعاطف نجيب رئيس فرع الأمن السياسي في درعا بالإضافة للحرس الثوري الإيراني و إدارة المخابرات العامة كاملة.
في 18 أيار من نفس العام توسعت قائمة الشخصيات لتشمل الرئيس السوري ونائبه فاروق الشرع بالإضافة لرئيس وزرائه ووزراء الداخلية والدفاع ورئيس الأمن العسكري ورئيس الأمن السياسي آنذاك.
في 17 آب شملت عقوبات التجميد ومنع التعاملات الحكومة السورية بالكامل بالإضافة لكل الأشخاص الذين يساعدون أو يقدمون الرعاية أو الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو أية مادة أو خدمة للأشخاص الخاضعين للعقوبات الأمريكية، بالإضافة لمنع الاستثمارات في سورية من قبل الأمريكيين ومنع تصدير أو بيع أي خدمة لسورية من قبل أمريكيين وكذلك منع استيراد النفط السورية ومنتجاته للولايات المتحدة مع منع أي تعامل أو تمويل أو بيع أو شراء أو تسهيل أو ضمان أو سمسرة للنفط السوري ومنتجاته. كما تضمنت العقوبات منع الأمريكيين من التعامل مع أي أجنبي يقوم بما يخالف ما تضمنته هذه العقوبات كما أنها منعت الاشخاص والمؤسسات الاميركية من تقديم اي نوع من الخدمات، مالية او غيرها، لأي اشخاص يتخذون من سوريا مقرا لهم.
في 24 نيسان ال2012 توسعت الأسماء لتشمل شركة سيريتل والحكومة الإيرانية ووزارة الأمن الإيرانية ، كما أضيف للعقوبات منع التعاملات الشبكية والمعلوماتية وتقديم التكنولوجيا والتسهيلات في هذه المجال وكذلك منع التعامل مع أي جهة تقدم هذه الخدمات لهم وذلك تحت ذريعة مكافحة الملاحقة والمتابعة التان تمارسهما الحكومتان لانتهاك حقوق الانسان.
في أيار ال2012 تمت إضافة بنك سورية الدولي الإسلامي لقائمة العقوبات.
في تموز وأيلول وكانون الأول ال2012 وأيار 2013 وأيار 2014 تمت إضافة مجموعة كبيرة من الشخصيات والشركات والمؤسسات لقائمة العقوبات
في آذار وبعدها حزيران ال2013 سمحت الولايات المتحدة للأمريكيين بالتعامل مع السوريين التابعين للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بحسب تسميتهم وتقديم الخدمات لهم ونقل الأموال بالإضافة لتصدير وإعادة تصدير السلع والتكنولوجيا والمعدات والتجهيزات ومستلزمات البنى التحتية للنقل والتعليم والبناء
ج- العقوبات الأوروبية:
منع الاتحاد الأوروبي في أيار ال2011 بيع وتوريد ونقل وتصدير السلاح لسورية بالإضافة لتقديم الخدمات المساعدة على بيع ونقل السلاح إليها من تكنولوجيا وسمسرة ووتمويل وقروض بالإضافة لتجميد أموال وأصول المتورطين في العنف في سورية ومنهم العميد ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بالإضافة لعلي مملوك ووزير الداخلية وحافظ ورامي مخلوف وفواز ومنذر الأسد، كما شملت أيضا رئيس الأمن السياسي في سورية ورئيس فرعه في بانياس بالإضافة لرئيس الأمن العسكري والأمن الجوي ورئيس فرع الأمن العسكري في ريف دمشق وعاطف نجيب.
في كانون الأول من نفس العام توسعت العقوبات بشكل كبير لتشمل منع بيع وتصدير الالكترونيات والبرمجيات والمعدات المستخدمة في عمليات المراقبة والتتبع بالإضافة لعمليات صيانة برمجة وتحديث الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول والثابت. كما شملت منع استيراد وشراء النفط ومنتجاته وتقديم الخدمات الداعمة من تمويل ونقل وتأمين وإعادة تأمين وكذلك بيع المعدات المستخدمة في استخراج وإنتاج النفط والغاز سورية والشركات السورية. كما منع الاتحاد في هذا التوسع بفرض العقوبات التعاملات النقدية مع مصرف سورية المركزي بالإضافة لتقديم الخدمات المالية والتمويلية لأي شركة تعمل في القطاع النفطي السوري أو في قطاع الطاقة الكهربائية وكذلك منع التعامل أو التعاون مع أي شركة تدعم هذين القطاعين في سورية.
استهدفت هذه العقوبات أيضا قطاع البنية التحتية حيث منعت المشاركة في بناء محطات الطاقة الكهربائية وتقديم الخدمات التقنية في بنائها.
في القطاع المالي منعت العقوبات أي تعامل مالي مع الحكومة السورية حتى في إطار المنظمات الدولية (باستثناء الأغراض الإنسانية) بالإضافة لإيقاف كامل التعاملات والتفاقيات المالية الحالية ووقف تداول السندات السورية بكافة أشكالها مع منع افتتاح أي فروع جديدة للمصارف السورية أو حتى مكاتب تمثيل لها.
