مؤتمر علماء بلاد الشام : سورية لن تُعطى هدية لأحد وملكية الأوطان لا تسقط بالتقادم
دعا وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد علماء بلاد الشام إلى مواجهة الحملات التكفيرية وأعداء الدين وإبطال فتاوى القتل والإجرام والإرهاب التي يستهدف أصحابها سورية، في حين حذر مفتى الجمهورية سماحة الشيخ أحمد بدر الدين حسون الدول الداعمة للجماعات المسلحة من أن تصرفها سيرتد عليها
في حين أكد العلامة محمد سعيد رمضان البوطي أن القدس سيتم تحريرها مهما طال أمد الاحتلال، مؤكداً أن ملكية الأوطان لا تسقط بالتقادم، في حين أكد المفتي الجعفري الممتاز في لبنان الشيخ أحمد قبلان أن سورية «لن تعطى هدية لأحد».
وعقد برعاية الرئيس بشار الأسد أمس في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق مؤتمر علماء بلاد الشام لنصرة القدس «الأقصى صرخة حق في وجدان الأمة» الذي إقامته وزارة الأوقاف بالتعاون مع تجمع العلماء المسلمين في لبنان بمشاركة علماء من سورية والأردن وفلسطين ولبنان.
وفي كلمة خلال المؤتمر قال وزير الأوقاف: إن محاولات زرع الفتنة من قبل أعداء الأمة وبث الفرقة والنزاع بين أبناء الأمة الواحدة وأبناء الوطن الواحد يأخذنا بعيداً عن قضيتنا الأساسية ما يتطلب من علماء بلاد الشام الذين يتسمون بالمنهج الوسطي المعتدل أن يكونوا صفاً واحداً في وجه الفتن التي تبث سمومها من أنحاء العالم العربي والإسلامي وفي وجه الحملات التكفيرية وأعداء الدين وإبطال فتاوى القتل والإجرام والإرهاب التي يستهدف أصحابها اليوم سورية بمقوماتها الوطنية والقومية والعقائدية والدينية ويحللون سفك دماء أبنائها ويستبيحون أعراضهم وقتل أولادهم وتشريدهم وبأيدي إخوة في العروبة والدين غافلين عما يجري في الأراضي المحتلة وفي القدس الشريف وما تتعرض له المقدسات من تدنيس وانتهاكات».
ودعا السيد علماء بلاد الشام إلى تعرية المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد سورية وأمتنا، مبيناً: أن المرحلة الحالية التي تتعرض لها سورية وأمتنا العربية والإسلامية هي مرحلة مفصلية لا مجال فيها للتهاون والتخاذل.
ولفت إلى أن سورية وشعبها وقيادتها وماضيها وحاضرها ومستقبلها ومقدراتها يتعرضون لمؤامرة كونية دنيئة حيكت في ظلام أجهزة الاستخبارات الصهيونية الأميركية وتنفذها أيدٍ للأسف عربية آثمة ملوثة بكل أصناف الخيانة والتواطؤ لإسقاط مهد الرسالات السماوية في جميع أنحاء العالم مؤكداً أن سورية كانت وستبقى القلعة الصامدة الشامخة وشعبها لن يتهاون بالمساس بسيادة الوطن وأمنه واستقراره ولن ترهبه المؤامرات والتحديات.
من جهته قال مفتى الجمهورية في كلمته: أوجه رسالة للإنسانية جمعاء بأن «أرضنا باركتها السماء وقدستها أقدام الأنبياء وتلقت الرسالات واختارها اللـه واختارنا لها، فمن أشعل عندنا ناراً أحرقته في بيته ومن أهدى إلينا زيتا ونورا أضأنا له في قلبه فلا يشعل أحداً في بلاد الشام ناراً»، داعياً السوريين ممن يحملون السلاح إلى وقف إطلاق النار على أخيهم السوري»، معتبراً أن «قضية نظام الحكم والحاكم والمحكوم تدار بالحوار وبالحب والأخلاق».
وأوضح حسون أن المتآمرين على سورية أفشلوا مهمة المبعوث الأممي كوفي أنان قبل أن تبدأ، وقال: «لماذا يا إخوتنا من العرب والمسلمين تريدون موت سورية وقتلها»، مضيفاً موجها كلامه لمن يريدون الفتنة في سورية «اتقوا اللـه بنا فما اعددنا أبناءنا ولا جيشنا إلا من أجل القدس».
وقال: «تهكمتم وقلتم لماذا لم نضرب ضربه في الجولان.. قولوا يا عرب ماذا قدمتم لسورية حتى تطلق صواريخها على القدس وعلى إسرائيل وإسرائيل كل موازناتها من أميركا وأوروبا أعطونا أموالكم ونعطيكم دماءنا للقدس أخرجوا أموالكم من أوروبا وأميركا وسترون كيف نبذل دماءنا».
من جهته قال البوطي في كلمة له «الحقائق التي يجب أن يعلمها كل مسلم عربي أو أعجمي أو عربي كان مسلماً أو مسيحياً أن مدينة القدس التي تقدست بمسجدها الأقصى أقدس أجزاء وطنه». وشدد البوطي على أنه «مهما طال زمن اغتصابها وامتد أمد العدوان عليها ومهما تكاثر جنود الباطل الذين يؤيدون الاغتصاب ويقرون العدوان ويتجاهلون الحق وأصحابه فإن ملكية الأوطان لا تسقط بالتقادم كما أن تطاول أمد الاغتصاب لا يحيل الباطل إلى حق ولا يقلب العدوان إلى امتلاك».
وأوضح البوطي أن الشريعة الإسلامية تقول: إن القدس هي دار الإسلام، ويجب على المسلمين رد العدوان عنها وعن أي بقعة في البلدان الإسلامية تتعرض لعدوان والعمل لإعادة الحق إلى أصحابه بموجب الشرعية الإسلامية، مؤكداً أن هذا الواجب منوط بالأمتين الإسلامية والعربية جمعاء حتى تحرير القدس المقدسة.
وقال: «لقد فرغت منذ أيام من قراءة كتاب عنوانه قطر وإسرائيل ملف العلاقات السرية لمؤلفه سامي رفائيل أول ناسج للدبلوماسية الإسرائيلية الخليجية حيث عبر فيه عن آماله في تحقيق التطبيع بين إسرائيل والمنطقة بأسرها ومن ثم في هيمنة الشبكة الاقتصادية الإسرائيلية على مختلف أنشطة المنطقة في زمن قريب» متسائلاً: أيهما الذي سيتغلب تفاؤلنا بأنشطة منظمة التعاون الإسلامي التي إلى ذكرى عزيزة قد خلت أيامها وانطوت ولم يبق منها إلا عنوان أم أن آمال رفائيل بفضل قادة الخليج وأثريائهم.. الجواب نقرؤه في قول اللـه تعالى «واللـه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
من جانبه قال المفتي الجعفري الممتاز في لبنان: إن «دمشق قوس الأحداث ومرمى الأمم ومركز التوازنات في المنطقة» وأضاف: «ولأن سورية شكلت عصب حلف المقاومة والانتصارات تشكل اليوم حجر التوازنات ما بين معسكرين، فإن لعبة الأطلسي من عربها كشفت أن العالم دخل مرحلة جديدة من أشكال الحرب الباردة».
وتابع: «ولأن سورية من القدس وبغداد وبيروت وطهران مقبض السيف فهذا يعني أنها ليست بالتي تعطى هدية لأحد».
وأوضح أن «سورية اليوم شريك قوي في صناعة الانتصارات الكبرى في العراق وتموز 2006 ولأن الزمن اليوم ليس زمن فرساي ولا مراسلات حسين مكمهون فمن الطبيعي جداً ألا يكون للامتداد الأممي أي وجود أو أثر».
وقال: «ما لم تستطع واشنطن أن تحصل عليه من دمشق زمن وجودها في العراق وإبان حرب تموز.. لن يقوى كوفي أنان بل كل أساطيل الغرب اليوم على أن يحصل عليه اليوم». وأضاف: «تاريخ سورية المقاومة لا يجيد إلا عقلية يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش وحافظ وبشار الأسد».
كما ألقيت في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمات الشيخ أحمد الزين رئيس مجلس أمناء تجمع العلماء المسلمين في لبنان، والشيخ عبد اللـه كتمتو عضو هيئة علماء فلسطين في الخارج، والشيخ محمد هشام سلطان من الأردن، ومدير «مؤسسة القدس الدولية سورية» عادل الحلواني وغبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية والقدس للروم الملكيين الكاثوليك.
سورية أثبتت أنها المدافع الأول عن القدس والأقصى
الفلسطينيون يرحبون بمؤتمر بلاد الشام لنصرة القدس ويوجهون نداء صرخة لإنقاذ القدس
* وجهت شخصيات إسلامية ومسيحية ووطنية فلسطينية شكرها للقيادة والشعب السوري على عقد مؤتمر علماء بلاد الشام لنصرة القدس والأقصى وذلك على الرغم من الظروف العصيبة التي تمر بها سورية في ظل المؤامرة التي تتعرض لها، مؤكدين في الوقت ذاته أن انعقاد هذا المؤتمر أثبت للجميع أن سورية المقاومة والممانعة أثبتت أنها المدافع الأول عن المدينة المقدسة وعن فلسطين على الرغم من جراحها. وقال المطران عطا اللـه حنا رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس: إن سورية قلعة العروبة والتحدي بعقدها هذا المؤتمر لنصرة القدس جاء ليرسل رسالة إلى المستعربين والعالم أجمع أن قضية القدس هي قضيتها الأولى على الرغم مما تمر به من ظروف ومؤامرات.
وأضاف عطا اللـه: إن القدس تتعرض لأحلك الظروف هذه الأيام فقد طوقها الاستيطان من كل جانب ونشر الاحتلال المستوطنين في كل حي وزقاق في البلدة القديمة في القدس، وأشار عطا اللـه إلى أن مدينة القدس تخوض هذه الأيام حرب وجود كما تخوض دمشق معركة الوجود أيضاً، لافتا في الوقت ذاته إلى أن النصر في النهاية سيكون حتماً لأصحاب الحق والعرب هم أصحاب الحق في المدينة المقدسة.
ووجه عطا اللـه نداء صرخة إلى العالمين العربي والإسلامي لإنقاذ القدس من مخططات التهويد شاكراً كل المساهمين في عقد مؤتمر علماء بلاد الشام وعلى رأسهم راعي المؤتمر الرئيس بشار الأسد
من جانبه قال مدير قسم في بيت الشرق خليل التفكجي: إن دمشق هي روح القدس فمنها تستمد صمودها في وجه الاحتلال الذي يواصل ليلاً ونهاراً عمليات التهويد والاستيطان بهدف اقتلاع الوجود العربي من المدينة.
وأضاف التفكجي: إن القدس تواجه مصيراً قاتماً فالاحتلال أحكم قبضته على المدينة من جميع الاتجاهات وبات الوجود العربي في المدينة مهدداً بشكل خطير، موضحاً أن الاحتلال يخطط لإقامة أكثر من 50 ألف وحدة استيطانية في المدينة خلال السنوات القادمة يضاف إلى ذلك مخطط خطير يستهدف المسجد الأقصى من خلال تقسيمه بين العرب واليهود.
في هذا السياق وجه قاضي قضاة فلسطين الشيخ تيسير التميمي نداء صرخة واستغاثة للعالمين العربي والإسلامي للتحرك العاجل لإنقاذ القدس قائلاً: «لم يتبق وقت كثير على انهيار المسجد الأقصى الحفريات الاحتلالية نخرت في أساسات المسجد ولا تستغربوا أن تعلن سلطات الاحتلال في يوم من الأيام عن انهيار المسجد الأقصى بذريعة هزة أرضية مؤكداً أن المخطط واضح وعلى الجميع أن يتحرك قبل فوات الأوان»
وأشار التميمي إلى ضرورة وضع إستراتيجية عربية لدعم صمود المقدسيين سواء بالدعم المادي أو المعنوي. كاشفاً أن عدة دول عربية وعدت بدعم مالي لأهالي ومؤسسات القدس ولكن حتى الآن لم يصل شيء وهذا أمر خطير في وقت تعمل فيه المنظمات الصهيونية في كل أنحاء العالم على ضخ الأموال للمستوطنين وحكومة الاحتلال للسيطرة على القدس.
موفق محمد- *ريما عواد
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد