موسكو تحبط محاولة غربية لتمرير قرار دولي يهدد دمشق
ظل الوضع الامني في سوريا مضبوطا على إيقاع خطة كوفي انان لوقف العنف. وعلى الرغم من تقديرات اطراف معارضة حول خروج تظاهرات حاشدة في العديد من المناطق، الا ان مستويات العنف كانت لا تقارن بما كان يجري في الاسابيع والشهور الماضية. وبينما جرت محاولة غربية لتمرير مشروع قرار جديد حول سوريا في مجلس الأمن الدولي، بحجة الإسراع بإرسال مراقبين دوليين غير مسلحين لمراقبة وقف إطلاق النار، فإن روسيا تدخلت مجددا من اجل ما تعتبره تصويبا لدور الامم المتجدة في الازمة، حيث رفضت موسكو ادراج بنود تشكل شروطا على دمشق.
وفي حين ان نص مشروع القرار الغربي يهدد دمشق «بدراسة مزيد من الإجراءات المناسبة في حالة عدم تنفيذ الحكومة السورية لتعهداتها» التي قدمتها لمبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان، فإنه يبدو في مكان آخر كأنه يمس سيادة سوريا، حيث يطالب دمشق «بضمان حرية كاملة ومن دون قيود للحركة في أرجاء سوريا لجميع العاملين بالبعثة بما في ذلك الوصول، من دون إخطار مسبق، إلى أي مكان أو منشأة ترى البعثة انه ضروري». ولهذا، فإن الروس طرحوا نصا بديلا، يركز على فكرة التسريع بإرسال المراقبين ويسقط البنود الغربية المثيرة للالتباس، ما ادى على ما يبدو الى تأجيل التصويت يومين.
وانتقد المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في مجلس الأمن يجيز إرسال فريق متقدم من 30 مراقبا دوليا لمراقبة وقف إطلاق النار الهش في سـوريا، مشيرا إلى أن الأمر قد يستغرق وقتا للاتفاق على النص.
ويقول دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن روسيا تؤيد الجهود التي يقوم بها انان، لكنها تعمل جاهدة على حماية دمشق مما تخشى أن يكون حملة غربية «لتغيير النظام» على الطريقة الليبية.
ويتضمن أحدث مشروع قرار عبارات لا تروق لروسيا. ويشير الى البنود العسكرية في خطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان والتي التزمت دمشق تطبيقها ليطلب منها تطبيقها «بطريقة واضحة». ويطالب «بأن تسحب الحكومة السورية قواتها وأسلحتها الثقيلة من التجمعات السكنية وتبقيها في ثكناتها». وفي حال لم تلتزم دمشق بتعهداتها، «سيدرس مجلس الامن كل التدابير الاخرى التي يعتبرها مناسبة».
وتنص المسودة على ان مجلس الأمن سيطالب دمشق بأن «تضمن حرية كاملة وبلا قيود للحركة في أرجاء سوريا لجميع العاملين بالبعثة بما في ذلك الوصول، من دون إخطار مسبق، الى أي مكان أو منشأة ترى البعثة انه ضروري». وقال دبلوماسي مشارك في المفاوضات إن روسيا «تفاوض على كل عبارة» في مسودة القرار.
وقال تشوركين، عن النص قبل الدخول إلى جلسة حول كوريا الشمالية، «نعتقد للأسف أنه قد يكون هناك سوء تفاهم من نوع ما». وأضاف «بالتأكيد شكل المشروع الذي نراه يتطلب الكثير من العمل، ولا يتوافق مع تفاهمنا الأصلي بشأن القيام بشيء سريع اليوم (أمس) لنشر بعض الأشخاص على الأرض. عدد محدود من الناس». وتابع «يحدوني الأمل في القيام بذلك اليوم (أمس)»، لكنه أشار إلى أنه من الممكن أن يضطر المجلس للعمل خلال اليومين المقبلين.
وأعلن تشوركين ان موسكو قدمت مشروع قرار آخر تفضل أن يتم التصويت عليه. وقال «لقد قدمنا مشروع قرار اصغر من النص» الغربي. وأضاف «لقد فهمنا بالامس انه يجب ان يكون محددا ويهدف الى نشر مراقبين على الارض، فريق متقدم منهم».
ولم يتضح ما اذا كان بالامكان الاتفاق بسرعة على صدور قرار بسرعة. وشكك دبلوماسي في الامم المتحدة بذلك قائلا انه لن يتم التصويت على مشروع قرار قبل الاحد.
وأعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن واشنطن تمد المعارضة السورية بالمساعدات، وخصوصا بالمعدات الطبية ووسائل الاتصال، لكنها لا تزودها أي اسلحة. وقال المسؤول، الذي طلب عدم كشف اسمه، «تماشيا مع جهودنا المستمرة لدعم المعارضة السلمية في سوريا، تقدم الولايات المتحدة مساعدة مادية للمعارضة السياسية وغير العنفية» في هذا البلد، موضحا أن هذه المساعدات لا تشمل أي معدات عسكرية.
وأضاف «هذه المساعدة، خصوصا المعدات الطبية وأجهزة الاتصال، تشمل معدات اشارت المعارضة السورية إلى فائدتها في مساعدة المدنيين المحتاجين وتنظيم صفوفها في مواجهة الوحشية والعنف اللذين يمارسهما حاليا النظام» السوري. وتابع «من المحتمل ان تزيد كميات المساعدات هذه في المستقبل»، من دون تحديد الاقنية المستخدمة لإيصالها.