في التأمين، منعت العقوبات عقود التأمين وإعادة التأمين مع الحكومة السورية وكل من يمثلها وياتمر بأمرها باستثناء التأمين الصحي والسفر والتأمين الفردي الشخصي (سيارة، صحة .. )
توسع في هذه العقوبات تجميد الأصول على الشخصيات السابق ذكرها ليشمل أيضا منع السفر والعبور في الاتحاد الأوروبي وليضاف لهذه الشخصيات الرئيس الأسد ونائبه ومعاونه والعماد آصف شوكت بالإضافة لشخصيات أمنية وعسكرية كهشام بختيار وبسام الحسن وداوود راجحة وذوالهمة شاليش ومحمد مفلح وتوفيق يونس وعلي حبيب وعلي السالم ورفيق شحادة وجامع جامع وحسن تركماني ونوفل الحسين ومحمد زمريني وغسان خليل بالإضافة لعدد مبير من الشخصيات الاقتصادية والوزراء ليصل عدد الأشخاص ل86 شخص إجمالي.
كما شملت العقوبات شركات خاصة وحكومية الإدارات الأمنية والمصارف وقنوات التلفزيون والصحف شركات الاتصالات ومراكز الأبحاث وشركات البناء.
في تشرين الثاني من ال2012 تم توسيع العقوبات لتشمل بيع وشراء ونقل وسمسرة الذهب والمعادن الثمينة والألماس من وإلى الحكومة السورية وكل تابع لها أو مؤتمر بأمرها، بالإضافة لبيع وتوريد ونقل وتصدير السلع الكمالية لسورية.
كما شمل التوسيع التضييق على التزامات تجارية قصيرة ومتوسطة الأجل مع سورية متضمنة "ضمان ائتمانات الصادرات" أي التضييق على التصدير لكافة أنواع البضائع وكذلك منع الاتزامات التجارية طويلة الأجل.
في الطيران، منعت العقوبات وصول الطائرات المشغلة من شركات سورية إلى المطاارات الأوروبية بالإضافة للتضييق على الطائرات الذاهبة الى سورية لمعرفة متضمناتها من السلع.
أضافت هذه العقوبات 100 شخصية إضافية من رجال الأمن والجيش ورجال الأعمال والوزراء المدراء ليصبح العدد الإجمالي 180 شخص ، كما أضافت مجموعة من الشركات والمؤسسات والهيئات بعدد 53 مؤسسة إجمالي.
في أيار ال2013 سمح الاتحاد الأوروبي –من مطلق انساني بحسب ادعائهم- باستيراد ونقل والتأمين وإعادة التأمين للنفط السوري بالإضافة لتأمين المعدات والتقنيات اللازمة، كما سمحت بالحصول على الخدمات المالية والائتمانية وفتح الفروع ومكاتب التمثيل في الاتحاد الأوروبي شرط أن يكون كل ذلك حصراً باستشارة من "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" بحسب تسميتهم.
في كانون الأول 2013 عدلت العقوبات لتستثني المواد الزراعية والطبية والغذائية من منع التصدير والبيع، كما عدلت العقوبات لتمنع الدول الأوروبية من التعامل مع التحق الأثرية والمواد المتعلقة بالتراث السوري التي تم تهريبها خارج سورية واستثناء عمليات إعادة هذه المواد إلى سورية من العقوبات.
في حزيران وبعدها في تموز وتشرين الأول 2014 وآذار وأيار ال2015 تمت إضافة أسماء عدد من الوزراء والضباط ورجال الأعمال والشركات للعقوبات ، لتستقر في تشرين الأول 2015 على أن كامل رجال الأعمال القياديين العاملين في سورية والوزراء المكلفين بعد أيار ال2011 وضباط الجيش العربي السوري والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة السورية كاملة وأبناء عائلتي الأسد ومخلوف كاملين خاضعين للعقوبات الأوروبية مالم يقوموا ببيان انقطاع علاقتهم بالحكومة السورية بالأدلة والوثائق.
د- العقوبات العربية:
في كانون الأول ال2011 فرضت جامعة الدول العربية عقوبات على سورية تضمنت تجميد أصول ومنع دخول الدول العربية لعدد من الشخصيات السورية الأمنية والعسكرية والاقتصادية والحكومية بالإضافة لحظر توريد الأسلحة وتخفيض الرحلات الجوية من وإلى سورية إلى النصف، كما تضمنت أيضا وقف التعامل مع البنك المركزي السوري وتجميد أرصدة الحكومة السورية ووقف التعاملات المالية معها ومع مصرفها التجاري مع وقف تمويل المبادلات التجارية الحكومية من قبل المصارف العربية ومراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية وتجميد إقامة المشاريع العربية في سورية.
ه- العقوبات التركية:
في تشرين الثاني ال2011 فرضت الحكومة التركية أيضا عقوبات اقتصادية على سورية تضمنت تجميد أصول ومنع سفر لأشخاص متورطين بالعنف بحسب تعبيرهم بالإضافة لحظر توريد السلاح ومنع المعاملات المالية مع المصرف المركزي السوري وتجميد أصول الحكومة السورية .
و- كندا واستراليا وبقية الدول:
في أيار ال2011 فرضت كندا عقوبات على قائمة من الأفراد والمؤسسات منعت بموجبها أي فرد أو مؤسسة كنديين من التعامل معهم أو المساعدة بالتعامل معهم. تضمنت القائمة المراكز الأمنية ووزارتي الدفاع والداخلية والرئيس الأسد ونائبه ورئيس الوزراء السوري آنذاك بالإضافة لعدد من الأشخاص الأمنيين والمسؤولين السوريين آنذاك ورجال الأعمال.
في آب ال2011 عدلت كندا على العقوبات لتضيف شركة سيرتيل والبنك التجاري وعدد من الشخصيات والمسؤولين للقائمة.
في تشرين الأول من ال2011 منعت كندا استيراد وشراء وحيازة ونقل النفط السوري والغاز الطبيعي وتقديم الخدمات المالية المساعدة على ذلك بالإضافة لمنع الاستثمار في قطاع النفط السوري، كما أضافت عدد من الشركات ومجموعة كبيرة من الشخصيات ليصبح الإجمالي حوالي ال50 شخصية تقريبا.
في كانون الأول 2011 توسعت العقوبات لتشمل منع استيراد وشراء كافة السلع السورية باستثناء الأطعمة، بالإضافة لمنع الاستثمار في سورية وتقديم الخدمات المالية المساعدة على ذلك، كما منعت كندا أي تصدير لأي سلعة يمكن أن تستخدم في المراقبة والاتصالات.
أضافت كذلك العقوبات مجموعة من الشخصيات والشركات بأعداد كبيرة.
أضافت كندا في كانون الثاني وآذار وأيار وتموز وآب وتشرين الثاني 2012 مجموعة من الشخصيات والشركات كذلك ليزيد العدد الإجمالي على ال190 شخصية.
أما سويسرا والنرويج فتبنت عقوبات الاتحاد الأوروبي كما هي.
في أيار ال2011 فرضت استراليا عقوبات على سورية حظر للأسلحة بالإضافة لتقييد السفر والتحويلات المالية لأبرز أعضاء النظام السوري حسب تعبيرهم.
في شباط ال2012 أضافت استراليا مجموعة من الشخصيات والمؤسسات لقائمتها.
في حزيران 2012 استهدفت العقوبات الاسترالية قطاع النفط والقطاع المالي وتجارة السلع الكمالية ومعدات المراقبة والاتصال والمعادن الثمينة بالإضافة لتوسيع قائمة الشخصيات والمؤسسات.
اليابان، كانت عقوباتها في أيلول ال2011 تضمنت تضييق على المدفوعات والتحويلات المالية للرئيس الأسد ومجموعة من الشخصيات السورية من مسؤولين وضباط ورجال أعمال.
3- الأثر الحقيقي للعقوبات الاقتصادية على سورية:
تدعي الدول التي تفرض العقوبات على سورية أن عقوباتها تهدف للضغط على الدولة وحماية الشعب من الإجراءات القمعية التي تقوم بها الحكومة بحسب ادعائهم، سنناقش في هذا الفصل مدى صحة ادعاءاتهم وحجم الضرر الحقيقي الذي يترتب من هذه العقوبات على المواطنين بحسب القطاعات المتنوعة:
أ. أثر العقوبات على القطاع الطبي والدوائي:
سبعون معملا لإنتاج الأدوية في سورية قبل الحرب كانت كفيلة بأن تغطي ما يزيد عن ال90% من حاجة السوق المحلية، لا بل أن تصدر الدواء لأكثر من 58 دولة في السابق حيث لم نكن نحتاج أن نستورد سوى مجموعة ضيقة من الأدوية النوعية واللقاحات.
تأثر القطاع الصحي بالحرب من خلال العمليات الإرهابية التي استهدفت معامله ومراكزه الصحية ومستشفياته ، وارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي التي جعلت من الصعب الاستمرار في الإنتاج أو إعادة تشغيل المعامل التي تعرضت للتدمير، بالإضافة لزيادة الطلب إجمالا عن مستواه ماقبل الأزمة بسبب الفوضى والإصابات الحربية وانتشار الأمراض وحالات النزوح والتجمعات السكانية الكبيرة وغيرها.
شكلت الآثار السابقة فجوة كبيرة بين العرض والطلب دفعت القطاع الصحي للاعتماد على الاستيراد لسدها.
على الرغم من الادعاءات الدائمة للدول التي تفرض العقوبات على سورية بأن عقوباتها لا تؤثر على المجال الإنساني إلا ان الواقع يعكس غير ذلك.
