كلنا شركاء في الخسارة
عملياً الصهيونية قربت بين العرب والوهابية فرقتهم.. الوهابية التي تبناها أمراء آل سعود وكانت سبباً في عسكرة الإسلام ونشر ثقافة العنف بدلاً من روح التسامح، فكانت بالإضافة إلى البترودينار سبباً في دمار أفغانستان وإشعال الحرب السنية- الشيعية في العراق لكسر شوكة المقاومة واستمرار الاحتلال..
واليوم يتم العمل على نقل الحرب الطائفية إلى الديار الشامية، حيث بدأت إشاراتها (دعوياً) مع إعلان القرضاوي من «الجزيرة» لا شرعية الرئيس (العلوي) بشار الأسد، ثم أذكاها العرعور الحموي عبر الفضائيات الوهابية، ثم أطلقها (عسكرياً) الزعيم الجديد للقاعدة الوهابية أيمن الظواهري، وأكدتها (سياسياً) القيادة السعودية على لسان ملكها في تصريحه الأخير حول أحداث سورية.. إذاً يمكن القول أن حملة الحرب الطائفية قد استكملت عناصرها (دعوياً وسياسياً وعسكرياً)، وأما خطة واشنطن –الحاكم الفعلي للسعودية- في هذه الحرب التي قد تتورط فيها تركيا، فتشبه –إلى حد ما- الحرب العراقية الإيرانية التي مولتها المملكة السعودية والإمارات الخليجية، فأنهكت إيران وأنضجت سقوط صدام وأنهت عروبة بغداد.. والآن جاء دور دمشق، التي كانت ظروفها مهيأة داخلياً في ظل غضب السوريين من استمرار الاستبداد السياسي والوصاية الأمنية على حياتهم المدنية، بالإضافة إلى المزاج الثوري الذي يعم المنطقة والعالم.. وهكذا اشتعلت الاحتجاجات بما يشبه بداية ثورة ثم تحولت إلى تمرد مسلح، والآن باتت تقرع أبواب الفتنة الأهلية.. غير أن الأبواب مازالت موصدة بوجهها بفضل وعي السوريين وحنكة علماء دمشق ودهاء تجارها الذين خبروا تاريخياً كل الألاعيب الخارجية التي كانت ومازالت تستهدف هويتهم الأموية حاضنة الحلم العربي منذ ألف وأربعمائة عام حتى اليوم.
فإذا اتفقنا على عزل الوهابية المحدثة عن الطوائف الإسلامية المتصالحة مع نفسها كما مع غيرها ،وطابقنا بين عقيدة المدرسة الشيعية والمدرسة السنية ،سنلاحظ أنه لا خلاف على أركان الإسلام وسلوك المسلم بقدر ما هو اختلاف سياسي حول أحقية أبا بكر وعلي على خلافة النبي (ص); وبما أنهما قد توفيا وصارت عظامها مكاحل مقدسة، ولم يعد ممكناً تسليم أحدهما الخلافة قبل الأخر، فمن النافل أن يستمر خلاف الأحياء حول قيادة الموتى لهم، ولا أظن فهم هذا صعباً سوى على الأغبياء والجهلة بيننا..
- هامش: كل القتلى أهلنا وكلنا شركاء في الخسارة والمؤمن الحقيقي بالله واليوم الآخر يشبه ذاك القتيل المسجى على ذرى قاسيون، هابيل الذي قال لأخيه: لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا باسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين.
- حسب ما أرى: الآن يمكن القول أن السلطة قد حسمت الأمر عسكرياً، وما تبقى لم يعد يشكل خطراً حقيقياً عليها، وأنه لم يعد أمام المعارضة سوى الجلوس على طاولة الحوار لتحصل على نصف ما كانت السلطات ستقدمه لنا بالأمس، وخطؤهم أنهم استمعوا إلى الهواتف الخارجية أكثر مما أنصتوا لنقاشاتنا الداخلية.. ومع ذلك على السلطة أن تدرك أن الترقيع لا يصنع ثوباً جديداً، وأننا سنعود إلى عرينا ودوامة عنفنا من جديد إذا لم يكن الإصلاح حقيقيا، وإلى ذلك الوقت ستكون السلطة قد خسرت مؤيديها واستعدت المعتدلين الذين صدقوها، فهل أنتم مقتنعون.
نبيل صالح
التعليقات
الشرعية
الرقص مع الذئاب
Pagination
إضافة تعليق جديد