شركة غاز قبرصية تهدد بيئتنا الساحلية
يضاف اليوم إلى قائمة الملوثات المختلفة والخطرة التي تحيط بالشاطىء السوري محطة الغاز النفطي السائل L.P.G
الذي تقيمه شركة شيمي غاز ليمتد القبرصية على البحر مباشرة ضمن الحدود الإدارية لقرية القلوع وبالقرب من قرية عرب الملك في منطقة حريصون العقارية, وهذا ما أثار المخاوف والذعر لدى أهالي المنطقة من الأخطار التي قد تحملها لهم محطة الغاز تلك فتقدم العديد منهم بشكوى معترضين على معمل الغاز قيد الإنشاء على العقار 119 في منطقة حريصون العقارية والذي يرسو على شاطىء البحر ويبعد أقل من 225 متراً عن قريتهم..
وأكد هؤلاء الأهالي أنهم قدموا الكثير من اعتراضاتهم إلى الجهات الرسمية وما من مجيب.. ويؤكدون على وجود العديد من أهالي القرية المصابين بأمراض سببها التلوث البيئي في المنطقة حسب آراء الكثير من أطباء سورية.
بدأت القضية عندما أعلنت مديرية زراعة طرطوس عن رغبتها بتأجير 15 دونماً من العقار لإقامة المنشأة.
وذلك بوضع ملصق من قبل الجمعية الفلاحية بتاريخ 16/1/2007 حسب ما ذكر هؤلاء الأهالي وتبين فيما بعد أن الشركة وقعت العقد بتاريخ 23/1/2007 أي بفارق زمني غير كاف للأخذ بالاعتراضات المقدمة من قبل المواطنين وأثناء جولتنا للمنطقة تأكدنا من قرب التجمعات السكنية وأراضيها الزراعية وبساتين الأشجار المثمرة والكثير من الزراعات المحمية..
ولاحظنا خلال زيارتنا لموقع المعمل في المرة الأولى أن المشروع قد بوشر العمل به حيث ردمت أرض ملاصقة للبحر من جهة الغرب, وبني سور من الإسمنت ملاصق للطريق العام مباشرة من جهة الشرق والأعمال مستمرة بسرعة.. كما لاحظنا في جوار الموقع بعض الدلائل الأثرية.
ورد في دراسة تقييم الأثر البيئي للمشروع التي أعدها الاستشاريون للتنمية المستدامة في تشرين الأول 2007 أن شركة شيمي غاز تعتزم القيام بمشروع لتخزين وتسويق الغاز النفطي المسيل L.P.G في المنطقة العقارية حريصون التابعة لمحافظة طرطوس وينقل هذا الغاز بواسطة بواخر النقل عبر منصة بحرية تبعد عن الشاطىء بحدود 1200 - 1800م أو بواسطة السيارات الشاحنة من وإلى المدن المختلفة داخل القطر والاستطاعة التخزينية لهذه المحطة هي 24000م3 من الغاز المسيل.. مع العلم أن زيارتنا الأولى للموقع في بداية شهر تشرين الأول أي قبل الحصول على الموافقة لدراسة تقييم الأثر البيئي وكما ذكرنا سابقاً أن وتيرة العمل متسارعة.
وحصلت الشركة على موافقة مكتب الاستثمار على تشميل المشروع بالقانون رقم 10 وذلك بالقرار رقم 844/م.س تاريخ 12/11/2002 وتم تمديده بموجب قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 0640/م.س/1 تاريخ 5/10/.2005 وتم تعديل الموقع المقترح للمشروع من منطقة حميميم التابعة لمنطقة جبلة إلى موقع آخر في منطقة حريصون التابعة لمنطقة بانياس. وحصل الموقع الجديد على موافقة كل من وزارة السياحة بالكتاب رقم 8881 تاريخ 22/11/2006 والذي وجه إلى شركة شيمي غاز ليمتد القبرصية يقول (تمت الموافقة على طلب لإقامة المنشأة الصناعية لتخزين الغاز النفطي المسيل وتصنيع اسطوانات الغاز وتعبئتها وتسويقها في منطقة حميميم بجبلة وذلك خلال الجولة الميدانية التي تمت بتاريخ 8/10/2006 بحضور ممثلين عن الشركة وممثلين عن الوزارة والشركة السورية لتوزيع الغاز على المواقع المتاحة الممكنة للموقع البديل للمشروع وإلى أعمال المسح الطبوغرافي التي تمت بتاريخ 15/11/2006 على المواقع المختارة من قبل ممثلي الشركة والمساح المرافق لهم وبحضور ممثلين عن الوزارة والتي تم بموجبها تحديد جزء من العقار 119 من المنطقة العقارية حريصون العائدة ملكيته للدولة السورية (أملاك دولة) إضافة إلى جزء من الأملاك العامة البحرية المتاخمة له وذلك كموقع مناسب وبديل للموقع المشار إليه أعلاه. وجاء في الكتاب أيضاً (علما أنه تم رفع كتاب إلى رئيس مجلس الوزراء برجاء الموافقة على تخصيصكم بجزء العقار 119 حريصون العائد بملكيته لأملاك الدولة, وكذلك الموافقة على إشغال جزء الأملاك العامة البحرية المشار إليه أعلاه من قبلكم (وقد مهر هذا الكتاب بتوقيع السيد وزير السياحة وختم بختم وزارة السياحة.
