440 ألف لاجئ عاد إلى سوريا طوعياً
بعد أن لامس جسده تراب البحر منذراً إياه بالوصول، جالت عدسات الكاميرا حول جثة إيلان الهامدة، لم يبق من ذكراه سوى صورة ملأت الصفحات الأولى للصحف الأوروبية خاصة والعالمية أيضاً، هل كان سيختار العودة لسوريا بعد الموت أم أنه كان سيفضل البقاء في بلد أُرغم للسفر إليها ثم رمي على شواطئها ليبكيه العالم.
أكثر من 5 ملايين سوري وصلوا إلى أوروبا لاجئين إليها بعيداً عن الحرب، تركوا منازلهم وحاراتهم دون الاكتراث بشيء، أو ربما مكترثين لمستقبل قد تأخذه الحرب بطرق مختلفة، منها المادية ومنها المعنوية ومنها الروح أيضاً.
وذكرت الإحصائيات الجديدة لعام 2017، أن عدد اللاجئين السورين في ألمانيا بحسب المفوضية العليا للاجئين وصل إلى ما يقارب 400 ألف لاجئ، نالوا حق اللجوء في أوروبا متوزعين على الدول وفق الترتيب: ألمانيا، السويد، النرويج، النمسا، فرنسا، المملكة المتحدة، هنغاريا.
مسلحون في أوروبا هم من ظلموا اللاجئين
“سبيرو.ح” واحد من بين 440 ألف سوري عادوا إلى سوريا بطرق مختلفة، لكن سبيرو العامل في مجال التصوير الفوتوغرافي والفيديو كان قد ترك كل شيء في سوريا بعد أن خسر بيته في جوبر شرق العاصمة دمشق، ولم يبق له شيء فقرر خوض طريق التهريب “المنظم” بحسب قوله، من تركيا إلى اليونان عن طريق “البلم” وتابع مخاطر الوصول إلى النمسا بالغابات والجبال بحيث لا تراه الشرطة ومن معه بحثا عن مستقبله بعيداً عن الحرب.
عاد سبيرو عن طريق الطائرة بعد أن قدم إلى مكتب حقوق الإنسان أوراقه من أجل العودة، مبرراً أن لديه عدة أسباب دفعته للرجوع، منها أن السلطات في النمسا لم توافق على طلب “لمّ الشمل” لأمه الوحيدة في سوريا، في حين أن السبب الثاني كان حول نمط الحياة التي وجدها هنالك والمختلفة كلياً عما كان في سوريا، منها أن هنالك بعض ممن سجلوا لاجئين في أوروبا هم في حقيقتهم مسلحين تابعين لـ “النصرة” و”داعش”، وكانوا يتفاخرون ببطولاتهم، وحالما سئموا مما جرى قرروا المغادرة نحو أوروبا، وهؤلاء على حد زعمه هم من ضيقوا الخناق على اللاجئين السوريين.
وبعد أكثر من 4 سنوات على انتشار الهجرة نحو الحياة والمستقبل في أوروبا وجد البعض أن الحياة قد تكون في سوريا أيضاً لأسباب تختلف ولكن النتيجة بقيت واحدة عندهم.
عبد الله سافر مع أصدقائه أيضاً كي لا يبقى وحيداً في سوريا، مرحباً بفكرة البحث عن المستقبل بعيداً عن الحرب، ترك والديه وحيدين وسافر مجتازاً ذات الطريق.
يقول عبدالله: “بقيت في ألمانيا سنة كاملة منذ الشهر العاشر عام 2015، وعدت إلى سوريا بعد أن توفي والدي، توجهت من ألمانيا إلى السودان، أديس أبابا ومن ثم إلى دمشق”.
ويتابع: “لم أتعرض لشيء خلال هبوطي في مطار دمشق الدولي، جرى استجوابي بشكل اعتيادي رغم مخاوفي من أن يتم اعتقالي لكوني غادرت بصورة غير شرعية، لكن الأمر تم فعلاً وعدت إلى حياتي الطبيعية التي لم أجدها في أوروبا.
“الهجرة العكسية” غروب لمنع تلاعب السماسرة
لا تسألوا الطيور لماذا غادرت أوطانها، بل اسألوا الظروف التي أجبرتها على الرحيل، بهذا العنوان يُستقبل العضو الجديد في مجموعة متخصصة لمساعدة اللاجئين السوريين في أنحاء أوربا والعالم للعودة، يشاهد فيه الأعضاء قصص اللاجئين ويردون على الاستفسارات فيما بينهم وكل منهم يعطي تجربته التي مر بها من مراحل جيدة وسيئة.
“جوني عبود” الاسم المستعار للسيد نادر. ع. الذي أنشأ “غروب” الهجرة العكسية، اختار اسماً جديداً كي لا تعرف هويته تحديداً من قبل المهربين الموجودين باليونان لكونهم لا يريدون مضاربون على عملهم، لاسيما أن المجموعة أنشأت لمساعدة الراغبين بالعودة دون أن يتعرضوا للاحتيال من قبل المهربين.
يشير جوني المشرف على المجموعة مع صديقه المحامي فؤاد عمر أن العشرات من الأشخاص انصدموا بواقع أوروبا ولم يتأقلموا مع الحياة هنالك، لذلك عادوا إلى سوريا متخليين عن حلمهم الأوروبي، لاسيما بعد الشروط المطروحة في 2016، منها عدم تغيير مكان الإقامة إلا بشروط صعبة، في حين أن اللغة شكلت عائقاً بالنسبة للبعض ولم يستطيعوا التأقلم مع الظرف.
وأشار عبود إلى أن هنالك منظمات لحماية الأطفال وعلى الجميع تطبيق القوانين على أطفالهم بما يتناسب مع متطلبات المنظمة لحماية الطفل، ما سبب صعوبة توجيه الآباء لأطفالهم، الأمر غير المرغوب به لدى معظم اللاجئين السوريين.
الغروب تم إنشائه من قبل المحامي فؤاد عمر، لمساعدة الراغبين بالعودة إلى سوريا من أجل إبعادهم عن “السمسرة” من المهربين.
معهد مرخص بريطانياً يدفع لاجئ للعودة إلى إدلب
“مروان” اسم مستعار خرج من سوريا في عام 2012، عندما كانت الحدود بين سوريا وتركيا مفتوحة، وبقي هنالك 4 سنوات بعد أن درس الثانوية في اسطنبول وعمل في ورشة لصناعة الأحذية، لكن سوء المعاملة وعدم إيجاده للمستقبل دفعه للعودة اتجاه إدلب.
يقول مروان الذي عاد إلى أخطر بقعة في سوريا بحسب توصيف المجتمع الدولي لكونها منطقة خاضعة لـ “هيئة تحرير الشام” التابعة للقاعدة، أن الدخل في تركيا لا يتناسب مع طموحاته، وسوء المعاملة أيضاً لم تترك له خيار سوى العودة إلى سراقب.
ويتابع أن “الوضع في سراقب جيد وهنالك العديد من الأشخاص الذين عادوا إلى منازلهم، لكن التشليح والخطف هي أبرز الحوادث الجارية في إدلب تحديداً إذا كان الشخص يريد السفر من مكان إلى مكان آخر في إدلب”.
ولكونه يطمح في دراسة الإدارة، عاد إلى إدلب وسجل في معهد مرخص من قبل “أب سي هورايزون” البريطاني بحسب قوله، وبعيد عن سراقب 2 كم بتكلفة 2700 دولار.
وتمنى أن ينهي دراسته ليعود إلى اسطنبول بغية متابعة دراسة الماجستير والوصول إلى عمل يؤمن له معيشته ومستقبله.
سياسة اللجوء، قبول اللاجئ أو الترحيب بخروجه
صورة ذاك الطفل التي جالت الصفحات الأولى للصحف العالمية لربما شكلت ضغطاً حينها على المجتمع لاستقبال المزيد من اللاجئين، وكانت العودة الطوعية غير مسموح بها آنذاك والمؤسسات الأوروبية تمنعهم، والأمر يعود لهدف محاربة الحكومة السورية أي أن قرار اللجوء كان سياسياً، وذلك بحسب ما أكدته لينا غناما العاملة في مجال مساعدة اللاجئين بألمانيا.
وتابعت غناما أن اليوم بات الأمر مختلفاً لأن القرار السياسي اتجاه سوريا تغير، حتى أن الحكومات الأوروبية أصبحت تدفع ثمن بطاقة الطائرة بشكل مجاني لمن يرغب بالعودة إلى سوريا رغم اعتراض العديد من منظمات المجتمع المدني على هذه القرارات بحق اللاجئين السوريين.
المصدر: سبوتنيك
إضافة تعليق جديد