وقف إطلاق النار: تجاذبات الممكن والمستحيل بين حزب الله وإسرائيل

26-07-2006

وقف إطلاق النار: تجاذبات الممكن والمستحيل بين حزب الله وإسرائيل

الجمل: التجاذبات بين أطراف الصراع الداخلية والخارجية إزاء مسألة الاتفاق من أجل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله تشير إلى أن التطورات الجارية ميدانياً على الأرض، تجعل من التوصل إلى مثل هذا الاتفاق أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً.. إلا إذا تغيرت توازنات الصراع ومصالح القوى المحلية، والإقليمية، والدولية..
• الإدارة الأمريكية تقول بضرورة إيجاد آلية دولية من تنفيذ كامل الخطوات المدرجة ضمن ما (يعنيه) ويشير إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559، وبالذات ما يتعلق ب(نزع سلاح حزب الله).. وغير ذلك..
• إسرائيل تقول بضرورة انسحاب حزب الله حتى منطقة الليطاني، ونزع سلاحه.. وغير ذلك..
• الحكومة اللبنانية تقول بأنها غير مسؤولة عن عمليات حزب الله، وتطالب بوقف إطلاق النار من أجل حماية الأرواح والممتلكات اللبنانية، وتهيئة الأجواء بما يفسح المجال لإحراز التقدم في علمية الحوار والتفاهم الوطني اللبناني وغير ذلك..
على أساس اعتبارات غير الـ(معلن):
• الحكومة الأمريكية: الأداء السلوكي للإدارة الأمريكية ما قبل وخلال هذا الصراع الدائر حالياً يشير إلى رغبتها في تصعيد الصراع، وجرّ كامل المنطقة إلى حرب شاملة تحقق أطروحة (الفوضى الخلاقة)، ومن ثم إعادة ترتيب توازنات المصالح، بما يتيح لها بنا{ الـ(شرق أوسط الكبير).. وقد لمحت وزيرة الخارجية الأمريكية بقولها: إن الشرق الأوسط في لحظة مخاض جديد.. وبعبارة أخرى، هناك توقع أمريكي بـ(ميلاد) شيء جديد.. بعد الـ(قيام بوضع حدّ للملف الإيراني)..
• إسرائيل:  قامت في البداية بعملية عسكرية (محدودة) أطلقت عليها تسمية (المكافأة العادلة).. ولكن سرعان ما غيرتها إلى تسمية (أمطار الصيف).. وإذا تأملنا هذا التغيير جيداً لاكتشفنا أنه لم يكن عشوائياً أو مزاجياً، فقد كانت هناك عمليتين مخططتين: الأولى باسم (المكافأة العادلة).. وهي عملية من أجل (جس النبض).. أمام الرأي العام الأمريكي.. وعندما نجح مخطط اللوبي الإسرائيلي في أمريكا في دفع الأجهزة الأمريكية إلى إصدار قرار تشريعي يوفر للحكومة الأمريكية غطاء تشريعياً وقانونياً بـ(تقديم الدعم والتأييد المفتوح لإسرائيل) تم تغيير العملية، ولجأت إسرائيل إلى تطبيق عملية (أمطار الصيف).. والتي هي العملية الحقيقية التي تهدف إلى غزو لبنان، وتوسيع الحرب إلى أوسع نطاق ممكن مادام مصدر الدعم المفتوح قد تم تأمينه.. كذلك تتضمن الأهداف الحقيقية، والتي ربما تكون مرحلية، احتلال جنوب لبنان بالكامل بعد تفريغه من السكان، ودفع قوات حزب الله باتجاه الليطاني، ثم استغلال هجمات مقاومة الحزب في مرحلة لاحقة من أجل المزيد من التقدم والتوغل العسكري في الأراضي اللبنانية، باتجاه البقاع، والتقدم نحو تطويق بيروت.. لذلك فإن عملية وقف إطلاق النار، إن تم التوصل لاتفاق حولها، فإن الشروط الإسرائيلية سوف تكون شروطاً تكتيكية بحيث تسعى إلى فرض بنود تعطي إسرائيل القدرة على استخدام (نظرية المؤامرة) بشكل جيد يدفع لانهيار وقف إطلاق النار متى ما أرادت.
• الحكومة اللبنانية:  عملياً ليس لديها نفوذ على طرفي الصراع، وبالتالي فهي لا تملك إلا (اسمها) الذي تتعامل به، وعلى الأغلب سوف تواجه ضغوطاً أمريكية- إسرائيلية- أوروبية، من اجل القبول بدور (الوكيل) للمخطط الإسرائيلي- الأمريكي، وذلك عن طريق الأتي:
          _ تحميل حزب الله مسؤولية الدمار الذي لحق بلبنان، وفقاً لذريعة أنه تسبب بإشعال الحرب الجارية وذلك على النحو الذي يعمق الخلاف بين اللبنانيين ما بين مؤيد للمقاومة، ومعارض لها، ومن الواضح أن هذا الطرح سوف تتبناه جماعات (قرنة شهوان، وبكركي، وقريطم، والمختارة، إضافة إلى القوات، والكتائب، وحراس الأرز، وما شابه ذلك)..
- الموافقة على التدخل الدولي من أجل تنفيذ كامل بنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559، وهذا التدخل الدولي سوف يتم ضمن سيناريو تتحالف بموجبه أطراف تيار المستقبل وبقية معسكرها، ضد حزب الله وحلفاؤه في المنطقة بكاملها، وفقاً للذريعة أن القضاء على أنشطة حزب الله تستلزم بالضرورة معاقبة حلفاءه في المنطقة..
- القبول بإعطاء صفة شرعية للغزو الإسرائيلي، إذا تم بشكل كامل أو جزئي للأراضي اللبنانية، وذلك على أساس اعتبارات ذريعة أن وجود القوات الإسرائيلية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة مادام أنه يهدف لنزع أسلحة الميليشات التي تهدد سيادة لبنان..
- في حالة الاحتلال الإسرائيلي الكامل، القبول بالتعامل مع قوات الاحتلال على غرار نموذج تأخذ بموجبه حكومة الحريري- السنيورة نموذج حكومة إياد علاوي، في التعامل مع قوات الاحتلال الأمريكي وفقاً لقاعدة (الأمر الواقع)، هذا إذا قامت إسرائيل بالتخلي عن تيار المستقبل وتعيين بعض عملاءها الآخرين.. من بين خلايا الموساد النائمة التي قد يكون من بينها بعض (كبار) السياسيين اللبنانيين..
- الموافقة على التسهيلات والخدمات التي تخدم المصالح الأمريكية- الإسرائيلية الاستراتيجية، مثل (بناء القاعدة العسكرية الأمريكية في شمال لبنان)، (توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية- اللبنانية، بضمانه أمريكية دولية، والتي بالتأكيد سوف تكون مسوداتها النهائية من إعداد إسرائيل بإعدادهاِ..
إضافة إلى تلبية المطالب الإسرائيلية التي تنشأ مع مرور الوقت في حالة اتساع دائرة الصراع..
وعموماً نقول، أثبتت كل معطيات خبرة آلاف السنين التي مرت أنه ليس باستطاعة أحد منّا أن يكتب بمفرده تاريخ الشرق الأوسط.. حاول الإغريق وفشلوا، وحاول الرومان وفشلوا، بل وحتى جيرانهم الفرس حاولوا ولم ينجحوا.. فقد عودت شعوب الشرق الأوسط.. أنها تكتب تاريخها بالدم الأحمر القاني.. وبالتالي لامجال لنجاح من يحاولون كتابة تاريخ الشرق الأوسط بـ(الحبر السري) على الأوراق الأمريكية- الإسرائيلية..

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...