شعبية الغيتار ترتفع لدى الشباب السوري
في شــوارع دمشــــق الأكــــثر ارتياداً من الشباب كمنطقتي «الشعلان» و «باب توما» تجــد شــــباناً يحمــــلون على ظهورهم آلات غيتار ترافقهم حيثما يذهبون، وبإلــــقاء نظرة على عناوين الكتب في المكتبات او على الأرصفة يكثر أن تصــادف كتباً تحمل عناوين مثل « تعلم الغيتار بنفسك « أو «الخطوات الأساسية لتعلم العزف على الغيتار».
والأمر لا يتوقف عند ذلك، ففي منتديات الدردشة على شبكة الانترنت يتحدث الشباب المهتم بالموسيقى عن ولعه بتلك الآلة، ويتبادل الأصحاب الدعوات لحضور حفلات أبطالها من عازفي الغيتار.
يقول رامي سبيعي (21 سنة) «أعتقد بأن من يستعمل الغيتار بدافع محاكاة الموضة لتقليد الآخرين أو للعزف عليه فقط أثناء الرحلات ينظر إلى هذه الآلة من زاوية ضيقة لا تناسب مكانتها الموسيقية، فهي آلة عزف فردي رائعة تتحدى البيانو».
ورامي الذي بدأ بتعلم عزف الغيتار منذ تسعة أشهر يتدرب على العزف ساعات عدة خلال اليوم، ويحلم أن يصبح عازفاً محترفاً «أتمنى أن أصل إلى مرحلة يسمع الناس فيها مقطوعاتي فيميزون أن هذا العزف لي».
وينتمي هذا الشاب إلى أسرة فنية ومعظم أفراد عائلته يجيدون العزف على العود «ربما هذا ما أكسبني أذناً موسيقية». لكنه اتجه نحو عزف الغيتار مخالقاً ما اعتــــادت عليه الأجيال السابقة من عائلته يقول رامي وهو يعزف على الغيتار لحن أغــــنية «كانوا يا حبيبي» لفيروز: «هذه الآلة ســـحرتني»، موضحاً أن تعــــلقه بالغيتار وصل إلى درجة يعتبره فيها الصديق الوحيد الذي يســـتوعب كل ما يريد أن يقوله، ويشبهه ببئر يحتفظ بأسراره «الغيتار هو الوحيد القادر على نقل مشاعري إلى العالم الخارجي».
رامي ليس الشاب الوحيد المولع بالعزف على الغيتار، بل يشاركه تعلقه بهذه الآلة الموسيقية شباب يتضاعف عددهم بين الفينة والأخرى.
منهم «آزاد» الذي يرتاد حديقة المتحف الوطني في وسط دمشق ليمضي أوقاته هناك يعزف الغيتار. في إحدى المرات تجمع حوله سياح من إسبانيا أعجبوا بعزفه حتى راحت إحداهن ترقص على أنغامه، بينما التف الآخرون حوله.
ويعتبر باسل خليل (مدرس الغيتار في المركز الثقافي الروسي في دمشق) أن شعبية الغيتار تنتشر بين أوساط الشباب السوري كنوع من «الانفتاح على ثقافات أخرى»، موضحاً أن الإقبال على تعلم عزف الغيتار في ازدياد مستمر لم يشهده من قبل.
وينتقد باسل الطريقة التي يتعامل بها معظم الأهالي مع مواهب وهوايات أبنائهم، واصفاً إياها بالسطحية «ينتظرون من أولادهم أن يجيدوا العزف بعد شهر من التحاقهم بالمعهد...! متناسين أننا نعلمهم لغة موسيقية متكاملة».
ويعتبر باسل أن حصة الموسيقى في معظم المدارس «غير فعالة»، ويلوم من يستخف بهذه الحصة التي تنمي قدرات العقل وتخفف الضغوط النفسية، «شباب كثر يقصدون المعهد سعياً وراء تنمية مواهب لم تكتشف منذ الصغر».
وفي إشارة أخرى إلى الصعوبات التي تواجه اكتشاف المواهب لدى الشباب وتنميتها، يلفت باسل إلى تدخل العامل المادي كجانب آخر قد يعيق تقدم الشباب في تطوير هواياتهم.
ويقول: «بعض الطلاب يوقفون تعلم العزف لعدم توافر المال لدفع رسوم المعهد»، على رغم أن هذه التكاليف لا تزيد على 1500 ليرة سورية في الشهر أي ما يعادل 30 دولاراً.
ويرى باسل الذي يدرّس الموسيقى منذ عشرين سنة أن لا فرق في مستوى التـــفوق بين الإناث والذكــور، فتعلم العزف ليس محصوراً بصفات شخصية معينة «أي واحد يمكنه التعلم»، لكن التفوق والإبداع يحتاجان إلى الموهبة والتـــدريب.
إلا أنه يشير إلى أن الفتيات «محاصرات» أكثر من ناحية الأهل والمجـــتمع ويقـــول: «طالبــات كثر ممن كن بمستوى جيد ويحملن موهبة واضحة توقفن عن متابعة الدروس لرفض عائلاتهن، أو بعد زواجهن وانشغالهن بالتزامات جديدة».
لينا الجودي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد