مخالفات من العيار الثقيل في الجامعات الخاصة
خلال الشهر الماضي أحالت وزارة التعليم العالي ملف مخالفات الجامعة السورية الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا إلى القضاء وفقاً للمرسوم رقم /70/ لعام 2009، وكلفت فرقاً فنية تخصصية بمتابعة ما يتعلق بالجوانب العلمية في الجامعة.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا عن المخالفات الواضحة للعلن في باقي الجامعات الخاصة الأخرى التي على ما يبدو نسيت دورها وهدفها كرديف للجامعات الحكومية في تطوير المنظومة التعليمية، عندما أصبح همها واهتمامها كم ستربح من الملايين من الطلبة الذين قد يبيعون ما فوقهم وتحتهم لأجل تأمين مئات الألوف للدخول للجامعة، وتحقيق رغباتهم التي أجهضتها طرق القبول الجامعي غير العادلة، فاليوم غالبية طلبة الجامعات الخاصة لا يترددون باتهامها بسعيها الواضح للربح لقاء علوم لا قيمة مضافة فيها، إذا ما قورنت بمناهج الجامعات الحكومية.
وما يزيد الطين بلة هو تباطؤ وزارة التعليم العالي في كشف أخطاء ومخالفات الجامعات الخاصة، على الرغم مما نسمعه من كلام كثير حول أن تلك الجامعات كلها تحت السيطرة.
وإذا كان الأمر كذلك، فبماذا تفسر لنا الوزارة وجود هذه المخالفات الصارخة التي تجاوزت حدود المعقول؟!.. والتي تهدد بنسف حلم راود الشباب السوري طويلاً، إلى أن جاءت موافقة القيادة السياسية على الترخيص للجامعات الخاصة استجابة لرغبة شعبية بقيت مطلباً لسنوات عديدة؟!.
مخالفات بالجملة
بصراحة احترنا من أين نبدأ بالحديث عن هذه المخالفات التي أصبحت علامة فارقة، تميز بعض الجامعات الخاصة التي باتت مخالفاتها سيرة على لسان الطلبة، والجميع يسأل:
إلى متى يستمر هذا الوضع؟!.
ولماذا تحدث هذه المخالفات طالما أن هناك مندوباً أو ممثلاً للوزارة على اطلاع بما يجري في أروقة تلك الجامعات؟!.
أسئلة من حق الشارع الطلابي السوري أن يسألها، وهو يرى ويسمع ويلمس عشرات المخالفات التي ترتكب أمام أعين المعنيين!!.
ولكن قبل الدخول في التفاصيل، نعرض لمجموع مبالغ الغرامات المفروضة على الجامعات الخاصة المخالفة لأسباب تتعلق بقبول طلاب أو نقلهم خلافاً لقواعد وشروط القبول أو النقل، والتكليف بالتدريس من غير حملة شهادة الدكتوراه أو ما يعادلها خلافاً للأنظمة المعتمدة، بالإضافة إلى عدم توفر مرافق الخدمات الصحية أو العامة أو الخاصة في الجامعة أو في فروع منها ،وفق قواعد الاعتماد، والأرقام التي سنذكرها حصلنا عليها من وزارة التعليم العالي بموجب كتاب خطي يتضمن أسئلة واستفسارات حول قيمة الغرامات المفروضة على الجامعات الخاصة، وعدد الأساتذة الذين يعملون بشكل مخالف والتي سيؤكدها في السطور القادمة السيد معاون الوزير.
غرامات بالملايين
وتأتي غرامات الجامعة السورية الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا في المقدمة، حيث بلغت /93/ مليون ليرة سورية.
الجامعة العربية الدولية الخاصة/2500000/ل.س.
جامعة الجزيرة الخاصة /2000000/ ل.س.
جامعة اليرموك /1500000/ل.س.
الجامعة الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا/1300000/ل.س.
جامعة القلمون/1600000/ل.س.
جامعة الحواش/1100000/ل.س .
جامعة الاتحاد /1000000/ل.س.
جامعة الوادي /700000/ل.س.
جامعة ايبلا الخاصة /700000/ل.س.
جامعة الأندلس/700000/ ل.س.
جامعة المأمون /500000/ل.س .
جامعة الخليج /700000/ ل.س.
البداية من جامعة الحواش
في جامعة الحواش الخاصة للصيدلة والتجميل، بلغ عدد الطلاب المسجلين في الجامعة للعام الدراسي الحالي /367/ طالباً وطالبة، بينما المسموح بتسجيلهم هو /160/ طالباً في ضوء عدد الأساتذة أو الحد المعتمد.
كما قبلت الجامعة ثلاثة طلاب بشكل مخالف لقواعد انتقال الطلاب، ولم تتوقف مخالفاتها عند هذا الحد، بل لديها في الهيئة التعليمية /18/أستاذاً يمارسون مهنة التدريس بشكل مخالف، /8/ منهم يعملون دون موافقة جامعاتهم الحكومية، و/10/ شهاداتهم غير معادلة، ويضاف إلى هذه المخالفات عدم توفر المرافق حسب قواعد الاعتماد العلمي.
والتالية ليست بأفضل
وفي الجامعة السورية الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا، واقع المخالفات فاق بكثير ما سبق بدءاً من عدم مراعاة شروط تأليف المجالس، وانتهاءً بعدم توفر مرافق الخدمات الصحية في مركز الجامعة أو فروعها.
ومن خفايا مخالفات الجامعة وجود /105/ من أعضاء الهيئة التعليمية شهاداتهم غير معادلة أو لم تعتمد بعد، و/60/ لا توجد معهم موافقات المجالس الجامعية، وهناك /9/ طلاب زيادة عن النسبة المحددة لقبول الطلاب من حملة الشهادات الثانوية المهنية، و/223/ طالباً زيادة عن العدد المحدد للعام الدراسي 2009-2010.
صورة طبق الأصل
ولا يختلف الحال كثيراً في باقي الجامعات الخاصة الأخرى، فالمعلومات التي بين أيدينا تشير إلى وجود مخالفات عديدة ارتكبت على مدار السنوات السابقة وتراكمت إلى حد كبير، وخاصة فيما يتعلق بعدد زائد من الطلاب بشكل مخالف مقارنة بعدد الأساتذة.
ففي جامعة اليرموك بلغ عدد الطلاب المسجلين حتى العام الدراسي الحالي/512/ طالباً وطالبة، يحق للجامعة أن تسجل /160/ طالباً منهم.
وبالنسبة للكادر التدريسي يوجد على ملاك الجامعة /27/ من أعضاء الهيئة التعليمية، /11/ منهم شهاداتهم غير معادلة أو لا يوجد عندهم إنتاج علمي، و/9/ يعملون دون موافقة جامعاتهم الحكومية.
كليات دون رؤساء أقسام
ويعاني طلاب جامعة إيبلا الخاصة من عدم وجود عميد لكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية يتحاورون معه لحل مشكلاتهم، وكذلك الحال في كلية الهندسة المدنية، حيث لا يوجد رؤساء أقسام.
وبالنسبة لأعضاء الهيئة التعليمية فهناك /39/ يعملون بشكل مخالف دون موافقة جامعاتهم الحكومية، و/10/ متفرغون جزئياً وشهاداتهم غير معادلة.
بجوار دير عطية
ولا تبتعد مخالفات جامعة القلمون كثيراً عما تم ذكره، فهذه الجامعة على الرغم من أنها تمتلك أفضل بنية تحتية بين الجامعات الخاصة المحدثة في سورية، إلا أنها تجاوزت كغيرها شروط ومعايير قبول الطلبة، ففيها /127/ عضو هيئة تعليمية، /70/ منهم يعملون دون موافقة جامعاتهم الحكومية، و/57/ شهاداتهم غير معادلة.
مخالفات خليجية
ومن أبرز مخالفات جامعة الخليج، تم نقل /13/ طالباً إليها من جامعة الاتحاد في كليتي الإدارة والحاسوب، بناءً على كشف علامات دون تحديد عدد الساعات المعتمدة المنجزة أو السنة الدراسية التي وصلوا إليها، وفي الجامعة /8/ أساتذة تفرغهم جزئي، يعملون دون موافقة من جامعاتهم الحكومية، وهناك ثلاثة أساتذة شهاداتهم غير معادلة أو لا يوجد عندهم إنتاج عملي، فيما بلغ عدد الطلاب المسجلين كزيادة على العدد المحدد لقبول الطلبة /20/ طالباً.
مخالفات اخرى
في الجامعة الخاصة للعلوم والفنون بحلب هناك /20/ عضو هيئة تعليمية، /10/ منهم يعملون دون موافقة جامعاتهم الحكومية، و/7/ شهاداتهم غير معادلة أو لا يوجد إنتاج عملي عندهم، وهم بذلك مخالفون للقواعد والأنظمة والمرسوم التشريعي لعام 2001 الذي ينظم عمل الجامعات الخاصة.
وبخصوص عدد الطلاب المسجلين في الجامعة حتى العام الدراسي الحالي /473/، علماً أن العدد المسموح به /80/ طالباً، أي هناك زيادة /393/ طالباً وطالبة مقارنة بعدد الاساتذة!!.
وتأتي الجامعة العربية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا في ذيل القائمة، من حيث قلة عدد المخالفات، فعدد طلابها لا يتجاوز /28/ طالباً، علماً أن الجامعة يحق لها تسجيل /20/ طالباً فقط، وكادرها التدريسي عدده /8/ واحد منهم نظامي، و/4/ يعملون دون موافقة جامعاتهم الحكومية، و/3/ شهاداتهم غير معادلة، ولم يسجل في الجامعة أية حالات نقل خلافاً لقواعد وشروط القبول، ولا حتى عدم مراعاة شروط تأليف المجالس.
ويبلغ عدد الأساتذة في جامعة الأندلس الخاصة للعلوم الطبية/29/ عضو هيئة تعليمية، ثلاثة منهم يعملون بشكل نظامي، و/22/ يعملون دون موافقة جامعاتهم الحكومية، وثلاثة شهاداتهم غير معادلة.
وفي جامعة الوادي الدولية الخاصة هناك /27/ عضو هيئة تعليمية يعملون بشكل مخالف من أصل /31/ ، /14/ منهم يعملون دون موافقة، و/13/ شهاداتهم غير معادلة.
- ومن بين /69/ عضو هيئة تعليمية يعملون في جامعة المأمون الخاصة هناك، /58/ منهم مخالفين لقواعد الاعتماد العلمي، /33/ يعملون في الجامعة دون موافقة جامعاتهم، و/25/ شهاداتهم غير معادلة.
- ولا يختلف الوضع في جامعة الاتحاد الخاصة، فمن أصل/83/ عضو هيئة تعليمية يعملون فيها، هناك /34/ منهم يعملون دون موافقة جامعاتهم، و/33/ شهاداتهم غير معادلة.
- وفي جامعة الجزيرة الخاصة /18/ أستاذاً يعملون دون موافقة جامعاتهم من أصل /22/.
ماذا تقول وزارة التعليم العالي؟!
بقي أن نقول ونتساءل: كيف حدثت كل هذه المخالفات والتجاوزات، وأين المحاسبة الآنية، ولماذا تتأخر أو تُحرف عن مسارها؟!.
أسئلة وضعناها أمام المعنيين في وزارة التعليم العالي، فماذا قالوا وبرروا التأخر في المحاسبة؟!.
الدكتور ماهر قباقيبي، معاون وزير التعليم العالي لشؤون البعثات العلمية، لم يخفِ وجود هذه المخالفات بمختلف أنواعها، موضحاً بالوقت ذاته، بأن عدداً لا بأس به من الجامعات تمت مخالفتها وتغريمها بمبالغ مالية كبيرة، وصلت في بعض الجامعات إلى حدود /93/ مليون ليرة سورية كالجامعة السورية الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا، وعلل سبب تراكم المخالفات وتكرارها وتأخر الوزارة بالمحاسبة، بعدم وجود نصوص قانونية سابقاً تسمح بفرض العقوبات والغرامات، وقال: العقوبة الوحيدة التي كانت هي إلغاء الترخيص حسب المادة /41/ من المرسوم /36/، وليس من المعقول أن نلغي ترخيص جامعة لمجرد مخالفتها بتسجيل عدد زائد من الطلبة.
لذلك، والكلام للدكتور قباقيبي،سعت وزارة التعليم العالي لتعديل الأنظمة والقوانين المتعلقة بالجامعات الخاصة، حيث عدلنا المادة /41/ بالمرسوم /47/ الذي أناط بمجلس التعليم العالي وضع قواعد الاعتماد العلمي والشروط الواجب توافرها في المنشآت التعليمية الخاصة، وبناءً عليه صدر المرسوم /70 / لعام 2009 الذي وصف المخالفات التي قد تحدث في الجامعات الخاصة، وحدد عقوبة كل مخالفة.
وبشأن عدد الطلبة الزائد مقارنة بعدد الأساتذة الذين يعملون دون تحقيقهم للشروط، قال معاون الوزير: نحن على علم بذلك، وخاصة بالنسبة للتجاوزات، الخاصة باستقدام عدد من الأساتذة لاتتوفر عندهم شروط التدريس حسب قواعد الاعتماد العلمي وأصول مهنة التدريس، وقد وجهنا إنذارات لكل الجامعات الخاصة المخالفة، وأعطينا مهلة لغاية 30/6/2010 لتسوية أوضاعها لجهة تحقيق نسبة الأستاذ إلى الطالب المطلوبة وفق قواعد الاعتماد، وشددنا كثيراً على تسوية أوضاع الأساتذة، وسوف يتم احتساب الأعداد للسنة القادمة بناءً على العدد الإجمالي للطلاب في كل اختصاص، والمطلوب للعام القادم، شريطة توفر العدد اللازم من أعضاء الهيئة التدريسية ووفق القواعد، وكل جامعة لا تلتزم ضمن التاريخ المحدد، لن نتردد بفرض العقوبات بحقها.
وقلنا للدكتور قباقيبي: هناك من يقول إنكم "تدللون" بعض الجامعات، والدليل وجود مخالفات كبيرة عند بعض الجامعات وصلت إلى درجة التمادي.
فقال: هذا الكلام لا أساس له من الصحة، نحن نتعامل بمسطرة واحدة، ونسعى دائماً لتطبيق القانون على الجميع دون استثناء.. على كل حال هذا هو رأي الوزارة بما عرضناه عليها!!.
بقي أن نقول ونتساءل للمرة الثانية: كيف حدثت كل هذه المخالفات والتجاوزات "بعضها تمت تسويته"، وأين المحاسبة الآنية، ولماذا المماطلة؟!.
أسئلة نضعها برسم وزارة التعليم العالي، التي نأمل منها دائماً اتخاذ الإجراءات السريعة لتصويب مسار الجامعات الخاصة بغية تحقيق الهدف من إحداثها.
غسان فطوم
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد