هل تفي «المؤسسة العامة للإنتاج» بإنجاز ما وعدت به «مستشـــارة الرئاســـة»؟*

10-12-2018

هل تفي «المؤسسة العامة للإنتاج» بإنجاز ما وعدت به «مستشـــارة الرئاســـة»؟*

تجاذبات، صد ورد، وكواليس تغصّ بالتفاصيل، شائعات تطال العمل الدرامي (حارس القدس)، من شأنها أن تهدد هذا المشروع الوطني القومي، بعد أن أدت لتأخيره عدة أشهر، دون أدنى اكتراث بالحصانة التي يتمتع بها، سيما وأن الدولة السورية تبنته رسمياً، حيث وعدت المستشارة السياسية والإعلامية لرئاسة الجمهورية (د. بثينة شعبان) خلال حفل تأبين المطران الراحل، في مكتبة الأسد، بأنّ سيرة المطران (كبوجي)، ستكون موضوع عمل درامي تعدّه مؤسسة الإنتاج التلفزيوني ووزارة الإعلام.


للوقوف على حيثيات ومستجدات هذا الملف، وللتحقق مما يشاع، حاورت «الأيام» الأطراف المعنية، وعادت منهم بالروايات التالية:


● *«حسن م. يوسف»: عدم إنجاز العمل ينعكس سلباً على هيبة الدولة* 


عقب رحيل المطران (إيلاريون كبوجي)، مطلع العام الماضي، طلب مني مدير عام المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي: (أ.ديانا جبّور) كتابة نص درامي تلفزيوني يكفي لثلاثين حلقة يحكي قصة حياة نيافة المطران كبوجي.


ولتجربة سلبية سابقة مع المؤسسة، وضعت شرطين لقبول التكليف؛ أن توكل مهمة الإخراج (لباسل الخطيب)، كونه ضمانة حقيقية لإنجاز مسلسل درامي، ترتقي فيه الفكرة والصورة لمستوى هذا المناضل الكبير، والثاني: أن يكون (الخطيب) و(جبّور) قارئا النص، لضمان سلاسة العمل وحسن سيره، وكيلا أجد نفسي تحت رحمة مزاجيات السادة القرَّاء.


لم تتقيد مؤسسة الإنتاج بالشروط التي وافقتْ عليها، فكلفتْ قارئين جديدين بقراءة الحلقات 15 الأولى، الأول أجاز النص دون ملاحظات، أما الثاني: الأب (إلياس زحلاوي)، تحفظ على عدة نقاط فيه، وعندما التقيته وأوضحت له وجهة نظري، تراجع عن مجمل تحفظاته.


بعد الانتهاء من كتابة العمل كاملاً، أبدى (الخطيب) ملاحظات كثيرة، فعلّقت المؤسسة صرف مستحقاتي بموافقة (المخرج)، وعليه طالبني الأخير بتفويضه لإجراء بعض التعديلات، ففعلت.


يؤدي إنتاج المسلسل اليوم قبل الغد أكثر من خدمة للدولة السورية، فهو يكرسها في طليعة المدافعين عن عروبة القدس، كما يعزز وجهة نظرها في حربها ضد الإرهاب، ويقلص فاتورة الدم السوري، إذ أن (كبوجي) يقول منذ ثمانينات القرن الماضي، إن حرب لبنان هدفها نقل الداء إلى سورية.


ولا يفوتني أن أنوّه إلى أن الدولة السورية عبّرت رسمياً عن التزامها بإنتاج المسلسل من خلال كلمة ألقتها د.بثينة شعبان، باسم رئيس الجمهورية (د.بشار الأسد)، في مكتبة الأسد الوطنية، في حفل تأبين المطران (كبوجي)، مما يجعل عدم إنجاز العمل، ينعكس سلباً على هيبة الدولة السورية ومصداقيتها.


● *زياد الريس: الموازنة المقدّمة تعادل كامل موازنة المؤسسة السنوية* 


كلفتُ بإدارة المؤسسة شباط الفائت، والنص منجز وعليه العديد من الإشكالات، بعضها بين الكاتب (م.يوسف) والمخرج (الخطيب)، وأخرى مع الأب (إلياس زحلاوي)، سعينا لحل الخلاف بين الكاتب والمخرج، ورفعنا الملف لوزير الإعلام (عماد سارة)، وبدوره اجتمع بأسرة العمل، وتم التوصل لصيغة ترضي الجميع.


الإدارة المتعاقدة الممثلة بـ (أ.ديانا جبور) وبحسب خطة الإنتاج السنوية، رصدت للعمل ثلث موازنة المؤسسة، حافظنا على ما أقرّته الإدارات السابقة في مضمون تعاقدها مع الكاتب والمخرج. وكلّفنا مدير الإنتاج المقترح من قبل المخرج بإعداد دراسة إنتاجية، فقدم لنا موازنة أكبر من المرصودة بثلاثة أضعاف، (تعادل كامل موازنة المؤسسة السنوية)، وهو أمر صادم بالنسبة لنا. ناقشنا الموضوع مع (الخطيب)، واقترحنا أن نقدم شخصية المطران بشكلها الرمزي وليس التجاري التسويقي.


المطران (كبوجي) رمز وطني كبير، وتبعا لذلك نحن متمسكون بإنتاج هذا العمل كحالة رمزية وطنية، ونرجو أن ينعكس ذلك على تقليص الكلف الإنتاجية العالية، باللجوء للحلول الرمزية دون المساس بالشرط الفني والإبداعي، وللتنويه: الرمزية واحدة من المدارس الفنية العالمية المهمة، التي لجأ إليها مخرجون كثر، ومن جهة أخرى المطران (كبوجي) عاش حياته ناسكاً، زهداً، متقشّفاً، فهل يعقل أن نقدّمه (فنياً) مرتدياً أفخم أنواع القماش، لذلك نحرص على عكس حياته كما كانت، والحفاظ على صفتي الزهد والتقشف في شخصيته.


العقبة الوحيدة حالياً هي الكلف الإنتاجية العالية، وكون (الخطيب) مخرجاً مبدعاً نراهن على إيجاد حلول من شأنها تخفيض الكلف الإنتاجية لبعض البنود، مثلاً: مدة التصوير خارج دمشق بحسب الدراسة المقدمة (65) يوماً، ما يساهم في رفع الكلفة بشكل مضاعف، لما يترتب عليه من تكاليف السفر والإقامة، اقتراحنا أن نصوّر المشاهد الخارجية كما هو مقرر، على أن يتم تصوير الداخلي في دمشق، وهذا الحل وحده كفيل بتخفيض 75% من كلفة بند السفر.


اجتمعنا الخميس الفائت مع (الخطيب) في المؤسسة، ولمسنا تجاوباً كبيراً من طرفه، وبدورنا صرّحنا بأننا متعاونون للأقصى، ومتمسكون بإنجاز العمل، اتصف لقاؤنا بالودي والمثمر، تحدثنا مطولاً فيما يعيق إنجاز العمل، توافقنا على كلف إنتاجية وفق إمكانيات وقدرات المؤسسة. على أن نبدأ التصوير بعد إعداد واعتماد دراسة إنتاجية جديدة بناءً على الكلف الإنتاجية المطروحة.


● *ديانا جبور: شخصية المطران تصوّب العلاقة بين المواطن والوطن* 


أعتبر مسلسل المطران (كبوجي) من أهم إنجازات المؤسسة والدراما السورية، فمن النادر أن تجد شخصية تختزل بسيرتها سيرة جماعية، لذا من الواجب الفني، الوطني، القومي، والتاريخي أن نقدم عملاً عن المطران (كبوجي)، سيما وأنه أحد الشخصيات والقامات التي تصوب العلاقة بين المواطن والوطن، وتبعث على الشعور بالعنفوان بالفخر بالانتماء.


وعليه رأيت في الكاتب (حسن م.يوسف) الخيار الأفضل لخبرته في الكتابة، البحث، والمراجعات التاريخية، بعد إتمام خطوة التكليف بكتابة النص (وأنا فخورة جداً بإنجاز هذه الخطوة)، خرجت من المشروع، لم يعد لي به صلة، تعاقبت على المؤسسة إدارتان بعد قرار إعفائي، أسمع بعض التعليقات، لكن لا أخفيك أنني لست مقتنعة أبداً بما أسمع.


للإدارة الحالية سياستها الخاصة (إنجاز أعمال كثيرة بموازنات قليلة)، لكن هذه الاستراتيجية لا يمكن تطبيقها على أعمال تتطلب إنتاجات ضخمة (كمسلسل المطران كبوجي)، والأفضل في هذه الحالة الاعتذار عن العمل، أو التشارك مع جهة إنتاج أخرى، من دون التهرب من المسؤولية، واتهام الإدارة المتعاقدة بما هو غير حقيقي ومنطقي (رصد موازنة مبدئية)، إذ لا يمكن لإدارة في العالم أن ترصد مبلغاً لعمل لم يكتب بعد. يبدأ رصد الموازنة عند اكتمال النسخة الأولى للعمل، وعليه فإن ادعاء الإدارة الحالية (بأنّ الإدارة السابقة رصدت ميزانية للعمل قبل أن يكتب) مردود.


● *غسان مسعود: قتلتني المزايدات، ولن أقبل أن أقتل أكثر* 


بات معروفاً للقاصي والداني بأنني مع التجربة النصّية، ومع المشروع الإخراجي الذي يشتغل عليه (الخطيب) منذ مدة. ولأنّني أحب وأحترم الدور والمشروع، وحريص على تقديمه بسوية تليق بالشخصية، وبسمعة الدراما السورية، لن أقبل أن أساهم بالإساءة لهذا المشروع، ولا أن يخرج للضوء منقوصاً، وعليه إن أرادوا أن ينتجوا العمل بمنطق مؤسسة الإنتاج سأكون خارجه.


المنطق الإنتاجي للإدارة الحالية دعاني للاعتذار عن المشاركة في عمل (أثر الفراشة)، لأنّني شعرت بالإهانة عندما أبلغوني الأجر. وهو ذات المنطق الذي تصر عليه في التعامل مع مسلسل المطران (كبوجي)، إذ توجّه لتقديم العمل برؤية فنية رمزية (كحل لتقليص الكلفة الإنتاجية)، شخصياً أرجو أن يشرحوا لي كيف نقدم المطران (كبوجي) رمزياً؟!


إن أردنا التحدث بلغة ومنطق الدراما، نحن أمام مسلسل  (big budget)، وكما فهم الرأي العام السوري، الفني، والثقافي، نحن أمام مشروع تبنّته الدولة السورية، وبناءً عليه إما أن ينجز كما ينبغي، وإلا فاعتذروا عن المشروع.


وبين قوسين: (لا يجربنَّ أحد أن يلاعبني لعبة الوطنية)، كونه عملا وطنيا، الوطن لن يزعل أبداً إذا أخذت أجري الذي أستحق، وإذا خرج (المطران كبوجي) للضوء بما يستحق.


لا أحد يكلمني بهذه اللغة السطحية، بهذه اللغة التي تعبنا منها، لغة المزايدات التي قتلتنا، أنا (غسّان مسعود) قتلتني المزايدات، ولن أقبل أن أقتل أكثر.


● *باسل الخطيب: العمل مسؤوليتي الفنية والأخلاقية والوطنية ولن أتخلى عنه* 


أوكلت لي مهمة إخراج مسلسل المطران (إيلاريون كبوجي) بتكليف مباشر من وزير الإعلام السابق بعد إعراب السيناريست (حسن م.يوسف) عن رغبته بأن أكون مخرج العمل، توافق كل ما سبق مع مشروعي في تقديم مسلسل عن قامة وطنية، روحية، سورية.


على المستوى الشخصي يمثل العمل عودتي للدراما التلفزيونية بعد انقطاع ثلاث سنوات، عودة مرتبطة بمشروع كبير على كافة المستويات، إذ كلما تعمّقت في حياة المطران، ازداد إيماني بأهمية المشروع، لدرجة أني لم أعد متمسكاً بإنجازه فحسب، بل إنّه مشروعي ومسؤوليتي الفنية والأخلاقية والوطنية ولن أتخلى عنه.
في مقابل جيل كامل لا يعرف حقيقة ما قدمه المطران الراحل، فالعمل يسلط الضوء على حقائق كثيرة، تاريخ المنطقة، إنجازات المطران خلال الحرب السورية في تقديم كل الدعم والعون لأبناء وطنه.
المسلسل الأول من نوعه سورياً وعربياً، يتناول السيرة الذاتية لرجل دين مسيحي سوري، قدّم تضحيات جليلة لقضيته الوطنية، والقومية، وعندما نفاه الفاتيكان إلى روما تبنى الرئيس الراحل (حافظ الأسد) قضيته، ودعاه للعودة إلى وطنه الأم سورية، ليتابع حياته ونشاطه فيها.


▪️ *إرهاصات الكتابة والتحضيرات* 

قدّم (م. يوسف) جهداً كبيراً واستثنائياً في كتابة السيناريو، إلا أنّ الأب (إلياس زحلاوي) بصفته قارئاً للسيناريو ومرجعاً دينياً مهماً، أبدى بعض التحفظات بخصوص خط درامي يشكل بنية أساسية في المسلسل، لينقلب الاختلاف لاحقاً إلى خلاف، اجتمعنا بناء على طلب من وزير الإعلام (عماد سارة)، للخروج بحل مناسب، خلال الاجتماع وصل الخلاف بين (م. يوسف) وإدارة المؤسسة إلى أشدّه، فاقترحت تكليف كاتب آخر (يتم التوافق عليه)، لإجراء التعديلات والإضافات المطلوبة، بعد تسديد كامل حقوق (م.يوسف) المادية، قبل باقتراحي جميع الأطراف، لأكلّف لاحقاً بمعالجة السيناريو، الأمر الذي اضطرني للتفرغ التام ثلاثة أشهر، أنجز السيناريو المعدّل، وحاز موافقة لجنة القراءة والأب (زحلاوي)، الذي زودني مشكوراً بمعلومات مهمة وضرورية ساهمت بالإغناء والتعميق.


قمت خلال الأشهر الماضية بعمليات بحث ودراسة واستطلاع، والتقيت بعائلة المطران، وشخصيات عرفته عن قرب، استطلعت معظم الأماكن التي ارتبط بها المطران في طفولته وشبابه، الأب (مياس عبود): أكثر المقربين من المطران في سنواته الأخيرة، زودني بأرشيف نادر، عرضت عليه بعض المحطات (BBC) على سبيل المثال، مبالغ كبيرة للحصول عليه.


▪️ *هذا الكلام غير دقيق* 

لم أقدّم أي دراسة إنتاجية أو موازنة للمسلسل، (ليس اختصاصي)، إدارة المؤسسة طلبت مني ترشيح مدير إنتاج ليضع ميزانية للعمل، فرشحت أحد مدراء الإنتاج، وقدّم ميزانية اعتبرتها إدارة المؤسسة مرتفعة، علماً أنها تقارب ميزانية أي مسلسل اجتماعي معاصر ينتجه القطاع الخاص، على الرغم من أننا أمام عمل تاريخي ملحمي يغطي فترة طويلة من تاريخ سورية، (1933 – 2017)، عندئذٍ طلبت من الإدارة إجراء موازنة أو تكليف مدير إنتاج من طرفهم ليقوم بذلك.


▪️ *الرؤية الإخراجية حلقة* 

من عدة حلقات متكاملة، تجعل العمل إنتاجاً ضخماً، إضافةً للموضوع، وراهنيته، والقوس التاريخي الكبير للأحداث، علاوةً على الإمكانيات الإنتاجية المطلوب توفيرها بما يخدم رسالة المشروع وأهميته.
إدارة المؤسسة لديها اعتباراتها، وإمكانيات محددة تعمل ضمن إطارها، علماً أن النوع الفني من اختصاص المخرج ومسؤوليته، وهو من يختار بأن يكون العمل منتمياً إلى المدرسة الرمزية أو الواقعية او التعبيرية أو غيرها، ثم من قال إن الرمزية تعني التقشف والفقر الإنتاجي؟! من قال إن التجاري والتسويقي يفترض إنتاجاً لائقاً؟! العمل لا يمكن تحقيقه برؤى رمزية (بغية التمويه على الحالة الإنتاجية)، فمهما توفرت عناصر إبداعية، وخلّاقة من فنانين وفنيين، يبقى الإنتاج عموداً أساسياً لنجاح العمل.


▪️ *العقبة الرئيسية الحالية* 

عدم وجود موازنة منطقية لإنجاز المشروع بشروط لائقة. من المفترض بدء عمليات التصوير منذ مطلع كانون الأول الحالي، لا يوجد تصور واضح حتى الآن.


بالنظر إلى الطبيعة الوطنية للمسلسل ولشخصية المطران (كبوجي) يفترض أن تتصدى لإنتاجه وزارة الاعلام، أو بإشرافها إن تمكّنت من دفع أحد المنتجين المحليين للمشاركة في إنتاجه.


مؤخراً؛ وجّه وزير الإعلام لمبادرة نأمل أن تدفع المشروع قدماً، حتى اللحظة ما زالت هناك خلافات جوهرية نعمل على إيجاد حلول مناسبة لها. الحقيقة الوحيدة التي أستطيع تأكيدها الآن: (في حال كتب للعمل أن يرى النور)، فذلك عبر مسار طويل وشاق، أخشى أن تكون له انعكاسات سلبية على السوية النهائية للمسلسل.

 

 



ملهم الصالح

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...