نقاط من أجل فهم الإسلام المبكّر
زكريا محمد: إن أردنا أن نحرز فهما أفضل للإسلام المبكر، أي الإسلام عند انبثاقه في نهايات العصر الجاهلي، فعلينا أن نفهم عدة نقاط في سيرة النبي محمد:
أولا: أن النبي جاء من أسرة كهانية. فجده عبد المطلب كان كاهنا للصنم- الإله (مطعم الطير). لذا فقد كانت لقبه هو (مطعم الطير). أي أنه كان يحمل اسم إلهه لأنه ممثله على الأرض. صنم هذا الإله كان منصوبا على (المروة).
الثاني: أن عائلته وعشيرته كانت من طائفة (الحِلّة). فقريش كانت منقسمة إلى ثلاث طوائف دينية: الحُمْس، الطُّلْس، والحلّة. لم يكن الرسول من طائفة الحمس كما درج منذ العصر الأموي، بل من الحلة، التي هي نقيض الحمس. وكان صنم الحمس منصوبا على (الصفا) ويدعى (مجاوز الريح).
ثالثا: أن النبي خرج في ما يبدو من ديانة الجاهلية، وانضم إلى فرقة (الأميين)، الذين هم الأحناف، أو جماعة مثلهم.
رابعا: أن هذه الفرقة كانت ذات طابع إبراهيمي. أي أنها كانت تقدس إبراهيم الخليل. ويبدو أنه كان لهذه الفرقة كتاب، أو كتب دينية تدعى (صحف إبراهيم). كما يبدو أن هذه الطائفة كانت على علاقة بالقدس لا بالكعبة.
خامسا: أنه كان هناك في ما يبدو قواسم مشتركة، أرضية مشتركة، بين هذه الجماعة وبين طائفة الحلة المكية. ولم تكن مثل هذه الأرض موجودة بينها وبين الحمس. عقائد هذه الفرقة كانت أقرب إلى ديانة الحلة منها إلى ديانة الحمس. لهذا لم يتبع الرسول في البدء كثير من أنصار طائفة الحمس. بل يمكن القول أن أغلبية طائفة الحمس ظلت بعيدة عن الإسلام حتى فتح مكة أو حتى قبيل الفتح.
سادسا: أن الجزء الأكبر من المسلمين الأوائل أتت من طائفة الحلة ومن الطوائف الإبراهيمية المختلفة.
سابعا: أن النبي رأى في نفسه رسولا للأميين في البدء: "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم".
ثامنا: لكن يبدو أن جزءا من الأميين لم يوافق الرسول على دعوته ونبوته، مثل أمية بن أبي الصلت. وhنطلاقا من هذا سمي الذين اتبعوا الرسول منهم، ومن غيرهم، باسم المسلمين لتفريقهم عن من لم يتبع الرسول. بذا فقد كان اسم المسلمين الأوائل هو (الأميين) ثم حملوا لاحقا اسم (المسلمين).
وباختصار، يجب فهم أمرين أساسيين لفهم الأسلام المبكر:
1- ديانة طائفة الحلة المكية.
2- ديانة فرقة الأميين.
ونحن ذهبنا إلى الإسلام كي نفهمه من دون إدراك أهمية هذين الأمرين. لذا ظل فهمنا للإسلام المبكر مشوشا، بل وخاطئا في أحيان كثيرة.
إضافة تعليق جديد