ليأتي رد من وزير الدولة لشؤون المشاريع الحيوية بالكتاب رقم 9446/2 تاريخ 7/12/2006 المتضمن موافقة السيد رئيس مجلس الوزراء على ما جاء في الكتاب رقم 8881 تاريخ 21/11/2006 المرفوع إلى السيد رئيس مجلس الوزراء بخصوص الموقع المقترح تخصيصه للسيد صاحب المشروع على الساحل السوري في جزء من العقار العائد ملكيته لأملاك الدولة بمساحة 15 دونماً وجزء من الأملاك البحرية بمساحة خمسة دونمات.
وجاء في قرار وزارة النقل 961 تاريخ 20/6/2007 المادة (1) يرخص لشركة شيمي غاز ليمتد القبرصية بالإشغال المؤقت لمساحة 5000م2 من الأملاك البحرية مقابل العقار 119 منطقة حريصون العقارية باستخدام منشآت ملائمة لطبيعة المشروع وخصوصية الموقع والفترة الزمنية للإشغال... في المادة (2) مدة الإشغال 25 سنة تبدأ بتاريخ صدور هذا القرار وتجدد تلقائياً بالرضى الضمني بين الطرفين سنة فسنة.
في المادة (3) حددت بدلات الإشغال السنوي المؤقت استناداً للقرار (2130) تاريخ 28/4/2005 وفق مقترح لجنة الأمر الإداري رقم (119/ص تاريخ 25/3/2007 بمبلغ قدره 2,500000 ل.س ويبدأ استحقاقه بعد عام من تاريخ صدور هذا القرار.
المادة (4) يحق للمديرية العامة للموانىء إعادة النظر في بدلات الإشغال المؤقت في حال صدور تعرفة جديدة لهذه البدلات عملاً بأحكام القانون 65/.2001
وقد مهر هذا القرار بتوقيع ا لسيد وزير النقل.
جاء في تقرير اللجنة المشكلة من السيد محافظ طرطوس بالأمر الإداري 18131 تاريخ 6/12/2006 والتي اجتمعت بتاريخ 11/10/2007 لتقييم دراسة الأثر البيئي لمشروع مجمع الغاز النفطي السائل في موقع حريصون والمقدمة من المكتب الهندسي (الاستشاريون للتنمية المستدامة) وبعد المناقشة طلب من المستثمر:إنشاء محطة معالجة للصرف الصحي وأخرى للصرف الصناعي وفق المواصفات المعتمدة من مجلس حماية البيئة والالتزام بمعايير جودة الهواء وفق المواصفات القياسية السورية وبمعايير شدة الصوت داخل وخارج المنشأة يلتزم المستثمر بجميع المعايير الواردة في دراسة تقييم الأثر البيئي ويتحمل المستثمر والمكتب الدارس المسؤولية القانونية عن إخفاء أي معلومة تظهر لاحقا.
وبناء عليه فإن اللجنة توافق على تنفيذ المشروع بالمواصفات الفنية المذكورة بالدراسة المقدمة ووفق الاشتراطات المدونة أعلاه.
بالعودة إلى شركة زين إخوان صاحبة المنشأة حيث أشار منسق الأعمال في المشروع السيد عمر هلال بأنه تم تبديل الموقع بناء على طلب الجهات المختصة دون إعطاء تفسير بعد أن تم شراء الأرض وتسويرها والحصول على موافقة الجهات المعنية بمحافظ اللاذقية على إقامة المشروع وبعد المباشرة بحفر الأساسات للخزانات طلب إلينا وفق العمل وتعهدت الجهات بإيجاد الأرض البديلة المناسبة للمشروع نفذت الدولة وعدها واختارت لنا موقعا في منطقة حريصون.
وكانت الثورة قد تقدمت لأصحاب شركة شيمي غاز ليمتد بأسئلة عدة حول بعض القضايا التي تؤمن السلامة البشرية والبيئية فجاءت الأجوبة الفنية من شركة gaz ortent في بيروت التي اعتمد عليها بأجوبته منسق الأعمال في المشروع وحددت أجوبتها بالتالي:(تشتمل شبكة الخزانات وشبكة القساطل والبواري ومحطة التعبئة على جهاز إنذار أتوماتيكي لاستشعار تسرب الغاز منتشر في كافة الأقسام, وهذا الجهاز عند استشعاره يعطي أوامر فورية لكافة الأقسام العاملة بالتوقف الفوري مع إشارة تحديد مكان التسرب وإعطاء إشارة صوتية من أجل تنبيه العاملين وفريق الأمن والسلامة كي يلبوا نداء إنذار الطوارئ وهذا الجهاز من صنع شركات عالمية مختصة ومزود بشهادات مطابقة وفحص بعد التصنيع أما فيما يتعلق بعمليات الشحن والتفريغ فتؤكد شركة gaz ortent أنها تتم بحسب أنظمة عمل دولية كون هذه العملية تتم مع نواقل خارجية تخضع لقوانين السلامة والأمان الدولية والبحرية, كما أن كافة هذه العمليات لا تباشر إلا بعد إجراءات تؤكد سلامة وجاهزية كافة الأقسام والمعدات بحسب جداول مشتركة بين المحطة والناقلة بحسب أنظمة السلامة البحرية. وهذه العمليات تتم ضمن آليات مرتبطة بأنظمة معلوماتية دقيقة وفيها عدة درجات خيارات سلامة لخفض إمكانية حدوث أية أخطاء بشرية أو آلية إلى الحدود الدنيا. إضافة إلى أن المحطة مجهزة بفريق أمان وسلامة مدرب بحسب ما تتطلب الأنظمة المعمول بها في كافة الدول المتقدمة مع كافة أجهزة الاستشعار والإنذار والحماية الأوتوماتيكية التي تعمل فورياً.
متابعة الدراسات الفنية في هذه المنشآت تتضمن معايير للسلامة بما يخص حدوث أي شرخ إن كان في الأنابيب أو الخراطيم أو الخزانات تساوي أضعافاً مضاعفة للضغط التشغيلي للمادة من أجل ضمان استبعاد حدوث أي شيء من هذا القبيل. وستكون المحطة مزودة بكافة الصمامات الأوتوماتيكية والمتكررة وآليات عمل حسب كتب السلامة والأمان لهذه الحوادث .
في لقائنا مع مدير زراعة طرطوس السيد حمزة اسماعيل أكد أن مديرية الزراعة قامت بتأجير قطعة الأرض في العقار 119: بناءً على كتاب من وزير الدولة لشؤون المشاريع الحيوية مرفق به موافقة السيد رئيس مجلس الوزراء بتأجير جزء من العقار المذكور وهو أملاك دولة, وأعلنا ذلك كي يكون لدى الفلاحين تصور لتقديم الاعتراضات, ودور مديرية الزراعة كمالك للأرض فقط, ومن حقها أن تؤجرها, وأكد اسماعيل أن الاعتراضات التي قدمت لنا هي بخصوص البيئة وليست في دائرة اختصاصنا ونأخذ بالاعتراضات في حال وجود إشغالات على العقار أو وضع يد أو نزاع وخصومة, والعقار من هذه الزاوية حر بالمطلق.
وأشار مدير بيئة طرطوس السيد حسن مرجان إلى أن الاختبارات العلمية ليست من مهمة مديرية البيئة بل مهمة المكتب الدارس, فليس لدى المديرية الخبرات للدخول في أدق التفاصيل ومهمتنا تقتصر على التدقيق والتفتيش أثناء التنفيذ والتشغيل. وبين أن التعليمات التنفيذية لاتلزم صانع القرار برأي العامة, وفي حال القيام بمنشأة يجب إفهام الناس بمضمون المنشأة وتشغيلها ضمن المعايير. وحسب المرسوم التنظيمي 2680 والذي يقول بأن هكذا منشأة يجب أن تبعد 2 كم عن التجمع السكاني قال: إن هذا الكلام غير سليم وإن القوانين تطرأ عليها تعديلات وتغييرات فإذا كانت التقنية عالية تخف الاشتراطات وإذا كانت الاعتراضات كثيرة نشدد بتنفيذ الشروط, وأضاف بأنه رفض الدراسة الأولى لتقييم الأثر البيئي ووافق على الثانية لأن الأولى لا تنسجم مع الواقع وكانت معمولة لمنطقة حميميم باللاذقية ولمشروعي تخزين وتسويق الغاز وتصنيع اسطوانات الغاز, بينما في الثانية وافقنا فقط على القسم الأول من المشروع لأن وجودهما معاً يشكل خطورة كبيرة.
