كييف هي العاصمة الأولى تاريخياً للروس

25-02-2022

كييف هي العاصمة الأولى تاريخياً للروس

بخصوص الأسباب التاريخية والاقتصادية لرغبة روسيا بالسيطرة على عاصمة أوكرانيا كييف، جاء في كتاب "طريق الحرير"  لمؤلفه علاء السيد تحت عنوان:
نشوء الدولة الروسية:
"كانت روسيا منذ حوالي ثمانمائة عام في مطلع القرن الثالث عشر عبارة عن مجموعة من الإمارات المستقلة المتفرقة التي تسكنها القبائل القادمة من الدول الاسكندنافية الشمالية ومن قبائل الشعوب السلافية ومن قبائل الخزر،
أهم هذه الإمارات إمارة فلاديمير الكبرى في الشمال، وكييف في الجنوب، وكانت موسكو مجرد دوقية متطرفة جغرافياً. لم تكن هذه الإمارات متحدة.
قرر إمبراطور المغول أوكتاي خان، وهو ابن جنكيزخان غزو روسيا عام 1236م فاستطاع الاستيلاء على شبه جزيرة القرم،
ثم توجه في العمق الروسي وتوجه شمالاً نحو دوقية موسكو وإمارة فلاديمير فاستولى عليهما عام 1238م
ثم توجه نحو كييف وكانت أهم المدن الروسية وأعظمها في ذلك الحين فدمرها عام 1240م.
سيطر المغول على الإمارات الروسية المتفرقة سياسياً حينها وفرضوا على حكامها الطاعة المطلقة كما فرضوا عليهم واجب حماية الطرق التجارية لمصلحة المغول،
واختاروا عام 1235م دوقية موسكو ودعموا أميرها إيفان الأول ومنحوه لقب أمير الأمراء فاستطاع هذا الأمير تدريجياً ضم أراضي الإمارات الأخرى إلى دوقيته وتوحيد الأراضي الروسية .
استمر هذا الأمر حوالي مائتين وثلاثين عاماً عندما قام أمير موسكو إيفان الثالث عام 1476م برفض دفع الأتاوات للمغول.
لم يعاقبه المغول للتطرف الجغرافي لبلاده وضعف عوائدها الضريبية التجارية، واكتفوا بالسيطرة على الجنوب الروسي المؤلف من ساحل البحر الأسود وشبه جزيرة القرم حيث تمر القوافل التجارية عبر مسار محور التجارة الدولي هناك
بعد حوالى السبعين عاماً قام ملك "موسكوفيا" إيفان الرابع الذي اشتهر باسم "إيفان الرهيب" بإعلان نفسه قيصراً لروسيا عام 1547م،
وأعلن موسكو عاصمة لدولته التي سميت تاريخياً "روسيا القيصرية".
استقرت الأمور على ماهي عليه خارجياً في روسيا القيصرية التي انعزلت عن العالم الأوروبي وعانت من محدودية الواردات طوال ما يزيد على مائة وأربعين عاماً
حتى مجيء القيصر بطرس الأكبر Peter I the Great.
تولى بطرس الأكبر قيصراً لروسيا عام 1682م منذ حوالى ثلاثمائة عام ونيف وهو صبي في العاشرة من عمره.
لم يكن لروسيا إلا ميناءٌ بحريٌ وحيد متصل بالمحيط المتجمد الشمالي
وتحاصره الثلوج تسعة أشهر في السنة
لم يكن للروس أي وجود عسكري أو تجاري في بقية البحار،
أدرك بطرس الأكبر أن قيام دولته ونموها الاقتصادي رهن بتنشيط التجارة البرية والبحرية الروسية،
رأى بطرس أنه لا بديل عن النفاذ لشواطئ البحر الأسود في حال قررت روسيا الانخراط بالتجارة الدولية، هذا البحر الذي تسيطر على شواطئه جهة روسيا إمارة القرم التترية المدعومة عثمانياً.
استطاع بطرس الأكبر رغم ضعف امكانياته العسكرية عام 1696م احتلال ميناء صغير هو "أزوف" ليكون لروسيا موطئ قدم على هذا البحر،
وصل الروس للمرة الأولى إلى ضفاف البحر الأسود الدافئة، سيكون لحضورهم التاريخي على هذه الضفاف أولوية قصوى في السياسة الدولية الروسية التي استمرت على النهج ذاته حتى اليوم.
ثم وجه بطرس الأكبر أنظاره نحو بحر البلطيق كمنفذ بحري ثاني لروسيا
واستطاع بعد حروب طويلة انتزاع موطئ قدم على هذا البحر من السويد في عام 1703م
وقام بتأسيس ميناء "بطرس بورغ" كميناء تجاري يحيط به الجليد خمسة شهور سنوياً على بحر البلطيق
والذي سيتحول إلى عاصمة ثانية لروسيا لاحقاً ومدينة تنافس موسكو عبر التاريخ.
توفي بطرس الأكبر عام 1725م و نسبت إليه بعد وفاته وصية هامة من أربعة عشر بنداً تتعلق بالمستقبل الاستراتيجي لروسيا بين دول العالم.
قامت الامبراطورة الروسية كاترينا العظمى بعد وفاة بطرس الاكبر بحوالى السبعين عاماً في عام 1794م ووفقا لوصية بطرس بانتزاع المزيد من سواحل البحر الأسود من الدولة العثمانية لتعلن عام 1794م تأسيس مدينة "أوديسا" لتكون ميناءً بحرياً رئيسياً لروسيا على البحر الأسود. "
(ميناء أوديسا أهم موانئ أوكرانيا الحالية)
وأعتقد أن هذه الوصية -التي خص سوريا بأحد بنودها- ما زالت تشكل المنهج الاستراتيجي السياسي الاقتصادي الروسي حتى تاريخه.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...