أبرز التساؤلات حول ملف إعادة بناء العراق

18-12-2007

أبرز التساؤلات حول ملف إعادة بناء العراق

الجمل: تركز المعلومات والتقارير المتداولة حول العراق على ملفات الأمن والصراع الداخلي والأكراد والتدخل الإيراني والوجود الأمريكي والعديد من الملفات الأخرى،  وبالتمعن في خلفيات هذه الملفات يتبين لنا أن الملف الغائب، والذي يعتبر من الملفات الأكثر أهمية يتمثل في: ملف إعادة بناء العراق.
* أبرز التساؤلات:
يقع العراق في بلاد ما بين النهرين، أحد الأماكن التاريخية المهمة التي تحمل اسم مهد الحضارات، وقد سبق العراقيين الكثير من الحضارات الأخرى في مجال البناء والعمارة.
النهضة العراقية في مجال الإعمار واجهتها خمسة مراحل:
• الحكم البريطاني حتى نهاية الخمسينات.
• الحكم الوطني حتى نهاية السبعينات.
• الحرب ضد إيران خلال حقبة الثمانينات.
• الخضوع للحصار خلال حقبة التسعينات وحتى نهاية 2002م.
• الخضوع للاحتلال من بداية 2003م وحتى الآن.
وخلال هذه المراحل تقدمت جهود البناء والتعمير من جهة، ولكنها من الجهة الأخرى تراجعت، وحالياً أصبح العراق يواجه شبح الانهيار الكامل.
* الوضع الحالي للخدمات العامة الحكومية:
بسبب عدم بذل أي جهود منذ بدء الاحتلال في مطلع عام 2003م وحتى الآن فقد تدهورت الخدمات العامة الحكومية بشكل غير مسبوق. ومن أبرز الخدمات العاجلة المطلوب إعادة بناءها في العراق:
• خدمات الصرف الصحي: فقد تدهورت تماماً ليس في العاصمة بغداد وحسب، وإنما في أغلب المدن العراقية الأخرى، خاصة تلك التي تنشط فيها عمليات المقاومة كالفلوجة والرمادي وبعقوبة وتكريت وغيرها.
• خدمات الكهرباء: تدهورت خدمات إمداد الكهرباء وأصبحت محطات توليد الكهرباء التابعة لمعسكرات القوات الأمريكية تقوم بتقديم الكهرباء للعراقيين. وعلى ما يبدو، فإن هذه العملية مقصودة في حد ذاتها وتهدف إلى دفع العراقيين باتجاه "التبعية الكهربائية" وذلك على أساس اعتبارات أن الكهرباء تكون موجودة طالما أن القوات الأمريكية موجودة. وتقول المعلومات بأن الاهتمام لم يكن حصراً في مجال شبكات التوزيع، بل في محطات التوليد أيضاً بما في ذلك مصادر الطاقة الكهرومائية. وحالياً وبسبب عدم إجراء عمليات الصيانة الدورية فقد أصبح سد الموصل (المصدر الرئيسي للطاقة الكهرومائية في العراق) معرضاً لخطر الانهيار.
• إمدادات المياه: بسبب عدم الاهتمام بصيانة شبكات مياه الشرب للمدن والمناطق العراقية، أصبحت معظم المدن العراقية لا تحصل على المياه إلا لبضع ساعات في اليوم، وعلى سبيل المثال يتم قطع المياه عن مدينة كركوك لـ12 ساعة في اليوم، أما السكان الآخرون الموجودون خارج المركز الرئيسي لمدينة كركوك فإنهم يحصلون على المياه لفترة لا تتجاوز حدود 4 ساعات في اليوم.
• التغذية والعناية الصحية: تدهورت المشافي والمراكز الصحية في العراق بشكل عام، ولم يتم تزويدها باحتياجاتها الضرورية كما انخفضت كفاءة خدماتها التي كانت تقدمها خلال فترة ما قبل الاحتلال إلى أقل من 50%.
• النقل: تدهورت المطارات والطرق البرية بسبب عدم القيام بعمليات الصيانة الدورية، كذلك فقدت شبكات وسائط النقل العامة والخاصة فعاليتها وكفاءتها في تغطية حركة النقل والشحن.
• التعليم: وصل النظام التعليمي في العراق إلى مستوى الانهيار والعجز عن تقديم الخدمات التعليمية للطلاب وقد كان النظام التعليمي العراقي في الماضي عالي الكفاءة ولكنه بعد الاحتلال شهد الكثير من حالات عدم الاستقرار والتدهور التي ألحقت الضرر بالمؤسسات التعليمية، فانخفضت بقدر كبير أعداد الطلاب، وتخلى عدد كبير من المعلمين عن القيام بمهنة التدريس، وغادر معظم أساتذة الجامعات إلى الخارج.
• الاتصالات: لم تتم حتى الآن عمليا تحديث شبكات الاتصالات في العراق، وعلى وجه الخصوص المنشآت التي قامت بتدميرها القوات الأمريكية خلال الحرب وحالياً يعاني العراقيون كثيراً من عدم كفاءة وفعالية شبكات العراق.
* أين ذهبت أموال إعادة بناء العراق؟
بعد اكتمال عملية غزو واحتلال العراق قامت سلطات الاحتلال بإنشاء ما أطلقت عليه تسمية صندوق إعادة البناء وإغاثة العراق، وتتمثل مهمة هذا الصندوق في تقديم الدعم لقطاع واسع من القطاعات الخدمية العراقية. وتقول المعلومات والبيانات بأن الأموال التي تم تخصيصها لهذا الصندوق كالآتي:
• 2.5 مليار دولار تم تخصيصها في نيسان عام 2003م بعد انتهاء الغزو مباشرة.
• 18.4 مليار دولار تم تخصيصها في تشرين الثاني من نفس العام.
• 45 مليار دولار تم تخصيصها خلال فترات مختلفة من قبل الحكومة الأمريكية.
وتقول المعلومات بأن هناك مبالغ أخرى تم تخصيصها من قبل جهات أخرى مثل اليابان والبنك الدولي الذين قدما 2.5 مليار دولار دعما لمشروعات إعادة تعمير البنيات التحتية، وقدم برنامج التنمية الأمريكي مبلغ 0.5 مليار دولار في الفترة بين 2003م و2006م وهناك 0.2 مليار دولار تم تخصيصها أيضاً، هذا عدا عن المبالغ التي تم قدمتها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وحتى الآن لم يتم تقديم أي ميزانية أو بيان للكيفية التي تم بها إنفاق هذه الأموال.
* أين عائدات النفط العراقي؟
متوسط الإنتاج الذي يصدّر من النفط العراقي يبلغ حوالي 3 مليون برميل. وعلى أساس اعتبارات أن سر البرميل الأقل جودة في العالم هو في حدود 85 دولار فإن عائدات الصادرات النفطية للعراق يجب أن تكون في حدود 225 مليون دولار يومياً أي أن عائدات العراق النفطية خلال الشهر الماضي فقط يجب أن  تكون في حدود 6.75 مليار دولار، وهذا الرقم يقودنا إلى مفارقة هي الأكثر غرابة من نوعها في تاريخ العلم الاقتصادي في العالم وتحديداً العلاقة بين حجم السكان وحجم الدخل الوطني ومستوى الخدمات التي قدم لهم، فهل لنا أن نتصور أن بلداً لا يتجاوز حجم سكانه 20 مليون بهذا المستوى من الدخل يمكن أن يكون سكانه بلا خدمات صحية أو تعليمية وبلا إمدادات كهرباء أو مياه؟ مع ملاحظة أن المناطق العراقية التي تفتقر إلى إمدادات المياه تقع على مرمى حجر من ضفاف نهري دجلة والفرات.
* أبرز التساؤلات:
الفساد (أي فساد) هو ظاهرة اقتصادية – اجتماعية تبدأ مفعولها على المستوى الوظيفي ويمكن أن تنتقل إلى المستوى المؤسسي وفي حالة الفساد الوظيفي يمكن أن نتحدث عن تفشي ظاهرة تقديم الرشاوي والعمولات من وراء ظهر القانون، أما في حالة الفساد المؤسسي فإن الأمر يتعلق بالتنظيم المنهجي لظاهرة الفساد عن طريق استخدام نظرية المؤامرة ووضع الخطط، ليس الخطط الفاسدة وإنما الخطط التي تؤدي إلى الإفساد، أي إفساد دولاب العمل الوظيفي في القطاعات العامة والخاصة. وهكذا تصبح عندها عملية صنع واتخاذ القرار هي المحفز والمحرك لدولاب ماكينة الفساد، وعلى ما يبدو فهو بالضبط ما حدث في الحالة العراقية، ومن أبرز الأمثلة التي تؤكد ذلك حادثة وزير الدفاع العراقي الذي تم الكشف عن استيلاءه على مليار دولار من أموال وزارة الدفاع، وعندما تم الكشف عنه أخرج هذا الوزير جواز سفره الأمريكي وحمل أمواله التي سرقها وغادر العراق في وضح النهار وأمام الجميع دون أن تتعرض له "الحكومة العراقية" وذلك لأنه مواطن أمريكي ولأن "القانون العراقي" الذي كتب مسوداته اليهودي الأمريكي الجنرال غاردنر حاكم العراق السابق يحرم على العراقيين اتخاذ أي إجراءات قانونية ضد الأمريكيين الذين يعيثون فساداً في بلدهم. ولنا أن نتصور ما هو مصير عائدات النفط العراقي خلال الفترة من نيسان 2003م حتى مطلع هذا الشهر.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...