بينما أكد مدير الآثار السيد مروان حسن علي عدم وجود دلالات أثرية في موقع معمل الغاز الذي يقام حالياً بعد أن تم الكشف على الموقع. والموقع المسجل أثرياً هو تل الدروك ويبعد عن الموقع حوالى 500م وبالتالي لايتعارض مع قانون الآثار, والقناة المائية الموجودة من الممكن أن تكون نفس القناة التي تعرضت للتخريب منذ زمن. وهذه الدلالات قد لاتكون مهمة لدرجة الحفاظ عليها.. ولكنها بحاجة إلى تنقيب. وأشار السيد حسن إلى أن المعطيات تؤكد وجود دلائل أثرية كل 100 م على الشريط الساحلي السوري.
وحين حاولت الاستطلاع عن الأمر في وزارة النقل اطلعت على كتاب وجه إلى السيد مدير عام المديرية العامة للموانىء برقم 9/1121/6 تاريخ 22/10/2007 يتضمن الآتي:
نشير إلى كتابكم رقم 5747/د.م تاريخ 29/8/2007 المعطوف على كتابنا رقم 7638/و 33 تاريخ 5/8/...2007 حيث اقترحتم بكتابكم إحالة الشكوى المقدمة من أهالي قرية القلوع إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة على اعتبار أن لديه الإمكانات الفنية لوضع تصور على الآثار البيئية والصحية المحتملة للمشروع كونها تتركز على أضرار التلوث الجوي وتلوث التربة والمياه الجوفية.. ولما كان جواب وزارة الإدارة المحلية والبيئة بموجب كتابها رقم 1419م/ص/ب/أ/ث تاريخ 9/10/2007 يفيد بأنه قد تم تشكيل لجنة فنية برئاستها وممثلي وزارة السياحة, الصناعة, الزراعة, الري والشركة العامة لتوزيع الغاز وهيئة الاستثمار السورية ورئيس بلدية حميميم والهيئة العامة لشؤون البيئة حيث تمت الموافقة على تنفيذ المشروع المقترح إقامته في محافظة اللاذقية منطقة حميميم العقارية وذلك استنادا إلى الدراسة المقدمة وبالشروط الواردة في كتاب وزارة الإدارة المحلية والبيئة الموجه إلى السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 1096/ص/ب/أ-ث كما بينت أنه لم تتم مناقشة إقامة المشروع المقترح من قبل اللجنة أعلاه في قرية القلوع في محافظة طرطوس الأمر الذي يتطلب تقديم دراسة لتقييم الأثر البيئي الناجم عن المشروع في الموقع الجديد المقترح ليتم مراجعة الدراسة وإعطاء الرأي البيئي المناسب.
حسب الخريطة السياحية لمحافظة طرطوس تبين لنا أن الساحل الذي يقام عليه المشروع مخصص للسباحة ويرتاده العديد من سكان القرى المجاورة كما يرتاده مصطافون من المدن السورية الأخرى لأن الشاطىء رملي فيه استراحات شعبية مستثمرة بأسعار مناسبة تختلف عن المنشآت السياحية المرتفعة الأسعار ويحق لهؤلاء أن ينفسوا عن أنفسهم بعد ضغط العمل المضني وليتناسوا هموم الحياة اليومية كما يرغبون.
كما ورد في كتيب الباحث الأثري محمد رئيف هيكل بانياس والمرقب (دراسة أثرية وتاريخية) التي صدرت طبعتها الأولى في عام 1995 عن مطبعة إياس طرطوس تم العثور على قناة مائية على درجة كبيرة من الأهمية تقع بالقرب من بانياس وتصب على الشاطىء مقابل صخرة المنشحة وهي محفورة بالصخر وعلى أعماق مختلفة من 3-4 م ويمكن السير فيها بسهولة وتتخللها فتحات للتهوية والإنارة, وأثناء عمليات الحفر لم يحدد طولها, وذلك بسبب إغلاق جزء منها بالحجارة والردميات وينتظر من عمليات التنقيب المقبلة كشفها وتحديد تاريخها.
وهذا ما جعلنا نتعجب من رد السيد مدير الآثار.
لمى يوسف
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد