مستقبل حكومة حزب العادلة والتنمية بعد صفقتها مع المؤسسة العسكرية

10-08-2010

مستقبل حكومة حزب العادلة والتنمية بعد صفقتها مع المؤسسة العسكرية

الجمل: أعلنت السلطات التركية رسمياً مساء أمس الاثنين 8 آب (أغسطس) 2010 عن سلسلة من القرارات الجديدة المتعلقة بالشأن العسكري، بما يشير إلى حلول حالة التهدئة بدلاً من حالة التصعيد التي كانت سائدة بين المؤسسة العسكرية التركية وحكومة حزب العدالة والتنمية. فما هي حقيقة هذه القرارات؟ وما هي الصفقة المدنية-العسكرية التي تمت في إطارها؟ وما هو تأثير ذلك على مستقبل تركيا؟
* توصيف التطورات الجارية: ماذا تقول المعلومات الجديدة؟إيزيك أوشانير
شهدت الأسابيع الثلاثة الماضية المزيد من الخلافات المرتفعة السخونة على خط علاقات الحكومة التركية-المؤسسة العسكرية التركية، وذلك حول جملة من الموضوعات والتي كان من أبرزها:
 - ملف رغبة الحكومة التركية إزاء ضرورة وضع المؤسسة العسكرية التركية تحت السيطرة المدنية بما ينسجم ويتماشى مع معايير عضوية الاتحاد الأوروبي المطلوبة ضمن قائمة مشروطيات المفوضية الأوروبية لقبول عضوية تركيا.
 - ملف رغبة المؤسسة العسكرية التركية في الإبقاء على وضعها الدستوري السابق، والذي يحدد الجيش التركي كحامٍ للدستور وعلمانية الدولة.
على خلفية تزايد الخلافات والتوترات المدنية-العسكرية،  فقد خشيت العديد من الأطراف احتمالات إقدام المؤسسة العسكرية على تنفيذ الانقلاب والإطاحة بالنظام. ولكن، وعلى خلفية دعم الرأي العام التركي لتوجهات حكومة حزب العدالة والتنمية إزاء الإبقاء بمتطلبات عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد تبين لجنرالات المؤسسة العسكرية أن الانقلاب من الناحية العملية غير مجدٍ، وسوف لن يجلب سوى المعارضة الداخلية والرفض الخارجي.
تقول المعلومات والتسريبات، بأن الرئيس التركي عبد الله غول ومعه وزير الدفاع وسيدي غوتيل قد عقدا اجتماعاً مطولاً مع قادة المؤسسة العسكرية التركية، وتحديداً الجنرال الكير باشبوق رئيس هيئة الأركان العامة، وبعد انتهاء الاجتماع، أكدت التسريبات بأن الطرفين قد نجحا في عقد صفقة مدنية-عسكرية تضمنت الآتي:
 - أن تصدر الحكومة التركية قراراً بإطلاق سراح العديد من كبار الضباط الأتراك المعتقلين على خلفية التورط في مؤامرة أرغيناكون، ومؤامرة المطرقة.
 - أن يتنحى الجنرال الكير باشبوق رئيس هيئة الأركان العامة.
 - أن يتم تعيين الجنرال إيزيك كوسانير في منصب رئيس هيئة الأركان العامة.
 - أن يتم تعيين الجنرال إيردال سيلان أوغلو في منصب قائد القوات البرية التركية.
 أشارت التحليلات الجارية إلى أن حركة التعيينات والتقاعدات الجديدة قد نظر إليها العديد من «صقور» المؤسسة العسكرية التركية باعتبارها تمثل انقلاباً عسكرياً داخل المؤسسة العسكرية التركية، بما سوف يؤدي إلى تعزيز قدرة حزب العدالة والتنمية في فرض السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية التركية، وتركز شكوك صقور المؤسسة العسكرية التركية على النقاط الآتية:
 * رئيس هيئة الأركان الجديد الجنرال إيزيك كوسانير ينتمي إلى جناح الحمائم داخل المؤسسة العسكرية، وقد شهد طوال حياته العسكرية الالتزام بجانب الحياد السلبي إإلكير باشبوقزاء تحركات قيادة المؤسسة العسكرية في الانقلابات، وخوض الصراعات مع الحكومات السابقة والحالية.
 * تم تخطي عدد كبير من جنرالات المؤسسة العسكرية في هذه الترقيات، فالعديد من هؤلاء الجنرالات يتمتعون بالخبرة والكفاءة والأداء على الذين تم تعيينهم. ويتهم صقور المؤسسة العسكرية حكومة حزب العدالة والتنمية، وتحديداً أطراف مثلث عبد الله غول (الرئيس)، رجب طيب أردغان (رئيس الوزراء)، سيدي غونيل (وزير الدفاع) بأنهم قد استغلوا فرصة إيقاف عدد كبير من الجنرالات في تحقيقات شبكة أرغيناكون، وعملية المطرقة، وقاموا بترقية الجنرالات الداعمين لتوجهات حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم.
 * سعت هذه الترقيات المفاجئة إلى إفساح المجال أمام الجنرال نجدت عوزيل الذي تمت ترقيته من منصب قائد الجيش الثاني التركي إلى منصب قائد قوات الجندرمة، وبعد عام سوف يتولى –كما جرت العادة- منصب قائد القوات البرية التركية، وذلك لأن القائد الجديد سوف تتم إحالته للتقاعد الإجباري في عام 2011 القادم، وقد رفض رئيس الوزراء أردغان تقديم أي وعد بإصدار قرار بتمديد فترة عمله. وبالتالي، عندما يتولى الجنرال عوزيل منصب قائد القوات البرية، فإنه سيظل في المنصب لفترة عامين، وبحلول العام 2013 سوف يتقاعد رئيس الأركان الجديد إيزيل كوسانير عن المنصب، وحينها سوف يصعد قائد القوات البرية الجنرال عوزيل بكل سهولة ويسر لمنصب رئيس الأركان العامة التركي.
 * صراع الحكومة-الجيش في تركيا: خيار التصعيد أم خيار التهدئة
 تشير معطيات الإدراك السلوكي، إلى أن صفقة الحكومة-الجيش قد تمت بشكل هادئ حتى الآن، ولكن، في نفس الوقت، تشير العديد من المعطيات إلى أن سلاسة إنجاز الصفقة ما تزال تواجه المزيد من المخاطر والتي من أبرزها:
 - تزايد السخط والغضب في أوساط جنرالات الجيش التركي الذين تم تخطيهم بسبب إيقافهم بواسطة هيئة التحقيق، وبالتالي، فإن الذين تثبت براءتهم سوف لن يكون أمام قيادة الجيش الجديد من خيار سوى إحالتهم للتقاعد. وهو أمر سوف ينطوي على المزيد من المخاطر.
 - تزايد مشاعر عدم الرضا داخل صفوف الجيش التركي، وذلك لأن إخضاع المؤسسة العسكرية التركية للسيطرة المدنية هو أمر غير مقبول بالنسبة للعديد من العسكريين الأتراك الذين تعودوا على استقلالية القرار وردع الحكومات التركية المتعاقبة إضافةً إلى ردع الزعماء السياسيين من مغبة تخطي الخطوط الحمراء المتمثلة في مبادئ الدستور التركي وعلمانية الدولة التركية.
 هذا، ومن المتوقع أن تتزايد مشاعر الخصومة بين الجيش التركي وحكومة حزب العدالة والتنمية، إضافةً إلى تزايد مشاعر عدم الثقة بين قيادة الجيش التركي الجديدة وصفوف ضباط وجنرالات الجيش التركي، والذين أصبحوا ينظرون إلى رئيس الأركان العامة المتقاعد الجنرال الكير باشبوق باعتباره البطل الذي جسّد قيم ومثل المؤسسة العسكرية التركية وتقاليدها العريقة، عندما اختار أن يضحي بمنصبه كثمن لإطلاق سراح الضباط المعتقلين، إضافةً إلى خيار الخروج من منصبه حتى لا يقول التاريخ بأنه أول رئيس أركان عامة تركي يخضع للسيطرة المدنية. فهل يا تُرى قرر الجنرال باشبوق الخروج على أمل أن يعود عبر انقلاب محتمل قادم يقوم به الجيش التركي؟ أم إنه لن يعود، وسوف يبقى باعتباره آخر رئيس أركان عامة تركي لم يخضع للسيطرة المدنية؟


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...