وقال المتحدث باسم المبعوث الدولي احمد فوزي، في مؤتمر صحافي في جنيف، إن مجلس الأمن سيصوت على إيفاد فريق طليعي من 10 أو 12 مراقبا لسوريا خلال أيام لمراقبة وقف إطلاق النار، موضحا أن هناك «التزاما نسبيا» بوقف إطلاق النار الذي تدعمه الأمم المتحدة. وأوضح أن بعثة أكبر تشمل 250 مراقبا سترسل إلى سوريا لاحقا. وأحجم عن تحديد الدول التي يحتمل أن تشارك في المهمة، لكنه أشار الى ان كثيرا من الدول المرجح مشاركتها لديها بالفعل عاملون في المنطقة يمكن أن تنقلهم إلى هناك سريعا، وهي من الدول التي ستوافق سوريا على وجود مراقبين منها على أراضيها.
وأضاف فوزي «في الوقت الراهن لدينا فريق طليعي جاهز لركوب الطائرات والذهاب الى هناك، ونشر أنفسهم على الارض في أسرع وقت ممكن». ودعا الى التحرك بشأن النقاط الاخرى الواردة في خطة انان، ومنها انسحاب القوات السورية من المناطق السكانية. وقال «يساورنا القلق بشأن عمليات نشر القوات المدرعة الثقيلة في المراكز السكانية. مكانها ليس هناك. ولم يكن مكانها هناك أصلا وليس مكانها هناك الآن».
وحول الوضع الامني على الارض، قال فوزي «ان انان يدرك ان الوضع ليس مثاليا في سوريا في الوقت الحاضر»، مشيرا خصوصا الى وجود «معتقلين لا بد من اطلاق سراحهم». واعتبر ان وقف اطلاق النار «تم الالتزام به نسبيا» حتى الآن، مضيفا «نحن شاكرون على انه لا يوجد قصف ثقيل وأن عدد القتلى في تناقص وأن عدد اللاجئين الذين يعبرون الحدود ينخفض أيضا».
وتقضي خطة انان أيضا بأن تسمح سوريا بدخول المساعدات الإنسانية وبحرية الحركة للصحافيين. وقال فوزي «حصلنا على تأكيدات من الحكومة بأنها بالفعل تعطي عددا من التأشيرات لعدد من الصحافيين. الرسالة الأخيرة التي تلقيناها صباح اليوم (أمس) تعدد 53 صحافيا و21 من ممثلي منظمات منحتهم السلطات السورية تأشيرات دخول». وتطالب النقطة الخامسة من خطة انان السلطات السورية بضمان حرية الحركة للصحافيين داخل الأراضي السورية وتسهيل حصولهم على تأشيرات دخول من دون تمييز.
وأعلن فوزي ان انان يدعو الى ضمان «وصول» مساعدات انسانية الى اكثر من مليون شخص في سوريا هم بحاجة اليها. وقال ان «وصول المساعدات الانسانية» امر ضروري، موضحا انه «اساء التعبير» عندما تكلم عن «ممرات انسانية». وأضاف «كنت اريد ان اتكلم عن ضمان وصول المساعدات الانسانية».
من جهته، أعلن الجنرال النروجي روبرت مود انه «اذا استمرت الأطراف في احترام وقف اطلاق النار فمن المهم جدا فتح المجال امام مساعدة انسانية مكثفة في اسرع وقت ممكن» مؤكدا ان مليون سوري محرومون من المواد الغذائية والاغطية والماء.
وقال مود، في مؤتمر صحافي في اوسلو، ان سوريا «في حاجة ايضا الى اعادة اعمار وإن الدمار هائل الى حد انه في بعض المدن دمرت المدارس والمستوصفات والمؤسسات العامة عن آخرها ويجب اعادة بناؤها». وأوضح ان «وقف اطلاق النار يبدو محترما مع شيء من التحفظ، ومن المقلق ان نرى معلومات غير مؤكدة حول اعمال عنف في حمص والمنطقة الحدودية لكن الانطباع العام هو تطبيق وقف اطلاق النار». وأضاف ان «الالتزام بوقف اطلاق النار بشكل يكاد يكون كاملا يدل على ان الاطراف عازمة على الانتقال الى نهج آخر» يختلف عن العنف.
وبحث الملك السعودي عبد الله مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في الرياض، تطورات الوضع في سوريا. وكان السفير التركي في السعودية احمد مختار غون اعلن قبل وصول اردوغان ان «الملفات الاقليمية الرئيسية وعلى رأسها الملف السوري ستطرح خلال المشاورات» بين الملك السعودي وأردوغان. وأضاف ان «تركيا تعطي اهمية كبرى للتنسيق مع السعودية»، واصفا الرياض بأنها «الصديق والشريك الاقرب لتركيا في المنطقة».
الى ذلك، تلقى رئيس الحكومة القطرية وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني اتصالات هاتفية من انان والامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو تم خلالها بحث التطورات في سوريا.
وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه لا يثق في صدق نية الرئيس السوري بشار الاسد ولا في فرص نجاح وقف اطلاق النار. وقال «أعتقد انه من الضروري ارسال مراقبين اقله لنعلم ماذا يحصل».
وفي موسكو، نقلت وكالة «نوفوستي» الروسية عن مصدر عسكري ان روسيا قررت إبقاء سفن من اسطولها الحربي «بشكل دائم» قبالة الشواطئ السورية، من دون ان يكشف عن طبيعة المهمة المكلفة بها هذه القطع.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد