تفاهم روسي أمريكي على وقف العنف وموسكو ترسل أسلحة دفاعية متطورة إلى سوريا
وصلت المداولات الروسية ـ الغربية حول الازمة السورية إلى ذروتها أمس، في لقاء القمة الذي جمع الرئيسين الاميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين على هامش مؤتمر مجموعة العشرين في المكسيك، والذي اتفقا فيه على ضرورة وقف العنف فورا والشروع في عملية سياسية انتقالية، فيما مهّد تعليق عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، لتعزيز الدعوات إلى الانتقال بخطة كوفي أنان لمرحلة جديدة، يفترض أن تتضح اليوم مع مثول رئيس البعثة الجنرال روبرت مود أمام مجلس الامن الدولي للإدلاء بشهادته حول الوضع في سوريا.
وعلم أن مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان تقوم بزيارة رسمية إلى موسكو منذ يومين لإجراء لقاءات مع مسؤولين روس. وبدأت زيارة شعبان أمس الاول ولم يعلن عنها رسميا.
وقال بوتين خلال اللقاء مع الرئيس الأميركي على هامش قمة مجموعة العشرين في لوس كابوس في المكسيك، «من وجهة نظري فقد استطعنا التوصل إلى عدد من النقاط المشتركة» وقال إنهما سيواصلان مباحثاتهما حيال الأزمة السورية.
وأعلن أوباما أنه وبوتين اتفقا على ضرورة وقف العنف في سوريا، إلا انه لم يتعرض لذكر الخلافات التي تفصل بين مواقف البلدين والمتعلقة بكيفية معالجة الأزمة السورية. وقال أوباما وهو يجلس الى جوار بوتين، فيما ارتسمت الجدية على وجهيهما «اتفقنا على ضرورة وقف العنف، وإيجاد عملية سياسية لمنع الحرب الاهلية والاحداث المروّعة التي رأيناها خلال الاسابيع الماضية، وتعهدنا بالعمل مع أطراف دولية اخرى، ضمنها الامم المتحدة وكوفي انان، وكل الاطراف المهتمة بمحاولة إيجاد حل لتلك المشكلة».
وقال أوباما وبوتين، في بيان مشترك لم يأتيا فيه على ذكر اسم الرئيس بشار الأسد، «اتفقنا على التعاون بشكل ثنائي ومتعدد الأطراف لحل النزاعات الإقليمية. ومن أجل وضع حد لإراقة الدماء في سوريا، ندعو إلى وقف فوري لكل أشكال العنف».
وأكدا «وحدة (موقفهما) لجهة وجوب أن يتمكن الشعب السوري من اختيار مستقبله باستقلالية وديموقراطية». وأعربا عن دعمهما «الكامل لجهود المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، بما في ذلك التحرك قدما باتجاه الانتقال السياسي إلى نظام سياسي ديموقراطي وتعددي يختاره السوريون بأنفسهم في إطار سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها ووحدة أراضيها».
من جهة اخرى، دعا الجانبان ايران الى احترام التزاماتها «بالكامل والى إثبات الطبيعة السلمية» لبرنامجها النووي، في حين تراوح المفاوضات مع طهران مكانها.
وقال الرئيسان في بيانهما «نحن متفقان على انه يتعين على ايران بذل جهود جدية لإعادة الثقة في العالم حول الطبيعة السلمية الحصرية لبرنامجها النووي. ولهذا الغرض، ينبغي ان تمتثل طهران بالكامل لالتزاماتها».
وأعلن أوباما انه شدد على ضرورة إيجاد مقاربة مشتركة حيال طهران، مؤكدا انه «لا يزال هناك وقت لحل ديبلوماسي» للخلاف حول البرنامج النووي الايراني.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان مود سيتحدث الى مجلس الامن الدولي اليوم. وقال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو للصحافيين ان الجنرال مود «بعد هذه الإحاطة، سندرس مع شركائنا في مجلس الامن النتائج التي يجب استخلاصها». وذكر فاليرو أن فرنسا التي تشغل مقعدا دائما في مجلس الامن الدولي تطلب أن تصبح خطة موفد الامم المتحة والجامعة العربية كوفي انان ملزمة بقرار «تحت الفصل السابع»، الذي ينص على عقوبات وعلى إمكانية اللجوء الى القوة.
أما نبيل العربي فقال إن الوقت قد حان لتغيير مهمة الأمم المتحدة في سوريا. وأوضح «بذلك أعني قوة حفظ سلام، لا قوة عسكرية. عندما يكون هناك طرفان قررا الاقتتال، لا يمكنك أن تكتفي بالمراقبة إلا إذا قبل الطرفان. لذلك، ما نحتاجه هو طرف يمكنه فرض وقف إطلاق النار، لا القتال». وأكد العربي أن الازمة في سوريا «لن تحلّ إلا إذا شاركت في ذلك روسيا والصين».
وأكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في حديث مع قناة «روسيا اليوم»، أن القيادة السورية حددت 3 أو 4 أهداف ومهمات أساسية من بعثة المراقبين وهي: «أولا: نحن مع خطة أنان وقد نفذنا الكثير مما ورد في النقاط الست على الرغم من كل ما يقال ولا نتفق معه. ثانيا: نحن مع عمل بعثة المراقبين، وكما ذكرت قدمنا لها كل التسهيلات الممكنة. ثالثا: نحن مع حماية المراقبين وأمنهم الشخصي وتأمين حياتهم وحركتهم. رابعا: لم تمنع بعثة المراقبين من الوصول إلى أي مكان لأننا واثقون من أن الإرادة السياسية الموجودة لدينا مبنية على الحوار، أما تزويد الجماعات المسلحة بأحدث الأسلحة القاتلة وأجهزة الاتصال الحديثة فهو ما يعيق التوصل الى حل سلمي.
وتحدث المقداد عن تقديم بعض الدول الدعم للمعارضة المسلحة، وقال «إذا توقفت هذه الأطراف عن تقديم هذه الإمكانيات للمسلحين، فسيجلس السوريون يوم غد الى طاولة المحادثات والحوار الوطني، لكي نساهم جميعاً في حقن دماء السوريين وفي وقف هذا الخطر الذي يهدد المنطقة والعالم». من جهة أخرى، قال المقداد «نحن لدينا ثقة بما تقوم به القيادة الروسية، وحريصون على أن تنجح القيادة السورية في تحقيق ما تصبو إليه».
وقالت مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي في افتتاح الجلسة العشرين لمجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان في جنيف «على الحكومة السورية أن تتوقف فورا عن استخدام الاسلحة الثقيلة وقصف المناطق السكنية لان مثل هذه الافعال تشكل جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب اخرى ممكنة». وأضافت بيلاي «علينا ان نبذل كل الجهود للتأكد من محاسبة منفذي الهجمات ومن بينهم الذين هاجموا مراقبي الامم المتحدة في سوريا».
وقالت وكالة «انترفاكس» الروسية إن موسكو تستعد لإرسال مشاة بحرية إلى سوريا في حالة وجود حاجة لحماية أفراد منشأتها البحرية في ميناء طرطوس المطل على البحر المتوسط ونقل معدات منه. ونقلت وكالة «انترفاكس» تقريرها عن مسؤول لم تذكر اسمه في قيادة البحرية. ورفضت البحرية ووزارة الدفاع الروسية التعليق على الفور.
وذكرت الوكالة الروسية ان سفينتي إنزال كبيرتين تستعدان للتحرك الى سوريا وعلى متنهما أفراد من مشاة البحرية. ونقلت الوكالة عن الضابط الذي لم تكشف عن اسمه قوله انه سيكون بمقدور السفينتين وطاقميهما وقوات مشاة البحرية «حماية المواطنين الروس وإخراج الممتلكات من المنشأة اللوجستية» في طرطوس إذا اقتضت الحاجة.
من جانبها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن المدير العام لشركة الأسلحة الروسية الكبرى «روسوبورون اكسبورت» اناتولي ايسايكين قوله إن الشركة تنقل أنظمة صاروخية دفاعية متقدمة إلى سوريا، يمكن استخدامها لإسقاط طائرات أو إغراق سفن إذا قررت أميركا أو دول أخرى محاولة التدخل العسكري في سوريا.
وقال ايسايكين «هذا ليس تهديدا، لكن أيا كان الذي يخطط للهجوم، فعليه ان يفكر بذلك». وأوضح أن الصواريخ المعنية هـي «بانتسـير ـ اس 1»، وهي منظومة صاروخية بتوجيه راداري ونظام مدفعي قادر على ضرب الطائرات عند ارتفاع أعلى من ذلك المتخذ في حالات القصف، وصواريخ «بوك ـ ام 2» المضادة للطائرات، وصواريخ أرض ـ بحر من طراز «باستيون». كما أعلن ايسايكين أن سوريا قد أنفقت حوالي 500 مليون دولار سنويا خلال الاعوام الأخيرة، على شراء أسلحة «روسوبورون اسكبورت»، ما يصل إلى نسبة 5 في المئة من أعمال الشركة الروسية.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد