ماهي مصلحة واشنطن في إشعال حرب الكوريتين ومنطقة الباسفيك
- التحركات الأمريكية – الكورية الجنوبية الجديدة: ماذا تقول المعلومات الجارية
برغم التهدئة وانخفاض تداعيات ملف إغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية شيونان ومقتل "46" من بحارتها الكوريين الجنوبيين, فقد برزت على أرض الواقع المزيد من المعطيات والمعلومات الجديدة التي تشير إلى أن تحالف واشنطن – سيؤول يسعى بشكل حثيث باتجاه المزيد من التصعيد في مواجهة بيونغ يانغ, وفي هذا الخصوص نشير إلى المعطيات الجديدة الآتية:
- قامت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بزيارة كوريا الجنوبية, وأعلنت عن سلسلة عقوبات أمريكية جديدة على كوريا الشمالية.
- قامت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون يرافقها وزير الدفاع الأمريكي روبرت غاتز بزيارة المنطقة العازلة المنزوعة السلاح بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية, وخلال تواجدها في هذه المنطقة أعلنت عن المزيد من التصريحات الساخنة التي حملت طابع التهديد والوعيد لكوريا الشمالية.. والشيء نفسه قام به الوزير روبرت غاتز.
- تم الإعلان عن انعقاد فعاليات لقاء آسيا – الباسفيك الأمني الذي سوف تستضيفه فيتنام, وسيركز اللقاء هذه المرة على قضايا الأمن والنزاعات في منطقة آسيا – الباسفيك, وتشير التوقعات إلى وجود نوايا من جانب أمريكا وكوريا الجنوبية, وحلفاؤهما لجهة دفع فعاليات اللقاء باتجاه إدانة كوريا الشمالية والسعي نحو فرض المزيد من الضغوط الآسيوية والدولية ضد بيونغ يانغ.
من المتوقع أن لا تتوقف التحركات الأمريكية – الكورية الجنوبية عند هذا الحد, فهناك ضغوط أمريكية متزايدة لجهة إرغام الصين وروسيا باتجاه التخلي عن روابطها مع كوريا الشمالية, إضافة إلى الانضمام لجانب الجهود الأمريكية الساعية لإستهداف كمبوديا وبورما.
- خيارات كوريا الشمالية المحتملة: الردع والردع المضاد
أكدت كوريا الشمالية مراراً وتكراراً عن نفيها القاطع لتورطها في عملية إغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية شيونان, وإضافة لذلك أكدت بيونغ يانغ عن استعداداها التام لإشعال منطقة شبه الجزيرة الكورية وتوسيع الحريق بما يصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها, وطالبت بيونغ يانغ الولايات المتحدة الأمريكية بعدم المبالغة والسعي من أجل الدخول في مقامرة جديدة غير محسوبة النتائج..
تقول التسريبات بأن الأجهزة الأمريكية والكورية الجنوبية تعاني من فجوة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالقدرات الحقيقية التي لكوريا الشمالية, وفي هذا الخصوص نشير إلى المعطيات الآتية:
- فجوة تخمين القدرات النووية: ظلت التخمينات الأمريكية تتحدث عن وجود "28" منشأة نووية كورية شمالية تعمل في مجالات معالجة اليورانيوم الخام, وتخصيب اليورانيوم, والماء الثقيل والماء الخفيف, وماشابه ذلك من المنشآت النووية, ولكن, وفي تطور مفاجئ برز تقرير مخابراتي كوري جنوبي تحدث عن وجود حوالى "100" منشأة نووية كورية شمالية على الأقل.
- فجوة تخمين القدرات الصاروخية:ظلت التخمينات الأمريكية تتحدث عن القدرات الصاروخية الكورية الشمالية على أساس اعتبارات عدم قدرتها الوصول إلى داخل العمق الأمريكي, إضافة إلى عدم قدرتها على حمل الرؤوس الحربية الثقيلة الوزن, وأيضاً عدم الدقة في إصابة الهدف, ولكن تبين لاحقاً أن القدرات الصاروخية الباليستية الكورية الشمالية تتميز بالمدى الطويل وبحمل الرؤوس الحربية الثقيلة وبالدقة المعقولة لجهة إصابة الهدف، وإضافة لذلك فقد تبين أن كوريا الشمالية تملك عدداً من الصواريخ يتجاوز أضعاف التقديرات الأمريكية والكورية الجنوبية.
- فجوة تخمين القدرات التكنولوجية: في التقنيات العسكرية يوجد مايطلق عليه الخبراء الأمريكيين تسمية تكنولوجيا "الشبح", وذلك في معرض الإشارة إلى الوسائط الحربية غير القابلة للرصد الراداري, وعلى وجه الخصوص تلك الوسائط المصنوعة من المواد غير المعدنية, مثل الفايبر وماشابه ذلك من أنواع اللدائن, وقد تبين أن كوريا الشمالية تملك المزيد من القدرات في مجال تكنولوجيا الشبح, فالكثير من الصواريخ الكورية الشمالية وعلى وجه الخصوص القصيرة والوسطية المدى من نوع الشبح غير القابل للرصد الراداري والتعامل معه عبر أنظمة الدفاع الجوي العادية.
إضافة لكل تلك الفجوات, تأتي مسألة في غاية الأهمية, وهي قدرة كوريا الشمالية على الإستفادة من استراتيجية حافة الهاوية, وبكلمات أخرى, فإن كوريا الشمالية تملك القدرات وتستطيع بكل سهولة إلحاق الدمار الشامل وخلال فترة قصيرة بكل من اليابان وكوريا الجنوبية.. وهو أمر يكفي لإلحاق أضرار بالغة الأذى بالولايات المتحدة الأمريكية, والتي ظلت تعتمد بقدر كبير على التكنولوجيا اليابانية الدقيقة والمال الياباني ونفس الشيء بالنسبة لكوريا الجنوبية وإن كان بقدر أقل مقارنة باليابان, وإضافة لذلك تستطيع كوريا الشمالية إلحاق الأذى بالمنشآت العسكرية الأمريكية الموجودة في منطقة الباسفيك, وعلى وجه الخصوص القواعد النووية الأمريكية الموجودة في جزيرة هاواي, وفي جزيرة أوكيناوا اليابانية, وأيضاً في جزيرة غوام.. وماهو معروف أن القدرات النووية الأمريكية الموجودة في هذه المناطق تتضمن ترسانات نووية يكفي انفجارها لحرف الكرة الأرضية عن مسارها الفعلي..
- كوريا الشمالية وسيناريو "الدولة المنبوذة":
من الواضح أن واشنطن ومن ورائها كوريا الجنوبية لا تسعيان إلى شن الحرب المدمرة ضد كوريا الشمالية, وماهو متاح لهما الآن هو السعي لإنفاذ سيناريو "الدولة المنبوذة" ضد كوريا الشمالية, وذلك عن طريق الآتي:
- فرض ترسانة من العقوبات الدولية المتعددة الأطراف ضد كوريا الشمالية.
- إرغام دول العالم, وعلى وجه الخصوص دول منطقة آسيا – الباسفيك على الإلتزام الشديد بتطبيق العقوبات الصارمة ضد بيونغ يانغ.
الهدف الحقيقي لمسلسل العقوبات والضغوط والتهديدات هو تقويض الاستقرار الداخلي الكوري الشمالي, بما يؤدي إلى إشعال المعارضة والإحتجاجات الشعبية بفعل ضغوط التجويع وإضعاف مستوى الحياة وإفقار الكوريين الشماليين، بما يتيح إنفاذ سيناريو عملية تغيير النظام في بيونغ يانغ، الأمر الذي سوف يتيح لاحقاً إخراج القدرات غير التقليدية الكورية الشمالية من بنود معادلة السيطرة الأمريكية على منطقة آسيا – الباسفيك، والتي أصبحت الآن في مواجهة مخاطر وجود كوريا الشمالية كدولة ذات قدرات غير تقليدية, سوف يؤدي استمرار وجودها لإرغام واشنطن على تغيير حساباتها الآسيوية – الباسفيكية...
الجمل قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد