الأسد : بقائي رهن بصناديق الاقتراع والحرب قد تكون طويلة
أكد الرئيس بشار الأسد أن بقاءه في منصبه أو رحيله لا يتم إلا من خلال صناديق الاقتراع، معتبرا أن النزاع في بلاده ليس حربا أهلية بل صراع مع «إرهاب» مدعوم من الخارجي، مشيرا إلى انه إذا توقف الدعم الخارجي للمسلحين «نستطيع أن ننهي كل شيء خلال أسابيع».
وشن الرئيس الأسد، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» بثت كاملة أمس، هجوما لاذعا على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، موضحا انه يعتقد نفسه «السلطان العثماني الجديد» و«خليفة»، وانه «إذا استولى الإخوان المسلمون على الحكم في المنطقة، خصوصا في سوريا، يستطيع أن يضمن مستقبله السياسي».
وقال الأسد، ردا على سؤال في المقابلة التي أجريت في القصر الرئاسي، «أعتقد أن مسألة بقاء الرئيس أو رحيله مسألة تعود إلى الشعب، وليست مسألة تتعلق برأي البعض. والطريقة الوحيدة تتم من خلال صناديق الاقتراع. إذاً المسألة لا تتعلق بما نسمعه، بل بما ينجم عن صناديق الاقتراع، وتلك النتائج هي التي تحدد ما إذا كان ينبغي على الرئيس البقاء أو الرحيل، ببساطة».
وأضاف «لم أكن أنا المستهدف منذ البداية، ولم أكن أنا المشكلة بأي حال من الأحوال. الغرب يخلق الأعداء دائما. في الماضي كان العدو هو الشيوعية، ومن ثم أصبح الإسلام، ثم (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين، ولأسباب مختلفة، والآن يريدون أن يخلقوا عدواً جديداً يتمثل في بشار، ولهذا يقولون إن المشكلة تكمن في الرئيس، وأن عليه أن يرحل. ولهذا السبب علينا أن نركز على المشكلة الحقيقية، وألا نضيع وقتنا في الإصغاء لما يقولونه».
وتابع «علينا أن ننظر إلى المسألة من منظورين. المنظور الأول هو الدستور، وأنا أتمتع بسلطاتي بموجب الدستور. وطبقا للدستور، ولهذه السلطات، ينبغي أن أكون قادرا على حل هذه المشكلة. لكن إذا كنت تقصدين أنه ليس هناك سوري آخر يمكن أن يصبح رئيسا، فالجواب هو لا، فأي سوري يمكن أن يكون رئيسا. هناك العديد من السوريين المؤهلين لهذا المنصب. لا يمكن ربط البلد بأسره بشخص واحد فقط ودائما».
وحول ما إذا كان يعتقد انه الرجل الذي يستطيع إنهاء الصراع واستعادة السلام، شدد الأسد على أن «واجبي أن أكون الرجل الذي يستطيع فعل ذلك، وآمل أن أتمكن من ذلك. لكن المسألة لا تتعلق بصلاحيات الرئيس، بل بالمجتمع بأسره. ينبغي أن نكون دقيقين في هذا الصدد. لا يستطيع الرئيس فعل شيء دون المؤسسات ودون الدعم الشعبي. لذلك، فإن المعركة هنا ليست معركة الرئيس، إنها معركة السوريين. كل سوري يشارك حاليا في الدفاع عن بلده».
وحول كيف يمكن تحقيق النصر في هذه الحرب، وأن تتصالح مع شعبك بعد كل ما حدث، قال الأسد «المشكلة ليست بيني وبين الشعب، فأنا ليس لدي مشكلة مع الشعب. لكن الولايات المتحدة والغرب والعديد من البلدان العربية ضدي، وتركيا ضدي. فإذا كان الشعب السوري ضدي أيضا، فكيف يمكن أن أبقى هنا؟ فهل أنا سوبرمان؟ الأمر لا يتعلق بالمصالحة مع الشعب، كما لا يتعلق بالمصالحة بين السوريين مع بعضهم البعض. نحن لسنا في حرب أهلية. الأمر يتعلق بالإرهاب والدعم الذي يحظى به الإرهابيون من الخارج لزعزعة استقرار سوريا».
