لقاء ثالث بين الأسد والحريري واتفاق على حماية المقاومة اللبنانية
عقد الأسد لقاءً ثالثاً مع الحريري في مقر إقامة الأخير في «قصر الشعب» حيث بات ليلته هناك، جاء استكمالاً للقائهما الثنائي بعد العشاء الذي أقامه الأسد على شرف الحريري مساء الأحد الماضي، وقبله اللقاء الموسع خلال استقبال الأسد للحريري والوفد الوزاري المرافق. وفيما حرصت دمشق على استباق محادثات الحريري بتصريح لافت للانتباه لوزير الخارجية وليد المعلم حذر فيه من تسييس عمل المحكمة الدولية، قائلاً «اذا استهدفت المحكمة هذا الحزب أو ذاك في لبنان أو في سوريا فهذا يعني تسييساً لها وابتعاداً عن كشف الحقيقة»، فإن المتابعين للمحادثات اللبنانية ـ السورية، أكدوا أن القيادة السورية التي تقارب الملف اللبناني من زاوية استراتيجية أحد أبرز عناوينها حماية المقاومة اللبنانية وسلاحها، في مواجهة الخطر الاسرائيلي، لم تتردد في إبلاغ كل من حاول جس نبضها في موضوع المحكمة الدولية أن أية تهمة توجه الى «حزب الله» إنما توجه الى سوريا.. ولم تكتف دمشق بذلك بل هي حذرت من أية محاولة لجعل المحكمة راس حربة لمشروع اسرائيلي يريد النيل من لبنان ومقاومته ووحدته الوطنية بالفتنة الداخلية بعدما عجز عن استهدافه بالقوة العسكرية.
وجاء الكلام السوري مكملاً لما كان الأسد قد أبلغه للحريري في زيارته الى دمشق التي أعقبت عودته من رحلة واشنطن ونيويورك، بأنه لا يكفي أن يتم نزع الاتهام عن سوريا في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري «لأن توجيه الاتهام الى «حزب الله» بالمعنى الاستراتيجي هو اتهام موجه الى سوريا».
وفيما عاد الحريري مساء أمس الى بيروت، مختتماً الزيارة التي دامت يومين، وتميز يومها الثاني بلقاء ثالث مع الأسد وبغداء عمل ضمّ اليهما وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو، اكتفت وكالة «سانا» السورية والمكتب الإعلامي لرئيس الحكومة اللبنانية بالإشارة بصورة عامة الى لقاء الامس الثالث بين الاسد والحريري، وأشارا الى انهما استكملا محادثاتهما حيث أعربا عن ارتياحهما للخطوات التي تمّ تحقيقها على صعيد تطوير العلاقات بين البلدين وأكدا تصميمهما على المضي في الارتقاء بهذه العلاقات الى المستوى الذي يحقق طموحات الشعبين الشقيقين. كما جرى بحث سبل ترجمة الاتفاقيات التي تم توقيعها بين سوريا ولبنان لخلق شبكة مصالح ذات منفعة متبادلة للشعبين والبلدين.
وقالت «سانا» والمكتب الإعلامي للحريري إن الرئيس الاسد «اقام مأدبة غداء عمل على شرف رئيس الوزراء اللبناني ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، الذي قام بزيارة الى دمشق امس، وجرى خلال المأدبة بحث العلاقات بين سوريا ولبنان وتركيا وسبل تعزيزها بما ينعكس إيجاباً على قضايا المنطقة وخصوصاً القضية الفلسطينية».
واشار المكتب الاعلامي للحريري، الى ان رئيس الحكومة التقى في مقر اقامته وزيــر الخارجية التركي، وعقدا اجتــماعاً دام ساعة كاملة جرى خلاله عــرض التطورات الاقليمية والعلاقات الثنائية.
وعكست مصادر رسمية سورية ارتياحاً بالغاً حيال التطور المضطرد في العلاقة الاخوية بين لبنان وسوريا، والتي يشكل توقيع البروتوكولات والتفاهمات الثنائية، كما قالت، واحدة من أهم محطاتها التي ينبغي ان تتوسع وتتكرس في مختلف النواحي المشتركة بين البلدين.
وأكدت المصادر «ان الرئيس الاسد كان حريصاً على إحاطة رئيس الحكومة اللبنانية والوفد المرافق بعاطفة لافتة للانتباه، وعلى التأكيد بأن لبنان يحتل المقام المتقدم بالنسبة الى سوريا، ومن هنا كان تأكيده امام الرئيس الحريري والوزراء اللبنانيين والسوريين، على حرص سوريا على لبنان وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية، بل واكثر من ذلك، على انفــتاح دمشق على مطالب لبنــان كلهــا». ونقلت المصادر عن الرئــيس السوري قوله للوزراء اللبنانيين والسوريين: «فكروا بمصالح الشعبين أولاً».
واعربت المصادر السورية عن يقينها بأن زيارة الرئيس الحريري والوفد الوزاري اللبناني الى دمشق، كانت ناجحة ومهمة للبلدين، واشارت الى جولات مقبلة من التواصل بين لبنان ودمشق لاستكمال بحــث سائر الامور بينهما.
فيما لم تستبعد مصادر اخرى ان يصار الى طرح مشاريع الاتفاقيات المعنية بالجانب الأمني على مائدة البحث بين الجانبين في مدى ليس بعيداً. وهذا الأمر، كما يقول قريبون من الحريري، يحتل اهمية كبرى لديه، فله نظرته الخاصة الى الشأن الأمني المشترك، الذي يتطلب اعتماد طريقة إنضاج هادئة ومتأنية وبلا تسرّع، بما يحقق غاية الوصول الى صيغ تخدم امن البلدين، علما أن الاتفاقية الأمنية التي وقعت في العام 1990، صارت بحاجة الى تعديلات خاصة أنها كانت تتبنى مضمون الطائف في موضوع اعادة الانتشار السوري وقد صار لزاماً إدخال تعديلات عليها في ضوء الواقع المستجد بين البلدين والمخاطر المشتركة فضلا عن الانسحاب الاسرائيلي في العام ألفين.
والى جانب التفاهمات الأمنية، يبقى الاتفاق اللبناني السوري حول الشأن الخــارجي معلقاً حتى إشعار آخر، حيــث لم يتوصل الجانبان خلال اجتمــاعات «هيئة المتابعة والتنسيق المشتركة» الى التوقيع على مذكرة تفاهم في شأن العلاقــات الخارجــية بين الدولتين. على الرغم من وجودها بنداً موجوداً في جدول أعمال النقاشات.
وقالت مصادر أنّ الجانب السوري طلب أن تضطلع الأمانة العامة للمجلس الأعلى اللبناني السوري بمهمة تنسيق اجتماعات لجنة الشؤون الخارجية، فيما طلب الحريري بأن تسند مهمة التنسيق وترؤس الجلسات الى سفيري البلدين، في اشارة منه الى اعطاء أهمية لموضوع التبادل الدبلوماسي بين البلدين.
وقال وزير الدولة جان اوغاسبيان إن كل الامور التي طرحت في دمشق اساسية وستكون هناك متابعة لموضوعي الحدود والدفاع والأمن عبر اللجان الوزارية المختصة بين البلدين، وفي هذا المجال يفترض ان يبحث وزيرا الخارجية قريباً إمكان عقد اجتماع للبحث في موضوع ترسيم الحدود، علماً ان لبنان اعد دراسة وافية عن الموضوع سيطرحها على الجانب السوري الممثل ايضاً بوزير الخارجية، كما ان الحدود البحرية هي ايضاً من مسؤوليــة هذه اللجنة. وسيبحث وزيرا الدفاع والداخلية في كلا البلدين امكان اجتماع لجنة الأمن والدفاع المشتركة التي نصّت عليها معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق لمتابعة الامور الامنية والدفاعية المشتركة ورسم خريطة الطريق للتنفيذ. وأكد اوغاسبيان ان رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري سيزور بيروت في المرحلة المقبلة لإتمام بعض النقاط التي سبق وتم الاتفاق عليها.
واوضح اوغاسبيان ان «ملف المفقودين اللبنانيين في سوريا شائك ومعقــد ولــو كان سهلاً لكان حُل»، لافتاً الانتــباه الى انه «تمت إثارته في جلسة الامس وحصل توافق على رفــع مستوى اللجان الموجودة لتفــعيل هذا الملف».
وذكرت مصادر وزارية اخرى ان مواضيع الامن بين لبنان وسوريا جارية حسب الاصول وهناك زيارات متبادلة بدأها وزير الداخلية زياد بارود في زيارته الاولى لدمشق قبل اكثر من سنة، ويواصل متابعتها رؤساء الأجهزة في الوزارة للتنسيق في كل الأمور... وجاءت في هذا الاطار، زيارة رئيس فرع المعلومات العقــيد وسام الحسن قبل يومين الى العاصمة السورية حيث التقى رئيس فرع المخابرات العسكرية اللواء رستم غزالة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد