ملامح الأزمة المالية القادمة التي تتهدد الإقتصاد الأوروبي

20-12-2009

ملامح الأزمة المالية القادمة التي تتهدد الإقتصاد الأوروبي

الجمل: برزت بعض التحليلات الاقتصادية القائلة بأن ضغوط الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في أميركا, سوف تلقي بالمزيد من تداعياتها السلبية على اقتصاديات بلدان الاتحاد الأوروبي, وتحديدا بما يؤثر بشدة على الاستقرار المالي-النقدي الأوروبي, ما هي طبيعة الأزمة الاقتصادية الأوروبية القادمة, وما هو تأثيرها على البلدان ذات الاقتصاديات المرتبطة بأوروبا, ومن بينها سوريا؟
اقتصاديات الاتحاد الأوروبي وسيناريو الأزمة القادمة:
تقول أحدث التحليلات الاقتصادية, بأن بلدان الاتحاد الأوروبي سوف تشهد خلال فترة الربيع القادم في 2010م, أزمة مالية نقدية كبيرة, وأكدت هذه التحليلات, بان معالم هذه الأزمة, قد بدأت بالأزمة الاقتصادية التي اندلعت في اليونان, وحاليا, توجد المزيد من المؤشرات الدالة على تفاقم نطاق هذه الأزمة, وعلى وجه الخصوص في الاقتصاد الإسباني, والاقتصاد الإيطالي, والاقتصاد الأيرلندي, وبدرجة أقل توجد بعض المؤشرات الأولية الدالة على ذلك في الاقتصاد الفرنسي والاقتصاد الأماني.
أبرز المؤشرات التي استندت عليها التحليلات القائلة بسيناريو أزمة الربيع القادم, تتضمن النقاط الآتية:
• إجراءات الدعم التي سبق وأن وضعتها بلدان الاتحاد الأوروبي, لمواجهة ضغوط الأزمة المالية الأميركية الماثلة حاليا, كانت غير كافية ولا تتمتع بأي فعالية حقيقية في صد ضغوط الأزمة المالية القادمة من أميركا, وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية.
• استمرار التزايد في حجم العجوزات المالية الأوروبية, بحيث أصبح جانب النفقات يتجاوز جانب الإيرادات.
• تزايد حجم النفقات المستمر في بعض الدول الأوروبية, وعلى وجه الخصوص إسبانيا وإيطاليا, أصبح على وشك الوصول أرقام سوف يكون من الصعب على الحكومة الإسبانية والحكومة الإيطالية السيطرة عليها.
هذا وعلى أساس الاعتبارات الاقتصادية النوعية, فإن ضغوط أزمة العجز المالي في ميزانيات دول الاتحاد الأوروبي, هي ضغوط لم تعد فقط ضمن الأطر الحكومية المالية, وإنما بدأت تنتقل تدريجيا باتجاه التأثير سلبا على استقرار قطاعات الخدمات, ومعدلات دخل الطبقة الوسطى, ومعاشات المتقاعدين.
السياق العام لسيناريو أزمة الربيع الأوروبي, إلى أين؟
وضعت حكومات بلدان الاتحاد الأوروبي على عاتقها مسؤولية القضاء على ظاهرة العجز المستمر في ميزانياتها, وبالتالي, فإن العجز والفشل الذي منيت به جهود هذه الحكومات, هو عجز بدأت الأوساط المالية والنقدية أكثر اهتماما في قراءة أبعاده وفك شفراته, وحاليا تشهد الأسواق المالية الأوروبية تزايد عدوى ما هو جاري في الأسواق المالية الأميركية, التي مازالت تصارع في نيران الأزمة, ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك نشير إلى الآتي:
• ارتفاع أسعار الذهب وغيره من المعادن الثمينة, بسبب تزايد حجم الطلب على هذه المعادن.
• تزايد عدد وحجم أصحاب الأرصدة النقدية الكبيرة, الساعين لاستبدال النقود بالذهب والمعادن الثمينة.
أكدت التحليلات بأن اللجوء المتزايد باتجاه استخدام أصحاب الأرصدة والودائع, للذهب والمعادن الثمينة كملاذ آمن لتخزين أموالهم وحماية قيمة أرصدتهم من التآكل, هو لجوء سوف يؤدي إلى الإضرار ليس بقيمة الدولار الأميركي وحسب, وإنما أيضا بقيمة اليورو الأوروبي, وإذا كانت قيمة الدولار الأميركي قد انخفضت خلال الفترة الماضية بسبب ظاهرة اللجوء المتزايد لاستبدال المودعين للأرصدة النقدية بالذهب والمعادن الثمينة. فإن اليورو الأوروبي سوف يشرب من نفس الكأس المرة التي شرب منها رفيقه الدولار, على خلفية تزايد الطلب على شراء الذهب والمعادن الثمينة واستخدامها كملاذ آمن لتخزين قيمة العملة والأرصدة.
الأرصدة العربية وسيناريو كابوس الربيع الأوروبي القادم:
تشير الإحصائيات إلى قيام العرب بإيداع جزء كبير من ثرواتهم في المؤسسات المصرفية الأوروبية, وتؤكد المعلومات النقاط التالية:
• الحكومات العربية المرتبطة بأميركا وتحديدا الدول النفطية, الخليجية ركزت على إيداع أموالها في البنوك الأميركية, وبالتالي, فإن رؤوس الأموال العربية المودعة في أميركا هي رؤوس أموال حكومية بشكل أساسي.
• القطاع الخاص العربي توجد الأغلبية العظمى من أرصدته في شكل ودائع في المؤسسات المصرفية الأوروبية, إضافة إلى أرصدة البلدان العربية التي لا تتعامل مع أميركا.
وإضافة لذلك, فقد سعت البنوك المركزية العربية إلى تنويع سلة احتياطياتها النقدية, بالتركيز على زيادة حجم الموجود منها بعملة اليورو الأوروبية, والتقليل من حجم الموجود منها بالدولار الأميركي, وهنا يمكن الإشارة إلى أن التركيز على استخدام اليورو الأوروبي كعملة احتياطي رئيسية بواسطة بعض البنوك المركزية العربية قد ساعد اقتصاديات دولها على الإفلات من الخسائر الفادحة التي تعرضت لها الودائع الدولارية, والآن, ومع احتمالات سيناريو أزمة الربيع الأوروبي المالية-النقدية القادمة, فإن الأرصدة العربية الحكومية والخاصة, سوف تجد نفسها في مواجهة «كابوس المحرقة المالية» الأوروبية.
وما هو واضح حتى الآن, أن العديد من محافظي البنوك المركزية العربية مازالوا في حالة سكون وعدم تحرك, وبكلمات أخرى, هل سعى محافظو البنوك المركزية العربية إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لصد كابوس محرقة الأزمة المالية الأوروبية, المتوقع حدوثها في الربيع القادم, وإضافة إلى ذلك, هل سيتحرك القطاع الخاص العربي لحماية ودائعه من مخاطر التآكل والضياع, أم أن رجال القطاع الخاص العربي مازالوا أكثر رهانا على أن أرصدتهم سوف تظل في مأمن طوال ما كانت مودوعة في المؤسسات المصرفية الأوروبية, وهذا الرهان الذي سوف يتحول إلى رهان خاسر, إذا حدثت الأزمة وظل رجال القطاع الخاص العربي يتجاهلون ما حدث بالنسبة للأرصدة, التي كانت مودوعة في البنوك الأميركية, مثل «بانك أوف أميركا», ومجموعة «سيتي جروب» وغيرها من المؤسسات المصرفية العملاقة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...