نأخذ على سبيل المثال أحد أدوية زرع الكلية التي كانت في السابق توزع من قبل وزارة الصحة مجانا فقد كانت مفقودة في فترة من الفترات وتواجه الوزارة صعوبة شديدة في تأمينها إذا أن العقوبات المفروضة لمنع التعامل مع سورية تجعل من الصعب الوصول لشركات تقبل بأن تنقل البضائع المطلوبة لصالح سورية بالإضافة لحاجتنا لدول وسيطة في غالب الأحيان لتعذر وصول البضائع مباشرة لسورية بسبب العقوبات. تؤثر كذلك العقوبات المصرفية على آليات تمويل عمليات الاستيراد وكذلك لجهة التأمين على البضائع كون أي تعامل مصرفي بالدولار مع سورية ممنوع ومعرض لتضييقات شديدة ببقية العملات.
وبالتالي فإن محاولة الالتفاف على هذه العقوبات إما من خلال الدول الوسيطة والصديقة أو من خلال الحصول على تصاريح من الدول التي تفرض العقوبات بأن هذه العمليات تخدم القطاع الصحي ولابد من استثانئها تستغرق أشهر طويلة وتؤثر على صعوبة تأمين المخازن اللازمة لهذه الأدوية أثناء هذه الفترات بالإضافة لتأثرها بالتقلبات الشديدة لأسعار الصرف في سورية وبالتالي عزوف المستوردين عن استيراد الكميات الكافية من الأدوية.
بالإضافة للأدوية فقد أثرت هذه العقوبات على استيراد التجهيزات الطبية والمعدات للمستشفيات إما لناحية إعادة تجهيزها بعد أن تعرض بعضها للتدمير أو لناحية تطوير المعدات المستخدمة بأحدث التكنولوجيا العالمية، كما تأثرت أيضا المعامل التي مازالت تقوم بعمليات الإنتاج بصعوبة تأمين الآلات والمعدات اللازمة للعملية الإنتاجية سواء كقطع صيانة أو تطوير وتحديث للتكنولوجيا أو إعادة تجهيز ما تدمر بالإضافة لصعوبة تأمين المواد الأولية اللازمة للعملية الإنتاجية في معامل الأدوية.
لا تكفي الادعاءات الغربية بأن العقوبات لا تستهدف القطاع الإنساني والصحي كي نتمكن من تأمين الأدوية أو اللقاحات أو المواد الأولية أو التجهيزات أو المعدات أو الآلات ، فالواقع السوري خير دليل على ما أنتجت هذه العقوبات وعلى حجم الضرر الصحي والإنساني الذي سببته من ارتفاع في معدلات الإصابة بالأمراض وازدياد في أعداد الوفيات التي كان من الممكن علاجها لو تأمن ما يلزمها.
ب. أثر العقوبات على القطاع المصرفي
لن نتحدث عن أثر العقوبات على عمل المصارف السورية المشمولة في هذه العقوبات، بل سنذكر الصعوبات المالية التي رتبتها هذه العقوبات على المواطن السوري.
حظرت العقوبات الأمريكية التعامل بالدولار على المقيمين في سورية من خلال النظام المصرفي العالمي وعمليات التحويل العالمية الخاضعة لرقابة الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي قيدت كل عمليات التحويل المصرفي وتمويل الاستيرادات التي ستتم بالدولار.
نتج عن ذلك عدم إمكانية تسديد ثمن المستوردات بالدولار (وهو العملة المفضلة لمعظم الدول) وبالتالي صعوبة وتأخر العمليات وارتفاع التكاليف على التجار بسبب التأخير وتكلفة استبدال العملات وارتفاع معدل المخاطرة نتيجة تقلباتها عدا عن رفض شركات كثيرة للتعامل بعملة غير الدولار لما يرتبه عليها من ضرورة تغيير النظام المعلوماتي والبرمجي لبياناتها ومعاملاتها المالية وزيادة في التعقيدات والارباكات.
منع السوريين من التعامل بالدولار أضر باعتماداتهم الموجودة في بنوك الدول المستوردة من سورية وبالتالي ضيق بشكل كبير على الصادرات السورية للخارج من نسيج وكونسروة وغيرها حيث اتجهت الشركات المستوردة لإيجاد مورد بديل عن المورد السوري لسهولة التعامل.
تخشى المصارف عند التعامل مع السوريين لفتح حسابات لهم أو اعتمادات (حتى بعملات غير الدولار) من وجود علاقة بينهم وبين الشخصيات والمؤسسات والشركات الخاضعة للعقوبات، حيث إن العقوبات شملت أضا كل من يساعدهم أو يمولهم أو يتعامل معهم لتسهيل أمورهم، وبالتالي تزداد الإجراءات تعقيدا على السوريين لتدفع معظم المصارف للعكوف نهائيا عن التعامل مع السوريين لما ترتبه عليهم أي مخالفة للعقوبات من غرامات مالية كبيرة جدا تصل حد الخضوع لنفس العقوبات وبالتالي تحمل خسائر تصل بها غالبا للافلاس والخروج عن الخدمة.
من جملة الشركات الأمريكية المساهمة بالعقوبات كانت كريديت كارد وماستر كارد، التي خالفت العقود الموقعة مع الجانب السوري والتي كان يجب أن تمتد لسنوات بأن أوقفت تعاملات السوريين بها وألغت اعتماد بطاقاتهم المعتمدة على حسابات سورية خارج سورية وكذلك عدم إمكانية التعامل مع البطاقات المعتمدة على حسابات أجنبية خارج سورية. ترك هذا الإجراء آثار سلبية كبيرة على مدفوعات المواطنبين السوريين أيضا خارج سورية بالإضافة لمدفوعات الأجانب القادمين لسورية وهي إجراءات ستدفع العمل المصرفي للعودة سنوات للخلف.
مؤسسة سويفت العالمية كذلك ، بتطبيقها للعقوبات، زادت من صعوبات تحويل العملات الأجنبية على المصارف العاملة فيها. وهي المؤسسة المعنية بنظام تحويل الأموال عبر العالم المعتمد من أكثر من 200 دولة.
يضاف إلى ماسبق فإن اعتماد معظم المصارف على رفض قبول المبالغ النقدية الكبيرة التزاما باتفاقيات مكافحة غسيل الأموال ، وفي ظل صعوبة تحويل الأموال على السوريين ، ضاعف من آثار العقوبات على المعاملات المصرفية للمواطن السوري.
ج. أثر العقوبات على قطاع التعليم
هل يعلم يا ترى الرأي العام الأمريكي أن عقوبات حكومته تؤثر سلبا على التعليم في منطقة من مناطق العالم؟
في العنوان، هي عقوبات لمنع تمويل الحكومة ووصول التكنولوجيا إليها، لكن بالتأثير ...
تؤثر العقوبات الغربية على سورية سلبا على قطاع التعليم، ابتداء من صعوبة وصول المستحقات المالية للطلاب الموفدين على حساب وزارة التعليم العالي خارج سورية نتيجة العقوبات المصرفية وعدم إمكانية تحويلها لهم بالوقت المناسب والتعقيدات الشديدة التي اضطرت وزارة التعليم للخضوع لها لتجاوز هذه العقوبات عبر الاعتماد على جهات وسيطة لتحويل الأموال وخضوع حسابات الطلاب في دول المغترب لرقابة شديدة لمعرفة المقصد من هذه الأموال.
إضافة لذلك فقد أثرت العقوبات على وصول التكنولوجيا والعلوم الحديثة والأدوات المستخدمة في العمليات التعليمية في المدارس والجامعات سواء لجهة اعتماد التجهيزات والتكنولوجيا الحديثة أو لجهة تطوير الموجودة وصيانتها. فالجامعة الافتراضية السورية مثلا التي تعتمد على التكنولوجيا بشكل رئيسي في تقديم خدماتها التعليمية تواجه صعوبة لجهة تطوير أدواتها أو على الأقل المحافظة على مستواها بالإضافة لصعوبة التعامل معها ومع غيرها من الجامعات السورية من قبل الغرب بحجة أنها حكومية أو أنها تدعم الحكومة لمجرد بقائها للعمل في سورية (في حالة الجامعات الخاصة)
يضاف لتلك التعقديات ما يواجهه الطالب السوري من صعوبات للوصول للبرمجيات الحديثة والتكنولوجيا وبشكل خاص على الإنترنت بسبب العقوبات ومنع تحميل البرمجيات التي يواجهها السوريون لمجرد كون مكان الدخول سورية، حيث يمنع تحميل أحدث البرمجيات من قبل الشركات الأمريكية والكندية على السوريين كما يمنع عليهم إنشاء حسابات في مواقعهم وتسديد ثمن مشتريات الكتب العلمية أو المراجع والبرمجيات الحديثة بسبب العقوبات.
د. أثر العقوبات على القطاع الغذائي
قد نعتقد لوهلة بأن تبني دول العالم وعلى رأسها الدول الغربية لأهداف التنمية المستدامة في الأمم المتحدة وعلى رأسها "Zero Hunger" أي "صفر جوع" وبالتالي السعي لاعتبار الغذاء خط أحمر لا يمكن المساس به، بل عندما نسمع الدول تطالب الحكومة السورية بفك حصار عن مناطق المسلحين بحجة "الجوع" نعتقد بأنهم لا يمكن أن يسمحوا لعقوباتهم بالمساس بالغذاء وآليات تأمينه.
أما الائتلاف المعارض فيطالب بنفس البيان الذي يصدره بفك الحصار عن قرية ما يحتلها المسلحون وتشديد الحصار والعقوبات على الشعب السوري، وهو (الائتلاف) المستثنى منها كما رأينا والغير آبه بآثارها السلبية.
انخفاض المحاصيل الزراعية نتيجة العمليات الإرهابية بالإضافة لارتفاع تكاليف الزراعة وبشكل خاص تكلفة المحروقات على المزارع سببت انحسار في الإنتاج الغذائي السوري الذي كان يتمتع بشبه اكتفاء ذاتي وبالتالي سعي الجهات المعنية لاستيراد الغذائيات الأساسية وبشكل خاص (الحبوب) لسد احتياجات السوق والمواطنين.
تواجه الجهات المعنية السورية عند إعلانها عن حاجتها لشراء مواد غذائية من السوق الدولية امتناع أعداد كبيرة من التجار والموردين عن التقدم لتلك المناقصات على الرغم من أن المواد الغذائية مستثناة من العقوبات كما يدعي الغرب إلا أن تعقيدات التمويل والتسديد المترتبة على العقوبات المصرفية التي تضطر سورية للجوء لدول وسيطة أو مصارف في دول صديقة لإتمام عمليات السداد، بالإضافة لصعوبات النقل والتعاقد مع الشركات الناقلة وارتفاع تكاليف التأمين على البضائع لإيصالها للسوق السورية عدا عن تعرض الحمولات المتجهة إلى سورية لتدقيقه وتفتيش شديدين ، كل تلك الأسباب تدفع المردين للعكوف عن التعامل مع السوريين وبالتلي حرمان سورية من المواد الغذائية المستوردة واضطرارها لشراء كميات قليلة على دفعات كثيرة وبأسعار مرتفعة لتأمين الاحتياجات.
تنعكس صعوبة تأمين المواد الغذائية على أسعار بيعها لمستهلكها النهائي في السوق السورية ، حيث كل تعقيد أو إجراء يترتب عليه ارتفاع في تكلفة توريد المواد الغذائية وبالتالي ارتفاع في أسعارها وحرمان فئات جديدة من المواطنين السوريين الذين يتآكل دخلهم وتنخفض قدرتهم الشرائية على تأمين أساسيات حياتهم.
مع ذلك كله تحاول السلطات السورية مواجهة هذه العقوبات عبر استثمار الأموال المجمدة لدى الدول الغربية لسداد قيمة الواردات الغذائية التي يدعي الغرب أن الأصول المجمدة يمكن أن تستخدم لشرائها، إلا أن ذلك لا يلقى استجابة من الدول الغربية ويوجه دائما بتعقيدات في الإجراءات ورقابة ومتابعة وتدقيق شديدين بالإضافة لتباطؤ يفضح تورط الدول الغربية في الضغط على السوريين بلقمة عيشهم مستهترين بشروط عقوباتهم نفسها التي تستثني شراء المواد الغذائية والإنسانية من تجميد الأصول والأموال السورية.
ه. أثر العقوبات على قطاع الطيران المدني
تعتقد الحكومات الغربية –غالب الظن- أن الطيران المدني السوري يستخدم من قبل المسؤؤولين السوريين بقمع الشعب السوري أو أنها حكرا على الحكومة السورية دون غيرها للاستخدام .. وإلا ما مبرر منع الطيران السوري من استخدام مطاراتها أو شراء الطائرات وقطع الصيانة ، لا بل ما المبرر من منع الحكومة الأمريكية للشركة العربية السورية للطيران من استخدام أنظمة الحجوزات الإلكترونية ودفعها للعودة للحجوزات الورقية؟
ما نوع الضغط الذي سيشكله هذا الإجراء على إيقاف عمليات انتهاك حقوق الإنسان بحسب ادعائهم؟ فالمسؤولون عن هذه الانتهاكات كما يقولون ممنوعون من السفر بكل الأحوال.
تخضع شركة الطيران العربية السورية لعقوبات أمريكية منذ ال2004 تطورت مع بداية الحرب على سورية ليضاف إليها عقوبات أوروبية، يمنع على الشركة السورية بموجب هذه العقوبات أن تقوم بشراء الطائرات أو قطع صيانتها بالإضافة لمنع استخدامعها لمطاراتهم.
انخفض الأسطول السوري بفعل العقوبات ليصل لطائرة واحدة حاليا بسبب منع الشركة من شراء الطائرات أو صيانتها بالإضافة للبلطجة السعودية باحتجاز طائرتين سوريتين رهن الصيانة لديها.
مع عزوف العديد من شركات الطيران العالمية عن القدوم إلى سورية بسبب المخاوف الأمنية والعقوبات، بالإضافة لازدياد الحاجة لاستخدام الطيران المدني في النقل الداخلي نتيجة الأوضاع الأمنية في طرقات النقل بين المحافظات واستهداف الإرهابيين للطرقات الرئيسية التي تصل المحافظات ببعضها، يزداد الضغط بشكل كبير لازدياد الطلب على الطيران السوري المكبل بالإجراءات العقابية المفروضة من الدول الغربية التي تمنعه من تطوير أسطوله أو إعادة إحيائه من جديد.
عدا عن ذلك فإن العقوبات التقنية المفروضة على سورية تمنعها من تطوير أنظمة الملاحة لديها وبالتالي منع الطيران السوري من استخدام بعض المطارات لعدم توافق الأنظمة الملاحية الغير مطورة في الطائرات السورية.
يضاف إلى ذلك كله فلشركة الطيران السورية أموال وائتمانات وديون على شركات أجنبية لا تستطيع تحصيلها اليوم بسبب العقوبات المصرفية ومنع تحويل الأموال إلى سورية وبالتالي خسارتها لمبالغ مالية كبيرة يمكن استخدامها في إيجاد حلول للحاجات المستمرة للسورية للطيران.
شدة الضغوطات المفروضة على الطيران السوري أدت بشكل كبير لارتفاع الأسعار التي تدفع الكثيرين من الدخل المحدود للامتناع عن استخدام الطيران في النقل الداخلي واللجوء للنقل البري المحفوف بمخاطر الإرهابيين وتعريض حياتهم للخطر، بالإضافة لاضطرارهم لتحمل عناء الانتقال برا إلى الدول المجاورة التي أصبحت تفرض تأشيرات دخول على المواطنين واضطرارهم لاستخدام طيرانهم ومطاراتهم للسفر وهي تضييقات يعاني منها المواطن السوري وليس المسؤولين الحكوميين الذين تدعي الدول الغربية معاقبتهم.
و. أثر العقوبات على قطاع الطاقة الكهربائية
منعت العقوبات الغربية الاستثمار في قطاع الكهرباء في سورية بالإضافة لمنع بيع وشراء والتعامل ودعم الصناعات الاستخراجية والنفط السوري وبالتالي إضعاف المورد الأساسي لتوليد الكهرباء في سورية ، نضيف إلى ذلك طبعا الاستهدافات الإرهابية لمحطات التوليد الكهربائية وآبار النفط والاستخراج الغير مدروس من قبل الإرهابيين للنفط السوري وما سببه ذلك من استنزاف للموارد السورية وانخفاض القدرة على تأمين الكهرباء للمواطنين.
منع تمويل الاستثمارات في الطاقة الكهربائية السورية بالإضافة للعقوبات على النفط السوري أدت بشكل كبير للتأثير سلبا على مناح حياة المواطنين الذين تدعي العقوبات أنها فرضت لحمايتهم.
فكيف يمكن حماية مواطن عبر عقوبات تؤدي لأن يمضي معظم يومه بالظلام أو أن تتوقف آلاته الإنتاجية لعدم كفاية ساعات الكهرباء كي تتحضر الآلات لبدء العمل؟ أو كيف يمكن لعقوبات تؤدي لانخفاض تأمين الطاقة الكهربائية للمستشفيات وبالتالي توقف أجهزتها عن تأدية مهامها وما تسببه من حالات صحية كارثية على المرضى أن تحمي مواطن؟
ولا ننسى انخفاض الكفاءة التعليمية في المدارس والجامعات لانخفاض ساعات تأمين الطاقة الكهربائية وبالتالي عدم القدرة على الاعتماد على وسائل التعليم الحديثة في إيصال المعلومات والبحث العلمي.
ضعف الطاقة الكهربائية التي تعتبر اليوم من ضروريات الحياة والتي كانت مؤمنة قبل الحرب ل98% من المواطنين السوريين على امتداد الأراضي السورية أدى لانخفاض الطاقة الإنتاجية لكافة القطاعات وارتفاع تكاليف الإنتاج فيها وبالتالي ارتفاع أسعارها وعدم قدرة مجموعات كبيرة من المواطنين على شرائها وتأمينها كالأغذية والأدوية والألبسة وغيرها من أساسيات الحياة التي تأثرت بضعف الطاقة الكهربائية نتيجة العقوبات الغربية على سورية.
ز. أثر العقوبات على الطفل
لابد للإضاءة هنا على بشاعة العقوبات المفروضة على السوريين لناحية أنها تؤثر حتى على الأطفال فنجد أن الاحتياجات الأساسية للأطفال من حليب وعبواته المخصصة للأطفال والكراسي والأسرّة والألعاب والوسائل التعليمية المبسطة المخصصة للأطفال والألبسة وغيرها تخضع للصعوبات المالية والمصرفية والتأمينية ومشاكل النقل والاستيراد التي تحدثنا عنها وسابقا والتي تسبب ارتفاع في أسعارها في السوق السورية وانحسار تواجدها وعدم القدرة على تأمينها وبالتالي حرمان أعداد كبيرة من الأطفال الذين يعانون أهلهم من انخفاض في الدخل الحقيقي من الحصول عليها وهي حقوق أساسية وضرورات لضمان نمو الأطفال ونشأتهم السليمة.
حتى في البرمجيات الحاسوبية، فعندما تحاول تحميل برامج تعليم الأطفال من المتاجر الأمريكية أو الكندية تحديدا التي تطبق العقوبات على سورية تواجه بخطأ يظهر لك رسالة بأنك ممنوع من استخدام هذه البرمجيات، فبأي منطق أو قانون أو عرف أو مبدأ يحرم السوريون من برمجيات الأطفال التعليمية لمنع انتهاكات حقوق الانسان بحقهم وحمايتهم كما يدعي الغرب.
لقاحات الأطفال أيضا، كما تم التطرق لها في فقرة الأثر على القطاع الصحي، تتأثر سلبا وبشكل كبير بالعقوبات من ناحية إمكانية تأمينها وارتفاع تكاليفها على المواطنين وبالتالي أيضا خروج لعدد من الأسر من المستهلكين أو الطالبين لهذه اللقاحات وما يعكسه ذلك على مستقبل الأطفال وصحتهم وحقهم بالنمو السليم.
ح. أثر العقوبات على حقوق الإنسان الأساسية
يتضمن الإعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته الثانية ما يمنع التمييز بين المواطنين على أساس الأصل الوطني او على أساس الوضع السياسي في الدولة التي ينتمي لها الفرد، وفي المادة 25 الحق في الحصول على مستوى معيشي يؤمن له الحاجات الأساسية من تغذية وملبس ومسكن وعناية طبية، وفي مادته 26 الحق في التعليم. كما تضمن ميثاق الأمم المتحدة في فصله الأول ما يؤكد على ضرورة اعتماد العلاقات الودية بين الدول والتعاون الدولي على حل المشاكل الاقتصادية بالإضافة لمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول إلا وفق الفصل السابع وتفويض مجلس الأمن الذي عجزت الدول الغربية عن الحصول عليه وكذلك في الفصل التاسع من الميثاق حيث تعهدت الدول بالابتزام بتحقيق مستوى أعلى للمعيشة وتيسير حلول للمشاكل الاقتصادية.
ماحجم الانتهاك الذي تقوم به العقوبات الغربية على الشعب السوري للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولميثاق الأمم المتحدة؟
الحاجات الأساسية من غذاء ولباس وأدوية يصعب تأمينها بسبب العقوبات وإن تأمنت فإن تعقديات الإجراءات تكون كافية لرفع أسعارها بشكل يمنع العديد من المواطنين من الحصول عليها.
التمييز بحق السوريين بحجة العقوبات والتدقيق على معاملاتهم سواء المقيمين منهم في سورية أو خارجها ومنعهم من ممارستهم حقوقهم ومعاملاتهم يشكل انتهاك للإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يمنع التمييز بين المواطنين على أساس انتائهم الوطني، فالعقوبات التي يتذرعون بها ليس ضمن إطار مجلس الأمن وفصله السابع وبالتالي فهي إجراء أحادي الجانت يمثل تمييزا بين المواطنين على أساس الانتماء الوطني، حججه غير مقنعة فمن غير الممكن أن انتهك حقوق شعب لحمايته من انتهاك حقوقه.
أوليس هذه كله –أساساً- تدخل بالشؤون الداخلية للدولة السورية والمواطنين السوريين لم يرتق لأن يشكل خطرا على السلم والأمن الدوليين يدفع مجلس الأمن وفق ميثاق الأمم المتحدة وفصلها السابع؟
الخاتمة:
مهما حاول الغربيون أن يطفئوا نور الشمس وأن يخفوا الآثار الحقيقية لعقوباتهم التي يدعون أنها لمصلحتنا ، فالواقع يتكلم .. واقع معاملنا الصناعية التي تجد الصعوبات في الحصول على الآلات وصيانتها وتأمين موادها الأولية ومحروقاتها وكهربائها بسبب العقوبات وبالتالي اضطرارها للخروج عن الخدمة وترك عامليها بلا عمل واقتصادنا الوطني بلا إنتاج.
واقع طياراتنا المدنية التي استهلكت بلا إمكانية للإنتاج وأدويتنا التي بدأت تنحسر وتنفقد تدريجيا من الأسواق وغذاءنا الذي نجد صعوبة في تمويل استيراده ونقله وتخزينه وغيرها من الوقائع التي فرضتها العقوبات والتي لا يمكن إخفاءها بل ستبقى الفاضح لارهابهم الاقتصادي بشكله الجديد.
لن ينسى الوسريون يوما أن حصولهم على اساسيات الحياة كان عرضة للتضييق الغربية وأن تحويلهم لمبلغ من المال من دولة لدولة –إن سمح به- استغرق أشهر وأن تحميلهم للبرمجيات التعليمية منع عنهم لنتمائهم .. لن ينسى السوريون تورط الائتلاف المعارض بأنه مستثنى من العقوبات دون أي إجراءات تهدف للتخفيف عن السوريين آثارها السلبية .. لن ينسى الشعب السوري يوماً أن من سميوا "أصدقاء الشعب السوري" افتتحوا مؤتمرهم بالدعوة لفرض العقوبات عليه ، فأي صداقة هذه وأي حرية.
إضافة تعليق جديد