متى ترتقي الروضات الخاصة الى مستوى أقساطها؟
في ظل التقدم العلمي الذي تشهده بلادنا وصعوبة المناهج التعليمية وكثافتها أصبح من الضروري والضروري جداً تهيئة أبنائنا جيداً لدخول المدارس وتلقي العلوم المختلفة لذا كانت رياض الأطفال مرحلة هامة في حياة أطفالنا.
وبداية أساسية وبديهية في الوقت نفسه لمستقبل دراسي واعد فهذه المرحلة قلصت نسب حالات الخوف من المدرسة الى حد كبير ما جعل المدرسة تبدو للطفل حالة طبيعية بحيث لاينفر منها ويرى الاختصاصيون والمربون ان مرحلة رياض الأطفال هي مرحلة خاصة بالأطفال الذين اكملوا السنة الرابعة من عمرهم وهي تسبق المرحلة الابتدائية أي تضم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم مابين أربع الى ست سنوات.
- ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل صحيح أن كل الأطفال الذين تجاوزوا الرابعة من عمرهم أتيحت لهم فرصة التعلم في رياض الأطفال؟ وإذا لم تتح لهم هذه الفرصة فلماذا؟ هل أقساط هذه الرياض تتناسب مع الوضع المعيشي للمواطن؟ والسؤال الأهم: لماذا بدأ المواطنون يهربون أولادهم من الروضات الحكومية ويلجأ البعض مضطراً الى الروضات الخاصة؟ وهل الخدمات المتوفرة في الروضات الحكومية هي بالمستوى المطلوب وهل بإمكانها مضاهاة الرياض الخاصة؟ للإجابة على هذه الأسئلة كانت لنا هذه اللقاءات مع العديد من المواطنين.
- أبو فادي 35 سنة ولديه أربعة أولاد واحد منهم في السنة الرابعة والأخرى في السنة الخامسة أي في المرحلة الأساسية للتعليم في رياض الأطفال لكنه غير قادر على توفير هذه الفرصة لأولاده لالشيء ، فقط لهذا الارتفاع المتزايد والمبالغ فيه لأقساط رياض الأطفال والتي تتراوح بين 20 ـ 70 ألف ل.س قد يظن البعض أن هذا المبلغ خيالي ولكنه أقرب مايكون الى الواقع ولأن هذا المواطن من أصحاب الدخل المحدود وليس لديه سوى راتبه فيرى أن هناك أساسيات في الحياة أهم من رياض الأطفال وبالتالي فإن أولاده مضطرون الى تأجيل أو الغاء الحصول على هذه الفرصة والانتظار الى أن تبلغ أعمارهم سن المدرسة النظامية أو الاعتماد على تلقي بعض الدروس الأساسية من قبل الأهل لحين بلوغهم سن المدرسة النظامي وبالنسبة للروضات الحكومية فالكثير منها لايفي بالغرض وإنما تعتمد على حجز الطفل في الروضة لحين انتهاء دوام والديه كانه في سجن لاغير.... والكثير منها لايتقيد بالنظافة والإشراف الصحي .
- أم علي تقول: لدي ولدان أحدهما في المدرسة والآخر في المرحلة التحضيرية...صحيح أنني تمكنت من ادخاله احدى رياض الأطفال ولكن بعد أن اضطررت الى التخلي عن الكثير من الحاجات الأساسية ولجأت الى الدين في بعض الأحيان علماً أن هذه الروضة لايتوفر فيها كل الخدمات اللازمة للطفل والصفوف ومكتظة بالأطفال ولكن قسطها يتناسب مع وضعي المعيشي «الله يرحم أيام زمان أفضل الروضات لم يكن قسطها يتجاوز 5 ـ 10 آلاف ليرة سورية ولكن ماذا سنفعل نريد أن نعلم أولادنا ولو على حسابنا».
- أم أحمد : أنا والحمد لله وضعي المعيشي يسمح لي بأن أعلم أولادي في أفضل الروضات والمدارس ولكن ينظر الشخص الى غيره ويتأسف لعدم قدرته وعلى تقديم أبسط الحقوق لأولاده ألا وهو حق التعليم في أفضل الظروف فمن المؤسف أن يدخل الطفل المدرسة وهو لايعلم ولو الشيء القليل من المناهج كالأحرف والأعداد وتركيب بعض الجمل هذا بالاضافة الى الحياة الاجتماعية كي لايعاني الطفل عند دخوله المدرسة مباشرة الرهبة من المكان والأعداد الكبيرة من الأطفال في مكان واحد وهذا مايعتاد عليه عند التحاقه برياض الأطفال وبالنسبة للروضات الحكومية فالكثير منها لاتتوافر فيه الخدمات الأساسية والضرورية التي تشعر المواطنين بالرضى والقبول وبالتالي تحفزهم على الإقبال عليها.
- وعن أهمية التحاق الأطفال بالروضات والأسباب الرئيسة لأرتفاع أقساطها قمنا بزيارة عدة روضات وأجابنا المسؤولون والقائمون عليها بالتالي:
ان هذه المرحلة العمرية مهمة جداً لأطفالنا، فالروضة يمكن أن تكون البيت الثاني للطفل فهو يقضي في الروضة تقريباً الوقت نفسه الذي يقضيه في منزله كما أن المربية في رياض الأطفال بالإضافة الى دورها في التدريس والتلقين وادارة النشاط وتنظيمه فهي في كثير من الأحيان تكون بديلاً للأم بحنانها وعطفها ومعاملتها للأطفال... أما عن سبب ارتفاع أقساط الرياض فهذا عائد الى الخدمات الجديدة التي تقدمها الرياض من الاهتمام بالنظافة سواء نظافة الأطفال أو نظافة الروضة من غرف وحمامات وحتى المطبخ هذا بالاضافة الى تقديم وجبات غذائية وفق نظام غذائي معد من قبل اختصاصي تغذية وكل صف يضم من 10 ـ 12 طالباً ويخصص لكل صف مشرفتان ومدرسة لغة كذلك الاشراف الطبي والتأمين الصحي وهذا ماأدلت به مديرة إحدى الروضات الذي بلغ قسطها الكامل خلال السنة الدراسية 70 ألف ل.س هذا دون أجور النقل وملابسه الخاصة بالروضة.
- وفي ضوء هذا الموضوع حاولنا ان نقارن بين الروضات الحكومية والرياض الخاصة ولم تكن نتائج المقارنة بخير..!! كالعادة رجحت كفة الرياض الخاصة !! ولكن ماالمانع في أن تكون الخدمات الموجودة في الرياض الخاصة هي نفسها في الروضات الحكومية وبالتالي تكون النتيجة فارق الأقساط ؟ وهل تأخذ الروضات الحكومية بعين الاعتبار عدم اكتمال الجهاز المناعي لدى الكثير من الأطفال وبالتالي تهتم بالنظافة وتؤمن اشرافاً طبياً يراقب صحة الأطفال! وهل تأخذ بعين الاعتبار عدم حشو الصف الواحد بالأطفال لتوفير امكانية أفضل لاستيعاب الدروس ؟ وهل جميع المدرسات والمربين من ذوي الشهادات الجامعية وهل يخضعون لدورات تدريبية ؟ هذه الأسئلة يجب أن تخطر على بال كل المواطنين والمربين على حد سواء وأن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الجهات المختصة فالقليل والقليل جداً من المواطنين الذين قابلناهم أشادوا بجودة الرياض الحكومية والكثير الكثير منهم قال: نتمنى أن تكون بجودة الرياض الخاصة، حتى أن أحد المواطنين قال: أفضل أن يبقى ابني في المنزل على دخوله روضة حكومية ففي المنزل صحته مضمونة أكثر... والبعض قال: لاتعليق!
- وبما أننا دائماً نرصد السلبي والايجابي في حياتنا فضمن جولتي بين رياض الأطفال لفتت نظري احدى الرياض الخاصة والتي يتوافر فيها معظم الخدمات من اهتمام بالأطفال ورعايتهم والمحافظة على النظافة ومطابقة المبنى للمواصفات التي أقرتها وزارة التربية هذا كله ضمن قسط شهري مقبول يتناسب مع الوضع المعيشي لغالبية المواطنين. فما زال هناك من يرعى ومن يهتم بمستقبل أبنائنا.
- وحول ماتم ذكره سالفاً عن مدى تناسب أقساط الرياض مع الوضع المعيشي للمواطن ومدى تقيد هذه الرياض بالشروط اللازمة والخدمات المطلوبة علقت مديرية التعليم الخاص في وزارة التربية بالآتي:
ان وزارة التربية عملت على افتتاح عدد كبير من رياض الأطفال العائدة لها ووفرت لها الأبنية الحديثة والصحية ووفرت كل المستلزمات المطلوبة في رياض الأطفال من تأمين الأطر التعليمية المؤهلة ووسائط النقل الآمنة وبأقساط تتناسب مع المواطن ذي الدخل المحدود.
ان الوزارة تتابع أوضاع المؤسسات التعليمية الخاصة ولاسيما رياض الأطفال من خلال توزيع نصاب الموجهين التربويين على رياض الأطفال الخاصة بالتساوي مع المدارس الرسمية إضافة الى تعيين مديرين مشرفين في بعض الرياض التي تستوجب الاشراف المباشر.
كما أن المديرية تقوم بمتابعة الرياض من خلال اللجان المشكلة للتحقق من مدى التزامها بالتعليمات والبلاغات الوزارية الصادرة بما فيها الأقساط المعلنة والمجباه والمبلغة الى مديريات التربية.
- وأخيراً هل يطبق كل مايقال وهل يقال مايطبق؟ وهل الواقع العلمي كالحديث النظري؟ وهل جميع الرياض الخاصة هي بالمستوى المطلوب مقارنة مع أقساطها المخيفة ؟ وهل توفر هذه الخدمات البسيطة والتي تتفاوت من روضة الى أخرى يقتضي سحب هذه المبالغ الكبيرة ؟ فهذه الخدمات تكلفتها أقل بكثير مما هو مدفوع!!وألا يمكن للروضات الخاصة تقديم خدماتها بتكلفة أقل؟! وهذه الخدمات اليست الحد الأدنى الذي يجب أن يتمتع به كل الأطفال في جميع الروضات خاصة كانت أم حكومية ؟! أم تبقى هذه الخدمات حكراً على الأطفال الذين ولدوا وفي أفواههم ملعقة من ذهب؟! وهل كل المدرسين في الروضات حائزون على شهادات جامعية أم مازال البعض منهم حائزاً فقط على الشهادة الثانوية؟! وهل باحات وصفوف الرياض تتقيد بالشروط المنصوص عليها في التراخيص الممنوحة؟! بصراحة لاحظنا من خلال جولتنا على الرياض أن البعض منها لايتمتع بباحات واسعة وصفوف ذات أعداد قليلة من الطلاب وليس كل المدرسين من حملة الشهادة الجامعية وبالتالي نرجو من كل المسؤولين و المختصين والعاملين في هذه الرياض أن يأخذوا بعين الاعتبار أنهم يتعاملون مع عصافير صغيرة تحتاج منا الى رعاية أكبر واهتمام أكبر وكلكم نظر.
فاتن بو فاضل
المصدر: تشرين
التعليقات
أشكر كاتبة
إضافة تعليق جديد