وبشأن ما كان يتم الحديث عنه عن قوة الجيش السوري والاستخبارات، قال الأسد «في الأحوال الطبيعية عندما يكون لدينا الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية نركز على العدو الخارجي، حتى لو كان لدينا عدو داخلي، كالإرهاب، لأن المجتمع يساعدنا على الأقل في عدم توفير حاضنة للإرهابيين. الآن وفي هذه الحالة، لدينا نوع جديد من الحرب، حيث يمارس الإرهاب بالوكالة، سواء من خلال سوريين يعيشون في سوريا، أو مقاتلين أجانب يأتون من الخارج. هذا نوع جديد من الحروب وعلينا أن نتكيف مع هذا الأسلوب الجديد، وهذا يستغرق وقتا وليس سهلا. والقول إن هذا شبيه بالحرب التقلـيدية أو النظامية ليس صحيحا. هذه الحرب أكثر صعـوبة بكثير، هذا أولا. ثانيا، إن الدعم الذي يتلقونه والذي يقدم لهؤلاء الإرهابيين ومن جميع الأشـكال، سـواء من حيث الأسلحة أو المال أو الدعم السياسي أمر غـير مسبوق. ولذلك علينا أن نتوقع أن تكون حربا قاسية وصعبة. من غير الواقعي أن نتوقع أن بلدا صغيرا كسوريا يمكن أن يهزم كل تلك البلدان التي تقاتلنا من خلال عملائها خلال أيام أو أسابيع».
وعن الوقت الذي يحتاجه لسحق عدوكم، قال الأسد «لا نستطيع الإجابة عن هذا السؤال لأن لا أحد يزعم أن لديه الجواب حول متى يمكن لهذه الحرب أن تنتهي، ما لم يكن لدينا الجواب حول متى سيتوقفون عن تهريب المقاتلين الأجانب من مختلف أنحاء العالم، وخصوصا من الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ومتى سيتوقفون عن إرسال الأسلحة لهؤلاء الإرهابيين. إذا توقفوا نستطيع أن ننهي كل شيء خلال أسابيع. ليس في الأمر مشكلة كبيرة. لكن إذا ما استمرت عمليات التزويد بالإرهابيين والسلاح والمساعدات اللوجستية، فإنها ستكون حربا طويلة».
وأعرب الأسد عن اعتقاده انه لن تقع حرب تركية - سورية، مكررا دعوة دمشق لأنقرة لتأليف لجنة مشتركة بين الجيشين لمعرفة من يقصف الأراضي التركية من سوريا.
وحول لماذا تحولت تركيا إلى موطئ قدم المعارضة، قال الأسد «ليس تركيا وليس الشعب التركي، بل حكومة أردوغان، كي نكون دقيقين. الشعب التركي بحاجة لعلاقات جيدة مع الشعب السوري. أردوغان يعتقد أنه إذا استولى الإخوان المسلمون على الحكم في المنطقة، خصوصا في سوريا، يستطيع أن يضمن مستقبله السياسي. هذا سبب. السبب الآخر هو أنه يعتقد شخصياً أنه السلطان العثماني الجديد، وأنه يستطيع السيطرة على المنطقة كما كان الأمر خلال عهد الإمبراطورية العثمانية وتحت مظلة جديدة. إنه يفكر في أعماقه بأنه خليفة. هذان هما السببان الرئيسيان لهذا التحول في سياساته من صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء».
وردا على سؤال حول لماذا كل هؤلاء الأعداء في العالم العربي، قال «إنهم ليسوا أعداء. غالبية الحكومات العربية تدعم سوريا ضمنيا، لكنهم لا يجرؤون على قول ذلك علانية، لأنهم يتعرضون لضغوط من الغرب، ومن البترودولار». وأضاف «العديد من البلدان (العربية) تؤيدنا ضمنيا، لكنها لا تجرؤ على التصريح بذلك علنا، لكن هناك أولا العراق الذي يؤدي دوراً فعالا في دعم سوريا خلال هذه الأزمة لأنه بلد مجاور، وهم يدركون أنه إذا حدثت حرب داخل سوريا فسيكون هناك حرب في البلدان المجاورة، بما في ذلك العراق. وهناك بلدان أخرى لها مواقف جيدة مثل الجزائر و(سلطنة) عمان بشكل أساسي. وهناك بلدان أخرى لست بصدد تعدادها الآن لديها مواقف إيجابية، لكنها لا تتصرف بناء على تلك المواقف».
وحول ما إذا كان يمكن أن يختار بين قطع العلاقات مع إيران مقابل السلام في بلادكم، أكد الأسد انه «ليس لدينا خيارات متناقضة بهذا الشأن، والسبب أنه كان لدينا علاقات جيدة مع إيران منذ العام 1979 وحتى الآن، وعلاقاتنا تتحسن باستمرار، لكننا في الوقت ذاته نتحرك نحو السلام. كان لدينا عملية سلام ومفاوضات سلام، ولم تكن إيران عاملا ضد السلام. هذه معلومات مضللة يسعى الغرب لترويجها، وهي أننا إذا كنا نريد السلام فلا ينبغي أن يكون لدينا علاقات طيبة مع إيران. ليس هناك أي علاقة بين الأمرين. إنهما موضوعان مختلفان تماما».
وعما إذا كان يملك معلومات تفيد بأن أجهزة الاستخبارات الغربية تمول المسلحين في سوريا، قال الأسد «ما نعرفه حتى الآن هو أن هذه الأجهزة تقدم دعما معلوماتيا للإرهابيين من خلال تركيا، وفي بعض الأحيان من لبنان، بشكل رئيسي. لكن هناك أجهزة استخبارات أخرى، ليست غربية، بل إقليمية، نشطة جدا وأكثر نشاطا من الأجهزة الغربية، وبالطبع تحت إشراف أجهزة الاستخبارات الغربية».
وعما إذا كانت مجموعات «القاعدة» تحاول السيطرة على قوات المعارضة، قال الأسد «لا أعتقد أنهم يسعون للسيطرة على هذه المجموعات، بل إنهم يسعون لتأسيس إمارتهم، حسب التعابير التي يستخدمونها، لكنهم يحاولون بشكل رئيسي إخافة وترهيب الناس من خلال التفجيرات والاغتيالات، والهجمات الانتحارية، وأشياء من هذا القبيل لدفع الناس إلى اليأس وكي يقبلوا بهم كأمر واقع، وهكذا فهم يتحركون خطوة خطوة، لكن هدفهم النهائي هو إقامة إمارة إسلامية في سوريا يستطيعون من خلالها الترويج لأيديولوجيتهم الخاصة بهم في باقي أنحاء العالم».
ونفى الأسد أن تكون القوات السورية ترتكب جرائم حرب، موضحا «إننا نحارب الإرهاب ونطبق الدستور لحماية الشعب السوري. من غير المنطقي أن يرتكب جيش جرائم حرب ضد شعبه، لأن الجيش السوري يتكون من أفراد الشعب السوري. لو أراد الجيش أن يرتكب جرائم بحق شعبه فإنه سينقسم ويتفتت. ولذلك لا يمكن أن يكون هناك جيش قوي وموحد وفي الوقت ذاته يقوم بقتل شعبه. ولا يمكن لجيش أن يصمد لمدة 20 شهراً في هذه الظروف الصعبة من دون أن يحظى باحتضان الشعب. فكيف يمكن أن يحظى بهذا الاحتضان في حين يقوم بقتل الشعب. هذا تناقض».
وكان الأسد قد حذر في مقتطفات من المقابلة نشرت أمس الأول من أن «كلفة أي غزو أجنبي لسوريا اكبر من أن يتحملها العالم».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد